الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قضية الفرص الضائعة

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2009 / 2 / 12
القضية الفلسطينية


لا شك أن القضية الفلسطينية تختلف عن كل القضايا التاريخية فى أنها تجسد المأساة الإنسانية وتتضمن فرصا للحل أضاعها أصحابها سعيا وراء الشعارات أو الدولارات. الغريب أن العرب والفلسطينيين لم يتعلموا من دروس التاريخ ومازالوا يهدرون الفرصة تلو الأخرى حتى تعقدت المشكلة على أرض الواقع. لقد أصاب الرئيس مبارك كبد الحقيقة حين وصف قضية الشرق الأوسط بقضية الفرص الضائعة منذ 1948م حتى الآن.

لقد أضاع العرب عدة فرص لتأسيس الدولة الفلسطينية. أولها حين وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 29 نوفمبر 1947م على قرار رقم 181 الذى يتضمن خطة لحل الصراع العربى اليهودى من خلال تقسيم فلسطين إلى دولتين: يهودية وعربية. وحسب الخطة—أو الفرصة المهدرة— فإن الدولة العربية التى تضم مدينة يافا تبلغ مساحتها حوالى 43% من فلسطين التاريخية. أما الدولة اليهودية التى بلغ عدد سكانها 32% فتحصل على حوالى 56% من الأراضى الفلسطينية بما فى ذلك صحراء النجف. ونظرا لأهميتها الدينية فستبقى القدس بما فى ذلك بيت لحم تحت الوصاية الدولية.

ما يثير الدهشة أن القيادات اليهودية التى كانت تتطلع إلى المزيد رحبت بما نالوه وفق قرار التقسيم وشعرت بالفرحة جراء الاعتراف الدولى بالدولة الوليدة. أما العرب فقد عبروا عن عدم الرضا بالتقسيم غير العادل وخاضوا حربا لتدمير الدولة العبرية فى عام 1948م غير أنهم فشلوا فى ذلك ووافقوا على توقيع اتفاقيات هدنة منفصلة مع الكيان الإسرائيلى عام 1949م. ونصت الاتفاقيات أن حدود إسرائيل الجديدة بعد استقلال الأردن فى عام 1946م سوف تبلغ 78% من مساحة فلسطين. وكما هو واضح من هذه الاتفاقيات فإن مساحة إسرائيل قد زادت حوالى 50% مما كانت عليه فى قرار التقسيم. ويا ليت العرب اكتفوا بما نالته إسرائيل من أراض عربية بل خاضوا حربا فاشلة أخرى فى 1967م حيث قدموا لإسرائيل هدايا جديدة هى أرض سيناء وقطاع غزة والقدس الشرقية والضفة الغربية ومرتفعات الجولان ليزداد العمق الاستراتيجي لإسرائيل ليصل إلى 300 كم فى الجنوب و60كم فى الشرق و20كم فى الشمال.

ثم توالت الفرص الضائعة لحل القضية ومنها مؤتمر جنيف فى 21 ديسمبر 1973م حيث أعتقد المصريون والأمريكيون والأردنيون والسوفيت أن هذا المؤتمر سوف يتوصل إلى اتفاق دولى من شأنه وضع الحلول للقضية الفلسطينية وأن الفلسطينيين سوف ينجحون فى اختيار الممثل الشرعى لهم فى المحافل الدولية. لقد كانت مصر ترغب فى أن تمثل منظمة التحرير الفلسطينية الشعب الفلسطينى فى مؤتمر جنيف غير أن الولايات المتحدة وإسرائيل قد رفضتا مشاركة المنظمة فى المؤتمر لأنها لم تكن تعترف بحق إسرائيل فى الوجود. أما السوريون فقد رهنوا مشاركتهم بالتواجد الفلسطينى فى المؤتمر. وفور تولى كارتر مقاليد الأمور فى البيت الأبيض فى عام 1977م عقد مقابلات استطلاعية مع القادة العرب توصل من خلالها إلى خطة أساسية لإنعاش مباحثات السلام وفق مؤتمر جنيف الذى نص على ضرورة انسحاب إسرائيل من كل الأراضى المحتلة بما فى ذلك الضفة الغربية. وسرعان ما لاحت فى الأفق آخر فرصة جيدة عندما توجه السادات إلى الكنيست الإسرائيلى فى 20 نوفمبر 1977م حيث قدم إطارا لحل المشكلة الفلسطينية ولاسترداد كافة الاراضى المحتلة وفق قرارات الأمم المتحدة 242 و338 ولم تكن المستوطنات فى الضفة وغزة حينذاك سوى 18 مستوطنة حيث كان من السهل تفكيكها وإزالتها كما حدث فى سيناء غير أن العرب رفضوا مائدة المفاوضات وآثروا ترديد الشعارات .

لقد ازدادت القضية تعقيدا الآن خاصة بعد أن تضاعفت أعداد المستوطنات فى الآراضى الفلسطينية. فوفقا لتقرير لجنة مجلس الأمن فى عام 1979، فإن الفترة من 1967م حتى مايو 1979م قد شهدت إقامة 79 مستوطنة فى الضفة الغربية وسبع مستوطنات فى غزة. لقد زادت الآراضى الفلسطينية التى صادرتها سلطات الاحتلال فى الضفة من 27% فى مايو 1979م لتصبح 3و33% فى سبتمبر 1980م. وحسب الدراسة التى نشرتها الجورزاليم بوست فى 27 يناير 2009م فإن عدد المبانى المشيدة فى الضفة الغربية حديثا قد بلغ 1257 فى عام 2008م بينما كان العدد 800 مبنى حديث فى عام 2007 أى بزيادة قدرها 57.12%. كما أن الدراسة تشير إلى زيادة معدل سكان المستوطنات فى الضفة من 270 ألفا فى عام 2007م إلى 285 ألفا فى عام 2008م.

لقد أضاع العرب عدة فرص لحل القضية الفلسطينية واليوم يهدر الفلسطينيون ما تبقى من فرص لإنشاء الدولة الفلسطينية على 22% من مساحة فلسطين التاريخية بعد أن كانت المساحة المتاحة 43% فى الأربعينيات. روز اليوسف، عدد 1093، 9 فبراير 2009م، ص9.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يتسبب بإقالة سفير بريطانيا لدى #المكسيك #سوشال_سكاي


.. فيديو متداول لطرد السفير الإسرائيلي من قبل الطلاب في جامعة #




.. نشرة إيجاز - مقترح إسرائيلي أعلنه بايدن لوقف الحرب في غزة


.. سلاح -إنفيديا- للسيطرة على سوق الذكاء الاصطناعي




.. -العربية- توثق استخدام منزل بـ-أم درمان- لتنفيذ إعدامات خلال