الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اهلا تركيا !

هادي جلو مرعي

2009 / 2 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


في مواجهة المعسكر الايراني (قطر ،سوريا ،حزب الله ،حماس) اضافة الى دول ومنظمات اخرى يبرز معسكر اخر قريب من التوجه الامريكي وطريقته في ادارة العالم ويضم (مصر ،السعودية،الاردن ،والمغرب) ،واليه تنضم دول اخرى رويدا ..واهم مايميزهُ دخول تركيا بمباركة امريكية مباشرة وبموافقة اسرائيلية غير معلنة.



ايران متهمة بدعم التطرف الديني والسياسي وصولا الى القارة الامريكية (شافيز مثلا) .وهي تملك القوة والموارد والفكر ،اضافة الى حلفاء يتمتعون بقدرات كبيرة .وفي مقابل ذلك فإن العمل يتواصل والمساعي تبذل لتنظيم جهد معظم الحلفاء المعتمدين لدى الادارة الامريكية والعاجزين عن مواجهة ايران وحلفائها ،حيث اثبت المصريون والسعوديون فشلهم في وقف الزحف الايراني ،وسيكون وهماً ان الغاية من المواجهة هي لوقف المد الشيعي مثلما يتصور البعض الساذج .فامريكا واسرائيل تدرك ان خطر التطرف قد يأتي من (السنة والشيعة معا) ولكن المشكلة تتمثل في الاصرار الايراني على اتباع نهج سياسي وعقائدي مغاير ،ورؤية لأدارة العالم لاتلتقي فيها مع امريكا...وهنا كانت الضرورة التي قادت لدور تركي مرسوم مرتبط اصلا بخط الاعتدال الديني من خلال حزب العدالة والتنمية الذي صار .ولأول مرة في تاريخ تركيا العلمانية ..ممكنا له تقليم اظفار جنرالات الجيش بعد ان كانت الحكومات المدنية عرضة لانقلاب عسكري عند كل شاردة او واردة لاتعجب قيادة الاركان ،رغم ان رؤساء تلك الحكومات كانوا في الغالب علمانيين على طريقة اتاتورك ..وتركيا تملك القدرات البشرية والتقنية ،والفكر العسكري والامكانية التي تضاهي مالدى ايران ،وكيف اذا اضيف له دعم امريكي اسرائيلي اوربي غير محدود تعاضده الاموال الخليجية لتحجيم الدور الايراني.



والواضح ان اسقاط نظام صدام حسين في العراق ،بقرار امريكي ،والنشاط الذي عليه الشيعة في العالم ،والمساحة التي اتيحت لاتباع هذه الطائفة بعد 2003 تشير الى ان الخطر ليس في التشيع والامتداد الثقافي الشيعي الذي لن يعجز –لو حوصر- ان يتمدد عبر وسائل الاعلام الحديثة وانتشار حملة ذلك الفكر عبر قارات الدنيا..والخطر كله في الصراع الذي تقود من خلاله ايران حلفا عالميا يخالف ما عليه الحال عند الولايات المتحدة وجميع حلفائها في العالم..وهو صراع ايديولوجيات سياسية ومصالح متناقضة تماما ،ولايعين ذلك استبعاد التاثير المذهبي على الاقل لدى الحلفاء والصغار الذين يشتكون –من حين لاخر –من نفوذ شيعي وتمدد،واستغلال ايراني لذلك كله لتحقيق وجود غير مسبوق.



الدور التركي بدأ يتصاعد مع نهاية الحقبة البوشية،ومع بروز ايران كقوة اقليمية مضادة لها علاقات متشابكة وقد تكون متناقضة ..وتركيا لديها علاقة مميزة مع اسرائيل لم تستطع مسرحيات اوردغان ،وعبد الله غول،ان تخفي معالمها عن عيون المراقبين او عن الشعب التركي الذي خرج بسذاجة مفرطة ليستقبل رئيس الوزراء العائد بزعل من دافوس . او حين خرج بتصريحات عنترية ضد العدوان الاسرائيلي على مدينة غزة..فتركيا تتوسط لتليين الموقف السوري من عملية السلام،وتسيطر رويدا على دول وحكومات محور الاعتدال تحت رعاية امريكية ونظرات ساخرة من زعماء الدولة العبرية الذين يعلمون كل شيء عن اللعبة ...وكان اخر تلك الحركات تصريح الرئيس التركي عبد الله غول في المملكة العربية السعودية حين تحدث بصراحة عن ايران ودورها في المنطقة وحذرها من التدخل في شؤون الدول العربية،وطريقتها في معالجة القضية الفسلطينية ،وكان يتحدث من الرياض وبحضور الملك عبد الله،ولم يعترض احد على اعلان الوصاية التركية على الدول العربية. اذ كيف لتركيا ان تتحدث بهذه الطريقة نيابة عن العرب.. ثم لماذا تلجأ بعض الدول المهمة في المحيط العربي الى تركيا لتتحالف معها؟



الواضح ان الحديث عن زعامة ايران للعالم الاسلامي لايمكن ان يرضي الولايات المتحدة التي ترى في ايران زعيمة للتطرف ،عدا انها على خلاف مع حلفائها المميزين في المنطقة (اسرائيل ،الاردن،مصر ،السعودية،الامارات) .



وهنا كان الرهان الامريكي على الدور التركي لمواجهة ايران ،فتركيا العلمانية بلباس اسلامي فضفاض تصلح لتمرير مخططات سايكس بيكو- صامتة- كما يسميها الزعيم الكردي المعتقل عبد الله اوجلان لتقسيم المنطقة لمصلحة اسرائيل بتخطيط بريطاني –امريكي وتكون ملائمة لاشغال الفراغ الذي قد يحدثه خروج ايران من المعادلة في حال قرر الغرب الذهاب بعيدا في المواجهة تحت مبرر وقف المشروع النووي الايراني ،او وقف المد الذي تشكله العقلية الايرانية..



من يراقب الحراك التركي لايحتاج الى كثير ذكاء ليعرف انها مجرد لعبة مصالح متبادلة ،تستطيع تركيا بها تحقيق جملة مكاسب سياسية واقتصادية ،فهي ستحظى بدعم اقتصادي امريكي ،اوربي ،(اسرائيلي) من جهة وبزعامة لدول عربية واسلامية بمباركة صليبية.



وتناسى الساسة الترك ان اضعاف الشرق العربي- المسلم هو اضعاف لكل حلقات الوجود الاسلامي والقومي نوتذويبه لصالح جهات رؤى دولية ليست حريصة عليه اطلاقا..



مثلما ان السلوك التركي ينطوي على نفاق جسيم،ففي الوقت الذي يكاد نهرا دجلة والفرات ان يتحولا الى مجرد واديين جافين بسبب التعنت التركي،ومنع وصول المياه الكافية الى الاراضي العراقية ،فأن صهاريج بحرية عملاقة تنقل المياه العذبة الى اسرائيل ،ثم تحرم جيرانها العرب والمسلمين من الحصول على حقوقهم من هذه الثروة الطبيعية ..



ولست اظن ان تركيا ستعود عن خططها في السير قدما في طريق تنفيذ حزمة المشاريع الامريكية في المنطقة .واذا ما سارت الامور كما يشتهي الساسة الترك ونظراؤهم العرب،وحلفاؤهم الغربيون فأن خارطة جديدة للمنطقة سترتسم قريبا ..لكن ليس كل مايتمنى المرء يدركه فقد تجري الرياح بما لاتشتهي السفن..واهلا تركيا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل - حماس: أبرز نقاط الخلاف التي تحول دون التوصل لاتفاق


.. فرنسا: لا هواتف قبل سن الـ11 ولا أجهزة ذكية قبل الـ13.. ما ر




.. مقترح فرنسي لإيجاد تسوية بين إسرائيل ولبنان لتهدئة التوتر


.. بلينكن اقترح على إسرائيل «حلولاً أفضل» لتجنب هجوم رفح.. ما ا




.. تصاعد مخاوف سكان قطاع غزة من عملية اجتياح رفح قبل أي هدنة