الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرجعية الفلسطينية واللعب بالنار

حسين عبدالله نورالدين

2009 / 2 / 3
القضية الفلسطينية


قد لا تكون اسرائيل انتصرت في غزة ولكن حماس ايضا لم تحقق اي انجاز. ومن هنا طفق زعماء حماس يتغنون بنصر لم يحدث الا اذا كان ما يعنون به نصرا ان يكون دمار غزة وتكريس الانقسام الفلسطيني وتجسيد حالة الاستقطاب والارتهان بايدي دمشق وطهران ومن ثم اقامة دولة غزة الاسلامية.

بهذا المعنى كان هناك نصر لحماس تحاول الان استثماره من خلال الدعوة الى مرجعية بديلة لمنظمة التحرير الفلسطينية. ان حدث هذا وتم، وربما سيتم وبدعم اسرائيلي هذه المرة، تكون اسرائيل قد حققت الهدف من دعمها الذي ابدته لحركة حماس عند ظهورها اول مرة عام سبعة وثمانين.

معروف ان اسرائيل غضت الطرف على قيام حماس قبل عشرين عاما وحاولت دعمها لمناكفة منظمة التحرير الفلسطينية لكي تكون بديلا للمنظمة التي تؤمن بقيام دولة فلسطينية علمانية والاعترام باسرائيل في اطار الشرعية الدولية.

لماذا ترضى اسرائيل على حماس؟ قد لا تتوافق معها لكنها ترضى عنها لانها تخدم مصالحها. ففي خضم الدعوات ليهودية الدولة الاسرائيلية هناك الدعوة الحمساوية لاسلامية الدولة الفلسطينية. وكما ان يهودية الدولة الاسرائيلية ستقنع يهود العالم بحدود اسرائيل لعام سبعة وستين فان اسلامية الدولة ستقنع الفلسطينيين ايضا بحدود سبعة وستين.

في السبعينات ناضلت منظمة التحرير الفلسطينية وبعنف احيانا لانتزاع الاعتراف العربي والدولي بها كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني. وفي وقتها كانت هناك قوى عربية سمت نفسها بجبهة الصمود والتصدي دعمت ذلك التوجه ورعته وحمته ووفرت له كل الامكانات المتوفرة واستطاعت ان تسحب مسؤولية تحرير الاراضي الفلسطينية من الاردن الدولة التي خسرت تلك الاراضي في حرب حزيران. كان انتزاع الاعتراف العربي ومن ثم الاردني عام اربعة وسبعين بشرعية التمثيل الفلسطيني عبر منظمة التحرير والذي استكمل بما عرف بقرار فك الارتباط عام ثمانية وثمانين نصرا كبيرا لمنظمة التحرير جعلها مؤهلة لاعلان الدولة الفلسطينية ومن ثم التفاوض مع اسرائيل وانجاز اتفاقات اوسلو وقيام السلطة الوطنية.

قيام اسرائيل بدعم حماس وتقويتها على حساب الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ادى الى تشتيت الجهود الفلسطينية والعربية ةتحطيم كل الانجازات التي حققتها منظمة التحرير الفلسطينية (مع الاقرار بضرورة اصلاح المنظمة وتنقيتها من الشوائب). وكما عملت المنظمات الفلسطينية المتفرقة قبل عام سبعة وستين وما بعده حتى عام اثنين وثمانين على استدراج العرب الى حروب في غير اوانها وهزائم قاسية ما تزال اثارها ماثلة الى اليوم، قامت حماس بتخريب عمليات السلام وجر الفلسطينيين الى حروب فرعية وتعطيل جهود التسوية قادت الى ما نحن عليه اليوم.

ربما لم يكن لاسرائيل دور في انشاء منظمة التحرير الفلسطينية عام اربعة وستين، ولكن هيمنة المنظمات الفرعية على المنظمة الرئيسية عطل دور الدول العربية وقاد الى الاحداث التي تلت ذلك.

الان التاريخ يعيد نفسه. الاحداث تعود ولكن بالوان جديدة. في ذلك الزمان كان اللون القومي والحجة الوطنية. الان اللون الاسلامي والحجة اقليمية ضيقة.

ستنجح حماس في انتزاع اعتراف اقليمي بها كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني بدعم سوري وايراني وقطري وربما ليبي وسوداني ويمني الى جانب دعم حزب الله والاحزاب الاسلامية والاخوان المسلمين في المنطقة. وبدعم قنوات فضائية صار لها جمهورها المؤيد لها ظالمة ومظلومة. ستبدا مرحلة جديدة في الحياة السياسية الفلسطينية قد تستمر ثلاثين سنة تذوي معها منظمة التحرير وبقية الفصائل ويعلو صوت الاسلام السياسي الذي ترتاح له اسرائيل كونه اكثر جذبا للجماهير العربية واكثر اقناعا لهذه الجماهير المتمسكة بالغيبيات والانتصارات الالهية.

وكما ان الاحزاب الدينية الاسرائيلية واليمينية المتطرفة هي الاقدر على اقناع جماهيرها المتطرفة والمتعصبة باي اتفاقات مع الفلسطينيين فان حماس ستكون اقدر على اقناع الفلسطينيين باتفاق سلام مع اسرائيل ولو تحت عنوان الهدنة الطويلة والتهدئة الدائمة.

ولكن، مع كل هذه المؤشرات التي تدل على امكانية نجاح حماس في مسعاها لاستلاب التمثيل الفلسطيني وتزعم الفلسطينيين باتجاه سلام دائم مع اسرائيل، هل ستقف الدول العربية مكتوفة الايدي تتفرج على سحب البساط من تحت اقدامها كما حصل عام اربعة وسبعين عندما سحب البساط من تحد اقدام الاردن ودول الاعتدال العربي في ذلك الوقت؟

هل بالامكان منع حماس من النجاح في مسعاها ولجم طموحات ايران وسورية وغيرهما ممن يحاول اقتسام كعكة الشرق الاوسط، (تركيا مثلا)؟

بطبيعة الحال الجواب هو نعم بالامكان ولكن الامر ليس مجرد امنيات واماني. الامر اكبر. انه يتطلب جهودا كبيرة ومنسقة وتحالفات جديدة في المنطقة تقف في وجه الاسلاميين ليس فقط في الاردن ومصر وفلسطين بل ايضا في الكويت ولبنان واليمن وشمال افريقيا.

ولكن قد يكون الاهم اقناع الولايات المتحدة. فالولايات المتحدة معروف عنها تخليها عن حلفائها في سبيل مصالح انية. لقد فعلت ذلك مع شاه ايران. وفعلت ذلك مع الاردن عندما اخذت تفاوض منظمة التحرير سرا وعلانية مما اقنع الاردن بفك الارتباط والتخلي عن اي جهد للتمسك بموقفه السابق.

على اي حال، اذا لم تنجح الجهود العربية في وقف التوسع الايراني الذي يزحف على ظهر المقاومة الفلسطينية في غزة ولبنان، واذا لم تنجح هذه الجهود في تحجيم الدور السوري المدعوم من ايران، واذا لم يتم دعم الدول العربية العاقلة التي تحاول لملمة الجراح وانقاذ ما يمكن انقاذه، اذا لم يتم كل هذا فان القضية الفلسطينية مقبلة على مرحلة جديدة يعاني فيها الفلسطيني المسكين وحده بينما الاخرون ينعمون بحياة الرفاهية والهدوء في فنادق وفيلات بعيدا عن نار الواقع ولسان حالهم يقول: من بعدي الطوفان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. !ماسك يحذر من حرب أهلية


.. هل تمنح المحكمة العليا الأمريكية الحصانة القضائية لترامب؟




.. رصيف غزة العائم.. المواصفات والمهام | #الظهيرة


.. القوات الأميركية تبدأ تشييد رصيف بحري عائم قبالة ساحل غزة |




.. أمريكا.. ربط طلاب جامعة نورث وسترن أذرعهم لحماية خيامهم من ا