الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحكومة الفرنسية والتدخل غير الانساني

هيثم مناع

2009 / 2 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


كان وصول الرئيس الفرنسي ساركوزي (الوحيد مع المتطرف جان ماري لوبن الذي رفض الرد على استمارة الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان التي قدمت لكل المرشحين للرئاسة) وتعيينه برنار كوشنر الموالي بشكل غير مشروط للدولة العبرية، مؤشرا كارثيا على سمعة فرنسا ومكانتها عند النقابات والمنظمات الشعبية والمجتمعات المدنية العربية ومنظمات حقوق الإنسان (أقصد منها ذات المصداقية، أي غير الخاضعة لشروط التمويل ورياحه)، كما كان هذا هو الحال في أوساط حقوق الإنسان والعمل الإنساني في فرنسا نفسها.

وباعتبار الثنائي ساركوزي- كوشنر من الأصدقاء الثقة، فقد كانا على علم بمشروع العدوان على غزة كما أكد أكثر من مسؤول إسرائيلي. بل وطلبت الحكومة الإسرائيلية منهما انجاز اتفاقية ترقية العلاقات مع الاتحاد الأوروبي ليس قبل تاريخ نهاية الرئاسة الفرنسية (أي في فترة الأعياد وهي الأنسب من الناحية التكتيكية لتمرير مؤامرة كهذه من وراء ظهر البرلمان الأوربي)، وإنما في 8/12/2008 باعتبار الجيش الإسرائيلي سيقدم للعالم بمناسبة الأعياد ما أسماه حامل جائزة نوبل للموت (شمعون بيريز): في ستة عشر يوما ما لم تفعله البشرية في 16 عاما في حربها على الإرهاب!

ليفني، التي عاشت في باريس بين 1980- 1984 باسم مستعار، وعملت خادمة في بيت عالم ذرة عراقي وقامت باغتياله بالسم، وصدر بحقها مذكرة توقيف قضائية باسمها المستعار ثم باسمها الحقيقي قبل أن ينجح اللوبي الصهيوني في فرنسا بوقف ملاحقتها قضائيا، ليفني هذه تتبادل القبلات مع كوشنر أمام باب الاليزيه بينما أطفال غزة تحت أنقاض القصف الأعمى بالأسلحة المسموحة والممنوعة.

وفي برنامج تلفزيوني على القناة الفرنسية الثانية يقول سفير الدولة العبرية في باريس: عندما يتحاور الدكتور كوشنر مع حماس نحن سنتحاور معها فورا! في حين تصرخ مساعدته لحقوق الإنسان: أوقفوا تقديم غزة كشهيدة. ويقوم البوليس الفرنسي بتحطيم خيمة التضامن مع الشعب الفلسطيني في ساحة ستالينغراد في باريس، ويسمح بالمقابل لمنظمة ميغدال بحفل تضامن مع الوحدة العسكرية التي تقطع أوصال الضفة الغربية بسبعمئة حاجز، وذلك في استفزاز واضح لكل الديمقراطيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والجالية الإسلامية والعربية. بعد ذلك يخرج كوشنر وساركوزي إثر حركة التضامن الشعبية المليونية التي عمت المدن الفرنسية بتصريح يتيم: ندين استيراد مشكلة الشرق الأوسط إلى الأراضي الفرنسية.

يتقدم عدد من الكتاب والفنانين ورموز المقاومة الفرنسية، في مقدمتهم ريمون أوبراك (من أوائل الملتحقين بالمقاومة الفرنسية والجنرال ديغول)، وكارول بوكيه (الممثلة الداعمة لقضايا حقوق الإنسان)، وروني برومان (رئيس منظمة مراسلون بلا حدود السابق)، ومونيك شوميلييه جندرو (المفكرة المناضلة من أجل أمم متحدة بديلة)، وريجيس دوبريه (المفكر التقدمي ومستشار ميتيران سابقا)، وستيفان هسل (سفير حقوق الإنسان)، وميري مندس فرانس (ابنة المناضل فرانز فانون)، وجيل بيرو (الكاتب اليساري المعروف) بطلب لساركوزي من أجل إرسال سفينة مستشفى إلى شاطئ غزة لمعالجة الجرحى الفلسطينيين، خاصة وأن الجمهورية الفرنسية وراء أكثر من قرار للأمم المتحدة بممر إنساني (كوريدور إنساني).

لكن الرئيس الفرنسي يقرر إرسال فرقاطة قبالة سواحل غزة لمنع تهريب السلاح للمقاومة الفلسطينية، في حين تستقبل الموانئ الإسرائيلية السلاح الفرنسي باعتبار جمهورية حقوق الإنسان أصبحت المصدّر الأول للسلاح لإسرائيل في أوروبا!!

في يوم تحولت فيه عشرات المنظمات الإنسانية والخيرية الإسلامية إلى منظمات إرهابية، كان وزير الداخلية ساركوزي أول مسؤول أوروبي يتعامل مع القوائم الأمريكية السوداء. وقد منع 13 أكاديميا وعاملا في المجال الإنساني من المملكة العربية السعودية من حضور مؤتمر باريس للجمعيات الإنسانية الذي أعطى أول كونفدرالية عالمية للعمل الإنساني (المكتب الدولي للجمعيات الإنسانية والخيرية).

بعد ذلك خرج بفتوى تسلطية تطالب القضاة بعدم التساهل مع أي مسلم فرنسي يتجه لمنطقة صراع، والمقصود أفغانستان والعراق فقط. وهكذا صدرت أحكام قضائية على مواطنين فرنسيين بتدخل سياسي بالسجن سبع سنوات لسفرهم إلى العراق وبأقل من ذلك عند نيتهم السفر. لم تتدخل الحكومة الفرنسية للإفراج عن أي سجين فرنسي في السجون الأمريكية في العراق، بل وأرسلت ممثلا عن المخابرات العامة وآخر عن الخارجية إلى سجن غوانتانامو للتنسيق مع إدارة السجن بشأن المعتقلين الفرنسيين.

كل هذه الاجراءات التي تتعلق بمواطنين فرنسيين مسلمين لا نجدها عندما يتعلق الأمر بنصابي آرش دو زويه أو المتطوعين الفرنسيين اليهود للخدمة في الجيش الإسرائيلي. بل توجد صفحة ويب سايت بعنوان التطوع المدني في إسرائيل مع رقم هاتف وفاكس وتغطية بطاقة السفر للتطوع في خدمة الجيش الإسرائيلي. وإن كان اسمها التطوع المدني، فالموقع لا يتورع عن وضع صور للمتطوعين وهم يتدربون على الأسلحة، ويعتز بموقفهم أثناء العدوان على لبنان حيث كانوا في الجبهة الشمالية. السيد ساركوزي لا يملك الجرأة على اعتقال متطوع واحد من هؤلاء رغم وجود أدلة من تصريحات لهم بمشاركتهم في نشاطات عسكرية.

فمن الذي ينقل الصراع لفرنسا إذن، من يدافع عن الضحايا أم من يلتحق بجيش العدوان؟


من الذي يخلق حالة فصام بين العرب والمسلمين الفرنسيين، وبين طبقة سياسية حاكمة تفتقد للحكمة والتوازن في مواقفها من العدوان على غزة؟ بل من هو المسؤول الفعلي عن استقالة كل الأعضاء المسلمين من الصداقة اليهودية الإسلامية في غياب موقف الحد الأدنى من التضامن مع ضحايا غزة؟

هذه السياسة التخريبية للثنائي كوشنر-ساركوزي لا تحطم وحسب كل ما بنته الدبلوماسية الفرنسية منذ صرخة الجنرال ديغول في 1967 حول الطابع الاستعماري والاستيطاني لإسرائيل ومحاولته الابتعاد بالجمهورية الفرنسية عن الانحياز للمعتدي، بل تشكل السبب الأول لقيام جبهة واسعة في فرنسا من كل قوى التقدم والديمقراطية وحقوق الإنسان في مواجهة تجمعات المصالح الراضخة للشركات المتعددة الجنسية واللوبي الموالي لإسرائيل وكل المنبوذين في المنظومة السياسية - المجتمعية من المهاجرين (وهم لا يختلفون عن السيد ساركوزي ابن المهاجر بشيء إلا بلون بشرتهم ودينهم). جبهة تقول بصوت عال أن الحكومة الفرنسية أصبحت تشكل طابورا خلفيا لمجرمي الحرب الإسرائيليين.

وبوصفها كذلك، فهي لا تمثل المجتمع الفرنسي. ولذلك فإن المقاومة المدنية بكل الوسائل السلمية لحكومة تغامر بالمصالح الفرنسية الحيوية في العالمين العربي والإسلامي والتقارب بين الشعبين العربي والفرنسي وحوار الحضارات والشعوب، هذه المقاومة المدنية تعتبر اليوم قضية مشروعة مستمدة من إعلان حقوق الإنسان والمواطن والدستور الفرنسي والتزامات فرنسا الدولية لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ملاحظات متفرقة
سلام السوسنة ( 2009 / 2 / 6 - 06:29 )
سيدي
انها اولا فرصة لأعبر لكم عن احترامي بل وامتناني لكل مافعلته انت وقليل من الاصحب في مجال الدفاع عن حقوق الانسان ونشرها كثقافة مؤسسة لعصر مستنير.
انا اذكر انكم حملتم هذه الشمعة في ازمان حالكة وصعبة ودفعتم ثمن ذلك نفيا وتهجيرا.
ارجوا ان تتقبلوا بعض الملاحظات عن مقالكم اعلاه.

اولا:
ان عدم رد ساركوزي ولوبن على رسالة من منظمة ما لحقوق الانسان لا يعني وضعهما في خانة واحدة.خصوصا وان ذلك تم خلال الحملة الانتخابية ويتعلق بمواضيع الهجرة ومعاملة الاجتنب.

ثانيا
حول معرفة ساركوزي وكوشنر بموعد الهجوم على غزة:
انا ايضا وبائع الجرائد في حينا وعلى الرغم من عدم ارتباطنا بالصهيونية كنا نعرف بموعد هجوم اسرائيل على غزة. منذ اعلنت حماس نهاية التهدئة واطلقت صواريخها وتهديداتها قامت اسرائيل بالاعلان على الملا عن نيتها بالهجوم وارسلت عشرات الصور لدباباتها وهي تحيط بغزة. وارسلت موفديها الى كل انحاء العالم لشرح خطة الهجوم واهدافه.
بل لن قادة حماس الكبار كانوا يعلمون به ولم يصب احد منهم بأذي في الضربة الاولي.
لا ادري لماذا تكون معرفة رئيس دولة عظمى ووزير خارجتها المسبق ادانة لهما في اي شيء.
ثالثا
القول بأن اللوبي الصهيوني نجح بوقف الملاحقة القضائية فيه الكثير من


2 - امتحان
وائل الجابر ( 2009 / 2 / 6 - 09:52 )
نخلص من نعيسة يأيتينا مناع.الله يسامحك يا رزكار.من الممكن ان ارفع عليك دعوى التسبب برفع ضغط الدم .


3 - حول ساركوزي والقضاء الفرنسي
صائب خليل ( 2009 / 2 / 6 - 13:48 )
الأستاذ هيثم مناع المحترم تحيتي لك وشكراً للمقالة.
الأستاذ سلام السوسنة، لا تحاول أن تظهر القضاء الفرنسي وكأنه من الملائكة وأنه يستحيل أن يقوم بالتستر على قضية مثل هذه فله تاريخ خليط من المواقف القوية واكثر من المواقف الفضائحية.
أما بالنسبة لساركوزي فهو شخص مشبوه تماماً واليك مثلاً هذا المقال عنه:

http://mostlywater.org/elections_in_france_why_sarkozy_is_dangerous


4 - وعن ليفني...
صائب خليل ( 2009 / 2 / 6 - 13:55 )
بالنسبة لـ -ليفني- يرجى قراءة مايلي:

The Mossad agents in Paris also fought to prevent Saddam Hussein from developing an atomic arsenal and transporting nuclear fuel to his new processor at Osirak just outside Baghdad. En juin 1980, un scientifique d’origine égyptienne travaillant sur le programme nucléaire irakien a été retrouvé assassiné dans sa chambre d’hôtel, un meurtre qu’on a attribué au Mossad. In June 1980, a scientist of Egyptian origin working on the Iraqi nuclear program was found murdered in his hotel room, a murder that has attributed to the Mossad. Une prostituée qui avaient entendu des voix venant de la chambre de celui-ci la nuit de son assassinat a été tuée un mois plus tard lors d’un accident de la route mystérieux, renversée par une voiture qui s’est enfuie. A prostitute who had heard voices coming from the chamber of it the night of his murder was killed a month later during a traffic accident mysterious hit by a car that fled. Menahem Begin, le Premier Ministre de l’époque, a dit qu’il espérait que la France en avait «tiré la leçon » pour avoir aidé l’Ir


5 - ساركوزي والموساد والقضاء الفرنسي
سلام السوسنة ( 2009 / 2 / 6 - 16:46 )
الصديق صائب خليل
مساء الخير
اشكر لك اهتمامك بتعليقي والرد عليه.
حول القضاء:
انا اعتقد ان القضاء الفرنسي قضاء مستقل ونزيه وحر. وهذا عائد الى فصل كامل بين السلطات. انا لم اقل ان هذا القضاء من الملائكة واوكد لك اني لا أومن مطلقا بالملائكة وخصوصا كقضاة.

حول ساركوزي
لا ادرى ما هو معنى ان يكون رئيس جمهورية فرنسا مشبوه.
هذه من مفرداتنا العربية التخوينية ولم اجد لها معنى رديفا بالفرنسية. انا وضمن الحدود الديموقراطية عملت على معارضة سياسة ساركوزي بل وافشال قائمة حزبه في مدينتي. ولكن مع احترامي الكامل له ولصلاحيته كرئيس لفرنسا وثقتي باخلاصه الوطن.
اما عن تفضليه لصداقته هو وزعماء الغرب لاسرائيل فانا لو كنت زعيما غربيا لما صادقت البشير ولا بشار ولا المبشرين نجادي والقذافي.
اود ان اشير الى ان المسالة ليست تحالف قبلي او عشائري ...
انها شراكة تقدم بها اسرائيل تفوقها العلمي في مجالات هامة مثل الزراعة والمياه والاسلحة الحديثة والمعلوماتية... صحيح اننا نصفق لأردوغان ولكنه تسلم اليوم صفقة من الطائرات المعدلة من اسرائيل.
بقي مسألة جاسوسية ليفني
اعتقد ان هذا الامر صحيح ولكني اشك كثيرا في دقة المعلومات الصحفية المثيرة في هذا المجال. لا ادري كيف يمكن للموساد ان ي

اخر الافلام

.. الشرطة تقتحم جامعة كولومبيا لتفريق المحتجين| الأخبار


.. مؤشرات على اقتراب قيام الجيش الإسرائيلي بعملية برية في رفح




.. واشنطن تتهم الجيش الروسي باستخدام -سلاح كيميائي- ضد القوات ا


.. واشنطن.. روسيا استخدمت -سلاحا كيميائيا- ضد القوات الأوكرانية




.. بعد نحو 7 أشهر من الحرب.. ماذا يحدث في غزة؟| #الظهيرة