الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جدلية التحرير ( المقاومة ) والتغيير الديمقراطي الاجتماعي - 3 / 4 -

بدر الدين شنن

2009 / 2 / 9
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


جاءت المقاومة ، فلسطينياً وعربياً ، التي نحن بصددها الآن على أنقاض ونقيض منظمة التحرير بقيادة أحمد الشقيري ، التي كانت تعمل ضمن أطر الأنظمة العربية . حيث بقيت نحو عشرين عاماً تراوح في الأنشطة المسموح بها ضمن اتفاقيات الهدنة الموقعة بين هذه الأنظمة والكيان الصهيوني ، أي دون القيام باشتباكات ( فدائية ) مع العدو ، على امتداد الحدود الفلسطينية العربية البالغة مئات الكيلومترات ، وجاءت على أنقاض ونقيض قوى اليسار التي ا سقالت من ( المقاومة ) الجماهيرية ، لاسيما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي .

صحيح ، أن المقاومة الجديدة ، التي تمثلت في البدايات بانطلاقة ( فتح ) 1965 ، ومن ثم بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين 1967 ، وبعد ذلك برزت منظمات بأسماء أخرى ، لم تكن لافتة مباشرة . إلاّ أن هزيمة الجيوش العربية في سوريا ومصر والأردن 1967 أمام الجيش الصهيوني ، قد دفعتها بسرعة مذهلة لتصدر المشهد بشقيه السياسي والعسكري ، وأكسبتها ا شتباكاتها ( الفدائية ) المبكرة مع الكيان الصهيوني ، أكسبتها قيمة مضاعفة ، وفتحت لها في المجال للقيام بمليء الفراغ المعنوي السياسي المحبط الذي أحدثته الهزيمة في الشارع العربي ، وحملتها مهام نقل الصراع العربي الصهيوني إلى قواعد واحتمالات جديدة . وهذا ما أدخل المقاومة كمفهوم شامل ضمن المكونات التي لاغنى عنها لاكتمال النهوض العام المطلوب تحقيقه في المجتمعات العربية كافة ، وخاصة مجتمعات المشرق العربي ، التي تتحمل وزر المسؤولية المباشرة في الصراع العربي الصهيوني .

وبناء على التناقض الأساس القائم بيت حركة التحرر الوطني العربية والكيان الصهيوني - الإمبريالي ، الذي انخرطت فيه المقاومة كطرف ثوري جذري .. وأزاء معطيات ومفاعيل مرحلة ما قبل الهزيمة .. وأزاء القوى العربية المهزومة المحبطة ما بعد الهزيمة ، حسبت واصطفت قوى المقاومة موضوعياً في جبهة اليسار بتلاوينه القومية والماركسية وغيرها . وقد تجلى ذلك عملياً بدور المقاومة مابعد الهزيمة .. إذ جذبت وجندت عشرات آلاف المتطوعين الفلسطينيين والعرب وغيرهم إلى صفوفها وإلى برنامجها التحرري الثوري ، وانتشرت قواعدها في الأردن ولبنان وسوريا بالدرجة الأولى ، وقامت بالعديد من العمليات الجريئة على مختلف أطراف الحدود مع العدو وأحياناً في داخله ، ووقفت في ظروف الارتباك السياسي والعسكري ما بعد الهزيمة ، وخاصة في سوريا والأردن إلى جانب القوى الوطنية واليسارية متضامنة مع هذه القوى لمواجهة تداعيات الهزيمة داخلياً في البلدين . بمعنى ازدياد فعالياتها في حماية البنى الوطنية الداخلية ، ودعم ارهاصات النهوض الشعبي ، حيث شكل تلاحم المقاومة مع الداخل الشعبي لاسيما اليساري ، شكل جبهة معلنة أو غير معلنة في تلك المرحلة .

وقد برز هذا التلاحم بوضوح أكثر ما بين 1967 - 1970 في كل من سوريا والأردن . حيث كانت المقاومة هي الحليف الثابت للنظام الوطني التقدمي ( 1966 - 1970 ) وللقوى الوطنيةواليسارية ، التي كانت مستهدفة إلى جانب النظام من قبل قوى ومخططات خارجية . إذ قامت المقاومة بخطوات ملموسة عديدة في هذا الاتجاه . كما كانت تشكل بالنسبة للقوى الوطنية واليسارية الأردنية حليفاً هاماً في تفاعلات وتداعيات الهزيمة ، التي كانت تمثلها سياسات النظام الملكي وقواه الحليفة .

بيد أن الأكثر إلتفاتاً عربياً ودولياً في تلك المرحلة هو رفض المقاومة لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 ومشروع روجرز ، اللذين قبلت بهما مصر والأردن . هذا الرفض الذي تحول مع الرفض السوري لهما أيضاً ، تحول إلى رفض شعبي على المستويين الفلسطيني والعربي . لأن القرار والمشروع المذكورين طرحا الاعتراف بالكيان الصهيوني وتكريسه . ويمنحان المشروع الصهيوني حق الوجود عربياً ، كما يوفران للكيان الصهيوني مشروعية التوسع والهيمنة في المنطقة على حساب الشعب الفلسطيني والشعوب العربية الأخرى .

وكانت الحرب الدموية القذرة 1970 ، التي شنها الملك حسين على قواعد ومخيمات المقاومة لاقتلاع المقاومة من الأردن ، لتصحيح المعادلة الأردنية - الفلسطينية والأردنية - الأردنية لبناء المعادلة الأردنية - الإسرائيلية ، وذلك انسجاماً مع القرار 242 ومشروع روجرز . وكانت مآلات تلك الحرب هي بدايات تغريب المقاومة بعيداً عن الوطن المسروق . لم تتمكن القيادة السورية من إ سناد ودعم المقاومة في حربها مع الملك وحلفائه في الداخل والخارج ، وذلك لامتناع وزير الدفاع الفريق حافظ الأسد عن تحقيق هذه المهمة ، بسبب خلافاته مع القيادة حول القرار 242 واقترابه من ساعة الصفر للإنقضاض على السلطة ، التي ستكون سياساتها في عهد حركته التصحيحية ما بعد 16 - 11 - 1970 ، ستكون على تناغم مع ا ستراتيجية الملك فيما يتعلق بالتسوية القادمة مع الكيان الصهيوني المبنية على القرار 242 وما يترتب على ذلك من مصير للمقاومة الرافضة لهذا القرار .

وفي لبنان كان التلاحم الفلسطيني اللبناني أكثر عمقاً ونضجاً . إذ شكلت القوى الوطنية واليسارية اللبنانية " الجبهة المشاركة للثورة الفلسطينية " ، وأقامت تحالفاً وثيقاً مع المقاومة ، لحماية الثورة الفلسطينية وحماية لبنان من المخططات الأجنبية المتلاحقة في المنطقة . وقد قام هذا التحالف بممارسة دوره التحرري النهضوي في لبنان ، وخاض مواجهات مسلحة تطورت إلى حرب أهلية مع القوى اليمينية اللبنانية ، التي أعلنت الحرب على المقاومة وحلفائها اللبنانيين ، لمنع ، كما زعمت ، قيام وطن فلسطيني بديل في جنوب لبنان ، والتي مابرحت أن أعلنت تحالفها مع الكيان الصهيوني لتحقيق أهدافها . وقد بلغت تلك الحرب 1976 مستوى شديد الوطأة على القوى اليمينية اللبنانية فاتجهت بطلب المساعدة من النظام السوري ، الذي ا ستجاب لهذا الطلب وأرسل قطعات كبيرة من الجيش السوري لمساعدة هذه القوى وتصفية " الجبهة اللبنانية المشاركة للثورة الفلسطينية " وضرب التحالف الوطني اليساري اللبناني - الفلسطيني . وكان تدمير تل الزعتر الفلسطيني في المواجهات المسلحة السورية الفلسطينية كان الرمز المتوحش للأسلوب العسكري ( السوري ) في التعاطي مع المقاومة الفلسطينية آنذاك . وكان اغتيال القائد اللبناني العربي الكبير قائد " الجهة المشاركة للثورة الفلسطينية " كمال جنبلاط كان الرمز القمعي الشرس في التعاطي المخابراتي ( السوري ) مع اليسار اللبناني أيضاً .

وتكفل حب البقاء .. وإرادة الصمود با سترار المقاومة في خناقها ومواقعها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تطور مشكور
الحارث السوري ( 2009 / 2 / 8 - 21:06 )
يشكر الكاتب المحترم على تطور كتابته من التلميح إلى التصريح تجاه النظام الديكتاتوري الطائفي في دمشق - تحياتنا نأمل استمرار ذلك وهذا أضعف الإيمان..

اخر الافلام

.. رولكس من الذهب.. ساعة جمال عبد الناصر في مزاد


.. Socialism 2024 rally




.. الشرطة الألمانية تعتدي على متظاهرين مناصرين لغزة


.. مواطنون غاضبون يرشقون بالطين والحجارة ملك إسبانيا فيليب السا




.. زيادة ضريبية غير مسبوقة في موازنة حزب العمال تثير قلق البريط