الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حقيقة لا بد منها

مسعود عكو

2004 / 3 / 25
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


مللت من الكلام حول الأحداث الدامية التي شهدتها المدن الكوردية في سورية بالإضافة إلى بعض أحياء دمشق وضاقت نفسي من تكرار سرد الوقائع التي أدت إلى تلك الحوادث الأليمة لا لأنها لا تستحق الكلام عنها بل على الذين خاضوا تلك اللحظات أن يؤلفوا كتب وروايات عنها ولكن وفقط لأن ذلك لا ولن يجدي نفعاً ما دام هناك شخصيات لا مبالية بعظمة الأحداث التي جرت وتصغير الإعلام الرسمي السوري من عظمتها وهولها والتي لازال يكتم عنها الأنفاس بل بدأت منذ يومها الأول باعتقال الآلاف من أبناء شعبنا الكوردي في سوريا.

أتساءل: ما هي الدوافع التي أدت إلى تلك الأحداث؟
ما هي الأسباب الحقيقية التي دفعت المحافظ وقائد شرطة المحافظة وأمين فرع حزب البعث إلى أن يشنوا حرباً على الأكراد؟ وقالوا بالحرف ( رشوهن هذا تمرد كوردي ).
ماهي الأسباب التي أدت انقلاب مبارة لكرة القدم إلى مجزرة حقيقية بكل معنى الكلمة؟
أسئلة سهلة الإجابة عنها بلسان القتلة وغير ممكنة الإجابة بلسان من فقد ابنه أو أخاه أو صديقه ...الخ في مصادمات عنيفة لم يستفد أحد منها إلا الذين خططوا لها.

بعد مرور أكثر من أربعين سنة على فرض القوانين والأحكام العرفية وحالة الطوارئ التي استمرت أكثر من حدها وتغيرت ظروف سوريا والمنطقة بأسرها والعالم كله ظل السوريون تحت وطأة الأحكام الطارئة وحكم العسكر والأمن والمفارز والفروع بقي السوريون يحلمون أن يستدعوا إلى أي فرع أمني بورقة استدعاء ولا بهاتف حقير يأتي أغلب الأحيان بعد منتصف الليل أو يتربص به رجال الأمن وهو يدخل منزله عائداً من عمله أو من مشوار خاص ظل السوريون يحلمون مدة أربعين سنة أن يوافق الأمن على توظفيهم بدون تحقيقات وتساؤلات تكون غبية أحياناً كأن يتهم المسيحي بأنه من جماعة الأخوان المسلمين أو العربي بأنه متهم بانتمائه لحزب كوردي أو يتهم الكوردي بأنه عميل أو كان عميلاً للبعث اليمني العراقي.

بعد مرور أكثر من أربعين عاماً يتمنى العريس أن يتزوج ويكمل مراسيم زواجه دون أن يذهب ليطالب السلطات بورقة هي تصريح له بأن يقيم حفل زفافه مر أكثر من أربعين سنة ولازال المواطن السوري يتمنى أن يحصل على جواز للسفر دون أن يمرمره الأمنيون المتسلطون مر أكثر من أربعين سنة ويتمنى الكوردي أن يعترف به كإنسان أخر من قومية أخرى يعيش على أرض سورية الحبيبة سورية التي دافع ويدافع وسيدافع عنها ضد كل دخيل أو غازٍ أو محتل ولا يريد سوى الاعتراف به كإنسان ليس عربي بل خلقه الله عز وجل كوردياً لا يد له ولا دخل له في اختيار قوميته.

ظل الكوردي سنين طويلة ليقال عنه بأنه كوردي موجود على أرض سورية ويعيش عليها منذ ولادة سورية وإنه شريك في الوجود السوري وينتمي إلى العائلة السورية المختلفة الأشكال والألوان منتمي إلى هذا الفسيفساء مع غيره من النسيج الاجتماعي السوري وإنه لم يأتي من الدول المجاورة كما يهذي الكثير من المسئولين لطالما حيرتني هذه الهلوسات مادامت سورية الطبيعية تضم إلى نفسها ديار بكر وعنتاب و نصيبين وماردين والمدن الأخرى على الشريط الحدودي السوري التركي وتقر كل القيادات السورية بهجرة الأكراد من تركية إليها فهذا الكلام ينافي المنطق والعقل فإما أن يتنازلوا عن ملكية الحقيقية لتلك المناطق التي مزقتها دول الاستعمار وأبعدتها عن سورية الأم أو يعترفون بوجود الأكراد ضمن سورية الطبيعية وما كانت هجرة الأكراد من ماردين ونصيبين إلى القامشلي والحسكة وعامودا إلا كهجرة ابن إدلب إلى حلب وحمص وكهجرة ابن درعا والسويداء إلى دمشق والأجدر بهم أن لا يكرروا مثل هذه الهلوسات.

الاحتقان السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي قبل كل شيء هي التي فجرت تلك الأزمة وسياسات العسكر اللا مسئولة وانتهاكات الحقوق الإنسانية للمواطن هي التي دفعت يهؤلاء إلى إحراق المؤسسات الحكومية التي لم يحس الكوردي ولا مرة بأنها تمثله أو تخدم مصلحته بل كانت دائما نقطة سوداء ووصمة عار في جبينه لأنه ذاق الويلات منها و نال ما نال من التحقير والإذلال والتصغير وحتى القتل.

تلك المآسي والكثير غيرها أدت إلى تفجير تلك القنبلة الموقوتة والتي لم تحصد سوى عشرات الشهداء ومئات القتلى وآلاف المعتقلين ومآسي لا تنسى وآمال ظلت ضائعة وأحلام لم ولن تتحقق مادام الوضع هكذا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيلين ديون تكشف عن صراعها من أجل الحياة في وثائقي مؤثر


.. -هراء عبثي-.. شاهد رد فعل مؤرخ أمريكي على الديمقراطيين الذين




.. نيويورك تايمز: تجاهل البيت الأبيض لعمر الرئيس بايدن أثار الج


.. انتخابات الرئاسة الإيرانية.. مسعود بزشكيان




.. بزشكيان يحصل على 42 % من أصوات الناخبين بينما حصل جليلي على