الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اشتداد المزاحمة والصراع بين القوى الاقليمية في المنطقة

نعيم الأشهب

2009 / 2 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


تشهد منطقة الشرق الأوسط ، في هذه المرحلة، تفاقما ملموسا في المزاحمة والصراع بين القوى الاقليمية فيها. وهذه القوى هي تحديدا، كل من اسرائيل وايران وتركيا، أما مصر فيتراجع دورها ليغدو هامشيا .
ويمكن القول بأن التغيرات الدولية، واسقاطاتها على منطقة الشرق الاوسط، لها دور هام في تحفيز عملية المزاحمة والصراع بين القوى الاقليمية في الشرق الأوسط . فتراجع الوزن النسبي لقوة الولايات المتحدة الاقتصادية على النطاق العالمي وانفجار الأزمة المالية والاقتصادية، هذه المرة في الولايات المتحدة ، والتي هزت منذ اليوم الأول ، دور الولايات المتحدة المالي والسياسي في قيادة العالم، وبالمقابل، تزايد تطلعات الاتحاد الاوروبي لممارسة دور سياسي أكبر في منطقتنا، بحيث لا يقتصر دوره على عملية التمويل وحسب، ومساعي روسيا لتكون لاعبا مرموقا في المنطقة، عبر علاقات عسكرية في الاساس، مع بعض دول المنطقة وبخاصة ايران وسورية.. هذه العوامل، الى جانب فشل حرب الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان، اضعفت قبضتها المنفردة على المنطقة، وشكلت حافزا للقوى الاقليمية السالفة الذكر للتحرك في اتجاه تعزيز ادوارها ونفوذها في المنطقة .
وفيما يتعلق باسرائيل، يمكن القول أن عدوانها على لبنان 2006 قد ألحق بها ضرراً استراتيجياً ، من حيث أن حصيلة هذا العدوان مثلت شرخا لقوة الردع لديها وكشفت أنها لم تعد كلية القدرة في المنطقة، وفي هذا السياق، كان أحد دوافع عدوانها الأخير على قطاع غزة محاولة استعادة الثقة بقوة الردع هذه، لاعتبارات داخلية وخارجية .
ومعلوم، أن المحافظين الجدد، الذين كانوا التيار المهيمن في رسم السياسة الاميركية الخارجية، في فترة ادارة بوش، كانوا يدفعون لوضع كل "البيض" الاميركي في منطقة الشرق الأوسط، في السلة الاسرائيلية، باعتبار اسرائيل القوة الراسخة التي يمكن الاستناد اليها في اخضاع المنطقة، وأن الأمر يتعلق بالمزيد من تعزيز قدراتها العسكرية وارضاء طموحاتها في المنطقة ولا سيما على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه، وأن الانظمة الأخرى الموالية لواشنطن في المنطقة لا يمكن الرهان عليها، لكونها معزولة وتفتقر الى أي قاعدة شعبية في بلدانها، مما يجعلها عرضة للمفاجآت والانهيار في أية لحظة. وانطلاقاً من هذا التقييم خرجت ادارة بوش، وخصوصاً بعد غزوها للعراق، بالدعوة لنشر الديمقراطية – بالمعايير الاميركية – في المنطقة، لتأمين قواعد ثابتة نسبيا لهذه الانظمة الموالية .
ومعلوم أنه رافق فترة الاعتماد الاميركي الكلي تقريبا على اسرائيل القوية، والمطالبة بتعميم "الديمقراطية"، تضاؤل ثقة واشنطن بحلفائها العرب في المنطقة، واهمالها النسبي لهم، بمن فيهم الحلفاء التاريخيين كحكام السعودية، بل ومطالبة دوائر في البنتاغون الاميركي بتقسيم بعض هذه الدول بما فيها السعودية الى دويلات، لكن هذا المنحى الاحادي الرؤية راح يتراجع، بخاصة عقب فشل القوة العسكرية الاسرائيلية في تحقيق المهمة التي انطلقت لتحقيقها في عدوانها على لبنان عام 2006 . وكان تحقيق تلك المهمة – لو نجحت – بمثابة اشعال الضوء الأخضر لمباشرة الخطوات التنفيذية المستهدفة إعادة تشكيل خريطة المنطقة وفق مشروع "الشرق الأوسط الكبير" الاميركي ، كما أشارت الى ذلك بصراحة وزيرة خارجية ادارة بوش، كونداليسيا رايس، من بيروت، في الايام الأولى للعدوان الاسرائيلي، والطائرات الحربية الاسرائيلية تدك لبنان، حيث وصفت معاناة اللبنانيين الناجمة عن ذلك بأنها "آلام المخاض للمولود الجديد!" .
في الأجواء المستجدة، من متغيرات دولية واقليمية، راحت المزاحمة والصراع على النفوذ في منطقة الشرق الأوسط، الذي غدا منذ نهاية الحرب الباردة، ساحة الصراع الاساسية بين قوى دولية واقليمية ، يشتدان ويتفاقمان بخاصة بين اسرائيل وايران وتركيا من دول المنطقة، والجديد في الأمر، هو النشاط التركي العلني المتزايد ، لا سيما بعد أن تضاءلت فرص انضمام تركيا للاتحاد الاوروبي . ويبدو من هذا النشاط أن حكام أنقرة، الذين يتدثرون بالعباءة الدينية، يدركون أن أفضل بوابة الى العالم العربي هي البوابة الفلسطينية. لكن ينبغي الأخذ في الحسبان الملاحظتين التاليتين لدى تقييم هذا النشاط: الأولى – أن ما أقدم عليه النظام التركي تجاه اسرائيل لم يتجاوز ملاحظات النقد للسياسات الاسرائيلية ضد الفلسطينيين خلال العدوان الوحشي على قطاع غزة، مع تأكيد الطرفين التركي والاسرائيلي أن ذلك لا يؤثر على العلاقات الاستراتيجية بين البلدين . والملاحظة الثانية، جاءت على لسان الرئيس التركي عبد الله غول، في حواره مع شمعون بيرس في ملتقى دافوس بتذكيره بأن الارض العربية كانت عثمانية !
وفيما يتعلق باسرائيل فهي تراهن، في الوقت الحالي على محاصرة ايران وعزلها، وترى في النشاط التركي اسهاماً في تحقيق ذلك، مأخوذا في الحسبان، أولا: تاريخ العداء والمنافسة التاريخيين بين ايران وتركيا، وثانيا: كون تركيا بحكم أنها سنية أقدر من سواها على قيادة تحالف سني في المنطقة ضد ايران الشيعية، ولعل الخطوات الأولية في هذا الاتجاه يرمز لها تبادل الزيارات التركية – السعودية، والتركية – المصرية، وكل ذلك بعد أن بدا استحالة تشكيل مثل هذا التحالف بمشاركة اسرائيلية. ومعلوم أن تسعير الخلاف المذهبي هذه الايام، بين اهدافه الأساسية، عدا عزل ايران، تكريس وتعميق انقسام العالم العربي الى معسكرين متناحرين، المستفيد الوحيد من ذلك التحالف الاميركي – الاسرائيلي، والخاسر الأكبر القضية الفلسطينية وقضايا الشعوب العربية.
ولما كان النظام العربي اليوم هو "الرجل المريض"، فهذا، بحد ذاته، يحفز شهية هذه القوى الاقليمية، شأن القوى الدولية الموجودة في المنطقة، على نهشه وتمزيقه. ولو كان هذا النظام موحدا، معافى، لكان قادرا على الاستفادة من أية تناقضات أو تعارضات بين هذه القوى الاقليمية التي لكل منها اجندتها الخاصة .
وعلى كل حال، فالأمر لا يتعلق بتحليلات ومواقف نظرية، بل من المفروض حتى ضمن الضعف والتمزق الذي نعيشه ، الحذر واليقظة، بحيث لا نجد أنفسنا، عن وعي أو بدونه، وقد غدونا جزءاً من معسكر بالقيادة الاميركية – الاسرائيلية . وينسحب هذا المبدأ على عقد التحالفات التكتيكية والمؤقتة . وطبعاً ليس من المتوقع أن يختلف وطنيان اثنان على أن العدو الأول والمباشر لشعبنا الفلسطيني وشعوبنا العربية هو التحالف الاميركي – الاسرائيلي . وهذه الحقيقة الأولية يفترض أن لا تغيب عن أذهاننا ولو للحظة واحدة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الطلاق
ليبكنخت ( 2009 / 2 / 16 - 08:27 )
يبدو أن الأستاذ الأشهب طلق الماركسية وأصبح معلقاً استرتيجياً من بتوع التلفزيون لا شأن له بقوى الإنتاج وأنماط الإنتاج

اخر الافلام

.. نتنياهو: غانتس اختار أن يهدد رئيس الوزراء بدلا من حماس


.. انقسامات داخلية حادة تعصف بحكومة نتنياهو وتهدد بانهيار مجلس




.. بن غفير يرد بقوة على غانتس.. ويصفه بأنه بهلوان كبير


.. -اقطعوا العلاقات الآن-.. اعتصام الطلاب في جامعة ملبورن الأست




.. فلسطينيون يشيعون جثمان قائد بكتيبة جنين الشهيد إسلام خمايسة