الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صورة المرأة العربية لدى الغرب

ايمان محسن جاسم

2009 / 2 / 19
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


فالنتينا كولمبو مستعربة إيطالية وهي أستاذة الحضارة الإسلامية بجامعة بولونيا، في كلية العلوم السياسية، تراوح بين تدريس المبادئ الأساسية للحضارة العربية الإسلامية لطلابها من ذوي التوجه نحو الحقل الدبلوماسي والأدب العربي قديمه وحديثه إذ ترجمت للجاحظ ونجيب محفوظ ونزار قباني وغيرهم وقد صدرت لها مؤخرا عن دار موندادوري الإيطاليّة «انطولوجيا الشاعرة العربية المعاصرة» التي اختير لها عنوان « لم أرتكب ما يكفي من الأخطاء». وقد سوّغ الناشر مغامرة نشر هذا الكتاب بقوله:»تعتبر الغنائيّة النّمط الأدبيّ المميّز للعالم العربيّ الناطق بلغة خصبة بمقوّماتها الألسنّية، بتلاوينها وبموسيقاها. منذ عصر ما قبل الإسلام، والشعر العربي جنس قائم الخصوصيّة بقواعده وإيقاعاته وأوزانه المشفّرة والثّابتة، لكن مع بداية أربعينات القرن الماضي، عصفت به ثورة حقيقيّة رائدتها امرأة هي نازك الملائكة التي بادرت بكسر التّابو السّائد، بحثا عن الحريّة ورغبة في تجاوز الحواجز والتّقاليد قطعا مع الماضي وهو القاسم المشترك الذي يجمع هذه الأصوات الشّعريّة المنتخبة. هو ضرب من التحدّي تعيشه شاعراتنا النّساء على الورق وفي الواقع اليوميّ، في أشعارهنّ، تتجلّى تيمات الأحداث اليوميّة كالحرب أو الخلود، كالهموم الوجوديّة والإحساس والحبّ الذي يسمو بالجسد. من المغرب إلى العراق، من سوريا إلى اليمن، إلخ، شاعرات اختارتهنّ فالنتينا كولومبو وترجمت لهنّ لينشدن معا نشيد الرغبة والحياة.»
ويورد الناشر أسفل هذه الفقرة مقولة لشاعرة بحرينية تقول « كلّ جسد كون، كلّ قصيدة أنثى» وكان يمكنه أن يضيف لتكتمل المقولة «كلّ امرأة لغة». لكن يبدو أنّ النّاشر سوّغ غلاف الأنطولوجيا سيميائيا، على نحو مثير للجدل.
جزء كبير من انشغالي بمتابعة هذا الكتاب هو غلافه الغريب، فقد تصدرت الكتاب لوحة يفترض أنها تشير إلى المضمون في الداخل وهو عن الشاعرات العربيات، ولكن الصورة كانت لامرأة غير امرأة الهنا والآن، لتظهر الصورة في مجملها كأنها وجه امرأة من زمن مضى. أضف إلى ذلك، ما ظهر على الكفين من نقوش للحناء المنقرضة. وأمعن الغلاف أكثر في جعل هذه الصورة أكثر نمطية عن المرأة العربية حين وضع عنوان الكتاب ضمن مربع غطى به أجزاء أخرى من الوجه فلم يتبق إلا وميض العينين.
جاء هذه الغلاف لكتاب يتحدث عن شاعرات لا ارتباط منطقيا بينهن وبين هذه الصورة.
وهذا يعطي مؤشرا على أن الصورة النمطية للمرأة العربية منذ زمن العثمانيين ما زالت هي السائدة في الغرب الذي يبدو أنه ما زال يستمرئ هذه الصورة ويتلقفها على حساب الصورة الأخرى، الأكثر إشراقا.
ولكن مع ذلك حافظ الكتاب على قيمته التي لم تمس قيد أنملة، ويكفي أنه عكس اهتماما غربيا بمبدعاتنا اللواتي لم يحظين بهذا الاهتمام حتى على الصعيد العربي، وهذه ليس هي المرة الأولى التي تهتم بها المستشرقات الغربيات بأديباتنا العربيات وحبذا لو ينأى المترجم، إذ يترجم، عن تلك الصورة القديمة التي حفّت، إن بشكل أو بآخر، بامرأتنا العربية، حتى تكون مرآته عاكسة فعلا لواقع امرأة ناطقة براهنيتها وبحداثة شكلها ومضمونها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي