الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا يريد العالم .. من الشعب الفلسطيني ؟

إبراهيم المصري

2004 / 3 / 25
القضية الفلسطينية


في حوار قصير يشوبه حزنٌ ضاغط ، كنت أتحدث عبر ماسنجر الهوت ميل مع صديق شاعر من غزة ، وذلك غداة استشهاد الشيخ الجليل أحمد ياسين .
قال صديقي : اغتالوا أحمد ياسين
قلت : أعرف وأشعر بحزن ثقيل في قلبي
قال الصديق : ماذا يريد العالم منـَّا ؟

كان السؤال مُرَّاً في دلالته وفي اختلافهِ أيضاً ، حيث من المُعتاد أنَّ الشعب الفلسطيني هو الذي يريد :
1ـ من العالم أن يعترف بقضيته ويناصرها .
2ـ من الأمم المتحدة أن تعمل كهيئة مسؤولة في حماية الشعب الفلسطيني وتطبيق القانون الدولي .
3ـ من العالم الثالث الذي عاش مجد حركات التحرر أنْ ينتبه إلى أنَّ شعباً لا يزال في قيده ويحاول بالدم أن يجد حريته .
4ـ من الأمة الإسلامية !!! .. إن كانت موجودة .. أن تفعل شيئاً من أجل مقدساتها وخاصة المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين.
5ـ من الأمة العربية !!! .. هذه الفكاهة المحزنة .. في سديم شعوبها أن ترفع صوتها بما يتجاوز مظاهرة في القاهرة التي اختنقت بالجسور العلوية وبفقدان الاتجاه حتى إلى مصالح الشعب المصري .
6ـ من القادة العرب أن يكونوا أكثر جرأة من خطابٍ عام لم يفلح حتى الآن إلا في التواري خلف مقولة ( نقبل بما يقبل به الفلسطينيون ) ، فيما الحسابات مع الولايات المتحدة جارية على قدم وساق ومستقبل ليس فيه لا للشعب العربي الفلسطيني ولا لغيره من الشعوب العربية نافذة ، إلا أن يتمكن الشعب العراقي من موازنة مصالحه مع مصالح الولايات المتحدة ربما يعطيه ذلك نصف حظ قد يكتمل بعد سنوات إلى شبه حظٍ كامل .
7ـ من الأحزاب التي لا تملك برامج سياسية لمواطنيها .. أن تكف هي الأخرى عن خطابها العام وتحاول أن تبدع حلا ضاغطاً على الحكومات العربية لإنقاذ الشعب الفلسطيني .
8ـ من المثقفين وأكثرهم يعيش بتلف في الضمير يمنع المثقف من رفع صوته هذا إذا كان له صوت أصلا ، ويمكنني أن أضرب أمثلة بالاسم حتى من المثقفين الفلسطينيين الذين يتوارون خلف مجد ثقافي وإبداعي ولا يفكر أحدهم في استثمار شهرته في العالم لاظهار حق الشعب الفلسطيني ومعاناته .
9ـ ثم ما يريده الشعب الفلسطيني من إسرائيل .. أن ترحل .. أن ترحل فقط عن الضفة الغربية وقطاع غزة بما في ذلك .. فقط .. القدس الشرقية ، لكي يتمكن هذا الشعب المعذب من بناء دولة تعطيه جواز سفر.
10ـ وأخيراً ما يريده الشعب الفلسطيني من القوة العظمى في العالم .. الولايات المتحدة أن تخرج من عمى البصيرة في الخلط بين الإرهاب والمقاومة ، وأن تعطي وعدها بدولة فلسطينية بعداً محسوساً في الضغط على إسرائيل ـ جرو أمريكا الشرس ، كي تنفذ التزاماتها .

ولائحة ما يريده الشعب الفلسطيني من العالم طويلة .. لكن وكما قال الصديق من غزة : ماذا يريد العالم من الشعب الفلسطيني ؟

لنهبط السلم الذي صعدناه ...

1ـ العالم في مُطلقه لا يريد شيئاً غير أن ينعم جمهوره في كل مكان بالأمن والسلام والطمأنينة سواء كان للشعب الفلسطيني حظ في هذا أم لم يكن .
2ـ الأمم المتحدة تريد من الشعب الفلسطيني أن يتواري عن ذاكرتها المثقلة بقرارات لم تنفذ ، منذ قرار التقسيم عام 1947 وحتى اليوم ، وإن كانت الملاسنة تنفع هنا فإنني أقول إن قرار التقسيم ينفي الشرعية عن إسرائيل كدولة حتى اليوم رغم قبولها عضواً كامل الوقاحة والحماية في الأمم المتحدة ، لأن القرار العتيد يشترط وجوباً قيام دولة فلسطينية لكي تحظى إسرائيل ـ جرو أمريكا الشرس ـ بالشرعية ، لكن الملاسنة هذه فات أوانها .
3ـ العالم الثالث يريد أن يبتعد الشعب الفلسطيني عنه الآن في هذه المرحلة بالذات الذي يسلم فيها قادة العالم الثالث الثوريون ببرامج أسلحتهم النووية وبالتوبة التي ثمنها مليارات الدولارات عن الأعمال الإرهابية كي ترضى عنهم الولايات المتحدة الأمريكية .
4ـ الأمة الإسلامية !!! .. إن كانت موجودة .. تريد من الشعب الفلسطيني أن يحرر القدس والمسجد الأقصى وسوف تشارك في الاحتفالات .
5ـ والأمة العربية !!! .. هذه الفكاهة المحزنة .. تريد من الشعب الفلسطيني أن يستمر في تقديم الشهداء حتى تشعر أنها لا تزال أمة مجاهدة ، وتخلط هذه الأمة العربية ومعها الأمة الإسلامية خلطاً مَعيباً بين صور الشهيد الشيخ أحمد ياسين وبين صور أسامة بن لادن صاحب الضربة المميتة للقضية الفلسطينية وبين صور سئ الذكر صدام حسين صاحب جيش القدس الورقي وذلك في بوتقة واحدة تنتج صورة لا يمكن أن يقبلها عقل سليم .
6ـ والقادة العرب .. أدام الله ملكهم .. يريدون من الشعب الفلسطيني أن يقتات على الوهم في سعيهم إلى حلٍّ قضيته وأن يبدي السعادة الغامرة كلما صدر بيان ختامي عن قمة لا تبدو في أحسن أحوالها إلا مطحنة مكسورة لكلام طال تكراره .
7ـ والأحزاب تريد من الشعب الفلسطيني أن يبقى مغموراً بالدم والنار حتى تجد قضية تلوكها غير ما قامت له أصلا وهو انضاج الحياة السياسية بما يحقق مصالح الشعوب ومنها الشعب الفلسطيني .
8ـ نصل إلى المثقفين وهؤلاء في ثبات أدمغتهم على عـُظام أجوف ، يريدون الكثيرَ من الشعب الفلسطيني ، يريدون منه شهداء للقصائد ، وقضايا للتنظير والتقعير والتنطع بمقولات الإمبريالية والاستعمار ، ويريدون منه قصصا وروايات ومسرحيات ومهرجانات خطابية ووبائية ، ولا ينظر هؤلاء وخاصة المشهورين منهم في تكوين رابطة للطواف في بلاد الله وحشد الرأي العام العالمي إلى جانب الشعب الفلسطيني .
9ـ ثم ما تريده إسرائيل من الشعب الفلسطيني .. أن يصطف طابوراً ثم يُغرق نفسه في البحر ، حتى تخلو أرض الله الموعودة لأبناء الله اليهود الذين اصطفاهم ووعدهم بفلسطين مع أن المشروع الصهيوني ، مع احترامنا لليهود كبشر وكديانة ، كان يفكر في وعد إلهي يحط به اليهود رحالهم في أوغندا .. ولكن الهدف الاستعماري رسا بمزاده على إبادة الشعب الفلسطيني في فلسطين .
10ـ أمَّا الولايات المتحدة .. وعذرا على الإطالة .. فهي تريد من الشعب الفلسطيني أن يكون وديعاً مثل هر منزوع المخالب ، وليس مهما بالنسبة لها أنْ يُحاصر حصار الموت ، حتى تتفضل عليه واشنطن بدولة لا يعلم إلا الله متى تكون .

لا أملك نصيحة ( غير الحزن ) أقدمها لصديقي الفلسطيني من غزة ، وهذا السلم الذي صعدناه وهبطناه سوف يبقى محمولاً بالعرض على أكتافنا ، إلى أن يدرك القادة العرب .. تحديداً .. أنهم في عين المسؤولية عن إنقاذ الشعب الفلسطيني ، لأنهم من يتقاسم المصالح مع الولايات المتحدة ، ومن يتحكم بنا نحن المقموعين بالخوف ولقمة العيش ، وهم من يملك سلطة إعلان الحرب على إسرائيل لو اقتضى الأمر صراعا صفرياً ...

لم أقل لصديقي من فلسطين كل هذا الكلام ، وإنما قلت له عبارة وردت في رواية بيدرو بارامو للمكسيكي الراحل خوان رولفو :
( ثمة أمل .. ثمة أمل ضدَّ غمِّنا )

إبراهيم المصري
شاعر وصحفي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترامب يهاجم مجددا مدعي عام نيويورك ويصعد لهجته ضد بايدن | #أ


.. استطلاع يكشف عدم اكتراث ذوي الأصول الإفريقية بانتخابات الرئا




.. بمشاركة 33 دولة.. انطلاق تدريبات -الأسد المتأهب- في الأردن |


.. الوجهة مجهولة.. نزوح كثيف من جباليا بسبب توغل الاحتلال




.. شهداء وجرحى بقصف الاحتلال على تل الزعتر في غزة