الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أبي كل عام وانت في قلبي

سهام فوزي

2009 / 2 / 7
الادب والفن


منذ رحيلك أبي وانا أمسك القلم في كل يوم كي أكتب لك رساله شوق وغعتذار رساله مدادها حبر من دمائك التي تجري في عروقي، أبي يامن علمتني القوة أحتاج إليك فلست بالقوة التي تظنها في،أنا لازلت أبتاه طفلتك الضعيفه التي تحتاج إلي ذراعيك ليضماها ويحمياها من غدر الزمان ، أبي يظن الجميع اني قوية ولكني لست كذلك أنا إبنة ضاعت كل قواها يوم فقدت أباها لتسير مركب الحياة بها وسط موج هادر لا أجد معه شاطئ أو بر أمان ترسو عليه مركبي الحائرة فلقد كنت شاطئ الآمان الذي افتقدته منذ رحيلك اجل افتقدت الآمان منذ ان رحلت يا حصني المنيع ودرعي الواقي
آه أبي أه وألف الف اه كم أحن إلي تلك الأيام كم أشتاق إلي سماع ضحكاتك تملأ أركان البيت ، كم أشتاق إلي صوتك ألي اسمك يظهر علي شاشة هاتفي بانك تتصل بي ، أو تعلم لقد هجرنا أجمعين بيتنا الصغير الواقع في اركان الريف الذي خرجت منه ذلك البيت الذي ضمنا جميعا هربنا منه كانه وحش رابض سيقتلنا ان سكناه او زرناه كاننا نهرب من الذكري ونسينا ان الذكري تعيش فينا أه يا ابي كم أصبح ذلك البيت باردا يفتقدالدفء كان جنباته أصبحت ليالي دائمة البرودة كان فصول العام توقفت فيه لتصبح ليالي شتاءا فقط طوال العام ابي رحيلك أطفأ نور البيت فأصبح الظلام يسكنه حتي وان كنا في عز النهار وكأنك كنت نوره وسيده وكل شيئ فيه ابي كل جنبات البيت تتذكرك تبكيك تصرخ من إشتياقها اليك ورغبتها في رجوعك لقد أصبح البيت بعدك قبرا موحشا وأصبح قبرك الدار والمزار أصبح قبرك هو البيت والسكن الذي يخفف بعض الجراح
أبتاه أمر بدروب الذكري دربا وراء درب وأقطع طرقات مشيناها سويا هنا توقفنا وهنا جلسنا وهنا مشينا ولكن الطرقات أختلفت ماعادت هي الطرقات ولا المدينه هي مدينتنا ، أبي بعدك أصبح الدرب طويلا طويلا كأنه ممتد من الأرض حيث أوجد أنا إلي السماء حيث توجد روحك الطاهرة ، أبي كم أفتقدك أن أناديك بأبي كم أفتقد أن أنطقها أن أسمعك تناديني سهام بابا تعالي إليا ، كم أفتقد أبي سويعات كنا نختلسها لنجلس معا، أو تذكر كنت انت رغم عدم استكمالك لدراستك معلمي الأول الذي علمني ووضع اللبنة الأولي لما انا فيه الآن ،أو تذكر عندما كنت في السادسة من عمري لا أكاد أميز حروفي عندما جئت لي بالجريدة لكي أتعلم مطالعة الصحف أو تذكر كيف علمتني أن أحفظ وانا بنت السابعة دول الوطن العربي ورؤسائه وعواصمه او تذكر كف كنت تحادثني في السياسة وانا لازلت طفلة لا تفقه شيئا ولكنك عن عمدا كنت تفتح لي آفاق اوسع كنت تنمي في حب العلم والثقافه كنت تحرص دائما ان تمدني بالاخلاق والعلم والثقافه وكأنك تعدني للحظة الرحيل واه من لحظة لرحيل ، أبي بالله عليك خبرني كيف أواجه الحياةبعدك ، كيف أواجهها وانت من علمتني أن البيت هو الآمان وتركتني بلا بيت انت آمانه ، كيف الاقي الحياة وانت أبقيتني دائما تحت جناحيك لم تقبل أبدا أن تعرضني لمخاطر وويلات وغدر الحياة كيف تطلب مني بعد ذلك أن أواجهها بمفردي كيف اواجه الحياة الصعبة وانت من جعلها لي دائما جنة وحلما ورديا ، كيف أتعامل مع الحياة والبشر وانت لست معي تحميني وتدافع عني وتخبأني من العيون كيف افعل ذلك الآن دونك .
لا أستطيع أبتاه ان أصف لك مرارة اليتم وقهره كيف أعبر عن أن تكون بلا أب ،قبل رحيلك كنت أعتقد أن قسوة اليتم يعاني منها الصغار ولكنك بعد رحيلك علمت أن اليتم مر علي الصغار والكبار أنه علقمه نتشربه لأنه سنة الحياة وما أمر هذا العلقم أن كان الأب هو أنت ، أب رغم شهرته وكل ما وصل إليه كان يذكرنا دائما إننا من ملح تلك الأرض من طينها ، الأاب الذي علمنا التواضع والاحترام للضعيف قبل القوي ، الأب الذي علمنا أن الرجولة أفعال لا أقوال الأب الذي رغم ما كان لديه أعطي الجميع بلا حساب ولكنه بخل علي نفسه ونسي أنه بشر من لحم ودم له ما لنا اه بابا لا زلت أذكر قصة كفاحك كيف بدأت من خط الفقر لتصعد بجدك وكدك وتصل إلي ما وصلت إليه ولم تنسي أبدا تلك الأيام الصعبه التي مرت بك بل كنت دائما تذكرنا بأننا ابناء لرجل كان يعيش علي الكفاف كنت تعطينا درسا آخر لمرحلة ما بعد الرحيل
ومن دروسك أبي التي لا أنساها تفانيك في العمل أو تذكر كيف كنت تعمل وأنت ابن الستين وكانك شاب في الثلاثين او العشرين أو تذكر كيف كنت تعمل رغم مرضك الأخير القاسي بكل جد وكفاح أو تذكر بانك وانت علي فراش مرضك وجسمك مملوء بالأبر والمحاليل والأجهزة الطبية كنت تعمل وتهتم بامور العمل كنت تعمل وتعمل لأنك كنت مقاتلا عنيدا يرفض الإستسلام رغم كل ألمه وجراحه كان يرفض حتي لحظاته الأخيره أن يستسلم أويتألم كنت أدخل عليك فجأه فتحاول أت تخبأ عني دموع الألم وكأنك تعلمنا أخر دروسك ان لا نستسلم لتحدي أو عجز أن نجابه الحياة ونخفي الامنا وان أردنا أن نبكي بعيدا عن العيون كنت تعلم أن اوان الرحيل قد حان ولذلك كنت تسعي جاهدا أن يكون درسك الأخير في فن مواجهة الحياة ولكن يبدو يا ابي اني خذلتك فانا لست مثلما تتصور ابي اعتذر فدرسك الأخير صعب عليا ان افهمه أو أجيده درسك الأخير كان انك تعلمنا أن نكون أقوياء في مواجهة رحيلك ولكني اعتذر ابي فاحتمال رحيلك فوق طاقتي لا استطيع ابي احتاجك معي احتاجك أن المسك اقترب منك الثم جبينك احتاج يدك الحانية تمسح جروحي
ابي لقد مرت السنون بعدك وكانها كابوس ثقيل يجثم فوق صدري يخنقني يحبس أنفاسي يشل تفكيري وحركتي ، اتصدق ابتاه أن فرحي باي شيئ بعدك ناقص لا طعم له ولا لون كل الامور بعدك تساوت أصبحت الايام مجرد ايام لا معني لها مهما حدث فيها وكانني فقدت القدره علي الحياة او تعلم لقد حققت بعدك حلمك لي ووفيت بديني اليك ولكني لم افرح بتحقيق حلمك لأنك لم تكن معي لم تهنأني بما فعلت لأنك رحلت قبل أن يولد الحلم ويصبح واقعا لا طعم له لأن جاء بعد الرحيل، اه أبي كلما مضي بيا العمر أتمني ساعة من ذاك الزمان الجميل أتمني واقول ليت ما مضي يعود ليتك معي لاعتذر لك لأقبل رجليك طلبا للسماح عن أخطائي لأسمع منك كلمة السماح والغفران مع أنك لم تطلب ابدا كلمة اعتذار او طلب غفران من احد كنت دائما فوق الجراح ترفع راية الغفران دائما ولكني اطمع أن اسمعها منك الان لعلي قلبي يرتاح ، اطمع أن اسمع منك كلمة الدعاء اه كم احتاج لي دعواتك
ابي ان التفاصيل الصغيره في غيابك تقتلني تمزقني ابحث عن بقايا اشيائك فاركض لاحتضن ثيابك او تعلم كلما اشتقت اليك اخرجت ثيابك وقبلتها واخرجت نظارتك لاراك فيها او تعلم ان بصمات أصابعك علي زجاجها الي الان لم امسحه
ابي يقولون ان من رحل تبقي روحه معنا فهل انت معي ، اجل انك معي لم تغب يوما عن حياتي تتواجد في كل تفاصيلها ، اصبحت تحيا معي وفي وحي او تعلم اصبحت ابحث دائما علي من يشبهك لاقترب منه وابتعد عمن هو عكسك،اه ابي لو أعلم أن الفراق صعب هكذا لدعوت الله ان يكون رحيلي قبل رحيلك لكنت سكنت قبرك ،ولكنك معي باق معي ستحيا داخلي في قلبي وعقلي ووجداني وفي ذكري ميلادك أقول لك كل عام وانت بقلبي باق معي جزءا من نفسي ولعلك من السماء تنظر اليا الأن وتدعو لي وتقبلني من هناك ، ابي في يوم مولدك اهديك كلمات من روحي انتزعتها انتزاعا لم يكن سهلا ابدا عليا كتابتها ولكنها هديتي إليك لعلها تصلك وتبلغك كم اشتقت اليك








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الآباء لا يموتون إن لم تمت فينا ذكراهم
نادية أبو زاهر ( 2009 / 2 / 7 - 17:46 )
عزيزتي سهام، أثار موضوعك الرائع فيي ذكريات أبي الراحل، أو اعتقد أنك تتحدثين عن كل الآباء الذين رحلوا دون أن ترحل فينا ذكرياتهم. باعتقادي إن الآباء لا يموتون ما لم تمت فينا ذكراهم. فموتهم لا يكون إلا عندما ننساهم، فهل يمكننا أن نفعل ذلك؟


2 - ابدا الاباء لا يموتون
seham ( 2009 / 2 / 7 - 17:59 )
عزيزتي نادية
لا يمكن ان ننسي آباءنا او تعلمين لماذا لأنهم يعيشون فينا بعد رحيلهم يسكنون قلوبنا يصبحون جزءا من ارواحنا نصبح نحن هم ويصبحون هم نحن فكيف ننسي

اخر الافلام

.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في




.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد


.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي