الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنا شرقي آه يا نيالي

روبين قاسم

2009 / 2 / 13
كتابات ساخرة



في الشرق الأوسط الثابت والغير متحول الللا متزحزح من مكانه، المحتفظ بأحجاره وأفكاره، بدمائه الحامية ومياهه الباردة، بشبابه وعواجيزه، والذي يتبوأ موقعا جغرافيا مهما ومرموقا جدا ذو مستوى رفيع في السلسلة الكونية، أنام في فراشي في زاوية من زقاقاتي القديمة، على صوت المزاريب الفلتانة والشوارع المتسولة والقمامات تزين باب داري وكتابات سريالية تخطط جدران حينا المضرج بحيائه، أجلس أمام مربع صغير ملون، لأضغط على أزرار قليلة فأجد نفسي أمام ناطحات السحاب أسبح، لأصبح وجها لوجه وندا لند مع الطرف الآخر من العالم أو بالأحرى أمام العالم برمته مذهولا بالتمدن والاختراعات المتتالية الحديثة وأمام فتيات جميلات جدا تُظهرن بلاهة فتياتنا المستحيات من أنوثتهن، يسيل لعابي وأنا اسمع أخبارا عن التنمية الاجتماعية والبورصة اليومية وعن رفاهية كلابهم ولا مبالاة شبابهم وبذخ من حريات متناثرة هنا وهناك في كل زاوية وحي .
وأصاب بخيبة الأمل والفزع وأنا اسمع وأشاهد الانفجارات اليومية ففي اعلام الغرب اسمع عن عدد النساء المنتحرات في بلادي وعن أطفال يموتون لرداءة العناية الطبية والفضائح الفوضوية تملأ اليوتيوب، التكنولوجيا أصبحت نقمة علينا، لنغوص في عوالم العولمة والبلاهة تكسو وجوهنا ونطبق كل ما نراه في سرنا، نمقت شرقنا وندينه ونجهد للهروب من أغلاله، لكننا في الوقت عينه نمارس العبودية الحزبية لنعلن عن انتماءنا إلى حزبستان بلد الاحزان مقر التوابيت والأكفان، شارع تخرم وتجعد وانكفئ على نفسه من الحرمان، الواحد يحكم والواحد واعظ، لنتوحد مع الواحد ولنقطع ألسنتنا ونهديها للواحد .
وأساطين الجدل ما أكثرهم في بلدي يبيعون الكلام و لا يشترون إلا الطاعة وخيبة الآمال
الهوة تكبر بين ما نتلقاه من الخارج وما نعيشه، هوة لا يمكن رأبها إلا بواسطة إنسان من نمط جديد يخلع عنه الشوائب والأصولية ويطهر نفسه من العبودية لتُكسر الأوثان البشرية ويكون الولاء لشرقنا بسحره بحبه بروحه بتلك العزة الجميلة والتي أيضا عرَّفنا عليها الغرب والغرب يتحدث عن أراضينا بنهم ويسيل لعابه عند الوقوف أمام حضاراتنا التي غمرتها أتربة التخلف، هم الذين يعيدون إحياء موسيقانا ويكشفون لنا الأثار القديمة والأفكار الرخيمة أفكار تتبلور وتنمو في مصانعهم فيفكرون عنا، ليصدِّروا إلينا أفكارنا وماضينا وأروقتنا وثوراتنا وابتهالاتنا الجميلة .
أما كفانا أن نكون مستهلكين، أما كفانا أن يفكر الغير عنا أن تُرسل إلينا الحريات في طرود البريد الالكترونية أن يلقنونا الحقوق والحرية، أليس حري بنا أن نمارس حرياتنا كما نمارس عاداتنا اليومية .
نحن شرقيون ولكن ...
نحن أدبيون ولكن ...
نحن متحررون ولكن ...
ولكن ماذا ؟؟ ولكن حزبستان العظيمة موجودة والتقارير سريعة مترامية على طاولات الأمن تشكل أهرامات أعظم من أهرامات الفراعنة وغرف التعذيب الباردة أكثر قدرة على التلفيق وعلى تثليج أدمغتنا وإصابتنا بالشلل والذعر وبلع الألسنة غدا شرقنا سجنا كبيرا وكل ينطوي على نفسه في زنزانته الفردية، وتاه سحر الشرق وفكره، وأنا لا زلت أفتخر بأني أعيش في وسط المآسي والحروب والاغتيالات المريرة، أعيش في وسط الشرق المدمى، اتخذ زاوية صغيرة في غرفة مركونة على هامش الكون لأقدم ولاءاتي القسرية لأصيح ملئ حنجرتي أنا عبد أنا لا أحتاج للتفكير لا أحتاج للقلم أنا إنسان أنا حر أنا لا شيء أنا كل شيء أنا مليء بالازدواجية أنا شرقي آه يا نيالي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شخبط شخابيط
منذر ( 2009 / 2 / 12 - 20:56 )
الكلام اقرب من الشخبطة و المقالة ليس جيدة و الاسلوب ركيك ومبتذل لا اتصور التي دونت هذ الكلام تفهمه ايضا و قد قلت دونت لانها لا يصلح ان نسميها كاتبة .


2 - مقال جميل
مصرى ( 2009 / 2 / 12 - 23:47 )
مقال جميل يلخص اشياء كثيره من الهموم الشرقيه


3 - توافق في التعبير
francois namet ( 2009 / 2 / 13 - 08:24 )
الاعتداد بالنفس خاصة انسانية ضرورية للحياة ، اما اعتدادنا بنفسنا فقد أخذ منحى متطرف الى حد البله. اشارك الكاتبة شعورها بالتناقض والازدواجية النفسية التي اجد الشرقيين عليها. لعل في هذا النقد اللازع والطريف طريقا الى الاستقلال الفكري والنفسي وبالتالي خروجا من الاعتداد بالنفس الاجوف الى الفعل التاريخي والمشركة بالحضارة الانسانية من جديد.


4 - bahi
almadhon ( 2009 / 2 / 13 - 08:53 )
مقال صادق ومعبر وجاد رغم تصنيفه تحت /كتابات ساخره /
الاخ روبين ،اسلوبك في الكتابه شيق وجميل ارجو لك التقدم
اما بخصوص الرد رقم /1/ من الاخ منذر،اقول له حاول ان تقرا المقال مرة اخرى وبتركيز اشد فلعل وعسى.

اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال