الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدروس المستخلصة من انتخاب مجالس المحافظات

يحيى السماوي

2009 / 2 / 6
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


تشير التوقعات ، وما تسرّب من أخبار عن الإنتخابات التي شهدتها أربع عشرة محافظة عراقية لاختيار أعضاء مجالس المحافظات ، إلى أن الجماهير الشعبية قررت سحب البساط من تحت أقدام الإسلام السياسي ، تعبيرا ً عن خيبتها بـ المتأسلمين " وليس بالإسلام .. فالشعب ـ وهو محق ٌّ في ذلك ـ قد خاب أمله بالذين انتخبهم في الدورة السابقة ، ليكتشف بعد حين أنهم لم يكونوا أكثر من طبّـاخي شعارات وباعة كلام ، وأنّهم كانوا منشغلين بمصالحهم الحزبية والطائفية والفئوية أكثر من انشغالهم بهموم المنتخبين وتطلعاتهم المشروعة بالحياة الكريمة اللائقة بشعب طحنته الحروب العدوانية والديكتاتورية ورحى الإحتلال ـ بل وأنّ الكثير منهم كانوا لصوصا استثمروا مواقعهم لإقامة امبراطورياتهم المالية والعقارية في غفلة من الزمن ، فلم يفوا بالوعود والشعارات البراقة التي رفعوها ، ولم يرتقوا إلى فضيلة الدِين الذي جعلوا من أنفسهم ناطقين باسمه .

لا جدال في حقيقة أنّ الشعب العراقي ، هو شعبٌ مؤمن يتماهى مع تعاليم السماء ... لكنّ الدين ليس مجرّد شعائر ولافتات ، بقدر ماهو ممارسة فاضلة لكلّ ماهو مضيء ، وسلوك يصبُّ في خدمة الصالح العام لا في خدمة هذا الحزب أو تلك الجهة الإقليمية أو الفئوية والطائفية ..

الوطن الجريح لا يُشفى بالتمائم والأحجية ... والمواطن المتضوّر جوعا والمرتعب من الإرهاب ، يريد خبزا ً وأمانا ً وخدمات ٍ هي من صلب واجب الدولة ـ وليس شعارات وميليشيات وتوزيع " الهريسة " .. صحيح أن الشعب العراقي هو شعب عميق الإيمان بعقيدته ، لكنّ الصحيح أيضا ، هو أنه لا يريد تحويل الوطن إلى " خيمة عزاء " بقدر ما يريده ورشة عمل وإعمار ... العمل عند الله وجه من وجوه العبادة .

بقدر تعلق الأمر برئيس الحكومة السيد نوري المالكي ، فقد اثبت أنه أقلّ المسؤولين كلاما وترديد شعارات ـ لكنه أكثرهم عملا وحرصا ً على وحدة الأرض والإنسان العراقيَين ، وأكثرهم صلابة في مواجهة الخارجين على القانون ، بل وأنظفهم يدا ً .. فلا عجبَ لو منح المنتخبون قائمته أصواتهم ، فالعجب هو أن يُعيد الشعبُ انتخابَ الذين اتخذوا من الدين وسيلة لتحقيق مصالح ومطامح سياسية شخصية وطائفية تلتقي ومصالح جهات إقليمية أكثر مما تلتقي ومصالح الإنسان والوطن العراقيَين .

فوز قائمة المالكي هو بالضرورة فوز لوحدة العراق وللأمن والاستقرار مثلما هو رسالة شعبية مجانية يقدمها الناخبون للساسة جميعا ، مفادها : إننا سنسحب البساط من تحت أقدام كلّ مَنْ لا يفي بوعوده ، فقد آن لصوت الديمقراطية أن يعلو فوق اللافتات والشعارات المجانية والوعود المعسولة .

قد لا تكون الانتخابات نموذجية ـ إنْ على صعيد نسبة المشاركة الجماهيرية أو على صعيد حدوث بعض الهِنات والتجاوزات الفردية ـ لكنها على صعيد التاريخ السياسي العراقي الحديث ، تعتبر نافذة مضيئة في ليل العراق الطويل ، تقود إلى اليقين بأن الغد سيكون أكثر إشراقا وأبهى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مدنيون
سعد السعيدي ( 2009 / 2 / 5 - 19:18 )
اين هم مسؤولو قائمة مدنيون بالمناسبة ؟ اين اختفوا ؟ هل سيرتب لنا قادتها كسابق عهدهم شئ من طراز - ساهمنا بالانتخابات على الرغم مما لنا عليها من تحفظات - ؟


2 - يحي ..يحيى
ان قلتها مت ( 2009 / 2 / 5 - 19:58 )
يحيى عباس السماوي

وكفى وصل ديوانك الشعري
ولا اقول غير يحيى
ولو اني كئيب بوفاة شاكر اارزيج فرج
لك كل الحب واعتزاز


3 - الفوز للعراق
عزيز الملا ( 2009 / 2 / 5 - 22:31 )
الاستاذ يحيى /تحيه خالصه
هكذا قالها ابا داود ان الفوز لم يكن لحزب او قائمه بل الفوز للعراق وهكذا جائت كلماتك رائعه وتبشر بغد افضل فتحيه لك ومحبه


4 - لقد فعلتها وانتخبت
ابراهيم البهرزي ( 2009 / 2 / 6 - 00:19 )
صديقي الكبي الشاعر يحيى السماوي
حين توجهت الى صناديق الانتخاب لانتخب من اثق بقدرته على الوفاء للشعب المغدور ....كنت متاكدا من عدم فوز من ساصوت له ..غير ان ضميري يابى التصويت لسواه

ليس للايمان غيرباب واحدة
تفتح او تغلق هذه الباب فهي ممر من لا تميل بوصلتهم لسواها بفعل المعادن والاوراق الزائفة ...
خسرناها مرة ..
بعد رحيلنا سيربحها الاحفاد

ابراهيم


5 - السماوى ,,,حيث يسمو بالوطنية
قاسم الدرويش ( 2009 / 2 / 6 - 06:15 )
اولا تحياتى للاخ الاستاذ يحيى
وهنا لااريد ان اكيل لك المديح ولكن الحق يقال فأضافة لتشخيصك السلبيات لاتغفل الايجابيات وهذه من صفات الحرص والوطنية حيث الاصالة لبلدك
مرة اخرى سلام وشكرا


6 - فى كربلاء ؟؟ العجائز لهن الاغلبية
منصف العراقى ( 2009 / 2 / 6 - 09:07 )
ليس غريبا ان تكون العجائز من يصوتن للمدعو يوسف واخشى ان لايعطى مؤشرا على عجز هذه المدينة العريقة المقدسة بتجديد نفسها والتخلص من الماضى والنضر للخلف
فيا عجبى على من اعطت كاظم حبيب والحلوائى وغيرهم كثر
الا يدعونا للتبصر والى اى مدى وصلت الفاشية فى تسميم النفوس واعلم ياأخى انه لم يكن هناك بيت فى كربلاء لم يقدم ضحيته لمقاومة الفاشية
ومرة اخرى ياعجبى


7 - سحبوا البساط ثم قلبوه
عبد العالي الحراك ( 2009 / 2 / 6 - 14:06 )
.سحبوا البساط من تحت اقدامالاسلاميين ثم فرشوه لهم بالمقلوب
ممارسات الاسلاميين السياسية اساءت للاسلام كثيرا واشمئز منهم الناس ولكن هؤلاء الناس لم يجدوا البديل ولم يتعرفوا عليه فاعادوا انتخاب من كان منهم اقرب الى الوطنية
المالكي اكثر قياديي حزب الدعوة وطنية منذ زمان لهذا فضل الاستقرار في سوريا على ايران وتحركه وفعله في العراق دل على ذلك لكنه مقيد بدعوته الاسلامية المؤجلة حاليا
وان تم انتخاب الطائففين الا انه لايتناسب مع الجهد الاعلامي الذي بذلوه والاموال التي صرفوها ولولا شعارات الحسين ومناسبته التي انطلت على بسطاء الناس في القرى والارياف لما انتخبهم احر وسيستمرون بالفشل عاما بعد عام كلما ازداد وعي الشعب

اخر الافلام

.. غزة: انتعاش الآمال بالتوصل إلى هدنة في ظل حراك دبلوماسي مكثف


.. كتاب --من إسطنبول إلى حيفا -- : كيف غير خمسة إخوة وجه التاري




.. سوريا: بين صراع الفصائل المسلحة والتجاذبات الإقليمية.. ما مس


.. مراسلنا: قصف مدفعي إسرائيلي على بلدة علما الشعب جنوبي لبنان




.. القيادة الوسطى الأميركية: قواتنا اشتبكت ودمرت مسيرة تابعة لل