الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتخابات مجالس المحافظات خطوة الى الامام

طلال احمد سعيد

2009 / 2 / 15
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



العملية الانتخابية خيار ديمقراطي , تمارسة الشعوب من اجل تسمية ممثليها في ادارة شؤون البلاد وعلى مختلف الاصعدة .
العراق مارس العملية الديمقراطية بعد سقوط النظام السابق , الا ان تلك العمليات بمجملها كانت ديمقراطية مشوهة , افرزت العديد من الاشخاص اللذين لايمكن ان يكونو ممثلين للشعب , وقد امتلأت كراسي المجلس النيابي ومجالس المحافظات بأشخاص غير مؤهلة مما ادى الى ضياع سنين اخرى من عمر العراق فضلا عن السنين التي ضاعت منذ العام 1963 حتى سقوط النظام .
لقد هزت العراق سنوات من العنف وعدم الاستقرار والتدخلات الخارجية في شؤونه المختلفة , وكانت مجالس المحافظات القائمة صورة سيئة للنظام , فأعمال القتل والتهجير والفساد المالي وعمليات السلب والنهب كلها شكلت العناصر الاكثر بروزا في ممارسات تلك المجالس , وهنا ينبغي الكشف عن الحقيقة الواقعه وهي ان مجالس المحافظات بلا استثناء كانت ممثلة للاحزاب الدينيه المسيطرة على البلاد من كلا الطائفتين السنيه والشيعيه . لقد انتشر الرعب بأسم الدين , ونهب النفط بأسم الدين , واضطهدت المرأة بأسم الدين , وقتل الابرياء بأسم الدين , وحوربت الحريات بأسم الدين , وقمعت الصحافة بأسم الدين .
العملية الانتخابية الاخيرة التي جرت لم تكن متكاملة او متوازية طبقا للمعايير الديمقراطية فأنها حملت الكثير من المآخذ , فأن نسبة التصويت بلغت 51% وهي نسبه ليست عالية ويمكن ان تكون متدنيه في بلد مثل العراق فيه الكثير من الاحزاب والتيارات السياسية المختلفة . يضاف الى ذلك ان العملية بحد ذاتها رافقتها العديد من المؤثرات السلبيه منها :
1. اعتمدت قوائم الناخبين على البطاقة التموينيه وقد ظهرت مشكلة كبيرة تمثلت في غياب اسماء الكثير من الناخبين من اللوائح الانتخابيه , مما حرمهم حق التصويت , واعتماد البطاقة التموينيه يحمل خطأ كبيرا وذلك لعدم دقة المعلومات الواردة فيها , وكان بألامكان اعتماد مصادر اخرى مثل هوية الاحوال المدنيه او جواز السفر او اي وثيقة اخرى يمكن الاعتداد بها .
2. جرت الانتخابات كما حصل في السابق بالتصويت على القوائم المغلقة بالرغم من تسميتها بلمفتوحة فأنها بقيت مغلقة وقد اضطر المرشحون المستقلون الدخول في قوائم الاحزاب والتنظيمات لكي يضمنوا حقهم في الترشيح لذلك فعندما نقرا اعلان المفوضية المستقلة لنتائج المستقله نجدها تتكلم عن القوائم والكيانات والتيارات وغيرها ولم تتناول الافراد الا لماما مثلما حصل في انتخابات كربلاء وهذه تعتبر حالة خاصة .
3. اعلن عن منع سير المركبات اثناء فترة العملية الانتخابية واغلقت الكثير من الشوارع الرئيسية والفرعيه مما حرم الكثير من المواطنين الوصول الى مراكز الاقتراع خاصة اولئك الذين لايتمكنون من السير على الاقدام مسافات بعيدة . اننا عندما نسجل هذه الملاحظة نتسائل عن نوع الديمقراطية التي طبقت عندما توضع العراقيل امام المواطن في سبيل الوصول الى صناديق الاقتراع .

لقد قال الناخب العراقي في انتخابات يوم 31-1-2009 كلمة واضحة بأنه يقف مع من يخدم العراق بحس وطني بلا اقنعه ولا اغطية ولارموز , ويمكن لنا ان نؤكد بأن هذه الانتخابات قد تبشر بمرحلة جديدة يدخلها العراق , وذلك عندما نفسح المجال بحرية اكثر امام الشعب للتعبير عن رأيه في هذه القائمة او تلك او في هذا الشخص او ذاك , وعلى الرغم من انه لايمكن الجزم بان النتائج جائت مطابقة لرغبات الناخبين الا انها تعتبر معبراً جديداً للتوجه الحقيقي للناخب .
انتخابات مجالس المحافظات قد تكون مؤشرا لانتصار محدود للتيار العلماني الا انها لم تسجل نصرا للعلمانين انفسهم . ان قائمة ائتلاف دولة القانون كانت القائمة الاكثر حظوظا في تلك الانتخابات وهي قائمة السيد رئيس الوزراء , وحسب ماهو معروف ومعلن فقد صدرت طروحات رئيس الوزراء متطابقة مع المشروع الوطني العراقي وبعيدة عن التخندق الطائفي والمذهبي والقومي , ولقد استطاعت قائمة ائتلاف دولة القانون ان تكتسح النتائج في سبع محافظات في الوسط والجنوب ولاشك ان فوز هذه القائمة لم يكن مفاجئا انما جاء نتيجة لتوجهات السيد رئيس الوزراء التي ارتكزت على المعطيات التالية :
1. الدعوة الى وحدة العراق ونبذ مشاريع التجزئة ومعارضة اقامة الاقاليم والفيدراليات وتعديل دستور البلاد وفق هذه الاسس .
2. التعبير عن ضرورة اقامة الدولة المدنيه بعيدا عن التيارات الدينيه والابتعاد عن اقحام الدين في السياسية بالقدر الذي يدفع النظام السياسي في البلاد نحو التكامل .
3. الاعلان عن محاربة الميليشيات والخارجين عن القانون واقامه دولة القانون من خلال التطبيق الكامل للسلطة واعادة الهيبة لمؤسساتها .
ان فوز السيد رئيس الوزراءفي انتخابات مجالس المحافظات ليس حاسما لانه مازالت هناك الكثير من الاصوات التي حصلت عليها الاحزاب الدينيه وسوف يكون لها موقع في هذه المحافظة او تلك , لذلك قد يخطأ من يعتقد ان الاسلام السياسي خسر معركة انتخابات مجالس المحافظات . وان علينا ان نضع في الاعتبار امرا مهما وهو ان رئيس الوزراء نفسه هو رئيس لحزب الدعوة الاسلامي ,وقد يكون من السابق لاوانه ان يدعي احدا ان هذا الحزب قد تحول الى حزب علماني , صحيح ان تصرفات رئيس الوزراء تعكس الكثير من المواقف التي تبشر بالخير غير ان الحقيقة تقرر ان حزب الدعوة والاحزاب الاسلامية الاخرى مازالت هي الماسكة لتقاليد الحكم في البلاد . وقد ظهرت بعد الانتخابات تحركات لهذا الحزب او غيره بقصد اجراء تحالفات داخل مجالس المحافظات الجديدة ويقيني ان تلك التحالفات يمكن ان تعيد البلاد الى المربع الاول وتفضي الى اعادة سيطرة الاحزاب الدينيه على تلك المجالس من جديد .
مع كل ماتقدم يمكن الاستنتاج بأن العملية الانتخابيه هذه تركت الكثير من المؤشرات الايجابية في المشهد السياسي العراقي ومن اهم تلك المؤشرات :
1. الانتخابات يمكن اعتبارها خطوة عراقية هامه نحو التغيير والاستقرار .
2. التفكك الذي حصل في الائتلافات الطائفية قد يكون طريقا هاما في القضاء على المحاصصة الطائفية السائدة في البلاد .
3. الانتخابات تعتبر بحق انتصاراُ مهما للمشروع الوطني العراقي وان العراق سائر بخطى وان كانت بطيئة نحو اقامة الحكم المدني .
4. الانتخابات وجهت ضربة قاضية لمشاريع التقسيم واجندات الاقاليم والفيدراليات .
5. النتائج اشرت ولو بشكل محدود على حصول تغيير في الخارطة السياسية في البلاد .

انتخابات مجالس المحافظات تعتبر بحق خطوة الى الامام في طريق المسيرة الديمقراطية وتحقيق سلطة الدولة المدنيه , الا اننا يجب ان لانمضي بعيدا ونفرط بالتفائل لان العراق مازال يعاني مشاكل كثير وانه لم يتعدى بعد مرحلة الفوضى . فأن اسباب عودة النزاعات الطائفية هنا وهناك مازالت قائمة ولم يتم القضاء عليها , وان بؤر الارهاب موجودة وتمارس نشاطها بأستمرار . وقد شهد العراق العديد من اعمال العنف والتفجير والقتل بعد الانتخابات وهذا يعني بالضبط ان مصادر الخطر مازالت تعيش بيننا وهي ليست بعيدة عن تأجيج النزاعات هنا وهناك .
لابد اخيرا من الكلام عن اصلاح العملية الانتخابية كي تكون اقرب الى الممارسة الديمقراطية الحقيقية ويأتي ذلك عن طريقين .

الاول - اصدار قانون بأجازة الاحزاب السياسية العاملة , وذلك ليتسنى للناخب وغيره التعرف على الاحزاب من خلال برامجها والقيادات المسيطرة عليها وغيرها من المؤشرات المهمه .
الثاني - تعديل قانون الانتخاب بجعل الترشيحات الى المجالس النيابية فردية ومناطقية وليس عبر كيانات غير معروفة فالذي حصل الان هو ان كيانات خاضت الانتخابات بأسماء اشخاص ليسوا مرشحين فيها فأعلن ان هذه قائمة المالكي وتلك قائمة الحكيم والثالثة قائمة علاوي وهكذا والصحيح هو ان يكون هنالك فردا مرشحا بأسم معروف وتاريخ معروف في هذه المنطقة اوغيرها ممثلا لشريحة محددة من الناخبين , وعلى هذا الاساس يجري اختيار الممثلين الحقيقين للناخبين المتوجهين الى صناديق الاقتراع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. على خطى حماس وحزب الله.. الحوثيون يطورون شبكة أنفاق وقواعد ع


.. قوة روسية تنتشر في قاعدة عسكرية في النيجر




.. أردوغان: حجم تجارتنا مع إسرائيل بلغ 9.5 مليارات دولار لكننا


.. تركيا تقطع العلاقات التجارية.. وإسرائيل تهدد |#غرفة_الأخبار




.. حماس تؤكد أن وفدها سيتوجه السبت إلى القاهرة