الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وصول النزاع السريلانكي المنسي إلى مرحلة حاسمة

محمد سيد رصاص

2009 / 2 / 15
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


غادر البريطانيون الكثير من مستعمراتهم السابقة بعد أن جعلوها ملغومة بالمشاكل(=شبه القارة الهندية،فلسطين،العراق،السودان،فيجي........إلخ).
كانت سيلان(أصبح اسمها سريلانكا في عام1972،بعد استقلال1948)في وضع شبيه بفيجي التي تفجرت مشاكلها،إثر استقلال1970،مع انفجار النزاع بين الهنود المجلوبين إلى تلك الجزيرة الباسيفيكية(القريبة من أوستراليا ونيوزيلندا)بزمن الاستعمار،والمتولين للمناصب الرئيسية قبل الاستقلال وبعده، وبين السكان الأصليين:كان التاميل(20%من السكان ويقطنون شمال وشمال شرق سريلانكا،منهم9%جلبهم البريطانيون منذ1796 من جنوب الهند للعمل في مزارع الشاي)ذوي حظوة في زمن الاستعمار،بالإدارة وفرص التعليم،بخلاف الأكثرية السنهالية(72% ،المعتنقة للبوذية فيما التاميل هندوس)أوالمسلمين بالجنوب والشرق(7%). لذلك،كان من أوائل الخطوات التي قام بها البرلمان السيلاني،بعد قليل من الاستقلال،حرمان التاميل،ذوي الأصول الهندية،من المواطنية،وهو ماتوسع ليشمل التاميل الآخرين(المهاجرون بين القرنين الثاني عشر والخامس عشر من جنوب الهند)عبر التمييز ضدهم في الإدارة وفي الجيش(98%من منتسبيه سنهاليون)وفي تهميش مناطقهم عبر انعدام أوقلة الإستثمار الحكومي فيها.توبع هذا في عام1956مع تبني حزب الحرية،بزعامة رئيس الوزراء باندرانايكا،لإجراء جعل اللغة السنهالية اللغة الرسمية،وهو ماعززته أرملته(المتولية لرئاسة الوزراء بالسبعينيات)التي جعلت البوذية عام1972ديانة رسمية(كان وزير العدل من الحزب التروتسكي) حتى وصل هذا لذروته في دستور1979(مع تولي الحزب الوطني المتحد للسلطة، وهوالمازج في بوتقة واحدة للقومية السنهالية مع التعصب البوذي بالترافق مع نزعة يمينية ضد الشيوعية واليسار بزمن الحرب الباردة) لما تمَ تبني نظام رئاسي وضع وراءه الكثير من مظاهر اللامركزية الإدارية ،واتجه إلى الغاء الكثير من الاجراءات الاقتصادية اليسارية المتخذة من حزب الحرية في مجالي التأميمات والاصلاح الزراعي،ماأصاب بشكل رئيسي التاميل،سواء كانوا مزارعين فقدوا مورد الرزق أوكانوا عمال حضريين أصبحوا عاطلين عن العمل بعد اجراءات هذا الحزب اليميني الذي فاز في انتخابات1977.
على تلك الخلفية،البادئة بالتشكل ضد التاميل منذ 1948،تأسست منظمة(نمورالتاميل)في5أيار1976،وخاصة بعد وصول (الحزب الفيدرالي)التاميلي للطريق المسدود في مجال تأمين مطالب التاميل،ليأتي (نمور التاميل)في اتجاه مضاد كلياً،مع مطالبتهم بدولة مستقلة لمناطق شمال وشمال شرق سريلانكا،أي لمايسموه(تاميل عيلام)فيماتسمى أرض التاميل في الهند ب(تاميل نادو)ثم مع اتجاههم للعنف المسلح بخلاف النزعة البرلمانية السلمية لذلك الحزب التاميلي.
كان مؤسسوا تلك المنظمة من الشباب،ومنهم زعيمها فيلوبيلاي برابهاكاران(مواليد1954)، وكذلك كان منتسبوها الأوائل الذين أتوا من فقراء المناطق الحضرية والريفية بالشمال والشمال الشرقي.هنا،استطاع(نمور التاميل)،مع بدء عملهم المسلح ضد الحكومة المركزية بتموز1983،تصفية المنظمات التاميلية المنافسة خلال الثمانينيات،وتحويل مدينة جافنا إلى مركز للعمل التاميلي بدلاَ من مدراس عاصمة ولاية تاميل نادو الهندية،كماأنهم كانوا أول من استخدم العمليات الإنتحارية،وخاصة عبر النساء،اللواتي نفذن عمليات اغتيال راجيف غاندي(1991)والرئيس السريلانكي بريماداسا(1993)ومحاولة اغتيال الرئيسة السريلانكية كوماراتونغا(1999،وهي ابنة الزوجين باندرانايكا)وكذلك محاولة اغتيال قائد الجيش السريلانكي الجنرال فونسيكا عام2006.
من جهة أخرى،كانت تلك العلاقة بين تاميل سريلانكا وتاميل الهند ضاغطة على الحكومة الهندية للتدخل في ذلك النزاع الدامي على إثر موجات من التعاطف مع(نمور التاميل)تجاوزت مدراس لتصل إلى نيودلهي،ولكن عندما قرر رئيس الوزراء الهندي راجيف غاندي ارسال قوات لمناطق النزاع السريلانكي عام1987،على إثر اتفاق عقده مع حكومة كولومبو بإعطاء التاميل حكماً ذاتياً مناطقياً مقابل القاءالتاميل لسلاحهم،كان المشهد قد انقلب مع رفض (نمور التاميل)لهذا الإتفاق ،ماأدخلهم في صدامات مسلحة مع القوات الهندية إلى أن انسحبت عام1990،وماأعقب هذا التطور من انفجار مكشوف للنزاع السريلانكي طوال عقد التسعينيات الذي كان مشهده متحدِداً،مع الوصول لمحطة اتفاق شباط2002لوقف اطلاق النار والدخول في محادثات سلام بالنرويج بين الحكومة المركزية و(نمور التاميل)،بسيطرة الأخيرين على15ألف كيلو متر مربع من أراضي الشمال والشمال الشرقي وإدارتهم لتلك المناطق من بلدة كيلينوتشي.
كان ذلك الإتفاق محاولة من (نمور التاميل)لإتقاء آثار11أيلول عليهم،بعد أن كانوا"أساتذة"في العنف وكان الآخرون مقلدين لهم،وبالذات إثر قيام لندن،بعد قليل من الحدث النيويوركي،بحظر نشاط منظمتهم على أراضيها فيماكان تاميل بريطانيا(وكندا)الداعم المالي الرئيسي لهم طوال ربع قرن من الزمن.أيضاً،لايمكن عزل اسقاط(نمور التاميل)عام2003لمطلبهم بدولة مستقلة(مكتفين بحكم ذاتي مناطقي)عن تلك الأجواء،ليستغلوا، مع رفض الحكومة المركزية لذلك،انقسام مشاعر الحكومات الغربية بين كولومبو وكيلينوتشي.
بالمقابل،كانت الحكومة المركزية،التي عانت من هزائم عسكرية كبرى بالتسعينيات،ميَالة إلى جعل ذلك الإتفاق محطة للإستراحة والتهيؤ لجولة حاسمة من النزاع،وهي كانت تعي،في ظرف وصل فيها معدل التضخم إلى20%عام2006،بأن استغلال عواطف الأكثرية السنهالية(التي تشكل البوذية وقود عواطفها القومية ضد التاميل الهندوس)، وتثميرها لهزيمة (نمور التاميل)،سيكون الملاذ الآمن لها من الإنهيار في ظرف تلك المصاعب الإقتصادية الخانقة.
هذا كله قاد إلى جعل محادثات النرويج بلاأفق،حتى انفجر العنف من جديد في عام2006،ليصل عبر مراحل متقطعة ومتدرجة إلى حرب مكشوفة،بدأت مع اعلان الحكومة،في كانون الثاني2008،عن عدم التزامها بوقف اطلاق النار:خلال عام من الزمن،حتى نهاية الشهر الأول من2009،قام الجيش السريلانكي بتخفيض مساحة سيطرة (نمور التاميل)من15ألف كيلو متر مربع إلى 300كيلومتر مربع،وليحصر الأخيرون في شريط ضيق من الغابات المحاذية للساحل الشمالي الشرقي،وهذا مادفع الرئيس السريلانكي (راجاباكسا)للإعلان في 2شباط عن "أن جيشه على وشك تحقيق النصر" وليعلن بأن"سلام وحرية التاميل تتلوان انتهاء نمور التاميل"،مطالباً باستسلام غير مشروط من الأخيرين.
كيف ستكون سريلانكا(وتاميلها) في مرحلة مابعد (نمور التاميل)؟.......











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم تحذيرات الحكومة من تلوث مياهها... شواطئ مغربية تعج بالمص


.. كأس أمم أوروبا: فرنسا تسعى لتأكيد تفوقها أمام بلجيكا في ثمن




.. بوليتيكو: ماكرون قد يدفع ثمن رهاناته على الانتخابات التشريعي


.. ردود الفعل على قرار الإفراج عن مدير مجمع الشفاء الدكتور محمد




.. موقع ناشونال إنترست: السيناريوهات المطروحة بين حزب الله وإسر