الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شاعر الطيور الطايره والمكاتيب زهير الدجيلي.. مُجَدد الأغنية السبعينية

مازن لطيف علي

2009 / 2 / 12
الادب والفن


تعد الأغنية السبعينة جزءاً لايتجزأ من ثمرة نتاج لمشروع إبداعي ذاتوي وشعبي عراقي بدا قبل ثلاثة عقود من ذلك التأريخ وتعددت أوجه الابداع في كنفهن فانتج حركة التشكيل والرواد والشعر الحديث والمسرح وطبقة من المفكرين ، وارتقى بالحس الفني الى مرهف التذوق للجميل.
وظهر إبانها ومواكبا لدفقها عدد من الشعراء الشعبيين والغنائيين منهم : مظفر النواب، وزامل سعيد فتاح ، ابو سرحان ،وسيف الدين الولائي وكذلك زهير الدجيلي وغيرهم من الاسماء اللامعة التي رسمت ملامح جمال الكلمة والحس العراقي ..يشكل الشاعر زهير الدجيلي أحد أعمدة تلك الكوكبة ، وأحد القمم في الشعر الغنائي العراقي ورائداً في بناء القصيدة الشعبية التي تبنت هموم الانسان الكادح وقضاياه ، تماهيا مع نوبة وهبة الفكر اليساري الذائع الشائع في حينها ، بيد ان الدجيلي كتب الشعر من اجل الشعر لذاته وبذائقة تواقة للحب والجمال المترع بنفس عراقي شاكٍ ومتظلم ، ومتطلع ومتفائل لفرح وفرج الانسان العراقي القادم.
لقد تميزت قصائده عن سواه من الشعراء بإنسياقها في عرف وطرق مالوفة للقصيدة الشعبية المكدرة بالحزن والمؤطرة بلوعة الغربة . وسما بطرقه هذه حتى كاد ان يكون عطاؤه يحاكي النهر بدفقه وإنبعاجاته وإختلاف بيئاته و خصب طبيعته وتسنى له نقل صور رائعة عن الحياة العامة الموشاة برمزية عالية ومضمون ثري وإنسجام في الشكل ورقة في الكلمة ، ومثلت قصائده أدق تفاصيل حياة الوطن والمواطن فقد اقتحم عالم الكلمات وأقحم إضافات.. من يقرأ ويسمع قصيدة " ياطيور الطايرة " كأنه يحس ويشعر بعودة مغترب عراقي الى ترابه الاول او بولادة جديدة وقد بقيت هذه القصيدة من علائم الدجيلي .
ويمكن أن نعد بإعتداد عقد السبعينيات الحقبة الذهبية للقصيدة الشعبية في العراق بالرغم من الخطاب السياسي الذي أتى به العروبيون وطروحاتهم بشان القومية والقطرية، التي أمست حمالة أوجه لا منطق يلمها ولا سياق ومنهج تنطبق عليه.فأزدرت طبقات الجهال من السياسة ذلك الشعر، لكن ومن المفارقات انه عاد ووظف بخبث في الثمانينيات إبان حاجة السلطة لرادحين ومهرجين إبان حربهم ضد إيران.
ويمكن أن يكون رعيل زهير الدجيلي ممن احتفظ بتوازنه عنيدا وسدا منيعا على تراث الدهور كما الضمير أمام الإنحدار والرخص . وبذلك عد علامة فارقة بين شعراء الاغنية العراقية فقدم لوحات جميلة رسمها بصور شعرية صادقة وعميقة و بلون شعبي زاهي ، حتى أمست اهازيج وأمثولات وحكايا شعرية تتناقل من جيل الى أخر .وتتسابق لإقتناص تلك الزهور خيرة مطربي العراق في حينها ومنهم سعدون جابر ، فؤاد سالم ، قحطان العطار وفاضل عواد ، ومائدة نزهت التي كتب لها أغنية "سنبل الديرة" ، كما تسابق على قطافها كبار ملحني العراق ومنهم كوكب حمزة ، وطالب القرغولي ومحسن فرحان وكثيراً من أغاني المطربين والمطربات وكذا فرقة تموز وفرقة الطريق وأعمال متلفزة متعت الجمهور في حينها .ومن تلك الباقات المنوعة نسمع ونطرب لعناوين نتذكر منها : يمتى تسافر ياكمر، وأنحبكم، وأمغربين، ومرة وحدة، أمراضيتك، وحسبالي، هوى الناس، اي والله عالي بيتنا. وبيت العراقيين، ينجوى وغيرها من القصائد. وأنتج الدجيلي عشرات الأغاني وكتب عشرات القصائد، فقد الكثير منها في لجة الفوضى التي اجتاحت الثقافة والمثقف العراقي أو طوى بعضها النسيان. و يشده الحنين الماضوي(النوستالجي) دائما الى تلك القصائد التي كتبها في السجون طوال 14 عاما التي قضاها بعيدا عن إيقاع الحياة متشبثا بذاكرته ومتكئا على خيال شعري خصب. في حوار كنت قد اجريته معه قبل اربعة أعوام نشر في مجلة الشبكة العراقية سرد خلاله ذكرياته عن حقبة السبعينيات وقال رأيه في القصيدة والغناء العراقي ذكر فيه : لاشيء في الأغنية العراقية الآن يضاهي تلك الأصالة العراقية والحرفة الشعرية التي كتب بها رواد الأغنية الراحلون والغائبون الآن عن الساحة الفنية أغانيهم. أنها شواهد عصر انقضى . الزمن الجميل بروائح النعناع والقداح والبخور، كان فيه الوطن زاهيا والحب وارفا مثل شجرة رمان . وكان الناس يعشقون الكلمة الصادقة ويألفون الأحساس الشعري لدى أولئك الرواد الذين ذكرتهم، كانوا اشبه برسامين يرسمون لوحات موضوعات الأغنية في قصائدهم . لذلك كنا نرى ملامح الشعر والقصيدة واضحة مرسومة بعناية لاينقصها غير اللحن الجميل فكان ملحنو الأغنية العراقية الرواد (وهم الآن غائبون. مشردون) لايجدون صعوبة في أكمال الصورة وفي تزيين البيت الشعري . وكنا نرى وجوه الأحباب أسطع من قمر في سماء الوطن. لاشيء يضاهي الزمن الجميل الذي ولى ولابد أن يعود، كان فيه الحب بستانا لامكان فيه للكراهية ولامكان فيه للأبتذال. الآن تمتليء الفضائيات بأغاني الملهى والسفاهة التجارية. فلاتسمع أو ترى غير الجنس الرخيص واثارة الغرائز. كان الرواد حين يكتبون قصائد الأغنية العراقية يحترمون المرأة الحبيبة والزوجة والأم. يرسمونها شبيهة بأجمل مايـتالق به الوطن من جمال. ويصفونها بأحلى مالدى الوجدان من مشاعر،أما اغنية اليوم فهي تبتذل المرأة العراقية وتقدمها برتقالة أو باذنجانة أو وجبة غذائية أو راقصة داعرة في حانة الزمن الرديء الذي بات فيه الأفاقون والسكارى يتبولون على كل ماتبقى من زماننا الجميل.
كتب زهير الدجيلي رائعته الشهيرة " محطات" التي غناها الفنان قحطان العطار صاحب حنجرة البلابل ولحنها الموسيقار الكبير كوكب حمزة:
يمتى تسافر ياقمر وأوصّيك ؟ والوادم البيها الأمل تدليّك ؟
كالولي نيتك صافية وأولايتك متصافية كبلك ردت لي أمسافر اليندّل هلي ..
وكبلك ردت لي أمسافر لديرة هلي ..
أشكد دورّت . . ماحصّلت .. وصار العمر محطات عّديتهن وماكو عرف وكل العمر محطات.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي


.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-




.. فعاليات المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية في الجزاي?ر


.. سامر أبو طالب: خايف من تجربة الغناء حاليا.. ولحنت لعمرو دياب




.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند