الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عباس خضر: أغلب مشاكل العالم العربي هي ثقافية اجتماعية

مازن لطيف علي

2009 / 2 / 14
الادب والفن


اكتمل أول نص ادبي له ونشر في المنفى لهذا يعتبر نفسه ابن منفى ثقافيا وذهنيا ولم يختر هذا التصنيف إنما فرض عليه. الكتابة عنده بذهنية المنفى هي كتابة بذهنية الهامش الثقافي الكاتب والروائي عباس خضر ولد في بغداد ويعيش منذ عام 2000 في ألمانيا، فبعد سنتين من الإعتقال غادر العراق منتصف التسعينيات عاش في عدة دول عربية وأوربية. أصدر العديد من الأعمال الشعرية باللغة العربية .
صدر له مؤخراً عمل روائي باللغة الالمانية بعنوان "الهندي المزيف" ،بمناسبة صدور روايته تلك اجرينا معه هذا الحوار:
*لنبدأ من الحديث عن جديدك الأدبي، هناك عمل روائي جديد لك. ماذا يتضمن؟
-رواية " الهندي المزيف" صدرت مؤخرا عن دار ناوتيلوس في ألمانيا، العمل كتب باللغة الألمانية وهو أول عمل روائي لي. وهو أقرب إلى السيرة الروائية. يتحدث عن مرحلة اعتقالي في بغداد التي استمرت مدة سنتين ومن ثم عن رحلة هروبي الأوديسية التي استمرت لأربع سنوات عبر الاردن، مصر، ليبيا، تونس، لبنان، تركيا، اليونان، إيطاليا حتى وصولي لالمانيا. لكن لا تظن بأن هذا العمل هو أقرب إلى الصراخ الشرقي في سرد الواقع. بالعكس لقد كتب العمل بطريقة أقرب إلى الروح الساخرة والمرحة في سرد وقائع مؤلمة وربما هذا هو أحد الاسباب التي جعلت النقد الألماني يحتفي بالعمل منذ صدوره ولهذه اللحظة.
*لماذا كتبت الرواية باللغة الالمانية وليس باللغة العربية؟
"-توجد اسباب كثيرة ولكن اهمها هو: ان الكتابة بلغة اجنبية هي من اجمل أنواع الكتابة في تصوري. هذه اللغة الغريبة هي غير مكتملة داخل وعي الكاتب. وعندما يكتب المرء يشعر بانه يكتشفها كل مرة بشكل جديد. يخطئ ويصيب. يكتشف بان قواعد هذه الجملة مثلا شاذة، فيكتشف شذوذ اللغة الغريبة وتفاصيلها الصغيرة. ان الكتابة بلغة أجنبية أشبه باول علاقة جنسية بين رجل وامرأة. يبدأ الرجل بالغزل، وعندما يشعر بأن الثلج يثوب ببطء، يحاول ان يغور اكثر، فيكثر من الكلمات الحنونة والجريئة، ويستمر هذا اللعب الجنسي لحين سقوط الملابس الداخلية على الارض. ولهذا اطلق على الكتابة بلغة اجنبية بأنها: لذة روحية بطعم الجنس. وهذه اللذة الروحية امارسها يوميا، كلما اكتب سطرا المانيا.
*الثقافة والسلطة، الإبداع والرقابة، والأفق اللامحدود والخطوط الحمراء... ما هو موقفك من هذه الثنائيات؟ وكيف تموقع كتاباتك بينها؟
"-لقد اكتمل أول نص ادبي لي ونشر في المنفى لهذا انا ابن منفى ثقافي وذهنيا لم أختر هذا التصنيف إنما فرض عليّ. ورغم هذا اشعر بسعادة لوجودي الهامشي هذا. الكتابة بذهنية المنفى هي بحد ذاتها كتابة بذهنية الهامش الثقافي. وهذا أفضل ما يمكن فعله في المجتمع العربي، حيث تسيطر عموما مقولات السلطة ومقص الرقيب و الخطوط الحمراء. انا لا أستطيع ان اجد نفسي في داخل مجلة او صحيفة او قناة أو مؤسسة عربية. لاني لا اشتري كل مقولات الحزبية العربية بكل اشكالها بدرهم.
*ماذا أعطتك تجربة المنافي، وماذا سلبت منك على المستوى الإنساني؟
"-الحديث عن تجربة المنفى حديث اشكالي. لكني ساذكر هنا بعض ما أعطاني هذا المنفى وما سرق مني. المنفى عموما بيت بلا سقف وابواب وشبابيك. لكن الغور فيه يعلم المرء ان يصنع له بيتا شخصيا ذهنيا واقعيا بالوقت نفسه . في المنفى يجبر المرء على ان يتعلم لغة الآخر و ثقافته ويتسلح بها. اي ان المنفى يهب في المحصلة عنصر التنوع. فتجربتي في اسيا وافريقيا واوروبا اعطتني الكثير. تعرفت على مختلف البشر والعادات والتقاليد والاديان. اصبحت أيضا لي ذكريات في مختلف بقاع العالم. عشيقات واصدقاء وحكايات لا تعد أو تحصى. اتقن أكثر من لغة وبنفس الوقت اتقن فن التواصل مع مختلف انواع البشر. وهذا بحد ذاته احد اهم كنوزي في الحياة ـ اقصد الخبرة في مجالات حياتية عدة ـ والذي استعين به في كتابتي. المنفى وبعد اكثر من عقد من الزمن تحول إلى مشروع كتابي وهذا بالنسبة لي اجمل ما يمكن للمرء أن يحصده من المنافي. لكن من جانب اخر يعطيني المنفى الشعور باني لا انتمي حقيقة لاحد، وبنفس الوقت انتمي للجميع. لا اؤمن باي شيء ولكني اؤمن بكل شيء. مثل عقيدة بحار عتيق يعيش طقوس قبائل وشعوب بكل جوارحه ولكنه عندما يهجرها يعيش في فوضى موج البحار. من جانب الآخر يعلم المنفى المرء القسوة حد التوحش. اقصد عندما يعيش المرء في مجتمع غريب لوحده، عليه ان يتعلم كيف يحل مشاكله لوحده دون اهل أو اصدقاء. ان يكون المرء قاسيا مع نفسه بطريقة ما كي يشق طريقه ولا يسقط. هذه القسوة هي بالنسبة لي أكثر صفات المنفى شرا. لقد تعلمت أن أعيش مثل حيوان بري في عواصم الأرض. واسال نفسي أحيانا، عندما أقف أمام المرآة، هل هذا هو حقا عباس البسيط والساذج ابن مدينة الثورة، أم كائن آخر.
*هل تعتقد أن الثقافة فعلاً لا يزال في وسعها أن تلعب دوراً في التغيير الاجتماعي وفي تحرير العقل من أزمته الحاضرة؟
-في تصوري ان اغلب مشاكل العالم العربي هي ليست مشاكل سياسية واقتصادية بالدرجة الاولى، انما مشاكل ثقافية اجتماعية. اي تغيير سياسي نحو الافضل في العالم العربي يمكن ان ينهار بسرعة، اذا لم يجد الارضية الثقافية التي تمهد لمثل هكذا تغيير. لكن اي ثقافة تلك التي يمكنها ان تلعب دوراً في التغيير؟ هذا هو السؤال الصعب. ثقافة القوميين أم الاسلاميين؟ في تصوري ان الشارع العربي بلا استثناء بحاجة الى ثقافة تمجد الإنسان والحياة كقيمة مقدسة. ليست مقولات قدسية الله أو القومية أو الوطنية، انما مقولات الفرد العادي. الانسان بكل تفاصيله الحياتية. مثلا: عندما يقلب المرء الصحف والكتب المدرسية والجامعية العربية أو يشاهد قنواته المرئية يجد كلمة " شهيد" و كلمة " الشهادة" بالاطنان. بينما تفتقد اغلب هذه الوسائل لكلمة " انسان" و كلمة " حياة". عندما نقول " انسان" سنفكر حتما بالمرأة التي تذوق الذل والاهانة من قبل الرجل في العالم العربي بشكل يدعو للغثيان. سنفكر بالطفل الذي لا يجد سوى شوارع الاسفلت وبرك المياه الممتلئة بالبكتيريا ليلعب فيها والذي لا يجد سوى صفعات الاب والاخ الاكبر اذا لم يجلب لهما علبة سجائر، سنفكر بالحياة التي يمكن أن يسرقها اي شرطي ساذج برصاصة، سنفكر ونفكر ونفكر... سنفكر ربما ولأول مرة في تاريخنا أن نفتح ابوابنا للآخر ليعيش معنا ونعيش معه، نتعلم من الصيني، والهندي والسويدي ويتعلم منا، ونتزوج منه وهو منا. لان عواصمنا العربية تفتقد للتنوع الإنساني. اي ببساطة علينا أن نصبح ابناء حياة وانسان اولا حتى نستطيع ان نحلم بثقافة تلعب دورا ما في التغيير الاجتماعي.
*عُرف الكاتب عباس خضر بين القراء والمثقفين العراقيين من خلال كتابه الذائع الصيت " الخاكية" ماذا يمثل لك هذا الكتاب و كم استغرق الإعداد لهذا الكتاب ؟ وهل سوف تواصل مشوارك في هذا النهج ؟
-هذا الكتاب لا يمثل حاليا الكثير بالنسبة لي. قبل هذا اليوم كان يسعى لبداية جديدة بلا قتل إنساني ثقافي. كنت أحلم حقاً بان يفتح هذا الكتاب بداية لجرأة ثقافية تصنع تحولات مجتمع جديد. تمجد مقولات الحياة والانسان معاً. لكن كان صوت الخوف وصوت الرصاص والهمجية اكبر من مقولات الحياة التي كنت احلم بها. حاليا و لان الخاكية في العراق قد تنوعت، واصبحت هناك خاكية الطائفة والعشيرة والقومية، لم اعد اجد في هذا الكتاب سوى مجرد محاولة فاشلة في اعادة الحياة لزمن حالم كان يلفظ انفاسه الاخيرة تحت قضبان زمن قاس مازال يفرض علينا دقائقه وساعاته وسنواته بالدم والموت. بالنسبة للفترة التي استغرقتها كتابة هذا الكتاب، أظنها أقل من عام. فمن طبيعتي أن أكتب يومياً بين 4 إلى 10 ساعات. لكن جمع المواد استمر لفترة طويلة. أما الافكار فهي حصيلة سنوات طويلة من المراقبة. وفي العموم كان الكتاب اقرب إلى الوثائقي وحاولت فيه ان اعرض الخطوط العريضة لهذه الثقافة لا اكثر. اما بالنسبة للكتابة مرة اخرى في هذا المجال فلا اظن والسبب هو تفرغي حاليا للكتابة الروائية باللغة الالمانية. لكن هذا لا يعني أن كتابتي الادبية لا تتناول هذا المجال بطريقة ما. أما من جانب مباشر فهنالك مشروع تاليف دراسة حول الادب والدكتاتورية خلال القرن العشرين. يتناول الآداب في اغلب الدكتاتوريات ومنها البعثية ويشارك فيه معي كتاب من مختلف قارات العالم. لكن مثل هكذا مشروع يحتاج إلى سنين من البحث. ولكني أتمنى من كل قلبي أن يكتمل هذا العمل ذات يوم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-


.. فعاليات المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية في الجزاي?ر




.. سامر أبو طالب: خايف من تجربة الغناء حاليا.. ولحنت لعمرو دياب