الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملامح اولية لنظام عراقي جديد:من الدولة الطائفية الى الدولة الشركة

حمزة الحسن

2009 / 2 / 5
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


كما هو متوقع انتهت دورة الانتخابات المحلية بتغيير متحكم به عبر سنوات من العمل الشاق والخفي وبوسائل غير تقليدية، تغير في البنى السياسية القائمة وفي المقدمة منها اضعاف قوى سياسية معروفة ومسيطرة ووضع اخرى في الواجهة وتقديم قوى صغيرة في مناطق محددة لتشتيت حصول اجماع عام خلال تمرير أو عرقلة قرارات مصيرية في المستقبل ـ نحتاج الى التذكير ببعض البديهيات: السلطة مؤسسة سياسية والدولة مؤسسة خدمات. ولكن في الحالة القائمة تمت اعادة دمج السلطة بالدولة وهو شكل مشوه من اشكال النظم السياسية.

لقد جرى هذ" التحكم" عبر اضعاف مستمر ومنهك بوسائل القوة والسياسة والمال والاعلام لتلك القوى الغارقة في ملاحمها الاسطورية وفي مناحة كربلائية لا نهاية لها مطمئنة على سلامة" القلب" غير مدركة الى ان هذا الصراع الناشب منذ الاحتلال يمر في تحولات ومظاهر واشكال متغيرة بل وشيطانية تلعب الدهاليز فيها الدور الرئيس وليس محاريب الصلاة.

من المؤسف اننا لا نستطيع ان نفرح بهذا المهرجان العام من الغبطة النخبوية في نهاية مزعومة للطائفية السياسية لأن هذه الطائفية مغروزة في صميم البنية العضوية للنظم السياسية المتعاقبة في العراق وان اختلفت اشكال ظهور هذه الطائفية وهي في التعريف المركز: التموقع حول فكرة دينية او سياسية أو عقائدية واعادة انتاجها بصورة مستمرة ، وهذه الطائفية متوفرة عبر كل المراحل لدى كل القوى الحاكمة والمعارضة.

لكن من المحتمل ان تنحسر الطائفية السياسية قليلا في السنوات القادمة لكنها ستتعاظم في المؤسسات الاجتماعية وتشتد وتكون هذه المرة ردة فعل ثانية ـ الاولى على الاحتلال كتهديد واقتلاع والطائفية تشبث ـ على تهديد بالاقتلاع السياسي وفقدان السلطة، وان تستفيد من خسارتها الحالية في تمويه مظهرها والدخول في حقبة قادمة في الحقل السياسي.

لكن ما هو أخطر في احتفالات اليوم المعلنة عن بدايات تحول سياسي مفترض نحو دولة عصرية هو التحول الذي " حدث" فعلا في انتخابات مجالس المحافظات الاخيرة والذي سيمهد الى انتقال الدولة العراقية ونظامها السياسي القائم، برغبة أو بدونها، بنية أو بتبسيط في طريقة نشوء الدول والانظمة، من الدولة الطائفية الى الدولة ـ الشركة.

الشركة ليست الشراكة، بل الحيازة والاستحقاق والغنيمة المؤسسة على نتائج الفوز. الطائفية السياسية بنية عقلية، والشركة بنية اقتصادية قائمة على مفهوم" المحاصصة" السياسية والاقتصادية والوظيفية، على الصفقة والتسوية، على المساومة والابتزاز، والأهم على التحكم بالثروة والسلطة: وفي هذا الحقل تحديدا ستجد الشركات الكبرى العالمية والمؤسسات التجارية الراسمالية والبنوك العالمية والمؤسسات الاقتصادية فوق القومية مجالها الحيوي في العمل والاستثمار والنهب من خلال شركاء صغار سيظلون مرتعبين طوال فترة سيطرتهم على المجالس من شبح التغيير القادم وتحول أهواء الناس ـ خاصة في العراق.

اتخيل ان السيد المالكي هو الوحيد الذي يشعر بخطر منتظر ومؤجل في الطريق وقد لا يكون فرحه بهذه" الانتصارات" سوى لعبة مظاهر، واذا لم يكن الامر كذلك فسيؤخذ على حين غرة في الانتخابات النيابية القادمة، هذا إن لم يكن على علم بحكاية " أكل يوم أكل الثور الأسود" وربما الابيض ولا فرق. التصفية القادمة سيكون ضحيتها المالكي ودولة قانونه بعد تشتيت تحالفاته عبر سنوات من الجهد المضني من قوى الاحتلال والشركاء المحليين، وسيجد نفسه مالكي ولكن بلا مالكيين ولا دولة قانون: دولة الشركة اليوم هي التي ستخلق التغييرات البنوية الجديدة في المؤسسة الحاكمة ولن يكون البديل وطنيا بل" شركاء" صفقات ومساومات بذهنية كازينو قمار.

لقد تم الامر على مراحل داخل نخب سياسية مفرطة في الوضوح والطيبة والسذاجة والسخف والانتهازية والسمسرة. الدولة ـ الشركة قادمة والزمن العراقي الجديد هو زمن كازينو السياسة والصفقة والمضاربة وهوأخطر تهديد لما تبقى من التراث الوطني الثقافي العراقي الذي كان المستهدف الاكبر ـ من قبل النهابين المحتلين ـ من كل هذا الصراع الاستعماري الذي ظل واقفا فوق انقاض السلطة والدولة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بهجمات متبادلة.. تضرر مصفاة نفط روسية ومنشآت طاقة أوكرانية|


.. الأردن يجدد رفضه محاولات الزج به في الصراع بين إسرائيل وإيرا




.. كيف يعيش ربع سكان -الشرق الأوسط- تحت سيطرة المليشيات المسلحة


.. “قتل في بث مباشر-.. جريمة صادمة لطفل تُثير الجدل والخوف في م




.. تأجيل زيارة أردوغان إلى واشنطن.. ما الأسباب الفعلية لهذه الخ