الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الذهنية العربية

رضا الشوك

2009 / 2 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


أن هذا الكائن الصغير الذي اسمه الانسان كان دائماً ولا يزال موضع التأمل والدراسة ضمن العلوم الطبيعية والانسانية على حد سواء ، وفي نطاق هذا الاهتمام والتساؤل تطورت الدراسات عبر الزمن وتبلورة بذشأة فرع جديد من فروع المعرفة اصطلح تسميته علم الاجتماع ، وقد اهتم هذا العلم بدراسة الخصائص الانسانية من الناحية الاجتماعية والثقافية والعناية ببحث الادراك العقلي للانسان وابتكاراته ومعتقداته ووسائل اتصالاته لغرض التوصل الى مفهوم الوحدة النفسية والذهنية المشتركة بين البشر ، ووسط اعاصير المتغيرات الهائلة التي تتابعت بسرعة وبطريقة مكثفة والتي تأثرت معها حياة الشعوب كبشر واساليب حياتهم كتراث انساني ، وبالرغم من هذا الخضم الكبير من التعدد والتباين بل والتناقض والتدخل احياناً بين الاتجاهات الفكرية في مجالات علم الاجتماع وعلم النفس الاجتماعي فأنه يسعى على توثيق العلاقة بين الفكر والعصر ويوضح الترابط بين النظرية والمنهج اللذين يصعب الفصل بينهما .
تكمن الميزة الاساسية في العلوم الاجتماعية الحديثة في كون الباحث لايلجأ الى الاسانيد التاريخية للتبرير ولا في المقدمات الفلسفية للتفسير وانما يلجأ الى المواضيع المعاشة التي تخص تفاصيل الحياة اليومية في مجتمع ما ،كالمساومة بين الناس في السوق ، او العاب الثسلية في البيت وغيرها من نشاطات الفرد والمجموعة ، محاولاً ترتيبها وتحليلها وربطها بالايدلوجيا العامة للمجتمع التي تحمل نظرة الانسان الى نفسه والى العالم المحيط به .
إن لجوء الباحث الاجتماعي الى ادراك ومعرفة الاشياء البسيطة في علاقاتها بالايدلوجيا ينطلق من مفهوم مفاده ان المسلك الاجتماعي ( اللعب مثلاً ) له دوافع أيدلوجية بقدر ماله من اسباب نفسية ، ويرتبط البحث بالنماذج النفسية لدى الشعوب بالبحوث الاجتماعية والاجتماعية النفسية بحوث يذهب البعض الى القول ان هناك ذهنية باطنية تجمع بين الامور اليومية كالمخاطبة واستعمال الالقاب وفنون اللعب من جهة والشؤو ن العليا كالممعتقدات والثقافة بكل مجالاتها والنشاطات السياسية والاقتصادية والفنية وغيرها من جهة اخرى باعتبارها ان الحضارة – اي حضارة – هي كُل متكامل ترتبط اجزائه بعضها ببعض ولا فرق في ذلك بين مسلك عادي نمارسه كل يوم وشؤون مصيرية او نشاطات ثقافية او فنية رفيعة ، بهذا نرى الانسان من خلفيات معينة ، الخلفيات التي تعكس قيمه ومعتقداته واساليب تعامله ومجالات تفاعله مع الغير وفي هذين التفاعل والتعامل يندمج الاحساس الاوعي بالفكر كما يندمج العقل بالعاطفة والرمز بالمصلحة ، فالانسان في عمله وتحركه تثيره الرموز بقدر ما تثيره المصلحة وكثيراً ما يندمج الرمز بالمصلحة لتكٌون مذاهب ومسالك تتكرر ممارستها بشكل تلقائي عضوي ، ولئن كانت هذه المسالك تلقائية فهي في الاصل مكتسبة وليست موروثه يتعلمها الانسان وهو في المهد من ابويه واخويه كما يتعلمها من الاخرين ممن هم حوله في المجتمع وهذه القواعد هي بنى ذهنية ولكونها بنى ذهنية فهي تبرز إو تتجلى في نواح عدة ومتنوعة ، من نواحي الحياة ، ابتداء باللعب مع اقرانه واختيار رفيقة حياته والفرع الذي يرغب دراسته في الجامعة وفي كثير من مجالات الحياة في المجتمع الانساني ، وفي هذا التصور للمجتمع والعلاقات بين الناس تدور السلطة في فلك الاقطاب الاقوياء ، السلطات للقوي ، والقوة تكمن في النخبة اهل الحل والربط ، وعلى الرغم من تعدد النواحي والطرق المسلكية وتنوعها فهي ترد الى قاعدة واحدة موحدة كما هو الوضع في العالم العربي وكذلك عراق اليوم لان قوامها الجمع بين المحور وهو القطب المهيمن والافراد التابعين له الذين يدورون في فلكه تماماً، وهذا امر منتظر في غياب التنظيم الهرمي للمجتمع حيث تصبح الهيمنة محور العلاقات السياسية والاجتماعية " من يهيمن على من ؟ "السلطان ام مستشاره ؟ الرئيس ام نائب الرئيس ؟ " كما حصل في العراق حينما استولى نائب الرئيس على رئيسه ، الملك او ولي العهد ؟ ......الخ . هذه تساؤلات يطرحها الناس وبهذا المعنى يغدو المواطن يعاني من العزلة وينشد المجموعة لشعوره بهذه العزلة .
لا نسمح لأحد ان يقترب من ذواتنا ، نخاف على ذواتنا حتى من الاقارب والاصدقاء وغيرهم من اللذين يسيرون في فلكهم ، فهذه الذهنية كانت ولاتزال هي السائدة بين حكام العالم العربي على اختلاف الانظمة ، ملكية كانت ام جمهورية ، وجراء انتشار الذهنية المتنورة بين السواد الاعظم لشعوب العالم العربي في معالجة كل تفاصيل الحياة فان الفترة الراهنة من تاريخ هذه الشعوب تشهد اعادة النظر في العديد من القضايا حتى اصبحت هاجساً فكرياوثقافيا لدى عقل ووجدان الانسان العربي ، وان مسألة الانتقال الى الديمقراطية كصيغة للحكم هي من المسائل الهامة في مجتمعات حكمتها عبر قرون العلاقات القبلية والعائلية والتفا سير الفقهية المنحازة للاستبداد والاقتصاد الرعوي التمييزي غير العادل ، الامر الذي يتطلب اعادة النظرفي تلك العلاقات بصورة جذرية ، واذا توجه العرب نحو الاعتراف بواقعهم الملموس الذي طرأت عليه تغيرات جذريه خلال الفترة الزمنيه التي أعطت استقلال هذه الدول من السيطرة المباشرة للمستعمر الغاشم فأن ذلك يشكل نقلة نوعية لم يشهدها التاريخ من قبل واذا تحقق ذلك ولٍمَ لا ؟ فان المنطقة ذات الموقع الجغرافي الحيوي وما تملك من ثروات طبيعية هائلة ستسلك طريقاً باتجاه مصفي العالم المتحضر الذي ينشد ذهنية متفتحة وحضارة انسانية متقدمة تكون في صالح الانسان العربي .
من الغباء حقاً ان نرى الذهنية المتخلفة التي يتميز بها رجال الحكم في كافة الدول العربية لازالت هي هي لم يطرأ عليها اي تغير يذكر رغم التحولات الهائلة التي شهدها العالم ، ومن المضحك المبكي في نفس الوقت ان رجال الحكم في البلدان العربية لا يؤمنون بظاهرة التغيير الذي هو المحفز للتقدم في كافة مجالات الحياة فهم يريدون " لاشيء يتغير " لا في المجتمع ولا في الطبيعة بينما الواقع يؤكد ان " كل شيء يتغير " وهذه المقولة افرزتها سنة الحياة ، وعندما تحين ساعة الحساب فأن ازلام الامس يتحولون الى جرذان يفتشون عن مخبأ لهم ،ولكن حساب الشعوب عسير وليس يسير .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات التهدئة في غزة.. النازحون يتطلعون إلى وقف قريب لإطلا


.. موجة «كوليرا» جديدة تتفشى في المحافظات اليمنية| #مراسلو_سكاي




.. ما تداعيات لقاء بلينكن وإسحاق هرتسوغ في إسرائيل؟


.. فك شيفرة لعنة الفراعنة.. زاهي حواس يناقش الأسباب في -صباح ال




.. صباح العربية | زاهي حواس يرد على شائعات لعنة الفراعنة وسر وف