الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحفريين

كامل السعدون

2004 / 3 / 23
الادب والفن


قصة قصيرة
بعد أن حمد الله وأثنى عليه ، وذكر الرسول فصلى عليه ، تطرق الشيخ الجليل في خطبته إلى حدث الساعة ، حادثة إلقاء القبض على الرجل المؤمن التقي في مخبأه ، في حفرةٍ قُدسية …!
أعتدل الرجل المهيب في وقفته وقال بصوتٍ كالرعد " خسئوا … إذ قالوا أنهم تمكنوا منه ( قُدس سرّه الشريف ) ، خسئوا …أعداء الله الكفرة المارقين … هي فريةٌ يا أحبائي في الله وكذبة … فالشريف الهاشمي اليعربي ، أشفّ وأسمى من أن تراه عينُ بشرٍ إلا المؤمنين به وبرسالته … أحبائه ومريديه …أكيد أنهم رأوا شبحه في الحفرة ، لفرط خوفهم منه ( قدس سرّه ) … أو شُبهَ لهم …لعنهم الله وأخزاهم …ونحن …( وأرتفع صوت الشيخ الجليل مزمجراً ) … نحن …نقولها لهم ولشياطينهم والأذلاء من اتباعهم ومريديهم في هذا البلد الطاهر بأنفاس سيدنا وحبيبنا ( أبا الشبلين الشهدين السعيدين ) ، نقول لهم …بل خسأتم …لم تروه ولن تروه …وما أمسكتم به ، فأسرار الرحمن لا ترى بالعين المجردة ، ولا تمسك باليد الفاسدة ( غفرانك ربي عما يدعون هؤلاء السفهاء )…!
يا أحبائي … يا أحبة الله ورسوله والصديقّ الطاهر التقي أبا الشبلين ( قدس سرّه ) ، لا ترهبنكم قوتهم …ولا تخدعنكم أكاذيبهم .
تمسكوا بأيمانكم بسيدنا ، ليعود لهذا البلد ميزان العدل الذي أختل ، بعد غيبته المباركة الميمونة …!
اطمئنوا إلى أن غيابه سرّ من أسرار بعثته المباركة ، وهو عائدٌ لا شك إلينا ، نحن مريديه الصادقين الواثقين …!
أيها الأحباب … من شاء منكم أن يستزيد في فهم أسرار الغياب ، فإليه بذاك الباب ، فيدخل لنجالسه ونستمع إليه ونسمعه ، وهناك سنتدارس شؤون وشجون جماعتنا أتباع أبا الشبلين ، والآن … قوموا إلى صلاتكم يرحمكم ويرحمنا الله …!

***

حين أجتمع الخلّص من الأتباع في غرفة الدرس ، بادرهم الشيخ الجليل ( إمامهم) وهو يمسد لحيته المرسلة باسترخاء على صدره الشريف :
يا أحباب أبا الشبلين ( وتوقف ملياً ليستجمع أفكاره ثم تابع ) أضن …( وأستدرك ) كفانا الله وإياكم سوء الضن …أضن أنه ما عاد من اللائق أن نتسمى بتلك التسمية بعد غياب ولينا وحبيبنا ، فاقترحوا ما ترتئوه من الأسماء الدالّة على الحال والمآل …!
سرت في الجمع همهمةٌ ، وبدت على الوجوه حيرةٌ ووجوم ، وتوالت المقترحات ، وكثر الزعيق والنهيق ، يقطعه بين الفينة والأخرى بكاءٌ من هنا ونحيبٌ من هناك ، وبعد جهدٍ جهيدٍ ، اتفقوا على الاسم اللائق المعبرّ :
- فلنتسمى بالحفريين يا سيدي ، إجلالاً بالمكان المقدس الذي …( أعني ) … شبه لهم أنه كان يقيم فيه في أواخر أيامه على هذه الأرض الجاحدة …!
تعالى البكاء والنحيب مجدداً …!
وبكى الشيخ ذاته ، ثم علقّ على الرجل الذي أقترح الاسم :
- لا يا بني … لا تقل هذا ، فالأرض ما كانت جاحدةٌ ، وسيدنا ليس غاضبٌ عليها ، فهي حبيبته التي كان بها وبأهلها ، حفيٌ رؤوم لا… لا تقل هذا … بحق سيدنا أبا الشبلين …!
وبعد برهةٍ من الأخذ والردْ ، أجمعوا على أن أنسب الأسماء لفرقتهم هو أسم ( الحفريين ) وشكلوا في ذات الساعة المباركة تلك ، لجنةٌ مركزية للدعوة والتنظيم والجهاد …!
وقد دار حول مفهوم الجهاد لغطٌ كبيرْ ، فالبعض أعلن أن لا يحق الجهاد في غيبة الحفري الأكبر (رض ) ، أما آخرون فقالوا أن الجهاد هو وحده من يعجل بالفرج ويعيد الحفري القائد إلى عرش الولاية ، وأخيراً تركوا المسألة لاجتهادات المجتهدين ، فمن شاء أن يجاهد بالسيف ، فله السيف والمال والدعم ، ومن شاء الاكتفاء بالدعوة بأضعف الأيمان ، فلن تبخل عليه الفرقة ولجنتها المركزية بالدعم المعنوي ، من صحافةٍ وطباعةٍ و…و…و…الخ .
وطار صيت فرقة ( الحفريين ) ، بعد أن أفتى جمعٌ من خيرة علماء الأمة من رجالات الوعظ بأن تلك الفرقة هي من جاء في الصحاح بأنها الفرقة الناجية من النار ، وإن كل ما عداها من الفرق باطلٌ لا مكان له في جنة الرّب …!
أنضم للفرقة جمعٌ من مؤمنو بعض الأصقاع من فقراء الأمة وأمم العالم الأخرى ، فقد أجتمع تحت لواء الحفرة الشيشاني والدمشقي والعاملي والخراساني و…و…و…الخ .
ولكن … ( حسرتي على الفرقة الحفرية ) فقد انطفأ ألقها بعد حين ، فقد أغلق الأعداء الحفرة المقدسة ولاحقوا الأنصار في الأمصار ، فسقط من سقط منهم في المعارك الجليلة المهيبة مع أطفال الحضانة وعمال النظافة وشرطة المرور وحفارو القبور ، وفرّ منهم من فرّ إلى أمصارٍ أخرى مؤمنة بالدعوة الحفرية ، وهناك قيض لهم أن يحفروا العديد والعديد من الحفر ليتعبدوا ويستذكروا الحفري الأول ( قدس سرّه الشريف ) …!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اتكلم عربي.. إزاي أحفز ابنى لتعلم اللغة العربية لو في مدرسة


.. الفنان أحمد شاكر: كنت مديرا للمسرح القومى فكانت النتيجة .. إ




.. حب الفنان الفلسطيني كامل الباشا للسينما المصرية.. ورأيه في أ


.. فنان بولندي يتضامن مع فلسطين من أمام أحد معسكرات الاعتقال ال




.. عندما يلتقي الإبداع بالذكاء الاصطناعي: لوحات فنية تبهر الأنظ