الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اختطاف الشارع الفلسطيني

طارق قديس

2009 / 2 / 12
القضية الفلسطينية


يبدو أن عنفوان النصر المعنوي الذي تحقق على يد صمود الشعب الفلسطيني على أرض قطاع غزة في مواجهة الحرب الإسرائيلية الدامية قد جعل قادة حركة المقاومة الإسلامية "حماس" تشعر بالغرور، وبأنه باستطاعتها أن تحقق مكاسب سياسية على حساب منظمة التحرير الفلسطينية، المرجعية الأولى للشعب الفلسطيني، تلك المرجعية التي اتفق عليها الفلسطينيون والدول العربية ككل.

إذ يبدو أن النصر الذي نُسب إلى حماس قد فتح شهية الحركة لمحو المنظمة، والجلوس مكانها، لتكون هي الألف والياء لأبناء الأرض المحتلة، الأمر الذي جعل القوى الفلسطينية الأخرى من يسار ويمين تدين هذه الفكرة، وهو ما استدعى خروج أحد قيادي حركة الجهاد الإسلامي للقول "بأن الحديث الآن عن مرجعية بديلة عن منظمة التحرير الفلسطينية سيفتح بابا للجدال والخلاف من جديد، بعدما تهاوت بشكل كبير واقتربنا من إنهاء الخلاف الفلسطيني الداخلي إلى أبعد الحدود خلال العدوان الإسرائيلي على شعبنا في قطاع غزة".

وأمام ردود الفعل المختلفة لا يمكننا القول إلا أنه على حماس أن تتذكر بأن العمق التاريخي في حركة المقاومة المسلحة وغير المسلحة كان لمنظمة التحرير الفضل في انطلاقها، واستمرارها، حتى في ظل الاتفاقيات السلمية مع الاحتلال الإسرائيلي، وأن كل ما فعلته في الواقع هو التقاط مبدأ المقاومة المسلحة ضد المحتل من منظمة التحرير وإضفاء الطابع الديني عليه، وذلك عندما تبنت المنظمة المقاومة السلمية، وحملت بيدها غصن الزيتون بدلاً من البندقية.

وبمعنى آخر إنه حتى الفضل في ما آلت إليه حماس من كسب شعبي يعود لمنظمة التحرير التي تخلت عن منهجها الرئيسي في المقاومة، لذا فإنه ليس من المناسب أن ترد حماس الجميل الذي منحته المنظمة إليها بالجحود، بأن تقوم بمحاولة تجاوزها، وشطبها من ذهنية الشعب المناضل، واختطاف الشارع الفلسطيني منها.

إننا لا نختلف مع أحد حين يقول بأن المنظمة تعاني من الفساد، وبأنها بحاجة إلى دماء جديدة، وأنها لا تستطيع في الوقت الحاضر أن تحقق شيئاً لأبنائها في الأرض المحتلة، لكن الحل لا يكون أبداً من خلال إلغائها، لأن في ذلك إلغاء لهوية الشعب ككل، فالمنظمة هي التي أفرزت معظم حركات مقاومة أخرى على الساحة الشعبية في الداخل والخارج، وكذلك لا يكون الحل بإنشاء مرجعية أخرى، لأن ذلك سيساهم في شق وحدة الشعب الفلسطيني الذي لطالما علَّق أنظاره بمرجعيته في سنوات القوة والضعف.

لذلك فالشيء الوحيد الذي يبقى أمامنا هو أن تقوم الحركة بالاندماج في المنظمة، والانضواء تحت لوائها، لتكون جزءاً مكوناً منها، فيكون بإمكانها بعد ذلك أن تغيرها من الداخل، وأن تعيدها إلى جادة الصواب، عندما يتطلب الأمر ذلك.

وعليه فإننا كنا نفضل لو أن خالد مشعل كان قد نأى بنفسه عن المس بمرجعية الشعب الفلسطيني التاريخية، ولو أنه لم يقم بكشف أوراقه على الملأ ، والتي لم تدع مجالاً للشك بأن الهدف الرئيسي من خطاب مشعل هو شيءٌ آخر غير تحقيق الوحدة للشعب الفلسطيني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الداخلية العراقية تنفي إلقاء القبض على قاتل البلوجر المثيرة


.. الخارجية الأميركية: بلينكن سيزور السعودية وسينضم لاجتماعات ا




.. فظائع لم توثقها الفيديوهات.. روايات مرعبة يكشف تفاصيلها طبيب


.. بيان الاجتماع التشاوري بالرياض: نرفض بشكل قاطع أي عملية عسكر




.. مظاهرات في لندن تطالب بوقف الحرب الإسرائيلية على غزة