الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة للدعاة

عمار السواد

2009 / 2 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


كسب حزب الدعوة جولة انتخابات مجالس المحافظات.. لاول مرة بدون دعم المرجعية وبدون استخدام الدين وبدون الاعتماد على الانقسامات الطائفية، وهذا يدل على امرين اثنين.. ان الحزب فهم لعبة الدولة وانه، مضطرا كان او مختارا، بدأ يعي ان هناك حاجة ماسة للتخلي عن كل ذلك في العمل السياسي.. وان الشعب العراقي كذلك خطى خطوات جيدة بعيدا عن الاندفاعات العاطفية المجردة من العقل.
الا ان هذه بداية، بداية متعسرة مرت بالكثير من المشاكل والعقبات والدماء والسرقات مر بها العراق في سنيه الستة الماضية، وهناك المزيد من الخطوات والكثير مما ينبغي فعله لان تكون البداية نقطة انطلاق نحو خط بياني متصاعد يفي بعملية بناء الدولة وفق اسس حديثة، ويعيد للعراقيين ثقتهم بنظامهم السياسي، وينهي حالة الفوضى التي مر بها البلد، لتنطوي بذلك حقبة الدم القديمة والحاضرة تماما.
وكي اكون اكثر وضوحا، ان هناك الكثير امام حزب الدعوة ليتحول من حزب دعوة دينية الى حزب دعوة مدنية، وتتحول الخطابات بشكل حقيقي موثوق به، وليس لمجرد التكتيك، من منطق الدين الى منطق الدولة، وما ابعد الخطابين عن بعضهما. صحيح ان هناك انطباعات كثيرة تدل على شيء من التحول في النظرة، وان هناك تصريحات تصدر من بعض القيادات بان العمل الان منصب على عملية بناء دولة مدنية بعيدا عن الولاءات الدينية، الا ان هذا لا يمثل شيئا امام نصف قرن انغمس فيها الدعاة باحثين عن دولة دينية. ولهذا يحتاج دعاة المدنية داخل الحزب وفي مقدمتهم رئيسه الى اجراء تعديلات ذات سمة مدنية في الخطاب السياسي للحزب، وفي العملية الاعلامية، وفي البرامج الداخلية، وفي اطار التحالفات ومجمل الفعل السياسي في المرحلة المقبلة.
اولى هذه الخطوات تتركز في داخل حزب الدعوة، قيادات وكوادر، فالحزب الذي تأسس على فكرة دينية ويوصف بانه امتداد لحركة الاخوان المسلمين في مصر وكان غرضه في بداية الامر التصدي للمد الشيوعي وثم تحول الى العمل على اقامة حكم اسلامي يمهد لدولة المهدي الموعودة، قد تربت كوادره وقياداته على هذا النهج، ويحتاج تحرر البشر الموجودين فيه من تلك النزعة الى وقت اطول.. ومن كان قريبا من الدعاة يعي صعوبة المهمة، فهؤلاء كانوا يوما ما نخبة ترى في نفسها ثلة الوعي الديني الابرز في العراق، وحاملة الوهج الاسلامي في "مجتمع جاهل" تلاطمته حمى التيارات العلمانية الحديثة، او هيمنت عليه المؤسسة الدينية التقليدية التي يرى بعض الدعاة انها تكرس الجهل بين الناس، وهم الابناء الشرعيون لمؤسسي ايدلوجيا الاسلام السياسي المنظم لدى شيعة العراق. ولهذا فان المهمة ستكون صعبة وصعبة جدا وتحتاج الى اجراءات شاملة تفي بالتحولات وتعيد الصياغات وتغير المفاهيم. ودور رئيس الحزب وكل من امن بالدولة المدنية من الفريق المحيط به، دورهم هو العمل على ازاحة العقبات ضمن التنظيمات الحزبية ووضع ستراتيجيات بعيدة الامد في سبيل احداث انسجام بين الخطوات العامة التي يتخذها المالكي والقاعدة التي يتسند اليها حزبيا.
وايضا على حزب الدعوة ان يعيد النظر بالتحالفات القائمة، اما باصلاحها جذريا او بالتخلي عنها واستبدالها بتحالفات اخرى رصينة وغير دينية وغير طائفية وايضا تخدم الناس. خصوصا وان هناك مخاوف من التحالف مع اطراف مرفوضة من قبل ناخبي قائمة ائتلاف دولة القانون.
وكذلك لابد من اتخاذ مواقف جدية لاصلاح الوضع العراقي من الناحيتين الخدمية والاقتصادية، مع الاخذ بعين الاعتبار او الواقع الاقتصادي والخدمي لم يتحسن بخلاف ما تطرحه الحكومة من تراجع التضخم والبطالة.
كل هذه الامور ان كانت المؤشرات الدالة على وجود تحولات فكرية وتنظيمية في صفوف حزب الدعوة مؤشرات حقيقة.. والا فان الكلام يصبح هواء في شبك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم المعارضة والانتقادات.. لأول مرة لندن ترحّل طالب لجوء إلى


.. مفاوضات اللحظات الأخيرة بين إسرائيل وحماس.. الضغوط تتزايد عل




.. استقبال لاجئي قطاع غزة في أميركا.. من هم المستفيدون؟


.. أميركا.. الجامعات تبدأ التفاوض مع المحتجين المؤيدين للفلسطين




.. هيرتسي هاليفي: قواتنا تجهز لهجوم في الجبهة الشمالية