الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماكس راينهاردت

فاضل خليل

2009 / 2 / 11
الادب والفن


منذ أن ظهر ماكس راينهاردت على المسرح لأول مرة في العام 1893، وبمرور الزمن كان له شرف النجاحات الكبيرة في العديد من أعماله . لقد أعتبره النقاد مُبتكراَ للإنجازات العظيمة في المسرح العالمي . التي تم اعتباره بسببها قائدا ، ومنظّماَ لكل الفوضى التي كانت سائدة حين صب اهتمامه بتهذيب الشكلِ المسرحيِ ، بدءا من التمثيل ، وحتى في الكيفية التي يجب أن يتعامل المخرج على أساسها مع وسائل الإنتاج . عاشَ للرُؤية أغلب يومه وقام بمحاكاتها. لقد أنتجَ أعمالَ كُتّابِ المسرحيات البارزينِ . ومنذ بداياته التف حوله الكثيرين ممن استفادوا من تجربته فأخذوا دورهم في أن يصبحوا ، مدراء مؤثرون، مصممون مشاهير ، ومُؤلفون ، وممثلون .
ان واحدة من سمات راينهاردت التي تميز بها ، هي عمله مع الممثل ، بل تكاد هذه الصفة أن تكون من أهم إنجازاته التي تذكر له ، ونادرا ما تذكر لغيره فهو أهم من عمل على تربية الممثل واعداده بالشكل الذي تميز به على غيره . حتى لقد احتوت قائمة العاملين معه من ممثلي القرن العشرين البارزين الكثيرين من أمثال : رودولف شيلدكروت ، وابنه يوسف ، الكساندر مويزي ، جيرترود ايسولدت ، أميل تيلا ديوركس . وسواهم من أمثال : هيمس ، أجنس سورما ، بول واجنر ، لويز دومونت ، البرت باسيرنان ، ماري ديتريش ، كيث دورش ، فلاديمير سوكولوف ، هانز موسر ، غوستاف جروينجينس ، بولا فيكتور أر نولد ، ويسلي ، فريز كورثر ، كونراد اتيلا ، بول هويربجر ، برنر كروز ، ماكس بالينبرج ، هيرمان وهانز وهيلين ثيميج ، ايرنست دويتش ، راؤول اصلان ، اليزابيث بيرجنر ، أوسكار هومولكا ، جري ليلي دارفاس ، موشي ايم ، روبرت رايان ، نانيت فابراي ، والتر بروك ، مكيال جريجوري ، ستيلا أدلر ، كارل مالدين ، جيرالدين فيزجيرالد . والقائمة يمكن أن تطول بشكل مضاف مرة أو مرتين . لقد استمر العديدين من مساعدي راينهاردت ، الذين اشتهروا وتميزوا بعملهم معه : كمدراء ، ومنتجين من أمثال : أوتو بيرمنجر ، ايرنست ليبيتش ، غوستاف جروندكينز ، كارل وليم ديترل ، البرت هيلبرت هينز .
وكثيرا ما كان ماكس راينهاردت يختار ممثلا يعتقد فيه بعد تجربة انه يمتلك شرارة الإبداع ويتميز بذكاء الممثل المبدع ، وبالجرأة التي تجعله قارا للوقوف أمام الجمهور على الخشبة . فهو غالبا ما يهمل الممثل الخجول الذي قد يخذله حين يسند إليه دورا هاما في مسرحياته . ولقد مر بتجربة من هذا النوع عندما اختار ممثلا شابا من برلين هو [الكساندر مويسي] في العام 1904 بعد أن آمن بموهبته بشكل ثابت ولا يقبل النقاش لأول وهلة . لكن [ميسي – راينهاردت] هذا ، كان سيئا جدا كان قد شاهده على [مسرح اوستاند Ostend ] الذي يقع خارج المدينة ، وكان قد تصدى ناقد معاصر بإيجابية لبعض المسرحيات التي مثلها [مويسي] مثل : مسرحية [أرض فرانز البور] و [اللصوص] لشيللر ، والتي كانت حافزا لأن يختاره راينهاردت ممثلا في واحد من عروضه . ولست أتذكر كامل التفاصيل ولكني أتذكر فقط ، كيف أن الممثلين الموهوبين كانوا حين تسند إليهم أدوار بطولية أو مهمة كيف كانوا يبنوها ويعملوا بجدية توصلهم إلى أهدافهم . لكني أيضا أتذكر كيف أن مويسي كان يلعب دور فتى شاب منك ، يلاعب قردا اسود صغير حزين أيضا . المهم حتى لغته لم تكن ألمانية سليمة ، أما صوته فكان أشبه بصوت كمان قديم أخرس و مشروخ . أن مويسي من اصل خليط مابين [ اليوناني والألباني والإيطالي] . أي انه يمكن أن يصلح بموهبته البسيطة هذه أن يكون مديرا مقداما ، ويعمل في مكان آخر غير المسرح . لكن إصرار ماكس راينهاردت بالرغم من كل هذه السلبيات أراد أن يجعل منه شيئا ما مفيد للمسرح . وظل حتى النهاية يحاول حتى انه جعل من مويسي واحدا من أعضاء المسرح الألماني ، بالرغم من النداءآت الحزينة في اعتراضات النقاد عليه . وفعلا جرب [مويسي-راينهاردت] صغيرة ، وتدرج معه بأدوار اكبر حتى أصبح فيما بعد نجما ذو سمعة دولية ، وهكذا وبإيمان راينهاردت به كوفئ بالنتيجة الإيجابية من عمله مع [مويسي] حين اختاره وكان متأكدا من انه يستطيع أن يصنع منه نجما ، وفعلا استطاع .
هذا المثل يؤكد أن إصرار راينهاردت وصلابة موقفه على فكرته ورأيه بقدرات هذا الممثل ، التي لم تأت من فراغ ، التي تنم عن المعية هائلة . تعيد للأذهان كذلك نجاحات تجاربه عندما استعان بالممثلين : جيمس كاجني ، كـ [إيقاع] ، وميكي روني ، كـ [كرة صولجان] ، وجوي براون ، كـ [ناي] ، و هيو هيربوت ، كـ [خطم] ، وفرانك مكهوك ، كـ [سفرجلة] ، في فلم [حلم منتصف ليلة صيف] . لقد وجه ماكس راينهاردت الممثلين الذين لا يتقنون لغته –ألام ، ولا هو يتقن لغتهم ألام كذلك وهم يرجعون إلى أصول [ سويدية ، إيطالية ، فرنسية ، هنغارية ] . فلم يكن من بد إلا أن يوجههم كل على حدة باللغة الإشارية أو أخرى حسب التي يمكن أن يفهمها هذا العد المضاعف من الممثلين ، وكانت مهمة صعبة على الاثنين معا ، راينهاردت وكل واحد من الممثلين على حدة . كان يقود الممثل من منطلق حقه الشخصي كمخرج ليس غير . ولذلك استجمع كل مواهبه القيادية واستخدمها في قيادة هذه المجموعة غير المتجانسة ، تماما مثل العازف المقتدر على العزف بعناية على اكثر من آلة في كل مرة ، وكل آلة على حدة ، حتى جعل من إيقاعاتها هارمونيا تتجانس مع الإيقاع الذي أراده للفلم بكامله.
بَدأَ راينهاردت مهنته كممثل وفي كل مراحل حياتِه ، ومنذ بداية عشقه وولعه بسُحِرَ فَنِّ الممثلَ والتمرين الواجب اتباعه لتطوير عمله كممثل . في العام 1905، أَسّسَ مدرسةً للتمثيل ارتبطت بمؤسسة المسرح الألماني . وقد ظلت لفترة من الوقت يشرف على حلقات ودورات دراسية كان يقيمها ، في [فيينا] . كما أسس لفترة من الوقت، ورشةَ هوليود كذلك في لوس أنجليس وأشرف عليها .
التقنية الإدارية في عمل ماكس راينهاردت المَوْصُوفةُ بشموليتها ودقتها . تَحْملُ في ثناياها كُتُبُ شهادة فكرية كافية لاتقدر بثمن تستخدم في الانتاجات في بداية كل تمرين . وعلى الرغم من هذا، عندما تبدأ التدريبات بما احتوته الملاحظات اليومية السريعة والتي كانت بما يشبه دليل عمل . وماكس راينهاردت كان يستمع الى مساعديه عندما كان يعمل على تحقيق الحفل الموسيقي ، وكان يتقبل ملاحظاتهم وتفسيراتهم ، ويترجمها بالعمل بطريقة رشيدة بما يوضح كيّفية التعامل وبشكل عادل مع المجموعات لما فيه تحقيق التفكير المبتكر والجديد بشكل عادل . لذلك امتلك راينهاردت وبشكل متفرد حب واحترام واعجاب كل الذين عملوا معه . وقبل كل شيء، أولئك الذين عَرفوا يتحسسوا بالمتعة ، من خلال التَمتّعَ بالتمثيل الجيدِ ، العميق ببساطة . بَدتْ نظريتُه لِكي تتحقق تلك الموهبةِ لا يُمْكن أنْ تُخْلَق التميز من غير إعطاء كل ذي حق حقه َ. كان يشجع المبدعين حين يعترف بعطائهم ويحتضنهم بالحبِّ والعنايةِ والتقدير ِ. أن اهتمامه اليومي حين يؤدي ملاحظاته في مؤسسة المسرح في عمله على التقنيات الصارمة المخلصة . كان يعرف كل واحد من العاملين معه وبنظرة فردية مستحيلةُ لكل واحد منهم ومقدار موهبته وامكانية ادائها للمحاكاة ، وببساطة كَيفَ يمكن للعاملين معه على اختلافاتهم ، كيف يمكنهم ان يُقلّدُوا عبقريا ً ؟
استمر راينهاردت بتطوير حبه الدائم للمسرح ، هذا الحب الذي ترجمه بشكل واضح في حواراته [كلام في التمثيل ] التي قدمها في [جامعة يالي Yale University ] في عام 1928 . تلك الحوارات التي لا تزال تحمل الأصداء الحقيقية الواضحة كجزء من الذي قدمه كهدايا جميلة وثمينة عبر وصاياه . وما زالَ يَدْقُّ على نفس الوتر بنفس الصدق أو جزء منه بما يجعل تفكيرنا وقادا مطواعا لذاكرتنا ويجعلها بمثابة هدية لكل ممثل يهمه أن يستفيد من العرض :
نحن يُمْكِنُ أَنْ نَرى اليوم ونَسْمعُ ونَطِيرُ على المحيطِ. . ما زالَ ، الطريق لأنفسنا وجيراننا البعيدون كالنجوم ِ. actore، على أية حال، بامكان الممثل ان يتبع ذلك الطريق ، وهو يحَمْل الروحِ الإنسانيةِ . عندما ستتحول هناك في البعيد سرا يرتفع ثانية بواسطة الايدي ، ليس أكثر من عيون ، وفم ملئ بقول المعجزات .
ترجمة : د . فاضل خليل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - خسرناك
سلام عادل ( 2009 / 2 / 11 - 07:54 )
الاستاذ الفاضل فاضل خليل
دورك في مسرحية النخله والجيران من الادوار الخالده التي لاتنسى وسيذكر طالما ذكر المسرح العراقي
ودائما اتسائل مع نفسي وانا اقرأ لك لقد خسرنا ممثلا اصيلا وموهوب الى درجة الهوس وبالكفه الاخرى حصلنا على استاذا اكاديميا منظرا للمسرح
ولكن الخساره اكبر واقسى لانك فقدت قاعده جماهيره اكبر عطشى للفن الراقي الاصيل وانزويت للنخبه والطلاب
تحيه لك يافنان الزمن الجميل والف تحيه


2 - سلام
بان ضياء حبيب الخيالي ( 2009 / 2 / 11 - 08:25 )
قد لا تتذكرني سيدي لكنني لم انسك ...التقينا في تركيا اعتقد في...عام 1982...كنت صغيرة مع والدي...الاستاذ ضياء حبيب الخيالي ... وانتم مع عائلتكم الكريمة ما زلت اتذكر حديثك مع والدي ...في باحة اكشك اوتيل في اسطنبول ....اتمنى ان لا تبخل علينا بمقالاتك الرائعة فهي ثروة ..لا تقدر تحياتي للعائلة
جزيل احترامي

اخر الافلام

.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه


.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما




.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة


.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير




.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع