الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل أردوغان زوبعة في فنجان؟

طارق قديس

2009 / 2 / 4
السياسة والعلاقات الدولية


ما فعله رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في قمة دافوس الأخيرة المنعقدة في سويسرا كان عملاً فريداً من نوعه بمنتهى المقاييس ، وقد جمعته القمة بالرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، وكان يجلس إلى يساره تماماً فيما الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى يجلس على بعد ثلاثة مقاعد إلى اليسار من أردوغان.

وبالحقيقة لست أعلم سر وجود هؤلاء الأشخاص الثلاثة معاً في مكانٍ واحد، خاصة بعد العدوان الإسرائيلي الدموي على قطاع غزة، وقد عُرف رئيس الوزراء التركي بموقفه المعادي للسياسة الهمجية التي اتبعتها إسرائيل في الحرب على القطاع الأعزل.

إلا أنني ورغم دهشتي لوجود هؤلاء الأشخاص الثلاثة في مكانٍ واحد بعد ما حدث، إلا أن دهشتي هذه لم تكن الدهشة الوحيدة والكبرى، فقد كانت دهشتي أكبر لما فعله أردوغان عندما اعترض على منظم الجلسة، حيث أنه – أي المنظم - أعطى الرئيس الإسرائيلي أكثر من عشرين دقيقة للتحدث، بينما كلّ ما منحه لأردوغان كان قرابة الاثنتي عشرة دقيقة، ولم يكن منه بعد أن علَّق على ديباجة شمعون بيريز إلا أن قال للمنظم أنه لا يظن بأنه سوف يعود مجدداً إلى دافوس، ومن ثم لملم أوراقه وانسحب خارجاً.

ولعل سبب الدهشة الذي ستجنح إليه مخيلة القارئ هو فعلة أدوغان بحد ذاتها ، فيما الحقيقة هي أن سبب دهشتي تكمن في أن أردوغان قد غادر المكان عندما لم يستطع تحمل الغطرسة الإسرائيلية وعدم مساواة المنظم بينه وبين بيريز، فيما الأمين العام لجامعة الدول العربية ظل في مكانه ولم يحرك ساكناً، وهو الذي كان الأولى به أن يُقدم على الانسحاب، لأن القضية أولاً وقبل كل شيء هي قضية العرب، وهم الأولى أن يدافعوا عنها بكل الأساليب والوسائل.

ولعل أحدهم سيجد من المواتي له أن يقول هنا بأن ما فِعله أردوغان لا تعدو أكثر من زوبعة في فنجان، فأردوغان قد تصرَّف تبعاً لميول حزبه الإسلامية، ولم يتصرف من منطلق سياسات تركيا العلمانية، خاصة وأن العلاقات التركية الإسرائيلية معروفة بمتانتها على مر السنين. وهنا أجد لزاماً أن أقول بأنه حتى كان ما حدث كان مجرد حدث عابر في تاريخ العلاقات التركية الإسرائيلية، فإنه يستحيل على الأقل في الماضي القريب أن تعود المياه إلى مجاريها بين البلدين، كما أن حدوث زوبعة في الحاضر هو أفضل ألف مرة من عدم حدوثها، لأن موقف تركيا سيساعد لا محالة بأن يرى العالم أجمع أن العرب ليسوا وحدهم من يستنكر، ويرفض ما تفعله إسرائيل بالشعب الفلسطيني، فهنالك لا يزال أناس في هذا العالم يُسمُّون الأشياء بمسمياتها، فعندما يرون جريمة يقولون أنها جريمة، ولا يريدون أن يدفعوا بضمائرهم إلى الجحيم في سبيل التقرب من فُلان أو علان، حتى لو كان ذلك الفلان أو العلان العالم الغربي بأكمله، ومن أوله إلى آخره.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اعقلوا يا عرب
fuad ( 2009 / 2 / 3 - 20:24 )
اردوغان ليس مغفلا العلاقه التركيه الاسرائيليه لا يستطيع اردوغان ان يهدمها هناك علاقات متينه بين الدولتيين في كثير من المجالات وخاصتا العسكريه والصناعه العسكريه حتى صناعة
الطائرات اف16 اي علاقات استراتيجيه لا تستطيع تركيا الاستغناء عنها ولكن نحنالعرب نعتقد بان اردوغان قد عملها من اجل سواد عيوننا هو يريد ان يدخل الى الاسواق العربيه بهكذا تصرف ليس اكثر


2 - للحقيقة
سوري ( 2009 / 2 / 4 - 04:44 )

على العربان التروي في ردود أفعالهم، إذا كان رؤساء وأمراء الممانعة ومثلهم رؤساء وملوك الإعتدال قشة لفة خونة وحرامية، فهذا لايجب أن يقفز بنا إلى تنصيب أردوغان ملك للعرب، وأصلاً هذا منصب غير مشرف. أردوغان لم يخالف أسلافه وما زال يقصف الأكراد (المسلمين) بكل ما أوتي من دعم أميركي، فلا تضوجوا وتنقلوا بنادقكم من كتف لآخر بهذه السرعة. الفرق الوحيد هنا أن أردوغان يستطيع أن يفعل ما يشاء لأن عينه مو مكسورة، ويلعب فوق الطاولة أمام الجميع، وليس لديه حسابات مصرفية يخشى عليها من غضب -المعلم البلطجي- كما هو حال حكام العرب كلهم والممانعين على رأسهم، وعلى العرب التوقف عن الفورات الجماعية مثل رغوة البحر، كمثال حادثة الحذاء ثم القفز لموقف أردوغان، ثم انتظار التي بعدها من تصرفات -الآخرين- دائماً. ويجب عليهم التفكير بكيفية قول لا وكفى لجميع الحكام العرب السفلة، الذين أجزم أنهم منشرحون للزيدي وأردوغان وغيرهما لأن كل هذه الأحداث تنفس عن حنق الشعوب التي تحولت لنعاج. طبعاً الإسرائيليون سفلة ومجرمون، ولكنهم لا يقتلون أبناء جلدتهم، ويجيدون التعامل مع العالم كله، إضافة كون حكامهم (مثل أردوغان في هذه النقطة) بعيدين تماماً عن الفساد المالي، ولوجود نوع متقدم من الديمقراطية (فيما بينهم) فالعالم يصدقهم بالتالي


3 - هل أردوغان
محمد الخليفة ( 2009 / 2 / 4 - 10:15 )
إنني أستغرب هذا التصرف من أردوغان ،فهو يلاحق عسكر حزب العمال التركي بالطائرات ويقتلهم حتى خارج الأراضي التركية بدعوى أنهم حركة أرهابية وهم كذلك إذا كانوايقتلون المدنيين ويسعى على أجتثاثها أينما تكون ومن ثم يلوم بيريز على فعلته تجاه حركة ارهابية أشد خطرا وعمقا ، والحال كذلك مع أيران التي تدافع عن القضية الفلسطينية وتطالب بحرق اسرائيل وطردها من أرض فلسطين المحتلة بينما هي تحتل ثلاث جزر عربية وترفض حتى المحكمة الدولية لتسوية النزاع، ففي نظري أن الذي بيته من زجاج يجب أن لايرمي البيوت بحجر

اخر الافلام

.. العراق: السجن 15 عاما للمثليين والمتحولين جنسيا بموجب قانون


.. هدنة غزة تسابق اجتياح رفح.. هل تنهي مفاوضات تل أبيب ما عجزت




.. رئيس إقليم كردستان يصل بغداد لبحث ملفات عدة شائكة مع الحكومة


.. ما أبرز المشكلات التي يعاني منها المواطنون في شمال قطاع غزة؟




.. كيف تحولت الضربات في البحر الأحمر لأزمة وضغط على التجارة بال