الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا وراء دراسة العرض الأيراني لمدينة سكنية في البصرة؟

حميد نكربونتي

2009 / 2 / 18
الادارة و الاقتصاد


كنت اتصفح بعضا من الصحف الألكترونية فوقع نظري على خبر أثار في داخلي الدهشة الممزوجة بالريبة،فخبر أن أيران تحصل على عقد استثماري بقيمة 1.5 مليار دولار يمثل عرضا لبناء مدينة سكنية على مساحة قدرها 500 دونم ومتضمنة لمجمّع تجاري أضافة الى المرافق الأخرى الواجب تيسرها في مدينة سكنية تابعة لمحافظة البصرة.
لاأدري حقيقة لماذا يدرس العرض الأيراني كما صرّح علي حيدر /مدير هيئة الأستثمار في البصرة!

ان من مجريات العمل الطبيعية في حالة المناقصات،أن تعلن الهيئة او المؤسسة عن مشاريع التطوير والبناء مناقصة عالمية تشارك فيها كبرى الشركات والتي لها تاريخ واضح وصريح يشهد لها بالقدرة على القيام بأنجاز مثل هذه المشاريع ويسمح ايضا للشركات المحلية (ان كان من بينها من له القدرة على التنفيذ) بتقديم عروضها وتحدد فترة زمنية معينة لتقديم العطاءات ومن ثم تشكل لجنة متخصصة للنظر في العطاءات المقدمة لأستبعاد العروض غير الموافقة للشروط المحددة مسبقا للمناقصة ومن ثم تدرس العطاءات المتبقية على أساس (الجودة،القيمة،الفترة المقترحة للتنفيذ) وبعد ذلك تعلن لجنة دراسة العطاءات (المناقصات) عن الشركة الفائزة لتنفيذ المشروع،ولأني لاأرغب في الدخول بتفاصيل أكثر عن آليات دراسة العروض وترشيح المناسب منها لأنها ليست موضوع البحث الحالي، لذا فأني سأذكر مايتعلق فقط بعمومية الخبر المنشور.

أن مدينة البصرة كما هو معروف مدينة تطل مباشرة على البحر وأن مستوى ارتفاعها البسيط عن مستوى سطح البحر يشكل عقبة رئيسية لأعمال البنى التحتية وخاصة مشاريح مياه المجاري وتصريف مياه الأمطار والتي كانت سببا في فشل كثير من المشاريع التي أقيمت في المدينة خلال السبعينيات من القرن الماضي ،أذ كانت مثل تلك المشاريع تعتمد على نظام المضخات للتحكم في عمليات السحب او دفع المياه المتواجدة داخل أنابيب الشبكة،لذا كانت المشكلة تتضح بشكل أكبر والتي عانى منها المواطن البصري عند اوقات انقطاع الكهرباء في المناطق التي تتواجد فيها محطات الضخ واحواض التجميع ،لذا كان من الواجب على المؤسسات او الهيئات التي ستشرف على دراسة العروض المقدمة ان تكون على دراية كافية بمتطلبات المدينة من مثل ماذكرته وصولا الى مشكلة التربة الطينية ،ومشكلة الملوحة ودراستها،ناهيك عن ان فترة الطقس الصيفي للمدينة معروف للجميع وعليه فأن مسألة العزل الحراري للمساكن او الأنشاءات هي مطلب وطني قبل ان يكون مطلبا شخصيا،وعليه يجب النظر الى آليات طرق المعالجة التي تقدمها مثل هذه الشركات من خلال تصاميمها للمنشآت السكنية .هذا بعض من كثير يجب الأنتباه اليه كي لايتم فقط فيما بعد الحصول على هياكل او صناديق كونكريتية تشابه علب الكبريت لتأوي اناس داخلها.
لاأدري لماذا تدرس هيئة الأستثمار في البصرة هذا العرض بالذات ولماذا لاتدرس عروضا اخرى؟هل لأنّه الوحيد القائم! ولماذا يدرس او يقدم هذا العرض في هذا الوقت بالذات؟ خلال فترة تغيير المجالس المحلية للمحافظات! ام أن المشروع كان موجودا تحت الطاولة وكان من المؤمل ان يستمر من كان موجودا على الكراسي فيخرجوه فوق الطاولة فيما بعد؟ أم أن هنالك عروضا من شركات أخرى تم استبعادها لتبقى الساحة فارغة الا من اللاعب الأيراني؟ وما هذا السخاء الأيراني وايران نفسها تتضور جوعا في قراها وقصباتها وحتى أحياء مدنها وتعاني من أزمات عدّة ، ام ان هذه الشركة مملوكة لمن يجني مال الخمس من اللاطمين على ابا عبد الله! أم أن الأيرانييين يريدون الأقامة في البصرة عن طريق هذا المشروع بفترته الزمنية الطويلة نسبيا واعادة زرع مثيري الشغب داخل البصرة ومن الممكن ان تكون هناك خطط لتأسيس شبكات اتصالات او مراكز تشغل فيما بعد من قبل الموالين لأيران! أم أنّ الشركة الأيرانية ستستفيد من هذا المشروع لغرض تغذية مشاريعها او مشاريع أخرى داخل أيران بالمواد الأنشائية التي ستحصل عليها عن طريق المشروع،أم أننا وبعد مرور السنوات الثلاثة المفترضة لأنهاء المشروع نجد ان الشركة لن تستطيع اتمامه، ونبحث عن تعويضات وما الى ذلك من امور تسويفية؟ والناس ينتظرون مساكنهم ومواد البناء المفترضة غير كافية او غير موجودة حتى ليتم الصرف مرة اخرى لشركة جديدة تأخذ على عاتقها اتمام المشروع وبذلك نضيّع المال مرتين!.............. أسئلة يجب ان تجيب عليها هيئة الأستثمار في البصرة وتوضح لأهل المدينة ماهو سبب أختيار الشركة الأيرانية!
على كل حال........... ان مشاريع الأسكان هذه تعد من اسهل المشاريع التي من الممكن القيام بها وخاصة عند تيسر الدعم الحكومي،ومشروع مثل الذي ذكر لايستحق 3 سنوات كي يتم انجازه، بل على العكس من ذلك،فأن نظرة واحدة الى آلية ونوعية المواد المقترح استخدامها في تنفيذ المشاريع في البصرة خصوصا تكفي كي يتبين اذا كان المشروع سيبدد المال العام ام سيحفظه.
لقد تطورت آليات بناء مشاريع الأسكان في العالم تطورا كبيرا وكذلك تطورت مواد البناء وابتعد العالم كثيرا عن استخدام الهياكل الكونكريتية،والخرسانة ليخفف المشاكل التي تتعلق بالأدامة والتصليح فيما بعد وخلال العمر الأفتراضي للمنشأ،عسى ان يكون أعضاء هيئة الأستثمار في محافظة البصرة على بينة من هذا الأمر او الجهة الأعلى من هيئة الأستثمار في محافظة البصرة والتي سيكون على عاتقها تعيين الشركة المشرفة على أعمال التصميم والتنفيذ فيما بعد.
من جانبي فأني أفضّل ان تتم مشاريع الأسكان في العراق بأيد عراقية بحتة وبمساعدة أجنبية من قبل شركات متخصصة وان تدرس الأمور الخاصة بمشاريع الأسكان في العراق بحذر ودقة شديدين، وتناط عملية تنفيذ مشاريع الأستثمار للمشاريع الصناعية الكبرى بشركات أجنبية يكون فيها جانب الجودة أساسا للتقيم قبل تفضيل السعر على حساب راحة المواطن ومستقبله.
لاتزال البصرة بحاجة الى مشاريع بنى تحتية اساسية ومشاريع خدمية اساسية مثل (ماء صالح للشرب ،تصريف مياه الأمطار والمجاري ،الطرق ، المستشفيات ،الأتصالات ،مراكز الأمن، مبان لمؤسسات حكومية تليق بتقديم الخدمة للمواطن العراقي،المتنزهات العامة للترفيه عن المواطن المنكوب منذ 40 عاما،أسواق حضارية للأسماك واللحوم والخضروات، الخدمات البلدية .......الخ ) كي يتم تنفيذ مشاريع الأسكان على اساسها بسهولة ويسر ويستطيع المواطن ان يلمس بأن هناك من يريد خدمته فعلا بلا تطبيل وصريخ تصم له الآذان! أم ان الأمر (بالمهد قبل الولد ) كما هي العادة في تضييع أموال الشعب العراقي!
هل أكتملت دراسة واقع مدينة البصرة وهل وضعت الخطط التي ستبين اين سيكون التوسع الجديد للمدينة؟ بأي أتجاه سيكون! وماهو مصير المناطق السكنية القديمة!واين ستكون اماكن الترفيه الجديدة؟ واين ستكون مناطق الخدمة الحكومية؟ واين ستكون المناطق الصناعية الجديدة لأستيعاب التطور المنتظر في قطاع الصناعة؟ وماهو مصير قطاع الزراعة! وماهي خطط أعادة البصرة الى مركزها الطبيعي في سجل انتاج التمور؟ وماهي القدرة الأستيعابية للشوارع؟ وماهو عدد السيارات المنتظر للسنوات الخمس القادمة؟ وماهي الخطط المعدّة لأمتدادات التعليم، هل هناك خطط لحزام أخضر لمدينة البصرة! وان كان فمتى سينفذ وكيف!........... والكثير الكثير الذي لايلمس الشارع البصري منه شيء،لا بل انّه مغيّب عنه تماما!

على اية حال فأن موضوع الشركة الأيرانية يثير الريبة والشك،اترك للمسؤلين عن الأمر ان يوضحوه لجماهير البصرة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اللي بجيبك بجيب اخوك ----- ماكو فرق
المنسي القانع ( 2009 / 2 / 17 - 22:12 )
أستاذ حميد
هكذا دون مقدمات سوف احاول ان اجيب عن بعض تساؤلاتك وكما بلب :-
1- لماذا ايران وحدها ؟ السبب اننا نعرفها ولا حاجة لدراسة وعطاءات من مبدأ ( حرامي الهوش يعرف حرامي الدواب).
2- لا توجد حاجة لدراسة التربة من تحملها وانخفاض منسوبها الى منسوب البحر والسبب ان هناك تشابه بين هذه الارض وارض الاحواز التي سلبتها ايران منذ ما يقرب من 100 سنة وبالتالي هي معروفة بالنسبة لهم .
3- قد ياتي يوم ويطلبون تحكيما دوليا لاثبات عائدية الارض (منطقة البصرة ) لهم والدليل مبانيهم فيها !!!
4- نظريات البناء على التربة الطين -رملية المشبعة بالماء مثل
sand drain piles
لتجفيف التربة لزيادة تحملها , تحتاج للتنفيذ الى معدات معقدة ومتطورة فاذا كانت صناعة ايرانية (ساخت ايران) , نحن نعرفها جيدا من خلال تاريخهم معنا حيث كنا نسميهم (ساختجية !!!!! )
وفي الآخر أقول لك أخي حميد اؤيدك في كل ما ذهبت اليه ولكني احببت ان اضحك ---وأُضحكك معي يا مهموم وشر البلية ما يضحك .
ملاحظة :- انت اخترت اسم نكروبونتي فالمفروض تلكفها وهي طايرة !!
تحياتي


2 - رد على تعليق
حميد نكربونتي ( 2009 / 2 / 18 - 15:43 )
الأخ المنسي القانع
أشكرك على تعليقك
الحقيقة أنه لمن المؤلم ان أجد مثل هكذا مواضيع تنشر على الملأ ولايبالي من يسمّون أنفسهم مسؤليين بهكذا طرح ولمثل مشاريع مثل تلك!
وأرض الأحواز ياسيدي تبقى بمستوى أعلى من أرض البصرة، لأنها أقرب الى السلسلة الجبيلة ومشكلتها أسهل بالمعالجة من أرض البصرة، وماطرحته من معالجة،فنعم، وبرغم ذلك فأن هناك طرقا أخرى للمعالجة الأسهل.

تحياتي

اخر الافلام

.. شبكات | إحباط تهريب أطنان من الذهب خارج ليبيا..


.. فرص كبيرة لتنمية التبادل التجاري العربي




.. محمد علي ياسين: غياب السلام أضاع فرص ثمينة على اقتصادات المن


.. غزة تشهد نقصا حادا في السيولة المالية بسبب تعرض البنوك للتدم




.. عرض الحرير الذهبي وحرفة النسيج القديمة في قطر