الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ايران تخطف القطار الفلسطيني

جهاد الرنتيسي

2009 / 2 / 10
القضية الفلسطينية


يبقي احتفاظ بؤر التوتر العربية الثلاث بتراتبية اشتعالاتها السياسة الخارجية الاميركية في مربع الادارة السابقة رغم شعارات التغيير التي اوصلت الديمقراطيين الى البيت الابيض .

فالمؤشرات المتوفرة لا توحي بخروج المثلث الفلسطيني ـ اللبناني ـ العراقي من دائرة التجاذب الاقليمي التي تكرست نمطيتها على مدى السنوات الماضية .

الا ان الابقاء على قواعد اللعبة لا يعني باي حال من الاحوال تجنب بعض التغييرات التي تطرأ على التفاصيل .

ومن ابرز التغيرات التي تطل براسها منذ العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة تنامي الدور التركي ، وتسارع حركة الاحداث المرتبطة الى حد كبير بخطوات التسلح النووي الايراني ، وانحسار الحدود الدنيا من التنسيق العربي .

مثل هذه الوصفة تتوفر على مواصفات مثالية لابقاء المنطقة ساحة لتصفية حسابات الاطراف الاقليمية الساعية للاستفادة من المتغيرات العالمية .

كما تكفي لاحداث تحولات في الاهتمام الرسمي العربي ، تنطوي على تهميش سعيه لاستعادة هيبته المتآكلة ، وتوسيع تحركاته لدرء المخاطر التي تتهدد الحد الادنى من استقراره .

وامام الشعور بالخطر اخذت التحركات السياسية والدبلوماسية العربية التي جرت خلال الايام الماضية شكل آليات الدفاع البدائية لمواجهة الاختراقات الاقليمية التي من شانها ان تزيد الموقف حرجا .

لعل اول ما يحضر الى اذهان المهتمين بشؤون المنطقة حين يجري الحديث عن الورقة الفلسطينية شعار القرار الفلسطيني المستقل الذي كان يرفعه الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بين الحين والاخر خلال ثورة بساط الريح .

فالفلسفة التي قام عليها الشعار كانت تتلخص في رفض تحويل قضية العرب الاولى الى ورقة في يد هذه العاصمة العربية او تلك العاصمة غير العربية .

وكثيرا ما كان يقود تمسك الزعيم الفلسطيني الراحل بهذه الفلسفة الى مواجهات دامية مع بعض اطراف النظام العربي لدرجة ان هناك من يرى ان المعارك التي خاضتها الثورة الفلسطينية للحفاظ على استقلاليتها تفوق مواجهاتها مع العدو الذي انطلقت لمواجهته .

فهناك محطات في التاريخ السياسي الفلسطيني المعاصر يصعب تجاوزها حين تفتح مثل هذه الملفات ، من بينها محاولات ضرب منظمة التحرير عسكريا ، وشق عامودها الفقري .

وفي هذا السياق تطفو على السطح احداث ثمانينات القرن المنصرم حيث محاولة شق حركة فتح عام 1983 ، وما تلاها من مواجهات بين رفاق السلاح ، واستخدام مليشيات حركة امل في ضرب الوجود العسكري الفلسطيني في جنوب لبنان عام 1986 ، لتحتفظ الذاكرة الفلسطينية بفصول من الدم والدمار دفعت ثمنها مخيمات نهر البارد والبداوي والرشيدية .

ارتبطت مفاصل التاريخ الفلسطيني تلك برغبة سورية لم تتحقق في الاستحواذ على الورقة الفلسطينية ضمن عدة اوراق تمكن دمشق من المناورة السياسية .

و الفشل الذي حصده النظام السوري في ذلك الحين لم يحل دون استمرار استراتيجية البحث عن ادوات جديدة تتيح الحصول على ما اخفقت في توفيره الادوات القديمة .

الدعوات التي اطلقها زعيم حركة حماس خالد مشعل لايجاد مرجعية جديدة لم تبتعد كثيرا عن هذه الدائرة .

فالحديث عن استقلالية الحركة لا ينفي تعامل حلفاءها الاقليميين معها باعتبارها ورقة تحسن شروطهم ولكل منهم حساباته .

وترتبط الحسابات هذه المرة بالادارة الاميركية الجديدة حيث بدأ الرئيس باراك اوباما عهده بارسال جورج ميتشل الى المنطقة بحثا عن سبل لاحياء عملية السلام المتعثرة .

هذه الحسابات بدت واضحة في نبرة حديث وزير الخارجية السوري وليد المعلم حول نقص معلومات ميتشل بسبب عدم شمول دمشق بجولته في المنطقة .

وفي هذا السياق لا يغيب وضوح حسابات الجانب الايراني وهو يحاول الافلات بمشروعه النووي .

بذلك تقاطعت الحسابات السورية ـ الايرانية مجددا عند شطب منظمة التحرير الفلسطينية ، وضرب المشروع الوطني الفلسطيني ، لتلتقي مع مشروع حماس ، وتاريخ طويل من الصراع بين الحركة الوطنية الفلسطينية وجماعة الاخوان المسلمين .

بمقاييس الربح والخسارة يلحق دور حماس في معادلة " الممانعة " ضررا فادحا بالقضية الفلسطينية ، فالتهرب من الحوار الوطني يعزز الانقسام الفلسطيني ، ويسهل على الجانب الاسرائيلي التهرب من استحقاقات عملية السلام ، بحجة غياب الشريك ، والاستفادة من تسليط الاضواء على تطورات اوضاع القطاع لفرض امر واقع جديد في الضفة .

فالبرامج الانتخابية المطروحة في الشارع الاسرائيلي لا توحي بالرغبة في التوصل الى تسوية مع الجانب الاسرائيلي .

قد تختلف الشعارات التي يجري تداولها من حيث الشكل ، وربما المضمون ، الا ان اصحابها يلتقون في النهاية عند تأجيل حل القضية الفلسطينية طالما بقي التأجيل ممكنا .

يخوض الليكود الذي ترجح استطلاعات الراي الاسرائيلية فوزه في الانتخابات المقبلة معركته ببرامج وشعارات لا تتجاوز رفع المستوى المعيشي للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية .

ومن خلال جولات المحادثات التي جرت اثناء حكم كاديما الوفي لمؤسسه ارييل شارون تبين انه يتعامل مع المفاوضات باعتبارها هدفا بحد ذاتها وليست الطريق الذي يوصل الى حل .

هذه الرؤى التي تتمحور حول عزل الضفة تستند الى تغيير في عقيدة الردع الاسرائيلية ظهرت ملامحه في قطاع غزة .

وتقوم العقيدة الاسرائيلية الجديدة على انهاء فلسفة حروب التحرير الشعبية التي راكمت الشعوب المحتلة تجاربها في القرن المنصرم .

فقد حرصت القوات الاسرائيلية خلال عدوانها على توجيه الضربات الى المدنيين وعدم الاكتراث كثيرا بمواجهة الجماعات المسلحة .

بذلك يراهن الجانب الاسرائيلي في اية معركة مقبلة مع الفلسطينيين على تداعيات الحروب وليس وقائعها اليومية مما يثير الشكوك بالاستخلاصات التي خرج بها المحتفلون بالنصر المفترض انه تحقق في القطاع .

وتكفي المزاوجة بين تأجيل الحكومة الاسرائيلية المقبلة للحل السياسي ، وافراط الة الحرب في العنف والترويع ، لابقاء شبح الشطب السياسي والتهجير مخيما على الفلسطينيين .

وفي حضور الشطب السياسي ، والترويع ، والتهجير يبقى خيار حل الدولتين في مقدمة المفردات السياسية المرشحة للتلاشي خلال السنوات المقبلة .

فالتأجيل المستمر ، ومواصلة الاستيطان ، ومصادرة الاراضي في الضفة الغربية يعني تقليص احتمالات اقامة الدولة المستقلة .

ويوفر المجتمع الدولي ظروفا مثالية لاخراج حل الدولتين من دائرة الخيارات بغضه الطرف عن السياسات الاسرائيلية .

مثل هذه الاحتمالات كانت حاضرة بقوة في اوساط النخب السياسية الاردنية وهي تعكف على تحليل تصريحات السفير الاميركي في الاردن ستيفن بيكروفت حول تمسك ادارة الرئيس باراك اوباما بخيار الدولتين .

فالتصريحات التي ادلى بها السفير بيكروفت تبقى معلقة في الهواء مع اتجاه الناخب الاسرائيلي لاختيار تلاوين اليمين باشكاله المتطرفة والوسط التي لم تتوقف عن اطلاق التعهدات بالتوسع الاستيطاني ، وغياب الضغط الاميركي الحقيقي على الجانب الاسرائيلي لايقاف الاستيطان .

وعدم تقبل الادارة الاميركية الحالية لرؤية بولتون اليوم لا يعني عدم قبولها لاحقا مع استمرار قضم الاراضي المفترض ان تقوم عليها الدولة الفلسطينية ، ومواصلة تغذية الانقسام الفلسطيني .

الصراع الذي يخوضه محور الاعتدال العربي للحفاظ على القضية الفلسطينية كقضية عادلة تحتاج الى الحل ، وافشال محاولات المحور الايراني ـ السوري للاستحواذ على القضية وتحويلها الى ورقة يمكن استخدامها في الضغط على الولايات المتحدة لا يخفي بؤرتي التوتر ـ اللبنانية والعراقية ـ اللتين تحضران في المشهد السياسي العام وكانهما خلايا نائمة يمكن اثارتها في اي وقت .

والواضح ان طهران ودمشق تجدان صعوبة في المرحلة الراهنة على الاقل في استخدام هاتين البؤرتين كورقتي ضغط .

ففي لبنان بات حزب الله مقيدا بفعل الاتفاقات التي تم التوصل اليها بعد حرب تموز الى الحد الذي لا يسمح له باشعال جبهة الجنوب دون تداعيات دولية وتوترات داخلية تؤثر على حضوره السياسي .

وفي العراق اظهرت الخسارة التي لحقت بالاحزاب والقوى السياسية الاقرب الى طهران تضعضعا في النفوذ الايراني .

وبذلك تبقى الورقة الفلسطينية الاكثر فعالية في استعراض العضلات الايراني خلال المرحلة المقبلة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وثائقي -آشلي آند ماديسون-: ماذا حدث بعد قرصنة موقع المواعدة


.. كاليدونيا الجديدة: السلطات الفرنسية تبدأ -عملية كبيرة- للسيط




.. المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري يعلن مقتل جنديين


.. مقطع مؤثر لأب يتحدث مع طفله الذي استشهد بقصف مدفعي على مخيم




.. واصف عريقات: الجندي الإسرائيلي لا يقاتل بل يستخدم المدفعيات