الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لي الحضور المضاغف في شِعر فروغ فرخزاد

حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)

2009 / 2 / 12
الادب والفن


تهب دوما على روحي أثناء قراءة أية قصيدة من قصائد الشاعرة الإيرانية الراحلة فروغ فرخزاد(يناير 5,1935_فبراير 14,1967 فبراير) نسائم العشق ، والحياة، والولادات ، وهواجس النفس ، والشجن ، إذ يحضرني الماضي على صدري وكأنني رتبت ُ مرايا أمام الطفولة و الشباب على طول مسير الزمان... مرايا واحدة جنب أخرى، تشرق عبرها الحياة مرتمية في حضني.
فشعر فروغ هي ذاتها صورة للحياة ، غني بمحتوياته الزاهية الأنيقة ، التي تكاد تتلاشى ، فيلمها معا خيط الزمان و الحدث. إن بيئة الصور في قصائد فروغ ، هي ذاتها أماكن الأحداث ومعايشتها.فحين نخرج من البيت ، يمكن أن نلتقي الشاعرة نفسها أولا ، وحبيبها فيما بعد؛ فلا إشكال أن نلتقيها أولا ،و نلتقي الحبيب .
قصائد فروغ تتخذ لنفسها شكل الحياة. إنها تتماهى في الأفكار والمشاعر الجياشة ، أكثر مما تتأثر بالقيم الجمالية. وإن الشعور الذي ينتابني من قراءة قصيدة لفروغ ، يشبه شعوري وأنا عائد من سفرة قصيرة لم أشبع منها.
شعرها مليء باللحظات والمشاهد المختصرة والمتفرقة إلى درجة أن بعضها تسقط من ذهن القارئ، ربما أثناء التلقي، وربما تعود إليه في قراءات أخرى تالية.
فهذا من عجائب شعر فروغ.. عجب يبرر عدم ارتباط صورها الشعرية. كل قراءة جديدة لقصيدة لها، تجعلني أمام صور جديدة، كانت خافية في القراءة السابقة. و باستطاعة المتلقي اكتشاف شيء ما في شِعرها، لكن هذا الشيء في شعرها ليس العلاقات، بل هو الصورة.
الصور في الشعر غاية في الجمال، وضرورة جمالية، ولا يمكن حذف صورة منها، وتعويضها بأخرى، لأن اللوحة الفنية سوف ترتبك آنئذ. .
لكن شعرها يتضمن صورا تنبض بالحياة ، وكل صورة يمكن أن تؤدي فعلها الجمالي لوحدها وبمعزل عن الصور الأخرى ، إذ أن حذف أية صورة منه ، يشبه اقتلاع شجرة على جانب الطريق، كانت جميلة قبل اقتلاعها، فتؤدي الأشجار الباقية فعلها الجمالي ، وربما ينتشر جماليات الشجرة المقلوعة عليها.
باختصار ،إن فروغ هي كتلة شعر وشعور أمام العالم
كلما فكرت فيها، عشقتها أكثر. إنها كانت إنسانة تتميز بصفة نادرة ، هي أن تخيلها يعني لقاءها.
كلما أتأمل صورتها ، تتجلى لي روحها على شكل الحياة، فمحياها يفسر معاني لقلق الإنسان وهواجسه في الزمان والمكان. يوم اهتز ثوبها في النهر، تحت نورها، ارتمت ظلال الليل على نفس الإنسان.
حين كانت تمشط شعر الأسماك في بحر ناظري
، أو حين تهز شعرها تحت الماء، تنتابني الحيرة، وكأنها تخاطبني: صار لكم الحضور المضاعف.
الحضور المضاعف؟ حقا، أن الإنسان لا طاقة له في البقاء في العدم.

لقد كنت في جمعية الشعراء الموتى ،حيث خاطبتني:
أنا ثمرة معاشرة قفصين،
حين أرتني قفصها ، عرفت قفصي، وضعت رأسي على قبرها، واستلقيت على الأرض.
خجلت النجوم مني، حين واءمت الموت بفكرة الموت، قالت،
إن الجماجم أضحت ْ أرحم ، فوق جناحيها،
أجل ، ارحم!!

‏الأربعاء‏، 11‏ شباط‏، 2009








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا
G.S. ( 2009 / 2 / 11 - 20:43 )
جميل جدا , ليتك اتحفت الموضوع بمقتطفات اكثر من شعرها ..شكرا لك

اخر الافلام

.. كندة علوش ملهاش في الأكشن وبتمنتج معايا أفلامى .. عمرو يوسف


.. كيف برأ الباحث إسلام بحيري فراس السواح و يوسف زيدان من التط




.. -للحديث عن الغناء الكلاسيكي-.. صباح العربية يلتقي بالفنان ال


.. الفنان السعودي مشعل تمر يوصف شعوره في أسبوع الأزياء بباريس




.. الفنان السعودي مشعل تمر يتحدث عن حصوله على مليار مشاهدة على