الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلاقات العربية الأمريكية مسارات الرفض والقبول

أحمد الجنديل

2009 / 2 / 11
السياسة والعلاقات الدولية


منذ خروج الولايات المتحدة الأمريكية منتصرة في الحرب الكونية الثانية ، والعلاقة بين العرب وأمريكا لم تستقر على حال ، ومنذ ذلك التاريخ والعلاقة بين الحكومات العربية وشعوبها تجاه الولاء أو عدمه لأمريكا هي الأخرى ما شهدت الاستقرار ولا استقامت على حال ، دول عربية تفتح سجونها وتجلد مواطنيها لأنها ترفع شعار ( الموت لأمريكا ) ودول أخرى تمارس التنكيل والتعذيب لمن يرفع شعار ( الولاء لأمريكا ) .
الدول العربية التي تغازل أمريكا وتستجدي رضاها ، ترى فيها القوّة العظمى في العالم والدولة الأقوى التي لا يمكن الاستغناء عنها ، ورفع شعارات العداء لها يوقعها في مشكلات كبيرة ، ولديهم من الشواهد على الدول التي وقفت في مواجهة أمريكا ، وكيف ذاقت الأمرّين من هذه المواجهة ؟
والدول الأخرى التي تتصرف على أساس المخاصمة لأمريكا لديها من التصورات المبنية على فاعلية القوى الكامنة في العالم العربي ، والإمكانيات المادية والبشرية التي من شأنها الوقوف بوجه أمريكا وتخفف من تأثيرها السيئ على عموم المنطقة والتدخل السافر في شؤونها .
ومع كلّ حدث كبير يواجه العرب ، تبدأ الجامعة العربية لعقد قمّة يحضر فيها الرؤساء والملوك العرب متصافحين متعانقين ، ويخرجون منها مختلفين متخاصمين ، والسبب الرئيسي في كلّ ما يحدث هي أمريكا .
ورغم أنّ الساحة العالمية شهدت تغييرات كبيرة في خارطتها السياسية ، وحصلت انعطافات حادة في سياسة التوازن الدولي ، وما حصل من تغيير في بنية الاتحاد السوفيتي وانهيار حلف وارشو ، واتحاد الألمانيتين ، ونشوء الاتحاد الأوربي ، وتفكك دول ، ونشوء أنظمة اختلفت في أنماطها وأشكالها في طريقة التعامل مع العالم ، ورغم أنّ الاقتصاد بدأ يقفز باتجاهات مختلفة ، وغادر مواقعه التقليدية إلى مواقع أخرى ، وبدأ يرسم للعالم خارطة اقتصادية جديدة ، انتقلت بموجبها إلى الصف الأمامي وانسحبت دول إلى الخطوط الخلفية ، إلا أنّ ألازمة العربية ــ العربية فيما يتعلق بعلاقة القرب والبعد من أمريكا بقيت تسير على وتر واحد ، وان حصل تغيير في شكل وهوية الأصابع التي تعزف على هذا الوتر ، والصوت الذي يحدثه نتيجة قوّة وضعف الأصابع الضاربة عليه . ما تمخض من المسيرة الطويلة ، هو أنّ بعض الدول بدأ التصاقها بأمريكا أكثر وبدأت تدخل معها دائرة المصير الواحد ، وبعض الدول بدأت تخفف لهجتها القاسية وخطابها الصارخ وتتحول إلى لغة التحدي الباردة ، مستفيدة من نصيحة هيكل الذي دعا فيها إلى إعادة النظر مع أمريكا ، واستخدم لهذا الغرض تعبيرا وصف فيه الولايات المتحدة الأمريكية بأنها ثور من الأفضل عدم مناطحته لتفادي مخاطر قرنيه ، جاءت هذه النصيحة بعد تجربة عبد الناصر الذي كان فيها الخطاب السياسي خطابا ناريا حماسيا متحديا ، إلا أنّ نكسة الخامس من حزيران عام 1967 أعطت بعض الدول درسا في مراجعة ما تريد قوله والابتعاد عن التصريحات الفارغة الجوفاء .
هذا الجانب الذي يتعلق بالحكومات العربية تجاه أمريكا ، يقابله جانب آخر يتعلق بالشعوب العربية التي أخذت نهجا مغايرا لحكوماتها ، إذ أنّ الفجوة بدأت تتسع ، وتنامي مشاعر الكره لأمريكا أخذ يسير بوتائر عالية ، ولغة الخطاب التي كانت تتسم بالهمس بدأت تأخذ شكلا آخر وصل إلى حد المواجهات الدامية بين الشعوب والحكومات ، وبدأ الطرفان يستعد أحدهما للآخر بكلّ الأساليب المتاحة لهما ، حكومات تريد أن تخنق صوت شعوبها ، وشعوب تجاهد لترفع صوتها لكي يسمعه العالم أجمع .
عدم استقامة العلاقات العربية ــ الأمريكية يحصره البعض من المفكرين في انحياز أمريكا المطلق للسياسة الإسرائيلية ضد العرب منذ احتلالها للأراضي العربية والى يومنا هذا ، وهذا التفسير يحمل في طياته بعض وجوه المشكلة سيّما إذا استعرضنا التبني الأمريكي لوجهة النظر الإسرائيلية على امتداد الفترة الطويلة المنصرمة ، لكنّ هذا لم يكن السبب الرئيسي الذي يحصر تذبذب العلاقة بين الطرفين .
السبب الرئيسي الذي نعتقده يكمن في طبيعة التعامل بين الطرفين وخصوصية هذا التعامل من كلّ طرف ، فالدول العربية تذهب إلى البيت الأبيض راغبة في وجود أحد يسمع صوتها ، وأمريكا لا تريد أن تسمع ، بل تريد أن يسمع العرب ما تملي عليهم ، وعلى الأنظمة العربية أن تطيع وتنفـّذ وتدفع لأمريكا ما تريد كأجور حماية لهم . الأنظمة العربية تجتمع وتقرر وتذهب إلى واشنطن ، ثمّ لا تجد أمامها غير سلّة المهملات لوضع كلّ ما تريد قوله فيها ، وأمريكا عندما تخطط لغزو المريخ أو غزو بلد عربي ، فعلى الحكومات العربية أن تدفع فواتير هذا الغزو مع الممنونية ، وألا فعليها مواجهة جميع أشكال البطش والقمع والحصار ، والاحتلال الأمريكي للعراق يقف شاهدا لما نذهب إليه .
احتلال العراق يمثـّل احتراق جانب العباءة العربية ، وإذا بقيت حالة أللاستقرار بين أمريكا والدول العربية بهذا الشكل ، فالنيران قد تأتي على العباءة بأكملها ، وعنذاك سيكون حديث آخر لموضوع آخر جديد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العرب وضرورة التغيير
سلام العثمان ( 2009 / 2 / 10 - 21:16 )
اذا لم يلتفت العرب الى واقعهم الذليل وتمزقهم المخزي وقياداتهم اليمينية العرجاء التي لا تملك القدرة على قيادة أحد .واذا ما أفلتوا من مخاطر قرني الثور الامريكي الهائج فأنهم سيواجهون خطر التمساح الايراني المتربص بهم على الدوام لتحقيق حلمه الكبير في بناء الامبراطورية الفارسية . وسنكون متفرجين حول حلبة الصراع بين الثور الامريكي المتغطرس بقوته وجبروته وطغيانه وبين الحوت الايراني المتمرس في دهائه وقدرته الفائقة على الخداع والدجل والتضليل .
العرب بحاجة الى هزّة عنيفة لكي يستفيقوا من نومهم ويبنوا بلدانهم بطريقة علمية تنسجم مع روح العصر بعيدا عن كلّ أشكال القمع والاضطهاد والتخلف .


2 - ليس ثمة في الافق قمر
ناجي الجنابي ( 2009 / 2 / 11 - 08:45 )
الاخ سلام العثمان يتحدث عن التفات العرب الى واقعهم خوفا من الثور الامريكي والحوت الايراني دون أن يعلم اننا بين قرون هذا الثور الاحمق والبعض الآخر بين فكّي الحوت الايراني والحديث لابدّ أن يكون حول التخلص منهما .ايران ابتلعت جنوب لبنان وجنوب العراق وامتدت مخالبها نحو البحرين واليمن وسورياوحماس وغيرها من الدول وأمريكا احتلت الخليج والعراقومصر والاردن واصبحت دول تسمى بمحور الاعتدا ل ترعاها أمريكا ودول تسير بما يسمى بمحور الثورة ترعاها ايران ونحن لا نملك سوى التصفيق والهتاف والنباح السياسي وياأمة ضحكت من جهلها الامم .
شكرا للاستاذ أحمد الجنديل وشكرا للأخ سلام العثمان

اخر الافلام

.. ما هي الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالتوحد؟ • فرانس 24


.. مدير مكتب الجزيرة في غزة وائل الدحدوح: هناك تعمد باستهدافي و




.. الشرطة الفرنسية تدخل جامعة -سيانس بو- بباريس لفض اعتصام مؤيد


.. موت أسيرين فلسطينيين اثنين في سجون إسرائيل أحدهما طبيب بارز




.. رغم نفي إسرائيل.. خبير أسلحة يبت رأيه بنوع الذخيرة المستخدمة