الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلام مشوه ... وازمات برسم التصدير

جهاد الرنتيسي

2009 / 2 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


اضاعت عودة بنيامين نتنياهو الى واجهة المشهد الاسرائيلي فرصة لالتقاط عملية السلام بعض انفاسها بعد طول لهاث ، وبات على النظام الرسمي العربي ان يربط احزمته للعودة الى المربع الاول ، واسقاط بوادر التغيير الايجابي التي اعقبت دخول الرئيس الاميركي باراك اوباما الى البيت الابيض من حساباته .

فالدعوة التي وجهها امين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى لاجتماع وزراء خارجية الدول المعنية بمتابعة مبادرة السلام العربية قبل ساعات قليلة من ظهور النتائج الاولية للانتخابات الاسرائيلية تعبر عن شعور عربي بالحاجة الملحة لاعادة الحسابات في التعاطي مع هذا الملف الشائك ، واول ما يكشفه البحث عن البدائل السياسية قلة الخيارات العربية ، فلم تعد الحدود الدنيا للمراهنة على ايجاد شريك سلام اسرائيلي متوفرة مع انزياح المجتمع الاسرائيلي بهذه الحدة نحو اليمين .

غياب الشريك يعني بالدرجة الاولى تجميد عملية السلام بضع سنوات تمتد بين تشكيل الحكومة الاسرائيلية ومغادرة نتنياهو للسلطة .

ولتجميد عملية السلام معنى واحد في قاموس السياسة الشرق اوسطية هو المضي قدما في تكريس الامر الواقع الاسرائيلي على الارض ، وتحويل فكرة قيام الدولة الفلسطينية الى وهم ، ليذهب الحديث عن حل الدولتين الى غير رجعة .

استمرار حالة القطيعة بين الضفة الغربية وقطاع غزة يمنح قوة دفع اضافية لمثل هذا السيناريو ويوفر للجانب الاسرائيلي مناخات تفريخ ذرائع جديدة تتيح التهرب من الاستحقاقات التي تمليها الاتفاقات والتفاهمات السابقة .

ولا تخلو الذرائع الاسرائيلية من مقومات اقناع الراي العام الغربي حين تذهب الى عدم وجود شريك سلام فلسطيني في ظل حالة الانقسام .

فالجانب الرسمي الفلسطيني ممثلا بالسلطة الوطنية الفلسطينية لا يملك امكانية تنفيذ ما يمكن الاتفاق عليه مع الجانب الاسرائيلي في حال التوصل الى اية تفاهمات.

وسلطة حماس في قطاع غزة ما زالت ترفض الاساسات التي قامت عليها عملية السلام الامر الذي يعني ان هناك خطوات لا بد ان تخطوها لكي تكون شريكا معترفا به .

قد يذهب البعض الى ان تعثر عملية السلام قد يدفع الطرفين الفلسطينيين الى الاتفاق على توحيد موقفيهما في مواجهة اليمين الاسرائيلي .

الا ان هذا الاحتمال يبدو بعيدا ‘ لاسباب لا تقتصر على التدخلات الاقليمية التي تحرص على استثمار اخر قطرة دماء في قطاع غزة ، فهناك مشروعان فلسطينيان يستند احدهما الى تجربة ترى العملية السلمية الخيار الذي يمكن ان يأتي بحقوق الشعب الفلسطيني ، ويقوم الاخر على تجريب خيار العمل العسكري الذي تمت تجربته ولم يوصل الى نتائج .

بين التجربة والتجريب هامش من الحركة يستطيع اليمين الذي سيحكم اسرائيل خلال الاعوام المقبلة النفاذ منه لجمع عناصر معادلة الهروب من استحقاقات عملية السلام ، واقناع الراي العام الغربي بغياب الشريك الفلسطيني .

واحتمالات التحركات الاسرائيلية المقبلة تتجه نحو المضي قدما في اتفاق التهدئة مع حركة حماس ، وبعث الحياة في مقترحات الدولة المؤقتة ، وتسريع وتيرة الاستيطان ومصادرة الاراضي .

مثل هذه الاحتمالات التي تقود الى تقويض خيار الدولتين تدفع تلقائيا باتجاه محاولة اليمين الاسرائيلي لتصدير جوهر الازمة الحقيقية .

وحينما يجري الحديث عن تصدير الازمات تتجه انظار نتنياهو نحو الاردن سواء كان في الحكومة او في المعارضة .

ففي تصريحات ادلى بها الى الفايننشال تايمز في ايار عام 2007 رأى ان نوعا من الفيدرالية او الكونفدرالية بين الاردن والفلسطينيين سيعزز آمال السلام في المنطقة .

واشار نتنياهو في ذلك الحين الى ان مثل هذه الخطوة ستؤدي الى اتاحة الفرصة امام الفلسطينيين لفرض قوانين وقواعد في مدنهم وشوارعهم .

وخلال زيارة قام بها الى الولايات المتحدة قال ان الفلسطينيين لا يستطيعون وحدهم فرض النظام في الضفة الغربية الامر الذي يتطلب مساعدة دولية للقيام بذلك .

في حينها اقترح نتنياهو مشاركة قوات اردنية ومصرية في حفظ الامن بالضفة ومنع تهريب السلاح عبر معبر ممر فيلادلفيا في قطاع غزة ، ومما لا شك فيه ان وجوده في سدة الحكم ، والتغيرات التي يمكن ان تحدث على الارض ستتيح له طرح المزيد من المقترحات التي قد تتجاوز الترتيبات الامنية الى ترتيبات ذات طابع سياسي .

ومواجهة مثل هذه التطورات تتطلب خطوات اردنية في للتعامل بروية مع الموقف الحرج ، تتمثل في الحفاظ على الوحدة الوطنية ، والتمسك بمحور الاعتدال العربي ، وعدم الانجرار وراء شعارات ودعوات الممانعة الفارغة التي من شانها ان تضع البلاد في عين العاصفة المقبلة ، التي قد تتسع لتأخذ شكل اعادة ترتيب المنطقة ، واستعادة اسرائيل لدورها في الاستراتيجية الكونية .

حالة الانقسام الفلسطيني الراهنة ، والتمادي الاسرائيلي المحتمل في تصدير جوهر القضية الفلسطينية ، المتمثل في ما بات يعرف بقضايا الحل الدائم تعبر في احدى جوانبها عن العجز العربي غير المسبوق .

فهناك عدة اسئلة يواجهها الاجتماع المفترض ان يعقده عمرو موسى لوزراء الخارجية العرب المعنيين بمتابعة المبادرة العربية ، وفي مقدمتها جدوى الابقاء على المبادرة العربية ، وامكانيات تفعيلها ، وما يمكن ان يحصل عليه العرب في حال سحبها .

مثل هذه الاسئلة ليست جديدة على مؤسسة العمل العربي المتداعية وان كان طرحها اكثر الحاحا في الوقت الراهن .

واللافت للنظر ان البحث عن اجابة في الاجتماع المقبل لن يكون اكثر يسرا مما كان عليه الامر في الاجتماعات والقمم الثلاث التي عقدت خلال العدوان على قطاع غزة .

فلم تحقق المبادرة نجاحات تذكر منذ ان تبنتها قمة بيروت اذا استثنينا بعض الاحراجات التي تعرض لها الجانب الاسرائيلي.

لكن سحب المبادرة يعني في المقابل دفن مشروع السلام الرسمي العربي والاتجاه نحو الخيار الاخر .

والخيار النقيض المفترض التوجه اليه في مثل هذه الحالة هو خيار الحرب الذي جربه النظام الرسمي العربي على مدى العقود التي سبقت التوصل الى اتفاقات سلام ، وفي ظروف افضل من الظرف الراهن ، ولم يجلب لهم سوى الهزائم والدمار .

قد تكون لعبة المسارات التي اتبعها الجانب الاسرائيلي اكثر من مرة مغرية لليمين الاسرائيلي في المرحلة المقبلة .

فمن شان هذه اللعبة توفير الغطاء الدخاني اللازم للافلات من استحقاقات عملية السلام على المسار الفلسطيني ، والايحاء بوجود مفاوضات ، وتغذية الشكوك بين دمشق وطهران .

ولا يخلو الامر من بعض الفائدة على الجانب السوري الطامح الى تخفيف حدة عزلته الدولية من خلال قنوات التفاوض دون التخلي عن زوابع شعارات محور الممانعة .

الا ان تحقيق نتائج حقيقية تفضي الى اتفاقية سلام بين سوريا واسرائيل يبقى امرا مستبعدا على المدى المنظور .

فالشعارات الانتخابية التي طرحها نتنياهو لم تخل من رفض لتقديم تنازلات بحجم اعادة هضبة الجولان .

ومن الممكن ان تكون هذه الشعارات جزء من المزايدة على القناة التفاوضية التركية .

غير ان الثمن الذي يريده نتنياهو للجولان يفوق قدرة سوريا في هذه المرحلة لا سيما وانه لا يقتصر على انهاء مايصعب ادراجه في الوصف التقليدي " حالة اللاحرب واللاسلم "نظرا للهدوء الذي تشهده الهضبة منذ حرب تشرين ، فهو يشمل ايضا التخلي عن الحليف الايراني والفصائل الفلسطينية التي اعتادت دمشق على استخدامها اوراقا تفاوضية بين الحين والاخر .

كما يملي انهاء الحالة الراهنة بين اسرائيل وسوريا والدخول في مرحلة بناء السلام ادخال اصلاحات سياسية وتغييرات داخلية لا تقوى عليها دمشق .

وامام عقم الخيارات العربية ، ومع دخول المسارات التفاوضية في حالة من السبات ، والتراجع المرتقب لعملية السلام امام اولويات دولية اخرى مثل المفاعل النووي الايراني ، وحرب افغانستان لا يوجد امام النظام الرسمي العربي سوى محاولة الاستفادة من حالة التعاطف الدولي مع القضية الفلسطينية ، الامر الذي يتطلب بذل جهود حقيقية في تفعيل المبادرة العربية وعدم ابقائها جثة هامدة تنتظر الدفن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - متخصصون في اضاعة الفرص
ابراهيم علاء الدين ( 2009 / 2 / 16 - 22:44 )
الاخ جهاد الرنتيسي
تحية واحترام
يبدو ان شعبنا متخصص في فن اضاعة الفرص.. فكم هي الفرص الضائعة في تاريخه .. ومن المتوقع الا يتفق معي بالقول انه كانت هناك فرصة فعلية لتحقيق تسوية او على الاقل قطع شوط كبير على طريق تحقيقها لولا حرب الجثث الطائرة التي نفذتها حماس عبر عملياتها الانتحارية بهدف افشال اتفاق اوسلو وشاركها في تلك المعركة عدد من الاحزاب القوميسارية .
واعتقد ان المشكلة ليست فقط في ان هناك عدو متوحش اسمه اسرائيل بل هي ايضا في وجود قوى سياسية يبدو انها اكثر عجزا من اقطاب الاقطاع السياسي الديني الذي اضاع فلسطين في عام 48
وللاسف الشديد ان القوى الوطنية الفلسطينية التي ادركت اهمية ان يكون للفلسطينيين وطنا ولو جزء على ارض فلسطين مرحليا على الاقل لم تبذل الجهد الكافي في كفاحها السياسي والفكري لاقناع الجماهير بجوهر ما تعنيه وجود دولة مستقلة وما هي اهمية ان يعترف العالم بحق الفلسطيني في هوية قومية مستقلة.. وللاسف لم يدرك اليسار ان هذا الحق حتى ولو كان على الورق او اقيم له هيكل دولة ولو في قرية في محافظة اريحا فانه اي هذا الحق يعني الغاء الفكرة الاساسية والجوهرية التي قامت عليها دولة الكيان الصهيوني.والتي تقول بالحق التاريخي وان الفلسطينيين ليسوا سوى محتلين يجب اعادتهم الى صحر

اخر الافلام

.. #ترامب يهدي #بايدن أغنية مصورة و النتيجة صادمة! #سوشال_سكاي


.. التطورات بالسودان.. صعوبات تواجه منظمات دولية في إيصال المسا




.. بيني غانتس يهدد بالانسحاب من حكومة الحرب الإسرائيلية


.. صحفيون يوثقون استهداف طاي?رات الاحتلال لهم في رفح




.. مستوطنون ينهبون المساعدات المتجهة لغزة.. وتل أبيب تحقق