الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطاب الصناديق السياسي

سعدون محسن ضمد

2009 / 2 / 17
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


ما هي الرسالة التي أودعها الناخب في صناديق الاقتراع؟ ماذا أراد أن يقول؟ وما الذي قلب خياراته بهذا الشكل المذهل؟ هذا الأسئلة موضوعة على طاولة الأحزاب والكتل السياسية التي اشتركت في الانتخابات الأخيرة، وسواء أكانت فائزة أم خاسرة.. فليس من الطبيعي أن تنقلب موازين القوى بهذا الشكل المفاجئ، ليس من الهين أن تمنح المناطق التي كنّا نـحسب أنها مغلقة على كيان محدد، أصواتها لكيان آخر!! ليس من الهين أن تتبرأ الشعارات الدينية ممن رفعوها.. تلك الشعارات التي كان يُعتقد بأنها ستجر الناس للقوائم (المقدسة) بنفس السهولة التي تجرهم بها للمراقد المقدسة. وليس من الهين أن يخسر جميع من راهن على العلماني ضد الإسلامي.
لنعترف جميعاً بأن نتائج الانتخابات كانت مفاجئة لنا كلنا، ولنعترف بأن اللغة التي تكلمت بها صناديق الاقتراع معقدة بعض الشيئ. خاصَّة وأن المالكي لم يفعل شيئاً غير نجاحة (مدعوماً بعشائر الصحوة) بخطة فرض القانون. الأمر الذي يضع علامة استفهام كبيرة على سره الذي سحر به الناس؟ وفعلاً ماذا فعل رئيس الوزراء ليستحق كل هذا الفوز؟ هل انتهت مشاكل الكهرباء والماء والخدمات؟ هل مات غول الفساد؟ ألم تتحول المحاصصة من كونها طائفية فقط إلى كونها طائفية وحزبية ومناطقية وحتى عشائرية.. إذا مع وجود كل هذه المشاكل كيف استطاع المالكي أن يقنع الناخبين؟
يبدو السؤال معقداً إلا إذا أخذنا بنظر الاعتبار معاهدة صوفا واعتبرناها إنجازاً من انجازات رئيس الوزراء. ما يعني بأن الجماهير لم تستمع لمن اعتبرها وثيقة خيانة من قبله للأمركيان. وإلا إذا اعتبرنا أن صولة الفرسان إنجازاً آخراً. وبالتالي فالجماهير لم تعتبرها موجهة للقضاء على البقية الباقية من (حماتها)، بل للقضاء على مصدر قلقها وخوفها. وإلا إذا اعتبرنا دعوته لتكريس صلاحيات المركز على حساب صلاحيات الأقاليم والمحافظات إنجازاً ثالثاً وإلا إذا اعتبرنا دعوته لتغيير الدستور ووقوفه ضد التطلعات غير المعقولة للأكراد وكشفه عن بعض الضغوطات التي تستهدف إجباره على خيارات محددة، إنجازات أخرى تضاف لرصيده. وأن هذه المواقف لم تكن محل ريبة المواطنين واستنكارهم كما حاول السياسييون أن يصوروها.
إذاً هل كانت هذه الخطوات مجتمعة هي التي سحرت الناس بالمالكي؟ أعتقد بأن الإجابة المعتدلة تقول: نعم. وكنت قد سألت النائب عن حزب الدعوة في البرلمان كمال الساعدي عن موقف حزبهم من تحركات رئيس الوزراء الأخيرة، وهل أنها خيارات مكتبهم السياسي، أم أنها تصرفات مرتجلة من قبل المالكي ويتحمل الحزب ضريبتها مضطراً. خاصَّة وأنها تهدد الدعوة بفقدان ثقة جميع حلفائه السياسيين وتعرض حكومته للفشل. أجاب الساعدي قائلاً: نـحن ندعم المالكي ما دامت مواقفه وطنية ولا يهمنا بعد ذلك لا حلفائنا ولا مصالحنا المرتبطة برضاهم. يومها اعتبرت أن الإجابة مبالغ بها، ولا أزال أعتقد ذلك، فبالنتيجة الدعوة حزب وليس مجموعة أنبياء متعالين على المصالح. لكن النكتة أن المالكي وحزبه راهنو على الجماهير لا على التحالفات وكان هذا الرهان شجاعاً وخطيراً بنفس الوقت، فقد كاد أن يصل بالمالكي لعتبة سحب الثقة. لكن خصومه أدركو بأن تصريحاته المتعلقة بالدستور واللامركزية وعقود النفط والمناطق المتنازع عليها أحاطته بالجماهير، وأدركو بالتالي أن تهديد حكومته بسبب كشفه بعض نواياهم يمكن يقلب المعادلة عليهم، وهذا ما أكدته رسالة الجماهير التي أودعوها صناديق الاقتراع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نتائج طبيعية
ساطع راجي ( 2009 / 2 / 17 - 08:17 )
لا اعرف حتى الان ما هو غير الطبيعي في النتائج التي افرزتها الانتخابات، فالاحزاب الدينية مازالت في موقعها مع تغيير في سلم التراتب وهو بالتحديد نتيجة للأداء السيء للمحافظين ومجالس المحافظات فقد خسر جميع المحافظين حتى الذين ينتمون لحزب رئيس الوزراء أما العلمانيون فوقعوا ضحية للتهويلات الاعلامية حيث خدعهم بعض الصحفيين وقراء الفناجين ممن يجرون إستطلاعات الرأي في منازلهم. ومن صعد بقوة كان صعوده متوقعا بسبب المال الحكومي والتحشيد والتعيينات وفوضى المفوضية


2 - غير الطبيعي
سعدون محسن ضمد ( 2009 / 2 / 17 - 11:02 )
غير الطبيعي يا استاذ ساطع هو فوز المالكي فاذا كان معظم اعضاء مجالس المحافظات الذين اشتركو بالتنافس قد خسرو نتيجة فشلهم في الأداء كان يفترض بالمالكي أن يخسر أيضاً خاصة مع تردي الواقع الخدمي والاقتصادي والسياسي. لكن المالكي لم يفشل وهذا ما حاولت تحليل اسبابه.
شكرا لك مرورك الكريم


3 - يريد العدالة في التوزيع..
هرمز كوهاري ( 2009 / 2 / 17 - 13:21 )
المواطن يريد العدالة في التوزيع ، ومحاسبة المقصرين اللصوص والقتلة أيا كانوا أيا كانوا حتى إذا كان أولا أو أحفاد المعصومين فلا عصمة إلا لله كما هم يقولون

اخر الافلام

.. معركة السيارات الكهربائية الصينية | عالم السرعة


.. الشرطة الألمانية تطلق النار على مهاجم يحمل فأسا داخل تجمع لم




.. سلسلة جرائم مروعة.. قصة قتل غامضة وسلسلة من الألغاز تقود إلى


.. مسلسل -هاوس أوف ذو دراغن- : متى تعلن الحرب بين الملكتين تارغ




.. -يلوّح بفأس وعبوة حارقة بين المشجعين في #هامبورغ.. - والشرطة