الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التفائل مع اوباما وليس التشائم

عبد العالي الحراك

2009 / 2 / 15
العولمة وتطورات العالم المعاصر


استقبل بعض الكتاب العراقيين والعرب اليساريين والقوميين,تنصيب الرئيس الامريكي اوباما بالتشائم مدعين ان تنصيبه هذا كان من صنع المخابرات الامريكية لتغطية الفشل الذي حققه بوش في سياساته الداخلية والخارجية وانه اي الرئيس اوباما لا يمكنه تحقيق ما ادعى به واوعد,لان الحياة السياسية والاقتصادية هناك تحركها وتديرها المؤسسات الامريكية وليس الاشخاص..اقول حتى وان كان لهذا الرأي من مؤيدين لدى اصحاب التفكير الذي يتجمد على ايديولجيته ولا يعطي حرية للعقل ان يفكرو يحتمل ويؤثرعنما تتوفر معطيات موضوعية جديدة لا تتناقض مع الايديولوجية خاصة عندما نفهمها فهما علميا متوازنا مفيدا ونتصرف بها لصالحنا او بتلك المعطيات وان فشلنا فهو اهون لاننا جربنا وسيلة اخرى ولم نسد الطرق امام جميع الاحتمالات والممكنات معتمدين فقط بجمودنا على الايديولوجية وهي ليست جامدة بل نحن الجامدون وليست الايديولوجية .. ان اصحاب نظرية المؤامرة واقفون في مكانهم منذ زمن بعيد حتى وان كانت هناك مؤامرة بل مؤمرات لان العدو يخطط ويستخدم عقله حسب فلسفته الاستغلالية في استغلال الشعوب ومن ضمن نشاطه التأمر عليها بالاستعانة بالعملاء والخونة الذي لم يستطع صاحب نظرية المؤارة القومي والرجعي من تحريك نفسه واستخدام عقله واحتواء ابناء شعبه وبث الروح الوطنية فيهم وجعلهم يفضلون استثمار خيراتهم وهي فائضة لصالحهم جميعا عوضا عن تقديمها هدية للاستعمار والاحتلال وهو يقتات على فضلات مؤامراتهم.. ان فهم واستيعاب الايديولوجية العلمية بشكل جيد ومرن واعطاء العقل حريته لا يمنع من التفائل بان شيئا جديدا افضل من سابقه قد يفعله اوباما ولا مبررعلمي لاستقباله بالرفض وتحجيم دوره وجعله اداة فقط بيد المخابرات الامريكية وهو ذلك الشاب الممتلأ ذكاء وحماسا وطنيا وانسانيا وله خطاب متوازن وقابل للتطبيق بعقلية متفتحة ثم انه لا يدعي القدرة على تحقيق المستحيل ويعلم جيدا العقبات والصعوبات التي تواجهه وقد ينجح او يفشل وهذا يعتمد على احواله وظروفه الذاتية والحزبية والموضوعية الامريكية والعالمية.. ليس صعبا ان نكرر طبع واستنساخ المواقف والرؤى ولكن يجب ان نسأل انفسنا ماذا حققت لنا مواقفنا الجامدة هذه وماذا سيحقق لنا عقلنا عندما نحركه ولو قيلا على اساس العلم والمتغييرات االدولية..ان اوباما ليس ماركسيا وليس اشتراكيا جامدا حتى تريدوا ان تطبقوا عليه الماركسية وانتم غير قادرين على فهمها وتطبيقها على واقعكم والاستفادة منها وطنيا.. انه انسان واقعي قد يفيد بلده والعالم بعيدا عن الايديولوجية الماركسية وهي صحيحة جدا ولكن بحاجة الى من يقتنع بها ويفهمها فلا تعتبوا او تطالبوا من لا يقتنع بها وتلومونه على ما يؤمن ويطبق وتتركون انفسكم للتشائم وانتم مدعيها دون نتيجة على الارض ..لقد رفض الرجل الحرب على العراق قبل ان يبدأ بوش فشله وهو الذي اضطره الى الاعتراف بذلك الفشل والبكاء علنا امام زوجته وكان يعارض مواقف واجراءات بوش ويستهزأ منه مبتسما متمكنا من نفسه واثقا من صحة ارائه واوعد بسحب قواته من بلادنا وتسليم العراق الى العراقيين فهل العراقيون قادرون على استلام بلادهم وصيانته؟ لايمكن في هذه الحالة الوقوف بوجهه والقول انه يكذب لان الامر يتعلق بالمصالح الامريكية التي تقررها المخابرات المركزية وكأنما هو صنم يوقع فقط على ما تراه تلك الاجهزة وليست تعرض امامه الموقف وهو الذي يدرس ويقرر بالاضافة الى قوى حزبه في الكونكرس. صحيح ايضا بان الحكم في امريكا بيد المؤسسات وليس بيد الرؤساء وهذا امر جيد يميزالديمقراطية في امريكا ويمنع الدكتاتورية رغم تحكم اصحاب رؤؤس الاموال الى حد بعيد خاصة اثناء الانتخابات الرئاسية ولكن على الكاتب والمحلل ان لا يرمي بثقل تفكيره على هذا الموقف الايديولجي دون التصرف به وفق الاحداث والمتغيرات واعطاء الشخص بعض الهامش والحرية في التأثير واحداث التغيير والا فسيكون جميع الرؤساء الامريكان بنفس الحالة الجامدة تحركهم المؤسسات الامريكية واصحاب الشركات الكبرى وفي مقدمتها المخابرات الامريكية ولا فرق بين رئيس ورئيس. وهنا يكمن الخطأ لان اصحاب هكذا رأي وموقف يتحكم به رأيهم الايديولوجي المسبق عن امريكا وعن مواقفها من قضاياهم التي لم يشاركوا في بنائها وتقويم اخطائها تسيطرعليهم حالة من التشائم اتجاه المقابل وعدم معرفة الطرق والوسائل المتجددة في مواجهته واثبات الذات وتقريرالمصير بمختلف الطرق والوسائل وبناءا على قوة الموقف الذاتي وحجم تأثيره في الاخر. فهل للقوميين والاسلاميين في منطقتنا من تأثير مباشر وايجابي في الاحداث المحلية حتى يعتمد عليهم الشعب وحتى تسمع لهم امريكا وتحسب حسابهم المؤؤسسات الامريكية والشركات العملاقة؟؟ ناهيك عن تلك الاقليمية والدولية..فهل ارتقى الموقف الفلسطيني مثلا في تأثيره العالمي لكسب حقوقه الوطنية في هذه الايام كما حصل اثناء انبثاق حركات التحررالوطني الفلسطيني ومسيرتها النضالية التي اجبرت العالم على الاعتراف بها وانتزاعها حق الاعتراف العربي والدولي كممثل وحيد للشعب الفلسطيني وما مؤامرات التسويات الاستسلامية التي فرضت على الشعب الفلسطيني الا في اتجاه اخضاعه وحرفه عن طريق النضال الصحيح..اقصد من كلامي هذا ضرورة بناء الموقف الذاتي الفاعل قبل تقييم مواقف الاخرين والانجماد ازائها بموقف متشائم. لا اقصد من كلامي ودعوتي بالتفائل ان يحل اوباما مشكالنا بتفائلنا وتصفيقنا له, بل قد تلتقط بعض الاجراءات التي تصب في صالح الخيرعموما وبعض الخير يشمل اصحاب المواقف المتفائلة.. فاوباما كشاب اسمر نشط وذكي ومن منحدر طبقي فقير ومن قارة افريقية جائعة يؤمن بقدرته على تغيير الاحوال في امريكا المؤثرة في الوضع العالمي لا يمكن استقباله بالتشائم وانما بالتفائل الحذر مع المتابعة والمراقبة والحكم عليه من خلال النتائج فقد طرح موضوع الانسحاب من العراق ضمن فترة زمنية معقولة فهل هذا الموقف يدعو الى التشائم ام الى التفائل بشرط ان يمتلك العراقيون موقفهم الذاتي الوطني وقدرتهم على ادارة بلادهم وابعادها عن حدوث حرب اهلية او فوضى بعد اكمال الانسحاب. فهل هذا متوفر وهل لأصحاب التحليلات المتشائمة دورايجابي في صنعه؟ ثم ان الرئيس الجديد اوباما يحث الخطى في سبيل حل القضايا الامريكية الداخلية وقضايا العالم الدولية التي تتحكم فيها امريكا ولها دورها المركزي كالقضية الفلسطينية فقد ارسل مبعوثة جورج ميشيل وهو افضل المفاوضين الامريكيين وعلى اتصال وقبول من قبل السلطة الفلسطينية لاحياء عملية السلام بصرف النظر عن الموقف من مدى فائدة عملية السلام ودور السلطة الوطنية الفلسطينية ومسار العملية ومن يخطأ ومن يصيب.. حيث ان العالم يفهما بهذا الاتجاه والموقف الاوبامي سيكون افضل من موقف بوش في كل الاحوال ونتائجه ستعتمد على دور المفاوضين وسير الاحداث دون ان يفهم حسب موقف ثوري لم تتوفر شروطه وظروفه وآلياته, دون المطالبة من اوباما ان يقدم فلسطين هدية للفلسطينيين لانهم يتمنون هكذا تاركا عرض الحائط المصالح الامريكية في المنطقة والعالم. ثم ان فكر اوباما وخطابه العلماني وموقفه المتوازن بين الاديان ومعتقديها ودعوته للحرية والتحرر من تأثير الكنيسة.. الم تكن موقف تدعو الى التفائل والتبشير بالخير..؟ ان موقفه من المرأة الامريكية ومساواتها القانونية مع الرجل بحيث ساواها معه قانونا بالراتب وجميع الحقوق دون تمييز وهذا موقف لم يرض اصحاب الكنيسة والمحافظين الامريكان ورجال الاعمال الذين ما زالوا يستغلون النساء في امريكا برواتب اقل من رواتب الرجال.. فماذا يقول المتشائمون ازاء هذا الموقف المتقدم على مواقف بوش الرجعية.؟ الحاحه على الكونغرس الامريكي وخاصة ممثلي الحزب الجمهوري للاسراع بالتصويت لحل الازمة الاقتصادية التي تبدأ بتوفير فرص عمل لملايين العاطلين ومساعدة اصحاب الدخل المحدود لتسديد اقساط المساكن التي يسكنوها اذن هي اجراءات معقولة في ظل طبيعة الحكم والحياة في امريكا وارجو من المحللين ان لا يزيدوا من انجمادهم ويطلبوا من اوباما ان يكون ماركسيا او اشتراكيا..ولو اعلن بالكلام كذلك الم يعلو له التصفيق ام يستمر التشائم ولو انه افتراض نظري؟ انه انسان جيد يمكن ان يخدم الفقراء اولا في بلاده وفي العالم ويساعد في حل المشاكل الدولية بافضل الطرق الامريكية ليس الا.. ومن يطالبه باكثر فهو انسان غير واقعي يختنق بنظريته الصحيحة وهو الخاطي لانه لا يفهمها ومتورط بها وخارج مستوى الحياة التي نعيشها وتأثيراتها ..لقد دعى اوباما في خطابه الى احترام العالم الاسلامي وحل المشاكل عن طريق الحوار والمفاوضات والاعتراف بالاخر وقال ان الارهابيين في الدول الاسلامية قلة قليلة والمعتدلين هم الغالبية,يجب التعامل معهم واحترامهم في سبيل هزيمة الارهاب وهذا موقف جيد.. كذلك توجهه للحوار مع ايران لحل المشاكل التي تخدم المصالح الامريكية ونحن كعراقيين ان كنا بمستوى المسؤؤلية الوطنية ان نرتقي الى مستوى استحصال حقوقنا دون تصرف امريكي او ايراني بها وهنا نقطة الحذر والترقب والتي تستدعي نضال ووحدة وطنية.. ارجو من المتشائمين ان يتفائلوا لوحدتهم الوطنية ويطوروها ويؤازروها وهي في مخاض عسيرفلمواقف اوباما الديمقراطية على الاقل حافزا للتقدم الى امام نحو الديمقراطية اولا وليس الوقوف موقفا انتقائيا جامدا .. ومن اجراءاته الاخيرة التوجه الى اوربا واشراكها في حل المشاكل الدولية دون عزلها كما فعل بوش ظانا بقدرته على السيطرة على العالم بمفرده ولنهب خيراته لصالحه كما ان اوباما يعتقد بحل مشاكل العالم ليس عن طريق الحروب وانما المفاوضات والتعاون الدولي...لا اقول بان اجراءاته هذه هي المثال الصادق لحل مشاكل العالم خارج المصالح الامريكية والاوربية التي ما زالت مصالح استغلالية ولكنها افضل من اجراءات بوس وتستحق التفائل كما ان التفائل وحد لا يحل المشاكل ولكنه افضل من التشائم.. فلماذا لا نتفائل مع جميع هذه المعطيات المهمة التي يسعى اوباما لتحقيقها وهو لم يبلغ الشهر منذ تنصيبه.. فلا داعي للتشائم كما لا داعي للافراط في التفائل لان اصحاب الحق عليهم الاعتماد على قدراتهم الذاتية ثم االنتباه الى الاخرين بتفائل عندما تكون هناك مؤشرات للتفائل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الترجمة السيئة والمسروقة
قاسم الدرويش ( 2009 / 2 / 15 - 13:28 )
لماذا لاتذكر المصدر من مجلة نيوز ويك الاميركية وتكون امينا ولكن فاتنى فاقد الشىء لايعطيه وانت من هذا النوع ولكن اعلم ان العراقيين يقرؤون ماوراء السطور وخصوصا السطور المشبوهة والمبتورة والتى يفوح منها الجهل والتردى


2 - التفائل والتشايم من علم الانتروبولوجيا
هاشم نادر ( 2009 / 2 / 15 - 17:02 )

لقد كان ابن الرومي من المتشائمين المعروفين
طرق احدهم باب ابن الرومي فسأله ابن الرومي من الطارق؟ فأجابه الطارق مرة ابن مرة ،فتشائم ابن الرومي من الاسم ولم يخرج من البيت طيلة ذلك اليوم
مقال ذكي يربط بين ماتكتبه الدوائر المخابراتية الامريكية لتحسين الوضع الاقتصادي الامريكي المتدهور لانتشاله من الازمة الخانقة ،وماالتقارب من دولة الصين الالانتشاله وما مجئ اوباما الا لاستحواذهم بأسمه على الدول الافريقية لسلب خيراتها واضهارهم له بألمنقذ .فأي تفائل وتشائم تريده من اليسارين العرب للمخططات الامريكية ؟ ايها الاخ الفاضل.
الافضل لك ان تكتب لاهل مدينتك المترجلين الى النجف بل ومن كل المدن العراقية التي أصبحت مهجورة في هذه الايام ،يقال ان هنالك اكثر من ستة ملاين مواطن الان في النجف ، ترى من الذي دفع بهم واغراض من تخدم هذه العمليات
اذا كنت تدعي الماركسية ارجو ان تحلل الواقع تحليلا ماركسية وبدون غرور وشكراً

اخر الافلام

.. بعد زيارة بوتين للصين.. هل سيتحقق حلم عالم متعدد الأقطاب؟


.. كيربي: لن نؤيد عملية عسكرية إسرائيلية في رفح وما يحدث عمليات




.. طلاب جامعة كامبريدج يرفضون التحدث إلى وزيرة الداخلية البريطا


.. وزيرة بريطانية سابقة تحاول استفزاز الطلبة المتضامنين مع غزة




.. استمرار المظاهرات في جورجيا رفضا لقانون العملاء الأجانب