الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتصار الشعب وضعف السلطتين

سامي حسن

2009 / 2 / 13
القضية الفلسطينية


بالرغم من أننا لم نصح بعد من صدمة المجازر التي ارتكبتها إسرائيل خلال عدوانها البربري على غزة، ورغم الضباب الذي يلف تفاصيل ما جرى ويجري من مفاوضات وترتيبات واتفاقات بين إسرائيل والأطراف الفلسطينية والعربية المعنية، إلا أن بعض النتائج الأساسية للعدوان باتت واضحة ، وأهمها: فشل إسرائيل في كسر إرادة الفلسطينيين في غزة والنيل من صمودهم، وتجلي وحدة الشعب الفلسطيني في كل أماكن وجوده داخل فلسطين وخارجها، واتساع دائرة المؤيدين لقضية وحقوق الشعب الفلسطيني في كل أنحاء العالم، وانكشاف أكبر وأوضح للطبيعة العدوانية والعنصرية واللا إنسانية لإسرائيل، وسقوط ورقة التوت الأخيرة التي كانت تستر عورة النظام الرسمي العربي، وهو ما يفتح الباب واسعاً للإجابة بشكل واضح ونهائي حول سؤال مع من يجب أن تتحالف حركة التحرر الوطنية الفلسطينية؟ مع الأنظمة أم مع شعوبها؟
وهناك تداعيات للعدوان تحتاج إلى بعض الوقت كي تتضح معالمها، ومنها على سبيل المثال تلك المتعلقة بوضع القوى السياسية الفلسطينية من ناحية القوة والضعف. وفي هذا السياق أتوقع أن يحصل تراجعاً في شعبية وقوة كل من حركتي فتح وحماس وسلطتيهما، وهو ما كانت ملامحه بادية قبل العدوان على غزة، وجاء العدوان ومفاعيله ربما ليعزز من هذا التوقع؟.
إن ضعف سلطة رام الله، وتراجع شعبيتها، الضعيفة والمتراجعة أصلاً، هو نتيجة منطقية لسوء أدائها ومواقفها أثناء العدوان والذي تجلى بشكل بوضوح في: المسارعة إلى تحميل حركة حماس المسؤولية عن العدوان وكأنها تبرره، متناسية أي السلطة، الحصار المضروب على غزة والممارسات الاسرائيلية في الضفة، وقافزة فوق حقيقة أن لإسرائيل استراتيجياتها التي لا تبنيها إطلاقاً على مبدأ رد الفعل. كما تميزت السلطة بالتلكؤ والميوعة في اتخاذ مواقف وسياسات واضحة وجريئة ونوعية في مواجهة العدوان الاسرائيلي، فعلى سبيل المثال كان حرياً بسلطة رام الله منذ اللحظة الأولى للعدوان أن تسارع للإعلان عن إيقاف المفاوضات نهائياً. وبينما كان مطلوباً منها الافراج عن جميع المعتقلين السياسيين، قامت سلطة رام الله بسلسلة من الاجراءات والسياسات القمعية في الضفة الغربية متذرعة بأسباب واهية، فحالت دون قيام الضفة بدورها الطبيعي والممكن في الضغط على إسرائيل ، وهو ما كان يمكن له أن يقصر أمد العدوان.
أما بالنسبة لحركة حماس فإن ضعفها وتراجع شعبيتها يستدل عليه مما يأتي:
أ- ان الموقف الموحد الذي أظهره الفلسطينيون في غزة وخارجها من العدوان وتحميله وحده المسؤولية عن المجازر التي ارتكبها إنما يدل على وعي الفلسطينيين، ولكن لا يسنتج منه أنهم كانوا راضين عن اداء وممارسات حماس قبل وأثناء العدوان، ففي الوقت الذي كانت فيه الوحدة الوطنية مطلباً رئيسياً للفلسطينيين، نجد أن رد حماس على هذا المطلب كان باستمرار سياساتها الاقصائية والعصبوية، ونزعتها للحفاظ على السلطة بأي ثمن، ولعل كل من تابع خطابها الاعلامي منذ بداية العدوان وحتى بعد انتهائه قد لاحظ ذلك بوضوح.
ب- شكل موقف حماس من موضوع المعابر إشكالاً بل صدمة للكثيرين؟! ففي الوقت الذي كانت فيه غزة تتعرض للمجازر، دعت حماس لأن تكون شريكا لسلطة عباس في إدارة معبر رفح، فبدى وكأن حماس تخوض هذه المعركة من أجل أن يكون لها محط قدم على المعبر المذكور؟
ج- بدا واضحاً الارباك والتناقض والضعف واللامبدأية في موقف حماس من النظام المصري، فأخذ الخط البياني للموقف الناقد للنظام المصري منحى الهبوط التدريجي ليصل في نهاية العدوان إلى مرحلة توجيه الشكر لجهود ذلك النظام ومبادراته.
د- أنهت إسرائيل عدوانها بإعلانها قرار وقف إطلاق النار من جانب واحد دون أن تنسحب من غزة، مع التلويح والتحذير من عواقب خرق هذا القرار. وبغض النظر عن الطريقة التي أخرجت فيها حماس موقفها من هذا الموضوع وتبريرها له (في تبريرها لأسباب موافقتها على وقف إطلاق النار بالرغم من بقاء قوات الاحتلال أشارت حماس إلى أنها أخذت بعين الاعتبار وضع الناس المأساوي في غزة، والحقيقة أن هذا التبرير غير مقنع، ويتناول جزءاً من الحقيقة، فالصحيح أن تحرص المقاومة ألا تسيل دمعة أو قطرة دم من أي طفل فلسطيني، أما وقد حصل العدوان، وسالت كل هذه الدماء، فإن الحرص عليها واحترامها وتقديسها يكون بجعل المقابل لها أغلى ما يمكن، وإن هزيمة الاحتلال والعدوان الذي أراقها، والنصر الواضح والجلي هو ما يقابلها لا أي شيء آخر، كالحفاظ على السلطة مثلاً؟) وفيما إذا كانت آلية اتخاذ القرار ديمقراطية أم لا ، لا سيما أن بعض القوى التي كانت شريكة في المقاومة على الأرض لم تستشر وبعضها رفض القرار، إلا أن أقل ما يقال فيه إنه كان خاطئاً، ولم يرتق إلى مستوى صمود الشعب والمقاومة، واتساع حركات الاحتجاج المنددة بالعدوان الاسرائيلي في كل أنحاء العالم؟.
أخيراً لا بد من الاشارة إلى نتيجة هامة أفرزها العدوان الاسرائيلي على غزة ألا وهي إعادة التأكيد أن غزة المستباحة من البر والجو والبحر إنما هي واقعة تحت الاحتلال، حالها حال الضفة وأراضي 48. ولن يطرب الفلسطينيون بعد اليوم لسماع كلمات مثل السلطة والحكومة الشرعية والوزارة والوزير والسيادة، ولن تجد آذاناً صاغية تلك الخطابات الفارغة، التي تقود المشروع الوطني الفلسطيني إلى مزيد من التمزق والانقسام. فالفلسطينيون اليوم ينظرون باستهجان وإدانة لتلك الحرب المحتدمة بين سلطتي غزة ورام الله، التي اندلعت بسرعة مدهشة فور انتهاء العدوان الاسرائيلي، بينما آلاف العائلات الغزية تنام في العراء، ودماء الأطفال لم تجف بعد ؟!
لقد أسقط صمود الغزييين هدفاً أساسياً من أهداف العدوان وهو كسر الارادة وروح المقاومة لدى الفلسطينيين، لذا فإن المهمة الملحة في المرحلة القادمة ربما تكون إسقاط سياسات وممارسات سلطتي رام الله وغزة، وإعادة صياغة المشروع الوطني الفلسطيني على أسس جديدة، واستراتيجيات عمل مدروسة وفعالة، تقود إلى إنهاء الاحتلال وهزيمة المشروع الصهيوني.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرب أوكرانيا.. معركة خاركيف وتقهقر الجيش الأوكراني |#غرفة_ال


.. حماس تفتح جبهة جباليا مع توسيع الجيش الإسرائيلي لعمليته في ر




.. قوات فاغنر على الحدود المالية الموريتانية . |#غرفة_الأخبار


.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - القسام: قصفنا 8 دبابات ميركافا في




.. غزة.. ماذا بعد؟| خلافات بين المستويين العسكري والسياسي واتها