الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صندوق النقد الدولي وهل ما زال دوره مستمراً ؟

محمد نبيل الشيمي

2009 / 2 / 7
الادارة و الاقتصاد


وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها ... ولم تكن ذاكرة الشعوب قد ضاعت منها بعد تلك السنين السوداء التي عم فيها الكساد العظيم (1929 / 1933) العالم مما أحدث أضراراً بالغة بالعديد من الدول ... كانت هناك فوضى في الأسواق وقيوداً على التجارة الدولية ... وخلاف ذلك من تخبط وهنا بدأ التساؤل أليس من المهم وجود حد أدنى من التنسيق فيما يتعلق بقضايا الاقتصاد بين الدول بما يقلل من تبعات الأزمات الاقتصادية
في ظل هذه الظروف شهدت مدينة بريتون وود زبولاية نيو هامبشير في الولايات المتحدة الأمريكية اجتماعاً حضره ممثوا 44 دولة في مؤتمر لبحث أوضاع النقد العالمية وما يتعين أن تتقيد به الدول في فترة الانتقال نحو السلم ... وبعد مناقشات ومداولات توصل المؤتمرون إلى اتفاقين بإنشاء منظمتين دوليتين هما صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير ...
واعتبارا من 1/3/1947 بدأ صندوق النقد الدولي أعماله برأسمال بلغ 7.7 مليار دولار أمريكي وضم في عضويته آنذاك 49 عضواً ارتفع حاليا إلى 184 عضواً .. وباختصار فإن الأهداف المعلنة للصندوق والتي تضمنها ميثاقه هي :-
1. المساعدة على إقامة نظام مدفوعات متعدد الأطراف فيما يتعلق بالمعاملات الجارية بين البلدان الأعضاء ،وعلى إلغاء القيود المفروضة على عمليات الصرف والمعرقلة نحو التجارة العالمية .
2. تدعيم الثقة لدى البلدان الأعضاء متيحاً لها استخدام موارده العامة مؤقتاً بضمانات كافية ، كي تتمكن من تصحيح الاختلالات في موازين مدفوعاتها دون اللجوء إلى إجراءات مضرة بالرخاء الوطني أو الدولي .
3. تحقيق نمو متوازن للتجارة الدولية والعمل علي وجود مستوي مرتفع من العمالة والدخل الحقيقي مع تنمية الموارد الانتاجية لكافة الدول الاعضاء.
4. توفير الاستقرار في اسعار الصرف والحد من تنافس الدول علي تخفيض قيمة العملة الوطنية. 6.تزويد الاعضاء بقروض او منح(بصفة مؤقتة) بهدف تصحيح الاختلالات في موازين المدفعات
5. .تشجيع التعاون النقدي بين الدول الاعضاء عن طريق هسئة دائمة تهيئ للاعضاء حل المشاكل النقدية العالمية ومن مهام اللجنة تهيئة التشاور في هذا الخصوص.
6. محاولة تجنب الوقوع في الأزمات والكوارث مثل أزمة دول جنوب شرق آسيا وأزمة الكساد الكبير سنة 1929
7. تصحيح الاختلالات في موازين المدفوعات دون اللجوء إلى إجراءات مضرة بالرخاء الوطني أو الدولي فالصندوق يمثل بنكاً يقوم ببيع عملات أحد الأعضاء لعضو آخر مقابل الذهب أو العملات الوطنية بهدف مواجهة الاختلالات الطارئة في ميزان المدفوعات / مقيداً عموماً بأن لا يتجاوز ما يسحبه العضو في السنة عن 25% من حصته ويلتزم العضو بإعادة شراء عملته في فترة ثلاث إلى خمس سنوات (3 :5 سنوات ).
دور الصندوق واختصاصاته :-
يعد الصندوق لمؤسسة المركزية في النظام النقدي الدولي من حيث الإشراف على نظام المدفوعات الدولية وأسعار صرف العملات ويستهدف منع وقوع الأزمات النقدية كما أنه كما يمكن أن يستفيد من موارده الأعضاء الذين يحتاجون إلى التمويل المؤقت لمعالجة ما يتعرضون له من مشكلات في ميزان المدفوعات وتتضمن الأهداف القانونية لصندوق النقد الدولي تيسير التوسع والنمو المتوازن في التجارة الدولية ، وتحقيق استقرار أسعار الصرف ، وتجنب التخفيض التنافسي لقيم العملات وإجراءات تصحيح منظم لاختلالات موازين المدفوعات التي تتعرض لها البلدان ولتحقيق هذه الأهداف يفترض أن يكون للصندوق دوراً في /
- مراقبة التطورات والسياسات الاقتصادية والمالية في البلدان الأعضاء وعلى المستوى العالمي ،وتقديم المشورة بشأن السياسات لأعضائه استناداً إلى الخبرة التي اكتسبها منذ تأسيسه .
- إقراض البلدان الأعضاء التي تمر بمشكلات في موازين مدفوعاتها ، ليس فقط لإمدادها بالتمويل المؤقت وإنما أيضاً لدعم سياسات التصحيح والإصلاح الرامية إلى حل مشكلاتها الأساسية.
- تقديم المساعدة الفنية والتدريب في مجالات خبرة الصندوق إلى حكومات البلدان الأعضاء وبنوكها المركزية .
يهتم صندوق النقد الدولي في إشرافه على السياسات الاقتصادية للبلدان الأعضاء بأداء الاقتصاد الكلي ويشمل الإنفاق الكلي (وعناصره الأساسية)مثل الإنفاق الاستهلاكي واستثمارات الأعمال) والناتج وتوظيف العمالة والتضخم وكذلك ميزان المدفوعات في البلد المعني ويركز الصندوق أساساً على السياسات الاقتصادية الكلية للبلدان ـ أي السياسات المتعلقة بميزان الحكومة وإدارة النقد والائتمان وسعر الصرف وسياسات القطاع المالي بما في ذلك تنظيم البنوك والمؤسسات
المالية الأخرى والرقابة عليها وإضافة إلى ذلك يوجه صندوق النقد الدولي اهتماماً كافياص للسياسات الهيكلية التي تؤقر على أداء الاقتصاد الكلي ـ بما في ذلك سياسات سوق العمل التي تؤثر على سلوك التوظيف والأجور ، ويقدم الصندوق المشورة لكل بلد عضو حول كيفية تحسين سياسته النمو الذي يمكن أن يستمر بغير أن يؤدي إلى مصاعب كالتضخم ومشكلات ميزان المدفوعات .
أهميـــة نظـــام الحصـــص :-
أهمية نظام الحصص راجعة إلى أنها تحدد حصة الدولة العضو في رأسمال الصندوق ومن ثم فهي تحدد حقها في الاستفادة من موارده وبقدر مساهمة أي دولة في رأسماله تكون قوتها التصويتية وعليها يتم احتساب حصتها في حقوق السحب الخاصة (تقضي أحكام الصندوق على أن لكل دولة عضو 250 صوتاً زائد صوت عن كل مائة ألف دولار من حصتها ... وعلى ذلك كلما كان حجم حصة أي دولة كبيراً كانت قوتها التصويتية كبيرة وكانت الولايات المتحدة تسيطر في بداية إنشاء الصندوق على حوالي 30% من الأصوات مقابل حوالي 17.6% حالياً في حين تبلغ حصة مجموعة الدول الصناعية السبع (الولايات المتحدة الأمريكية / اليابان / ألمانيا / كندا / فرنسا / المملكة المتحدة / إيطاليا ) أكثر من 55% من الأصوات .
ولكن كيف نرى واقع الصندوق؟
الواقع يقول غير ذلك فما حدث من ظروف أحاطت بنشأة الصندوق قصرت وجهة النظر الأمريكية ... وكانت الولايات المتحدة الأمريكية وهي خارجة منتصرة بعد الحرب رأت أن تجني ثمار وقوفها بجانب الحلفاء الأوروبيين ونجحت في السيطرة على الصندوق من خلال إصرارها على أن تكون القيمة التبادلية لعملة أي عضو معبراً عنها بالذهب كأساس مشترك أو بالدولار الأمريكي بالحالة التي كان عليها فيأول يوليو 1944 وهذا أدى أيضاً إلى مساواة الدولار بالذهب وتحوله إلى عملة ذات إبراء دولي ومصدر للاحتياط ... كما نجحت الولايات المتحدة أيضاً في إلغاء القيود على المدفوعات الخارجية مما أدى لتجنب صادراتها للقيود والمنافسة وحمايتها من ضوابط النقد والاستيراد ومشاكل تخفيض العملة ... والواقع أن لكل دولة عضو بالصندوق حصة تعكس بشكل عام وزنها في الاقتصاد العالمي وهذا النظام من الملامح الأساسية للصندوق ومن خلال نظام الحصص أتيح للولايات المتحدة الاعتراض على أي قرار يصدره الصندوق ولا يتفق مع مصالحها وأهدافها ..
ثم ماذا عن علاقة الصندوق بدول العالم الثالث ؟
منذ استشراء أزمة المديونية على دول العالم الثالث وابتداء من الثمانينات تدخل الصندوق بشكل مباشر في معالجة مشكلة مديونية هذه الدول ومن خلال اتجاهات ثلاثة :-
- يكون الصندوق الهيئة التي يتم فيها دراسة مشكلات المديونية على المستوى الحكومي ويتم اتخاذ القرارات المناسبة (من وجهة نظر الصندوق) على أساس مالي ويتم هذا بالتنسيق مع نادي باريس للديون الرسمية ونادي لندن للديون التجارية .
- ضبط عمليات التمويل الخارجي لهذه البلدان .
- مساعدة الحكومات على إيجاد الاتجاهات الأفضل لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وإعادة بنائه حتى يمكن الخروج من دوامة الديون والإسراع ببرمجة التنمية .
لكن هل تحقق كل هذا ؟
الواقع أن الصندوق منذ إنشائه ما زال يعمل من خلال الأساليب التقليدية كوسيلة لحل مشكلات الدولة المتعسرة "ضعيفة البنيان الاقتصادي" والتي غالياً ما تعاني من عجز هيكلي في موازين مدفوعاتها فالصندوق كي يحل مشكلات المديونية يطالب بانتهاج سياسات تعتمد على التقشف وتقليل الأنفاق الحكومي وإلغاء الدعم وتقلص حجم الوظائف الحكومية وتجميد الأجور ورفع أسعار وتقليل الإنفاق الحكومي وإلغاء الدعم وتقليص حجم الوظائف الحكومية وتجميد الأجور ورفع أسعار الطاقة وزيادة حصيلة الضرائب وتعديل أسعار الصرف وتحرير التجارة الخارجية (إلغاء القيود على الواردات ) كما يوصى بتشجيع الاستثمارات الخاصة والأجنبية وأيضاً تقليص دور الدولة في المشروعات العامة والأخذ بالتخصيصية (الخصخصة) ومن الأنصاف أن نقول أن هذه السياسات تعمل على تخفيض حجم الطلب المحلي حيث يضعف استهلاك محدودي الدخل وتتوقف برامج التنمية خاصة ما يتعلق بالجانب الاجتماعي منها والنتيجة معدلات عالية من البطالة كما يبقي السؤال ماذا قدم الصندوق لأعضائه لمواجهة الأزمة المالية العالمية أنه لم يقدم شيئاً ذا بال فما زال القائمون عليه على فكرهم التقليدي الذي لم يجن العالم من ورائه سوى مزيد من الأزمات ... ومزيد من الظلم ـ الذي يتجرعه الفقراء
الذين هم أول ضحايا هذا الصندوق العجيب .. ويبقى الاغنياء فقط هم المستفيدون وكما يقول ... المثل لشعبي المصري عند وصف المنشار (طالع واكل ـ نازل واكل ) وهو وصف ينطبق على الأغنياء من أعضاء الصندوق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا سرعت كوريا الشمالية في إنتاج السلاح النووي؟


.. عمال المحارة الترند عملوا فيديو جديد .. المنافسة اشتدت فى تل




.. أسعار الذهب اليوم الأحد 19 مايو 2024


.. الأسبوع وما بعد | قرار لبوتين يشير إلى تحول حرب أوكرانيا لصر




.. بنحو 50%.. تراجع حجم التبادل التجاري بين تركيا وإسرائيل