الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شعرية الاغتراب

بشير ونيسي

2009 / 2 / 9
الادب والفن


دخول


للاغتراب خطف ولطف يعجز الوصف انه حالة وعي وفعل اختيار ينتاب

الذات فتشعر بالضياع والتيه فتتشظي بالواقع فترى العالم يتصدع الذات حين تغترب تتوهج بالمعرفة وتفقد توازنها وتحترق بجحيم الوعي فتضيع في متاهة الحياة

الذات أنا تشتهي الآخر لتنسجم معه وتتفاعل ولكن اذا لم يحدث التآلف

يتم الهجر والفصل وتبدأ الذات رحلة التمزق والشتات في جوهرها.



يمكن أن نحدد المفاهيم التالية التي تكشف مفهوم الاغتراب

- الاغتراب هو التيه في عتمة الذات

- الاغتراب هو فقدان الملكية وتحولها للآخر

- الاغتراب هو اضطراب الذاتلحظة الوعي بالوجود

- الاغتراب هو أن يتشيء الوجود ويصير العالم أشياء

- الاغتراب هو تمزق في الشعور نتيجة الوعي

- الاغتراب هجر الآخر الذات ووقوع الذات في دوامة الضياع

- الاغتراب فصل الأنا عن الاخر وتقطع الوصل



ان شعرية الاغتراب التي سنتحدث عنها تتمثل في الشيء الذي يجعل الاغتراب شعرا بلغة الذات فالروح حين تهجر الجسد يحدث الا غتراب

والجسد حينما يتشيء يحدث الاغتراب والألم حين يلبس الذات تزداد علوا

وتيها في بحر الباطن .وفي لحظة اكتشاف الوجود تتلاشى الذات.

الاغتراب فعل اختياري يتم بحرية معرفية تجعل الهوية تتفكك في فوضى الأشياءولعلنا حين نقرأ الفلسفة والفن نرى تشكل الاغتراب عبر رحلة المبدع والفيلسوف وهنا أريد أن أناقش الاغتراب من المفهوم الوجودي بغض النظر عن تاريخه .

كيركجورد هو الذي فجر هذا المفهوم من خلال أنا أفكر أنا غير موجود أي أنا أفكر أنا مغترب الذات في لحظة الفكر تستلب ثم تطور المذهب ليظهر عند هيدجر في كتابه الزمان والوجود فقد وضع من خلال الفينومولوجيا نظرية الوجود القائمة على الدازين الوجود هنا وتشكلت فلسفته من خلال وجودين الوجود الأصيل والوجود المزيف فالأول ذاتي مليء بالحرية والخلق والثاني مزيف تنسجه تفاهة الوقت ومن هنا يتشكل الاغتراب الوجود في العالم الوجود مع الآخر نزعة العلو الوجود في العالم يحركه التشظي والعدم والوجود مع الآخر هجر وتفاهة التعالي حالة التوحد بكل شيء والاصطدام بالموت .

ان الاغتراب لا يتم الا باتحاد شئين الوحدة والألم الوحدة حالة الذات حين تنفصل على واقعها والألم ثقل المعرفة ودرجات الوعي التي تدفع الشعور للتيه.

نريد ان نكشف عن بعض الأفكار التي من خلالها نحدس الاغتراب



- الاغتراب معرفة

- الاغتراب ألم

- الاغتراب علو

- الاغتراب جحيم عدم

- الاغتراب جنة وجود

- الاغتراب أبلسة الآخر

- الاغتراب تيه الذات







من خلال هذه العناوين نريد رصد ظاهرة الاغتراب في كتابة أبي حيان التوحيدي من خلال كتاب الاشارات الالهية يقول التوحيدي الدنيا لم تواتيني لأكون من الخائضين فيها والآخرة لم تغلب علي لأكون من العاملين لها من خلال هذا الاعتراف المتشظي نلمس حالة الاغتراب وهي تتشكل كحالة تولد معرفة وتجسد ألما وتشتاق الى علو الى حد الفناءانه جنة الوجود جحيم العدم تيه الذات وبحثها عن فردوسها المفقود بقطيعة شيطان الآخر وفجيعة الذات للخلاص.



الاغتراب معرفة

الذات تعرف الوجود في لحظة التجلي الكلي لكن هذا الوجود يفلت منها حين تشعر بجحيم الآخر وحصار الأشياء الى متى نستظل بشجرة قد

تقلص عنا ظلها الى متى نبتلع السموم ونحن نظن ان الشفاء فيها هذا النص شاهد على فجيعة الذات بصدمة المعرفة يقول التوحيدي ولا قلب الا وهو سقيم ..ولا كثير الا وهو قليل ..ولا قريب الا وهو بعيد..ولا علام الا وهو جاهل …هذه الومضات تخيل الى الاغتراب معرفة تتبدد بالوقت فيسحقها ويمحقها يقول التوحيدي هل رأيت قولا كلما بان غمض فهل رأيت نارا

كلما أطفئت اشتعلت ..هل رأيت بيانا كلما وضح أشكل..وهل رأيت شيئا كلما كون فسد وهل رأيت فتقا كلما رتق اتسع ..هيهات…

تلك صورة المعرفة في نظرية الاغتراب التوحيدي الذات باغترابها تقرا الوجود بالفناء والتيه.





الاغتراب ألم

الألم وعي بالوجود وعلو انها وجع الروح في جحيم الجسد وبه يرى المغترب الحياة والتوحيدي بالألم يرسم شكل الحياة التي تظهر وعيه ووحيه

يقول التوحيدي يا أحبائي أرحموني في اوصابي ..فقد شربت العلقم في هواكم ..ولزمت الصمت حتى نسيت الكلام اعتزلت حتى قيل هو من الوحش فالنص هنا مثقل بالاشارة التي تدل على الألم الألم محبة عطاء اعتراف تطهير وفاء الألم عند التوحيدي يكشف قناع الوجود انه البوح بالجرح للخلاص.



الاغتراب علو

الاغتراب حضور في الزمن يدفع الذات للعلو والتجاوز والرؤيا الخارق لحجب الحياة والتوحيدي باغترابه يعلو يقول ياهذا اني أرى ماترى فهل ترى ما ارى..أرى جملة انوار الخلق عليها ساطعة وأخبار الخلق عنها قاطعة ..فها أنا قد سبحت في لجة الأفكار وصرت منها الى نوع من القلق

هذا النص يشهد بحالة الرؤيا التي تدل على العلو وحدس المعرفة يقول حتى كاني نبوت عن الكون نبوا وسموت سموا لغة الاغتراب عند التوحيدي

تبعث الوجود المزيف الذي يخلع الوجود الأصيل .



الاغتراب جحيم العدم

لحظة التفكك والتشظي تطفيء وهج الوجود وتضيع الذات في السراب العدم يقول التوحيدي الغريب من اذا قال لم يسمعوا قوله واذا راوه لم يدوروا حوله ..من اذا تنفس احرقه الأسى والأسف وان أكتم أكمده الحزن

واللهف هذا النص شاهد على جحيم العدم الذي تتلظى فيه وتضيق النفس بما رحبتانها شهوة العدم التي تقمع الوجود. والعدم يتم عند المغترب بشئين

وعي الألم والوحدة المنفتحة على التيه.



الاغتراب جنة الوجود



المغترب يرى جنة مفقودة تتجلى وتختفي في ذاته انه الوعي المتألم الذي يتخيل الوجود جنة تخرج من جحيم الواقع يقول التوحيدي من انسلخت نفسه

عن نفسه فقد ظفر بغاية أنسه ..ياهذا ذهب اللفظ المنمق فهات الآن المعنى المحقق كثرت العبارة فحقق الاشارة تردد الهذيان فقرب البيان

لغة التوحيدي لها دلالة الوحي ووحدة الوجود ياهذا اغترب عن وطنك

المألوف بالعزم الصحيح الى وطنك بالتحقيق وان كان قد اتصل به بالتلويح

وثق بأن مروى ذلك المكان أشرف من مرئي هذا المكان والسلام.

التوحيدي في مقام وحدته يبدع جنة وجوده بأنسه.



الاغتراب أبلسة الآخر



الهجر هو قطع الوصل والتوحيدي ذاق هذه المقام فعبر الحال بأنفس المقال

يقول التوحيدي حبيبي هاجري ومن أهيم بهواه سال عني وقد بقيت

مرجوما من أعزتي كما صرت مرجوما من أحبتي ويقول الغريب

ليس من جفاه الحبيب بل الغريب من تغافل عنه الرقيب الغريب من هو

في غربته غريب بل الغريب من ليس له نسيب بل الغريب من ليس له من الحق نصيب .

الغريب من غربت شمس جماله الغريب ان حضر كان غائبا وان غاب كان حاضرا الغريب من ان رأيته لم تعرفه وان لم تره لم تستعرفه..تمنى أهلا يأنس بهم ووطنا يأوى اليه ونديما يحل عقد سره معه وكأسا ينشى بها

وسكنا يتوادع فيهم ..أغرب الغرباء من صار غريبا في وطنه .

هذا الشاهد يوميء بالآخر الشيطان الآخر الجحيم وضعية التوحيدي تدل على الجسد المحترق بجهنم الآخر.



الاغتراب تيه الذات

الذات في لحظة الاغتراب تضيع في عتمة التيه يقول التوحيدي آه لنفس منيت بهوى شديد ورميت من مدى بعيد .. ووعدها سلف وانتظارها تلف وظاهرها حسرة وباطنها حيرة ووصالها فرقة وفراقها حرقة ورواياتها تكذيب وكرامتها تعذيب وفطنتها تحبيب ونقلتها ترتيب وسكرها خطر وصحوها بطر وفعلها عدوان ودعواها بهتان وشكرها كفران وأولها خداع وأوسطها متاع وآخرها ضياع وكلها في كلها قناع ورواع هذا الشاهد يوميء بتيه في ظلمة الذات في تتحسس بحار الباطن فتشعر بالفصل والسقوط والانكسار والضياع فاذا كان الجسد يعود الى تشيئه الأرضي فان النفس تعود الى غسقها ونزواتها انها الأمارة السوالة الطواعة اللوامة التي تنجذب نحو شيطان الدنيا .

التوحيدي يرسم لنا بالاشارت الالهية سر الوجود بلغة الحضرة والتصوف الفناء فيرى عوالم النفس المتجلية في أكوان الجسد.



شظايا الاغتراب

من اشاراته جمعنا بعض الومضات

1 الشوق على احتدامه محرق

2 الزمان على عادته جانع مفرق

3 ليس كل من رقد حلم بمايريد

4 ياهذا أنت الغريب في معناك

5 الحركة في نوع السكون والسكون في هيئة الحركة

6 أتوحد لأفنى و أفنى لأرى أرى لأبقى

7 وجودي محو للجسد واثبات للنور

8 وجهي يوميء بالعدم والروح ترحل عن الجسد

9 الجسد يشتهي جنة الخلد حين يغترب.



بشير ونيسي دار الثقافة الوادي سوف الجزائر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل