الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آن لحماس أن تستقيل

أشرف عبد القادر

2009 / 2 / 3
القضية الفلسطينية


خطأ حماس التاريخي -ككل المتأسلمين- هو خلطها بين الدين والسياسة،حماس قدمت نفسها للشعب الفلسطيني والعربي كحركة إسلامية للمقاومة،فأحبها الجمهور غير الواعي بمخاطر الجمع بين السياسة والدين،والحقيقة هي كما قال الرئيس السادات"لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة"،وكما قال عالم الإجتماع د.سعد الدين إبراهيم:"الخلط بين الدين والسياسة هو خلط بين المقدس والمدنس"فالدين "مقدس" لأنه مجموعة من القيم الروحية التي تسمو بروح الإنسان،والسياسة "مدنس"لأن فيها "الغاية تبرر الوسيلة"،والخلط بينهما هو أس بلاء العرب والمسلمين،فأوربا لم تتقدم،ولم تخترع ثورتها التكنولوجية الغير مسبوقة،إلا بعد أن فصلت بين الدين والدولة.
حماس بدأت تفقد رصيدها في الشارع العربي يوم أن قامت بإنقلابها في غزة،ففقدت مصداقيتها إقليمياً ودولياً،فحاولت تحسين وضعها بلفت الإنتباه إليها عن طريق إستفزاز جيش الإحتلال المجرم والدموي،فكان لها ما أرادت،ودفع الشعب الفلسطيني من دمه وروحه ثمن هذا التصرف الأحمق،فمات أكثر من ألف قتيل،زيادة على آلاف الجرحى،وتدمير للبنى التحتية الباقية.
حماس تكابر،وتعتبر ما فعلته "نصراً" فإذا كان هذا هو النصر،فكيف تكون الهزيمة؟! إهلاك البلاد والعباد جريمة يجب أن تحاسب عليه حماس،فماذا ربحت من هذه المغامرة المجنونة؟؟!! لا شيء سوى مزيد من القتل والدمار. ذكرت في مقال سابق إنني وفي حديث شخصي مع أحد الإخوان المسلمين في مصر سألته:هل تعتقد أن صواريخ حماس "العبثية الفلكلوريه" قادرة على تحرير فلسطين؟ قال لي:لا. وخلال أحداث غزة الأخيرة إلتقيت بطبيب فلسطيني يعمل في الحي الذي أسكن فيه،سألته عن جدوى إطلاق صواريخ القسام،وهل تخدم القضية الفلسطينية؟ أجاب:لا، بل تضر بها. وبدلاً من أن يتحلى قادة حماس بالشجاعة الأدبية والسياسية،ويعترفون بخطئهم ،كما سبق وإعتذر طفل طهران المدلل حسن نصر الله عن تسببه في تدمير جنوب لبنان،أخذتهم العزة بالإثم،وراحوا يحولون الهزيمة إلى نصر،والتغني بأمجاد ما فعلوا وبصمودهم أمام جيش الإحتلال،ونسوا الحديث الشريف القائل:"كل بني آدم خطاء،وخير الخطائين التوابون"،فعليهم أن يتوبوا وينيبوا إلى الله،ويعتذرون للشعب الفلسطيني عما سببوه له من قتل ودمار،ويسلموا السلطة للرئيس المنتخب ،عل الله والشعب الفلسطيني أن يقبلا توبتهم.
على حماس أن تعرف أن فترة "الكفاح المسلح" قد إنتهت بلا رجعة،وأنها أصبحت كعملة أهل الكهف،لا يعرفها العالم ولا يعترف بها،أذكر أن نيلسون مانديلا كان قد نصح المغفور له أبو عمار عندما قام بإنتفاضته الأولى"إنتفاضة الحجارة" نصيحة يجب أن تكتب بماء الذهب،حيث قال له: "إجعلها إنتفاضة بيضاء لا حمراء". أي طالب بحقوقك وإنتفض دون إرقة دماء. فتمخضت هذه الإنتفاضة "البيضاء" عن إتفاق "أوسلو"،أما الإنتفاضة الثانية فظلت لمدة أربعة أشهر"بيضاء" وعندما إنضمت إليها حماس حولتها إلى "حمراء" بدأ العالم ينصرف عنا وعن قضيتنا العادلة، أما الإنتفاضة الثاثة،التي يدعو إليها خالد مشعل فهي "حمراء... حمراء ... حمراء..." لذلك لم تلق أي تأييد دولي أو حتى إقليمي،والنتيجة أننا نري العالم كله يري شعباً أعزل يقتل على مرأى ومسمع من الجميع ولا يفعل أي شيء،لماذا؟ لأن حماس،الحليف الموضوعي لجيش الإحتلال،تقدم له الذريعة لمزيد من القتل والتشريد ،والرد معروف سلفاً:"أن من حق إسرائيل الدفاع عن أمنها".
متى نخاطب عالم القرن الحداي والعشرين باللغة التي يفهمها وهي لغة الحوار،فللشعب الفلسطيني حقوق مشروعة يعرفها القاصي والداني،ولن يأخذها بالعمليات الإنتحارية ولا بصواريخ القسام،التي أثبت الواقع عقمها، بل سيأخذها بالمفاوضات كما فعلت مصر،وإستردت باقي سيناء بالسلام، لا تفرطوا في ميراث أبو عمار وتهدموا كل ما فعله طوال حياته،فالرئيس عباس هو وريثه الشرعي والرئيس المنتخب رسمياً،وهو مقبول دولياً وإقليمياً،فاعطوا له الفرصة ولا تقفوا عقبة كأداء في طريقه ليرحم شعب معذب مشرد،رئيس يعرف مصالح شعبه ويجلب لهم السلام والأمن بدلاً من القتل والدمار،رئيس لايردد شعارات ما قتلت إلا أطفال فلسطين ... ولا حررت شبراً من الأراضي المحتلة،رئيس يعرف كيف يخاطب صناع القرار في أوربا وأمريكا "بالحوار"بضرورة ميلاد دولة فلسطينية قابلة للحياة.
ليس أمام حماس اليوم،سوى أن تمارس نقدها الذاتي ،وتتحلى بالواقعية السياسية،وتسلم سلاحها للسلطة الفلسطينية المنتخبة شرعياً،وأن تتحول إلى حزب سياسي معارض،ويكفيها ما أراقته من دماء الشعب الفلسطيني،وآخرها جريمة إعدام عشرات من مقاتلي "فتح" إنضموا إليها لقتال جيش الإحتلال،فاعتقتلهم وأعدمتهم ،كما أعلن ذلك ابن فلسطين المخلص الأستاذ ياسر عبد ربه في "الجزيرة" . إنها جريمة حرب بالتمام والكمال نفذتها قيادة حماس المجرمة، كيف ستلقون الله بدماء إخوانكم في الدين والوطن؟؟!!
يكفي حماس ما جلبته من دمار وخراب ليس لفلسطين فقط بل للعالم العربي أيضاً،فالكفاح المسلح الذي مازالت تؤمن به، لم نجن منه إلا مزيد من الدمار والخراب ،ومزيد من العزلة الدولية ،فالدولة الفلسطينية كانت قاب قوسين أو أدنى من الميلاد،لو كان أبو عمار قد تحلى بالشجاعة السياسية ووافق على مقترحات باراك-كلينتون،التي رفضها ثم عاد وقبلها ،لكن بعد فوات الأوان.
الفرصة الآن مواتية بوجود رئيس جديد عاقل وإنساني،وصديق إدوارد سعيد ووليد الخالدي،في البيت الأبيض،وكذلك بوجود رئيس عاقل كمحمود عباس،فعلى حماس والجهاد وكل الجماعات الإسلامية الأخرى،أن ترحم الشعب الفلسطيني من العذاب الذي يعيش فيه منذ 60 عاماً ،بترك الرئيس عباس يخاطب العالم بلغة "الحوار" التي يفهمها، لا بلغة "الدمار" التي تفهمها الجماعات المتأسلمة التي جنت على الإسلام والمسلمين شر جناية عرفها منذ 14 قرناً من القاتل الإسلامبولي إلى المنافق الدموي راشد الغنوشي.
[email protected]










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال بائس
ايهاب جلا د ( 2009 / 2 / 2 - 23:30 )
لن يجدي كثير الكلام واختصر الرد بأن الكرامه مفهوم صعب لا يفقهه الا من سال دمه في الميدان ولم يتنازل عن ثوابته


2 - لماذا أقرأ مقالاتك
صائب خليل ( 2009 / 2 / 3 - 11:44 )
...خشية أن تمتدح شيئاً أمتدحه او تتبنى رأياً أتبناه، فأضطر إلى مراجعة صحته


3 - من ماذا تستقيل حماس؟
عبد العالي الحراك ( 2009 / 2 / 3 - 14:26 )
من ماذا تستقيل حماس؟ امن الهلوسة والحماقة تستقيل؟ ام من العزلة؟ لقد اقال قادتها عقولهم ولم يبقى لديهم الا عواطفهم وهي عواطف مريضة بالاوهام والخرافة فهم الذي يتوهمون بنصرعلى حساب الالاف من الضحايا فمن اي شيء يستقيلون اذا امتنعت عقولهم عن التفكير السليم؟


4 - على حماس ان تستقيل
esam ( 2009 / 2 / 3 - 15:28 )
مقال جيد جدا
لك كل الشكر والاحترام

اخر الافلام

.. ولي العهد السعودي بحث مع سوليفان الصيغة شبه النهائية لمشروعا


.. سوليفان يبحث في تل أبيب تطورات الحرب في غزة ومواقف حكومة نتن




.. تسيير سفن مساعدات من لارنكا إلى غزة بعد تدشين الرصيف الأميرك


.. تقدم- و -حركة تحرير السودان- توقعان إعلاناً يدعو لوقف الحرب




.. حدة الخلافات تتصاعد داخل حكومة الحرب الإسرائيلية وغانتس يهدد