الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشتومون في الأرض!

إكرام يوسف

2009 / 2 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


مازلت مصرة أن المنتصر الوحيد في العدوان الصهيوني الأخير على غزة هم المعتدون. وأن أمامنا شوطا طويلا حتى نجرؤ على القول إن المقاومة الفلسطينية حققت بوادر انتصار. فالمعركة ستظل قائمة إلى أن تفرز شعوبنا مقاومين يتصدرون الصفوف وأعينهم على استرداد الحق، لا على الاستيلاء على السلطة. ولا ينفذون إلا أجندة شعوبهم وحدها من دون صفقات تحقق أغراض الآخرين. وشواهد هزيمتنا ـ جميعا ـ ماثلة للأذهان؛ فمن آلاف الشهداء والمصابين، إلى تأخير أمد التحرير بسبب ضياع البوصلة وصرف الأنظار عن المعتدي الذي كان من المفترض أن تتوحد الجهود لبحث سبل مواجهته وإجباره على احترام الحق. فبدلا من ذلك انصرف القوم إلى تبادل الاتهامات واللعنات. وبعد أن كان السيف سبق العزل منذ وجه السلاح الفلسطيني إلى الصدر الفلسطيني، ووقف العالم يتفرج على "الأشقاء" من حماس وهم يسحلون "الأشقاء" من فتح ويلقونهم من عل، وتنفذ أحكام الإعدام ضد من يوصفون بالعملاء دون محاكمة! وما أن بدأ العدوان حتى ترك الجميع المعتدين و"اتشطروا" على بعضهم البعض، فانتهت الجولة وقد تفاقم الانقسام، وتجاوز الخلاف بين حماس وفتح، لتظهر خلافات بين حماس الداخل وحماس الخارج، وتنقسم حماس الداخل بين مؤيد لوقف إطلاق النار ومعارض. وانشغل الحكام العرب في محاولات سرقة الكاميرا من بعضهم البعض، واستخدمت في ذلك أكثر وسائل "خناقات الحواري" ابتذالا. فإذا بوسائل إعلام شقيقة تركز بثها على مهاجمة مصر (الشعب قبل الحكومة)، وتحرص على إظهار "خيانة" المصريين أكثر من إبرازها لهمجية المعتدين. ولم يقصر إعلاميون مصريون، فردوا التحية بأفضل منها! وحفلت صحفنا بمنافسة بين كتاب الحكومة في "فرش الملاية" للأشقاء! وانتقلت لغة العشوائيات إلى صفحات الصحف. رغم أنه لم يكن يليق بأحفاد الكاتب المصري الذي علم الكون الكتابة الانزلاق إلى هذا المنحدر، حتى لو انزلق آخرون . ومرة أخرى، وقف العالم يتفرج على "أمة" عربية تمسك بخنق بعضها البعض، غير مبالية بما يحدث لأهل غزة إلا بمقدار ما يفيد في شتيمة الآخرين. وبالطبع انتقلت البذاءة ولغة السوقة من مستوى الحكام، وقادة الرأي الإعلاميين إلى مستوى الشعوب. فمن يتصفح شبكة الانترنت يرى بعينيه "من المنقي خيار"، في تلاسن مبتذل بين الشعوب. وانصب أكثر الهجوم ضراوة وتجريحا على رؤوس المصريين، الذين نسبت إليهم جميع مباذل الخلق، واكتشف الأشقاء أن "المصري عبد الجنيه والدولار"، وأن "الفن المصري هابط والشعب المصري أسوأ شعوب الأرض." والمؤلم أن الأشقاء لم يقصروا انتقاداتهم ولا هجومهم على الحكم في مصر ـ وهم يعلمون أن المصريين أكثر شعوب العرب جرأة على معارضة الحاكم، وشهدت بنفسي فزع أشقاء مما يعتبرونه مبالغة في الجرأة على صفحات صحفنا، بينما لا يستطيع الواحد منهم أن يذكر اسم حاكمه دون إلحاقه بما تيسر من الدعوات وعبارات التفخيم وإلا تعرض لما لا يطيق، و أكدت لهم أن ما يرونه ليس بسبب أريحية الحاكم أو نزوعه الديمقراطي، ولكنه حق انتزعه المصريون بعد عقود طويلة من النضال والتضحيات ـ بل، وجدها الكثيرون فرصة لصب مخزون مشاعر سلبية تجاه المصريين ـ الشعب ـ لا أعرف بالضبط من أين جاءت، وأين كانت مخفية.
ما دفعني لكتابة هذا الموضوع ما عرفته من أنواع السخافات التي واجهها مصريون يعملون في بلاد الأشقاء، حتى أن زميلا مصريا في مؤسسة إعلامية عربية، عايره زميل من بلد شقيقة قائلا له "يا بن القاهرة!" ووصل الأمر إلى حد التشابك بالأيدي في كثير من الأحيان. وحدث أثناء اجتماع مجلس مؤسسة إعلامية أن عرض أحدهم خبرا عن سقوط الثلوج في إحدى البلاد، فإذا بزميل عربي منصف يقول "دعونا نتناول هذا الموضوع من زاوية إغلاق معبر رفح!" متهكما على سياسة تحرير المؤسسة التي جعلت جل همها مهاجمة مصر والمصريين، وركزت تغطيتها على معبر رفح أكثر مما تناولت العدوان نفسه. ولا شك أن هذه الممارسات تركت جروحا يصعب أن تداوى بسرعة، وربما يكون لها أثرها على مشاعر المصريين تجاه قضايا الأشقاء. لكنني أعود فأقول إن العيب ليس عيب من تطاولوا، بقدر ماهو عيب حكومتنا التي لم تحفظ كرامتها وهانت على نفسها فهانت على الناس، وجعلتنا "ملطشة" للجميع. فما يعرفه القاصي والداني عن فساد هذا الحكم وفضائحه، واستمراره مع ذلك جاثما على صدورنا كل هذه المدة، فضلا عن تهافت وضع مصر إقليميا ودوليا منذ قبلت التنازل عن دورها الريادي والقبول بدور التابع الذي يتلقى أوامره عبر آلاف الأميال، أضف إلى ذلك رداءة الأداء المصري في الأزمة الأخيرة، وظهور الحكومة المصرية بمظهر التائه المتخبط، فاقد الاتجاه؛ كلها عوامل جعلتنا نرخص في عيون الخلق. حكومتنا فرطت في كرامتها خارجيا، وداست كرامتنا داخليا، فتجرأ علينا كل من هب ودب. وصدق في حقها قول مارتن لوثر كنج "إذا لم تنحن، فلن يستطيع أحد أن يمتطي ظهرك"، أو كما قال العقلاء "الحكومة العقيمة تجيب لشعبها الشتيمة" أو "حكومة السخام تجيب لبلدها الكلام" ولاحول ولا قوة إلا بالله!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لسه برضه في ناس بتحب مصر
ابراهيم علاء الدين ( 2009 / 2 / 14 - 23:01 )
الاخت المحترمة اكرام يوسف
اتفهم تماما موقفك في مواجهة الهجمة الشعبوية التي قادتها ونفذتها الاحزاب الاسلاموية وانصار الممانعة السورية النظامية
والهدف من وراء تلك الحملة هو اجبار الحكومة المصرية على فتح افاق دولة الامارة الاسلامية او امارة حماسستان الاسلامية، فالحرب كلها كانت لاجبار مصر على فتح معبر رفح ... ولماذا معبر رفح مع ان هناك ستة معابر اخرى لم يطالب احد بفتحها ..؟؟
لان معبر رفح هو الوحيد الذي يوفر ممرا لقادة حماس الى العالم مما يمكن قادتها من التنقل بحرية بين الامارة والخارج وبعد فترة سوف يستخدم الممر لاستقبال الوفود الرسمية وبذلك يكتمل الديكور الرسمي لامارة حماسستان.
وهذه اعلى غايات واهداف حماس حتى لو قتل كل اهل غزة
ولكن يا سيدتي انا واحد من الناس مثلا من بين عدد من اصدقائي وزملائي كتبت عدة مقالات اثمن فيها الموقف المصري بل ودعوت الى الاصطفاف خلف الموقف المصري حتى تتمكن هذه الامة من النهوض
ولكن يا سيدتي المواقف الشعبوية تستهوي الغوغاء .. وللاسف ان الكثير من الكتاب هم اقل درجة من الغوغاء
تحياتي لك يا سيدتي وارجو الا يدفعك الشعبويون واليسار القومجي وتيارات الاسلام السياسي ان في الاتجاه المعاكس وبالاسلوب ذاته
مع خالص المودة والتقدير


2 - الكلام المستقيم أفضل يا ستنا الكاتبة
النيل - حابي ( 2009 / 2 / 15 - 07:38 )
ما معني هذا الكلام يا ستنا الكاتبة (أمامنا شوطا طويلا حتى نجرؤ على القول إن المقاومة الفلسطينية حققت بوادر انتصار؟؟؟.
؟؟؟!!!!؟؟
ان ما تسميه مقاومة في غزة هم جماعة الاخوان المسلمين فرع غزة تحت قيادة اخوان مصر الذين يسعون للانقضاض علي السلطة وحينها لن يسمحوا لك بغير الحجاب والنقاب ولا بنشر صورتك الموجودة اعلي مقالك لأنها عورة وصوتك عورة واسمك عورة ولا حق لك في ولاية من اي نوع ولن يسمحوا لولديك الا باللحيةوالشارب وربما العمامة والجلباب الافغني .. و .. و الي آخر ما يجب أن تعرفينه ان كنتي لم تعرفيه بعد ..
التهافت علي أي انتصار يأتي ولو علي يد الشيطان الرجيم . هو انتحار .... ألم تسمعي بعد عما يفعله الاهوان المسلمون - حماس- في غزة وشعبها وزملاء المقاومة الآخرين ؟ انه نموذج لما سيحدث علي يد الاخوان المسلمين في مصر للشعب المصري ألا بجب أن ننظر الي تحت أقدامنا لنبصر أية حفرة نحن مقبلين علي السقوط فيها ؟؟

اخر الافلام

.. مقتل حسن نصر الله.. هل تخلت إيران عن حزب الله؟


.. دوي انفجار بعد سقوط صاروخ على نهاريا في الجليل الغربي




.. تصاعد الدخان بعد الغارة الإسرائيلية الجديدة على الضاحية الجن


.. اعتراض مسيرة أطلقت من جنوب لبنان فوق سماء مستوطنة نهاريا




.. مقابلة خاصة مع رئيس التيار الشيعي الحر الشيخ محمد الحاج حسن