الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طبيعي أن نختلف .. ولكن !!!ً

محمد نبيل الشيمي

2009 / 2 / 23
حقوق الانسان


الاختلاف بين الناس أمر فطري والأصل فيه انتهاج شخص أو جماعة آراء تتباين وآراء الآخرين ويعرفه البعض أنه مطلق المغايرة في القول والرأي أو الحالة أو الهيئة أو الموقف بمعنى أن لكل فكرة ورأيه الذي يميزه عن غيره وهذا الاختلاف محصلة لمجموعة من العوامل (التنشئة السياسية / البيئة السياسية / الثقافة / العلاقات مع السلطة / الاستقلال الفكري ) ... ولا يوجد ما يؤثم شخص ما يقتنع برأيه أو يؤمن بفكر معين وينتصر ويبشر له ولكن الإثم كل الإثم أن يرى ذلك الشخص أنه وحده يمتلك الحقيقة ويحتكرها لنفسه وإنكار ذلك على مخاليفه والنيل منهم بل أن هناك من يتجاوز حدوده عندما يختلف مع الآخرين فيكذب عندما يتحدث ويفجر عندما يخاصم ويصر على الافتراء والكذب على من يخالفه .. وفي هذا السياق يقول أبو حامد الغزالي أن من المختلفين المراءيين "والمراء الطعن في كلام الغير لإظهار خلل فيه لغير غرض سوى تحقير قائله وإظهار ميزة عليه" .
أما الاختلاف الهادىء الملتزم بالموضوعية فإنه بعد ظاهرة إيجابية والالتزام في هذا السياق يعني التوقف عن استخدام الألفاظ الخارجة لنعت المخالفين والتنزه عن المماراة على قدر الإمكان وحينئذ يكون الاختلاف أثراء للفكر وبحث عن الحقيقة وعلاج المثالب التي تنخر في عظام المجتمع ... ومن ثم فهو اختلاف خلاق .
لقد كان الإختلاف الفكري بين المسلمين في بداية القرن الثاني الهجري (أواخر عصر الدولة الأموية) سبباً لظهور المعتزلة الذين اعتمدوا على العقل كأساس لعقيدتهم مقدمين ذلك على النقل عن السلف وشكل المنعزلة منظومة متناسقة من العقائد والأفكار على رأسها الأصول الخمسة كقوام لفكرهم وأعني بهذا السياق أن الاختلاف في الرأي كان آذان بظهور هذه المدرسة التي مهماً اختلف حولها بعض المفكرين ورجال الدين فإنها سجلت لنفسها موقعاً على خريطة المدارس الفكرية التي أعلت من شأن العقول في مواجهة النصوص بل أن هذه المدرسة تخرج منها رجال أعرضوا عن النصوص صفحاً إذا تبين لهم أنها تتعارض في ظاهرها مع العقل .
أما الاختلاف الممقوت فهو الراجع إلى ميول مصلحية وشللية بغيضة تزرع التنابز والكره وكان الاختلاف بين ابن رشد وبعض الفقهاء والمتكلمين سبباً في الإيقاع بينه وبين الخليفة أبى يوسف المنصور حتى جعل الخليفة يسومه سوء العذاب ويقوم بنفيه إلى مدينة أغلب سكانها من اليهود لقد قام هؤلاء المختلفين بتحريف بعض آراء ابن رشد والدس عليه بل وصل هذا الاختلاف إلى اتهامه بالكفر والزندقه وكان هذا الاختلاف سبباً رئيساً في أن المسلمين خسروا مفكراً وفيلسوفاً عظيماً ... وعن الاختلاف في الأفكار في عصرنا الحالي فإن من الإمكان ملاحظته والتأكد من أنه اختلاف غير موضوعي وهناك اختلافاً بين الكتاب والمثقفين و منهم من ينحاز صراحة إلى جانب السلطة بحثاً عن موقع متميز أو الحصول على كسب اجتماعي وتبدو هذه الصورة واضحة في المجتمعات التي تحكم من خلال نظم غير ديموقراطية حيث يكون لأتباعها من الصحفيين والكتاب الإمكانات لمهاجمة المعارضين من خلال الصحف والمجلات ووسائل الإعلام المملوكة للدولة .
حتى إن البعض يستعمل أساليب غير أخلاقية في مواجهة المختلفين معهم يستخدم فيها الفاظ تستخف وتذدري وتتهم وتدين وتستفز وتنطلق هذه الاتهامات من دوافع مصلحية ... لم يعد معها الخلاف نزيهاً بل أصبح بمثابة جدال عقيم وإنكاراً للحقائق وسبباً للفرقة لا يجني المجتمع من ورائها سوى المزيد من الانشقاق والاقتتال الفكري من أبناء الوطن أما الحكام فهم الذين يسعدون بهذا لأن في اختلاف وتلاسن أصحاب الرأي وتغلب الفئة المنافقة للسلطة مصدر قوة لهم يمكنهم من الاستمرار في حكم شعوبهم بقانون القوة الباطشة التي تستدعي دائماً قدرتها على فرض ثقافة التسلط والقمع على حساب قيم الحوار الرافضة لارتها ن الإنسان وتشيؤه وتهميشه من خلال حصار فكري وثقافي على الآخر لمجرد أنه مختلف في الرأي والفكر .
إن من حقنا أن نختلف ولكن من خلال حوار عقلاني متحضر فالاختلاف عندما يكون موضوعياً فإنه خلاف محمود ... أما غير ذلك فهوممقوت مرفوض .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أميركا.. اعتقال 33 طالبا أثناء فض اعتصام مناهض للحرب في غزة


.. طيران الاحتلال يستهدف منزلا وسط خيام النازحين في مدينة رفح




.. منظمات حقوقية تونسية تو?سس تحالفا ضد التعذيب


.. إسرائيليون يتظاهرون في تل أبيب للمطالبة بإبرام صفقة تبادل مع




.. كيف تنعكس الأحداث الجارية على الوضع الإنساني في غزة؟