الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإمبراطورية والثقافة

محمد سيد رصاص

2009 / 2 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


تتكاثر في هذه الأيام المقالات(مع رحيل إدارة بوش الإبن التي سيطر عليها تيار المحافظين الجدد)عن لاأيديولوجية إدارة باراك أوباما،وعن تمسكه بتراث جسَدته المدرسة الواقعية في السياسة الخارجية الأميركية،عبر رمزها السياسي-التنظيري الأبرز هنري كيسنجر،يقول-أي ذلك التراث- بتمرير أهداف السياسة الأميركية من خلال الوقائع القائمة وحتى التكيف مع الوقائع المضادة للوصول معها إلى حلول وسط ،كماجرى من قبله مع السوفييت عبر سياسة الوفاق الدولي بفترة النصف الأول من عقد السبعينيات.
كان رأي المحافظين الجدد،ضد إدارة كلينتون التي يستعيد أوباما الآن العديد من وجوهها،بأن"السياسة الدفاعية والخارجية الأميركية هي بلاهدف"وفقاً لوثيقتهم التأسيسية المسماة"إعلان مبادىء"الصادرة في3حزيران1997،وهم حاولوا خلال عهد بوش الإبن"البناء على انجازات العقود الماضيةبعد الإنتصار الأميركي في الحرب الباردة..........وصياغة القرن الجديد بمايتلاءم مع المبادىء والمصالح الأميركية"وفقاً لعبارات تلك الوثيقة.
بالتأكيد،يمثل صعود أوباما فشلاً لذلك البرنامج للمحافظين الجدد،الذي وصفه جوشوا موراشفيك(أحد منظريهم،في عدد أيلول2008 لمجلة"ناشيونال إنترست")بأنه"يمنح أهمية أكبر للعامل الأيديويولوجي في السياسة............وأنالمحافظين الجدد هم أمميون ليبراليون........يرونأننا سنجد أماناً أكبر عبر استخدام قوتنا لمحاولة صوغ نظام عالمي أكثر لطفاً".حيث كان هذا البرنامج أول محاولة أيديولوجية تمثل رؤية متكاملة للعالم،قدمتها السياسة الأميركية في تاريخها،فيماكانت السياسات في عهود الإدارات السابقة،بعد تجاوز انعزالية مبدأ مونرو(1823)التي حصرت حدود السياسة الأميركية في"العالم الجديد"،ذات طابع دفاعي ضد القيصر الألماني وهتلر بالحربين العالميتين،ولم تأخذ طابع تقديم رؤية بديلة للشيوعية السوفياتية في فترة الحرب الباردة بقدر ماكانت متركزة على وقف التمدد الشيوعي العالمي ومتحدِدة من خلال نزعتها الرفضية للخصم وليس عبر ماتريده حتى وصل ذلك إلى ذروة بلغت حدود الإنتصار على السوفييت في عهد إدارة ريغان:هنا،قدم المحافظون الجدد رؤية للعالم ،تقوم على عمودي(الديموقراطية)و(اقتصاد السوق)،واعتبروا أن واشنطن لها مصلحة في إعادة صياغة العالم وفقها،متجاوزين الأمم المتحدة و"الشرعية الدولية"والحدود القائمة للقيام ب"ثورة يمينية"يعاد بناء العالم أميركياً من خلالها في ميادين السياسة والأمن والإقتصاد والثقافة،ليهزوا المعمورة خلال ثمان سنوات مضت كمافعل البلاشفة اليساريون في حقبة مابعد ثورة أوكتوبر1917.
كان هذا مشروعاً أيديولوجياً لبناء امبراطورية أميركية تقود العالم وتهيمن عليه عبر إعادة صياغته.بدون هذا،لايمكن تفسير ظاهرة بروز أنصار أيديولوجيين ،يسوغون فكرياً وثقافياً المشروع الأميركي بعهد بوش الإبن،ظهروا في أنحاء متفرقة من العالم،وخاصة في المنطقة الممتدة بين دجلة والنيل التي اختارتها الإدارة الأميركية في مرحلة مابعد11أيلول- بعد نزهة أفغانية قصيرة- كبوابة لإعادة صياغة العالم عبر السيطرة على الشرق الأوسط وإعادة صياغته،لتصل الأمور إلى حدود تم فيها التعامل مع ظاهرات مثل أحمد الجلبي ونوري المالكي وكأنها ظاهرات عادية في الوسطين االسياسي والإعلامي العربي.
ربما يكون أوباما علامة على مأزق الإمبراطورية الأميركية أكثر من كونه علاجاً لأمراضها المتفاقمة بالأونة الأخيرة،كماكان جيمي كارتر أحد علامات الإعتلال الأميركي في فترة مابعد الهزيمة الفيتنامية،قبل أن يأتي رونالد ريغان بكل ماهو معاكس لسلفه.وبالتأكيد فإن لاأيديولوجية الرئيس الأميركي الجديد هي إحدى العلامات الكبرى الدالة على ذلك المأزق ،كماكان تخفيف الطابع الأيديولوجي وضعفه في الإمبراطورية السوفياتية منذ عهدي خروتشوف وبريجنيف علامة على انحدار وتدهور واقترابٍ للسقوط ،فيماكانت الثقافة الهيلينية مرافقة لخيول الإسكندر الأكبر وكذلك الإسلام مع جيوش المسلمين،لتعوض الثقافة لاحقاً في الحالتين الأخيرتين انحدار القوة السياسية.
هل يمكن القول أن فشل مشروع المحافظين الجدد هو أحد العلامات الدَالة على دخول الإمبراطورية الأميركية في مرحلة الإنحدار؟..........أم أن هذا لاتسنده ،بعد،الوقائع القائمة التي تقول بإمكانية المشروع الأميركي على التجدد،وخاصة مع عدم وجود بديل يساري قوي،فيمايقتصر(المشروع الإسلامي)على حالة دفاعية تقهقرية أمام الأميركان؟............









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم تحذيرات الحكومة من تلوث مياهها... شواطئ مغربية تعج بالمص


.. كأس أمم أوروبا: فرنسا تسعى لتأكيد تفوقها أمام بلجيكا في ثمن




.. بوليتيكو: ماكرون قد يدفع ثمن رهاناته على الانتخابات التشريعي


.. ردود الفعل على قرار الإفراج عن مدير مجمع الشفاء الدكتور محمد




.. موقع ناشونال إنترست: السيناريوهات المطروحة بين حزب الله وإسر