الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسرح التجاري يسخر من الشعب ويشوه قيمة الانسان ومثله العليا

عصمان فارس

2009 / 2 / 3
الادب والفن



اولي مهمات المسرح العربي رفض كل الحلول التي تسعي لتصفية عناصر الابداع والتنوير لدي
المتلقي. ومهمة المسرح التحرر من قهر السلطة، فهو مطالب بالتواصل بين الماضي والحاضر ما بين التراث والمعاصرة، ومهمة المبدع المسرحي ان يوظف كنوز حضارته للأبداع المعاصر ليجسد مسرحا راقيا يحوي عناصر الادهاش والرؤيا العالمية والاحساس الجميل لتربية وتهيئة جيل واسع لتطوير احساسه الحضاري والجمالي ولتعميق وعيه السياسي وهنا نتساءل: هل استطاع المسرح العربي ان يواكب حركة الابداع ومهام العصر؟
يمكننا ان نجيب بالنفي، ونؤكد علي بعض الاستثناءات النادرة.
ان التدهور الذي اصاب الحياة في المجتمع العربي علي الصعيد السياسي والاقتصادي بلغ صورته المفجعة في الحياة الثقافية ايضا. وبدأت وزارات الاعلام تدير دفة الامور في كثير من البلدان والغيت وزارة الثقافة واختفت الكثير من دور النشر الثقافية وبعض مؤسسات المسرح. وطورد الكثير من المثقفين واعتقل الكثيرون وهرب قسم كبير منهم الي الخارج، وحوصر البعض الاخر او حاولوا اسكات صوته والي الابد. وبرز اشباه مثقفي الحركة المسرحية للقيام بدور المهرج والمؤيد لخطوات التطبيع والتساهل والعقلانية والركوع والخنوع، وبرزت بعض الوجوه العتيقة والهرمة والمشبوهة علي واقع الحياة الثقافية والمسرحية، وراح البعض منهم يروج لوظيفة التهريج وتشويه الحقائق والتعليق علي بعض القادة والشخصيات العربية اصحاب المواقف لتشويه صورتهم الثورية من خلال بعض القنوات الفضائية العربية لغرض الدعاية وبوق في مناصرة الظالم ضد المظلوم والدفاع عن الجلاد ضد الضحية.
ان كل محاولة لتدجين المسرح العربي خارج السلطة، وليس من الضروري علي المثقف العربي والمسرحي ان يعرض خدماته طوعا للانظمة الجامدة والمتخلفة وعلي الكاتب المسرحي ان يدعو الي تعميق الالتزام وتنظيم الانتماء الي المجتمع الذي يعيش فيه، والتزام المثقف المسرحي بالمصير الذي تخوضه الامة العربية اليوم، والواقع العربي وما يهـدده من مؤامرات وتحديات واخطار من ما يسمي بالعالم الجديد او العولمة..
وقد اختفت الكثير من المؤسسات الثقافية مثل اتحاد المسرحيين العرب واختفت الكثير من مهرجانات المسرح العربي وان وجدت وقد فقدت الكثير من بريقها ورونقها وتوجهاتها القومية علي صعيد وحدة المثقفين العرب وتضامنهم مع ما يجري علي السلطة العربية، واختفت ظاهرة التخصص لدي الكثير من الكتاب والمثقفين من خلال التخصص في نمط ادبي معين مثل كاتب مسرحي أو ناقد مسرحي او مخرج مسرحي، وفي مرحلة الستينات كانت مرحلة تفتح المسرح العربي بمختلف اشكاله وكانت مرحلة ديمقراطية الثقافة المسرحية ما بين الفنان والجمهور، واستيعاب التقنيات الحديثة في عالم المسرح، والتأكيد علي اهمية اللغة العربية، اما المؤتمرات الثقافية الاجنبية وهي تهدف الي تشويه البنية الثقافية وتشويه صورة الانسان العربي ومنعه من التأسيس والتسلح بالعلم والتطور في الميادين الثقافية وخاصة المسرح. وبزوغ مواقف فكرية ومسؤولية الفئات تجاه مجتمعة، وظهرت التيارات والتجارب المسرحية، وبرزت الكثير من المعطيات السلبية التي تتحكم بتطور واقع الحركة المسرحية العربية.
وظهرت بعض المسرحيات خارج الحدود ومسرح بلا حدود اي مسرح ذو درس سياسي للحرية. ففي المسرح نبحث عن ذواتنا وصورتنا وصوتنا وعن حقيقتنا ، والمسرح يثير ويؤجج روح الثورة والتجديد في نفس الوقت، اما الان استطيع القول حقا اننا نعيش في زمن مظلم فاننا نعاني الكثير من الاختناق نتيجة فقدان الحرية، وكثرت المناوشات ما بين جيل يمثل المسرح الحقيقي المعبر عن هموم الناس ومشاعرهم الحقيقية والشعور بالالم والغثيان من الواقع المتردي والمتخلف وظهور مسرح شباك التذاكر او ما يسمي الجمهور عايز كده اي المسرح التجاري والذي طغي علي الحركة المسرحية الجادة وبدا موسمه يتوسع وحصاده اكبر من المال والجمهور هنا تكمن خطورة الموقف والواقع المسرحي العربي، وبرزت ما تسمي مؤسسة الفرق الخاصة وحققت الكثير من الارباح وقد عرفت بغداد، والقاهرة ودمشق والكثير من العواصم العربية مثل هذا التوجه المسرحي لخلق النكتة وروح الفرح والسعادة والدعاية في نفوس الجمهور في مثل هذه المسرحيات مسموح بتناول المرطبات والأكل والتعليق اثناء العرض المسرحي والرقص وهز الاكتاف، وتوقفت الكثير من الفرق الجادة عن الاستمرار لأنها لم تحقق اي ربح مادي، واذكر انني في احدي العواصم العربية شاهدت عرضا مسرحيا لفرقة محترفة ومرقومة والمسرحية من تأليف كاتب مسرحي عربي جاد ومن اخراج دكتور درس الاخراج المسرحي في الخارج ولكن الكارثة انه لم يأت الجمهور ولا المثقفون ولا المهتمون بالمسرح لمشاهدة المسرحية رغم كل الاعلانات والدعاية فشاهدتها انا والمخرج المذكور وبعض الضيوف، اما المسرحيات التجارية فمزدحمة بالجمهور، لذلك راح الكثير من العاملين في المسرح الجاد يترك المسرح والبحث عن العمل في المسرح التجاري او ما يسمي القطاع الخاص تحت شعار نريد نعيش والبحث عن الرزق ولو دور بسيط في هذه الفرق التجارية وامتاع الناس ودغدغة مشاعرهم لأحياء مثل هذه المسرحيات هناك النكات الرخيصة والتي لها مدلول جنسي، انني لست من المعارضين لتقديم مسرحيات خفيفة تهدف الامتاع والضحك، فمثل هذه المسرحيات موجودة ايضا في بلدان اوروبا وخاصة في السويد وهو دليل علي صحة مناخ الحركة المسرحية داخل البلد، لكن مسرحنا الان اصبح مؤسسة تجارته خطرة لفرض عرض تقاليد متخلفة علي الواقع الفكري للجماهير العريضة وتربيته تربية سيئة، سواء في بنائه الدرامي او وسائله الفنية وبدل ان يكون المسرح وسيلة امتاع وتحريض وتثقيف وتقديم النكتة الذكية تحول الي اداة تخلف وضياع، وفي تشويه الصورة الحية للقضايا الاجتماعية والسياسية والقومية، واختفت ملامح المسرح الجاد المتمثل بالمسرح الحقيقي والذي يأخذ حقه من الانتقاد للحياة اليومية في الشارع وفي مؤسسات الدولة ولهذا المسرح اجواء مغلقة لأن هناك خطوط حمراء لا يمكن للمسرحي ان يتجاوزها واذا حاول فمصيره مجهول.
وفي المسرح التجاري تتحول النكتة والسخرية من ابن الشعب وعرضه في حالة تخلف عقلي واجتماعي ومعناه اننا نسخر من الفئة الاجتماعية التي ينتمي اليها. وقد انتقلت هذه الكوميديات الي بعض القنوات الفضائية العربية، واصبحت بعض المسرحيات وثيقة تحالف مع الامبريالية العالمية ضد الشعوب الفقيرة، حيث يمسح الدولار قيمة الانسان وجوهره ومثله العليا، اين المسرحيات التي تعبر عن شوق الانسان الي الحرية، ففي هذا الجو المشحون بالاستسلام راح المسرحيون يعلقون يافطات الدعوة الي الاستسلام والتعليق والسخرية من بعض الشخصيات الثورية اصحاب المواقف .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال جيد
حمودي عبد محسن ( 2009 / 2 / 3 - 15:43 )
المقال شمولي فيما يتعلق بالاخراج المسرحي وقد ركزعلى المسرح الجاد والتجاري والفوارق فيما بينها

اخر الافلام

.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين


.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ




.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي