الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعرف الأشياء بأضدادها

خالد صبيح

2009 / 2 / 19
اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن


تنويه
بسبب خلل فني في الحاسوب، ماتزال اثاره باقية، لم استطع التواصل مع تعليقات الزملاء والاصدقاء ممن علقوا على مقالي السابقين. لهذا اقدم اعتذاري وشكري لهم.
***
كانت مسالة الاهتمام بتعزيز هوية موقع الحوار المتمدن اليسارية واحدة من النقاط التي وقف عندها الاجتماع الدوري للهيئة الإدارية للموقع. كذلك كانت هذه النقطة موضع اهتمام بعض كتاب وقراء الموقع، وقد جرى التعبير عن هذا الاهتمام على شكل نقد وجه للموقع في أكثر من مناسبة. ومن هنا يبدو إن هوية الموقع اليسارية، كما هي متبناة من قبل إدارة الموقع، موضع نقاش وتفسير أو تعريف وتحديد. وذلك لان المعترضين رؤوا أن الموقع قد فقد صفته اليسارية من خلال فتحه باب النشر لجميع أنواع الأفكار وبالذات اللبرالية منها، وحسب هذا النقد فان على الموقع أن يكرس هويته اليسارية بامتناعه عن نشر هذه الأفكار البعيدة عن فكر اليسار حفاظا على هويته ونقاءه الفكري. لكن هذا الرأي اغفل، برأيي، مسالتين مهمتين، أولاهما أن الموقع أكد على هويته الديمقراطية التعددية إلى جانب اتجاهه اليساري في تعريفه لنفسه وبهذا أكد على مفهوم جديد لهوية الموقع يختلف عن الفهم التقليدي إحادي النظرة لليسار.

والمسالة الثانية معطوفة على الأولى وتتواشج معها بمشتركات كثيرة، وهي طبيعة أو سمات اليسار الجديد، الذي يفترض أن الموقع ينتهجه بناء على معطيات هويته المحددة في منهاج عمله، وفي شعاره المثبت على واجهته. ومن بين أهم سمات اليسار الجديد، وأولى اولوياته، كما يفترض، هي القدرة على الانفتاح على الآخر وقبول الاختلاف. فلا ينبغي لهذا اليسار أن يعبر عن نمط تفكير مغلق ينسحب بالضرورة على منابره الثقافية والإعلامية، لينعكس لاحقا بالسلب على نشاطه التعبوي والتثقيفي. فاليسار عليه أن يستفيد من أنماط التفكير الحداثية الأخرى ويوظفها في خطابه وفي مشاريعه السياسية. وعليه، وهذا محور هذا الموضوع، أن لا ينغلق في منابره الإعلامية والثقافية على ما ينتجه هو من فكر وعلى ما يقدمه من وجهات نظر، ويحد من افقه بالاقتصار على نمط واحد من الفكر. وبالتأكيد أن تحديد موقع إعلامي في نمط فكري واحد سيؤدي إلى قولبته ومنعه من النمو، لاسيما في زمننا هذا الذي هو زمن الحوار والانفتاح على كل الآراء والاتجاهات. ولا يمنع أو يعيب أي موقع يساري أن يسمح بوجود كتابات من خنادق واتجاهات أخرى، بل على العكس، فهذا الأمر مهم لهذا المنبر لأنه، عدى كونه يؤكد على مستوى الانفتاح العقلي لليسار، وقبوله للرأي والاتجاه المختلفين معه، فانه يتيح له أيضا فرصة مناقشة هذه الأفكار المختلفة مع منطلقاته، وطرح استنتاجاته حولها وحول الواقع، مما يفضي إلى استخلاص أو إنتاج فكر يساري ناضج ومتطور بفعل حيوية وجدية وسعة النقاش مع الاتجاهات الأخرى. وهذا الآمر من شانه أن يسهم أيضا في نشر وعي وثقافة الانفتاح على الآخر التي تتهرب من مستحقاتها القوى اليمينية والظلامية من جهة، ويعزز مكانة ودور اليسار من جهة ثانية. ولا اعتقد إن هناك ضرورة لمنع أي مادة كتابية إذا لم تكن تصب في خانة التحريض على الكراهية والعنصرية. لان هذا النمط من التفكير وهذا المستوى من الكتابة هما نوع من الجريمة الأخلاقية والفكر المنحط، وبالتأكيد أن فكر اليسار الرحب والإنساني الساعي لزرع المحبة والوفاق بين الناس سيرفض الترويج والسماح لهذه الأفكار المتطرفة داخل منابره.

وما بنيغي الانتباه له في هذا الصدد هو أن ملامح هذه الهوية لليسار وللصحافة اليسارية لم تأت كخيار ذاتي أملته ضرورات متغيرات الفكر والتحولات السياسية والثقافية التي تحيط بعالمنا فحسب، وإنما أملته أيضا طبيعة التطورات والتغيرات التي لحقت بالصحيفة الالكترونية اليومية المنتشرة في أيامنا هذه، والتي أعادت إلى صحافة الرأي، التي انسحبت لصالح صحافة الخبر منذ سنوات طويلة، القها المفقود ودورها الحيوي في تشكيل وعي المجتمع. لكن هذه العودة لصحافة الرأي قد رافقها أيضا تعديل بنيوي واسع على طبيعة ومحتوى وشكل الرأي، وذلك بفضل تكنولوجيا المعلومات (الكومبيوتر والانترنيت) وما فرضته من تعديلات بنيوية شاملة على صعيد الصحافة والإعلام وبناء الرأي.

فكما لا يخفى أن الصحافة الالكترونية، (التي يستهين بها الكثيرون بدون مبرر منطقي)، قد اتاحت وفرضت في نفس الوقت تنوعا في طريقة طرح الرأي، وأسلوب تناوله، تميز بتغلغله في تفاصيل الواقع اليومي، وركز على حيثياته وجوانبه المنسية أو المهملة. فلم يعد الرأي المطروح في الصحافة الالكترونية رأيا شموليا يشغل مساحة كبيرة ويتناول الموضوع من كل زواياه، كما هو الحال في الصحافة الورقية، بل هو قد اتخذ شكلا آخر اتسم بتناوله للآني من الأحداث الصغيرة والهامشية بالإضافة إلى الأحداث الكبيرة والمهمة، وشارك بمتابعة تطوراتها في تناسب زمني يتناغم في سرعته مع طبيعة سرعة الأحداث وإيقاعها ومع سرعة وصولها إلى المتلقي.

هذه التحولات والتطورات وغيرها تملي على الحوار المتمدن أن يواكبها في توجهه الفكري العام وفي سياسة النشر لديه.

حين تأسس موقع الحوار المتمدن قبل سبع سنوات كان حينها موقعا متواضعا بامكانات ومطامح محدودة. لكنه مع مرور الأيام، وبجهود حثيثة من العاملين فيه لاستقطاب كتاب وقراء إليه، وتطويره تقنيا واداريا، وبمثابرة كتاب الموقع على رفده بكتاباتهم وتقويم مسيرته بآرائهم، تبوأ مكانة متقدمة جدا في عالم الصحافة الالكترونية، واليسارية والديمقراطية منها بوجه خاص. وهذا الآمر يشجع كثيرا على الاهتمام بهذا المنبر والسعي من اجل جعله حجر زاوية لحركة يسارية منفتحة وحداثية تتجاوز اطر الطروحات اليسارية العتيقة، وتتفاعل مع معطيات الواقع كما هو، وبغير اثقالات أيدلوجية تعيق نمو الحركة والموقع في نفس الوقت. لكن هذا الطموح - الأمل بحاجة إلى تعميم القناعة به، ويتطلب جهود كبيرة من المقتنعين به، ومن والطامحين إليه لوضع أسس لهذا المشروع وللارتقاء بالموقع ليلعب هذا الدور المميز.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - معذرة استاذ خالد
عادل عمران ( 2009 / 2 / 18 - 20:40 )
الاستاذ خالد
انا احد المعجبين بمقالاتك، ولكني اجدك في هذا المقال تحاول التملق للحوار المتمدن لكي لا يضعك في عداد المغضوب عليهم ولا الضالين، وكما ترى ان الحوار المتمدن يضع المقالات التي تمتدحه في المقدمة وهو تقليد دأبت عليه قنوات الاعلام العربي في التعامل مع الملوك والرؤساء وهو ما نسعى الى تجاوزه، وقد رأينا كيف تنهال المقالات بعيد تأسيس الحوار المتمدن كما كانت تنهال التهاني بعيد ميلاد صدام حسين.
ارجو ان يتسع صدرك وانت الكاتب المبدع وان يتسع صدر الحوار المتمدن لمتابع دائم للحوار المتمدن، وأن لا تحجبوا تعليقي هذا.
تحيتي وحبي لكم جميعا


2 - أتفق معك
خالد عبد الحميد العاني ( 2009 / 2 / 19 - 00:14 )
لآ يسعني سوى الأتفاق معك 100 بالمائة. الحوار المتمدن موقع يساري ولكنه موقع للرأي والرأي الأخر حيث تتفاعل وتتحاور الأفكار والأراء شرط توفر أساليب الحوار الهاديء والموضوعي بعيدا عن السب والشتيمة والمهترات.


3 - رد
خالد صبيح ( 2009 / 2 / 19 - 02:50 )

الاخ العزيز عادل
شكرا لاهتمامك وتعليقك.
من حقك ان تؤول نصي حسبما تفهمه، ولكن لاارى ان في موضوعي مايوحي باستنتاجك حول مسالة التملق. فهذه هي المرة الاولى التي يوضع مقال لي في صدر الصفحة، وهذا امر داب عليه الحوار المتمدن مع كل من يكتب بشان موقعهم. واذا راجعت اراء في الحوار المتمدن ستتاكد مما اقول. ثم ليس هناك مديح للحوار المتمدن في مقالي لكي يفهم منه اني اتملق، فانا طرحت فكرة ان يتحول الموقع الى حجر زاوية ليسار جديد، وهذه رغبة وطموح عند كثيرين، قد لاتكون عند اصحاب الموقع، اما ذكر جهود ادارة الموقع فهي حقيقة موضوعية ينبغي الاعتراف بها، واذا لاحظت فانا تكلمت بشكل عمومي عن الفكرة وعن الموقع ومثلما ذكرت جهود الادارة اشرت لدور كتاب الموقع في تطوير وتعزيز مكانة الموقع. ويمكن هنا ان نضيف دور القراء من خلال مساهماتهم بالنقاش في تاسيس هذه القاعدة. ولاتنسى، ان كنت متابعا فعلا لما اكتب، انني صاحب فكرة تشكيل اتحاد لكتاب الموقع لحمايتهم من مايمكن ان يصدر من تعسف من ادارة الموقع ازاءهم. وعلى العموم موضوعي كله لم يتحدث عن الموقع الا من زاوية اهميته لحركة اليسار.
عدا هذا لا ارى ان عند الحوار المتمدن مايغري بالتملق له، ومسالة الخوف من ان يضعني الموقع في خانة المغضوب عليهم فهذا امر نافل،


4 - اليسار الجديد بلا إنفتاح على الاخر كالجبل الذي لاتخرقهُ الشم
كامل الشطري ( 2009 / 2 / 19 - 08:33 )
ما يطروحه الاخ خالد صبحي هو عين الصواب والرجل متوازن في في طروحاته ولا اظن انهُ من المتملقين حتى ينعت بهذه الصفة الغير منصفة ولوكان لدينا اكثر من خالد لقطعنا اشواطآ طويلة على طريق الديمقراطية والتقدم واتمنى ان لا أنعت أنا بالتملق كخالد لان الرجال لا يملك سوى مايسد حاجته اليومية كما اتوقع

تحياتي واحترامي له


5 - من يحدد اليسار واليمين ؟؟
هرمز كوهاري ( 2009 / 2 / 19 - 09:17 )
اليسار واليمين أصبح شيئ نسبي ، فقبل فترة كان راي ما يسارايا ثم تغير الوضع فأصبح ذلك اليسار يمنيا جامدا ، من يحد هذا يسار وهذا يمين أو يسار متطرف أو يمين متطرف ، يبدو لي كالجهات فأذا نكون في العراق تكون إيران شرقنا وسوريا غربنا . .كانت مقاومة التدخل الأجنبي حتى بالسلاح ،عملا وطنيا يساريا فهل يصح أن نقاوم الأمريكان في العراق بالسلاح اليوم !!ونعتبره عملا وطنيا يساريا
، في الأربعينات كنا نرفض تدفق رؤوس الأموال الأجنبية لأنها وجه من أوجه الإستعمار والآن ندعوها لتتدفق الينا ، كانت للدول سياسة حماية المصنوعات الوطنية والآن حل عصر الشركات متعددة الجنسيات ليس هناك شركة أمريكية ،
أو سويدية خالصة فترى فولفو مباعة الى أمريكا كلها أو قسما منها ، وشكودا الجيكية تملكها شركه أألمانيا وهكذا

ومع هذا أريد للحوار المتمدن أن يبق رفيع المستوى يفتخر بالموضوعات الرصينة الهادفة والمبادئ القيمة في مقالاته ولا ينجرف وينشر ما لا تستحق النشر والقراءة كالجرا ئد اوالمواقع الرخيصة التي تتطرق الى مواضيع تافهة بقصد النشر
ومهاترات وفضائح شخصية إلا بقدر الضرورات القصوى ،
والقائمين على الحوار المتمدن أدرى بهذا ومشكورين جدا لجهودهم الطيبة الخيرة في خدمة الوطن والإنسان وا


6 - الحقيقة قالها الاخ خالد صبيح
عبد العالي الحراك ( 2009 / 2 / 19 - 10:17 )
الموقع يساري ديمقراطي علماني ليبرالي فيجب ان يحتوي جميع الاراء والافكار وهي في حوار ونقاش والاغلبية هي لليسار لقوته وحجته العلمية والمنطقية وان احتكاره على اليسار واي يسار سوف يميته ويفقده اسمه وعنوانه وشعاره .. وليبقى وليستمر الحوار متمدنا منفتحا قابل للنقد متقبلا للرأي الاخر وهو كذلك كما اعتقد وتحية للاخ خالد صبيح ولادارة الحوار المتمدن ولجميع الكتاب والقراء الكرام


7 - اهانة علنية للحوار المتمدن وطاقمه
سمير حميد ( 2009 / 2 / 19 - 14:06 )
السيد عادل عمران قبل ان يتجاوز على كاتب المقال الرائع حول الحوار المتمدن يتجاوز بشكل تافه على الحوار المتمدن وطاقمه
***************
وقد رأينا كيف تنهال المقالات بعيد تأسيس الحوار المتمدن كما كانت تنهال التهاني بعيد ميلاد صدام حسين
**********************
ولكن نشر الحوار المتمدن للتعليق دليل على تحضره وتمدنه والذي جعل الجميع يحبوه ويحترموه لمكانته ودوره الكبير في خدمة اليسار
الحوار المتمدن ليس له المال ليدفعه كما كان صدام حسين بفعل بل
يعيش هو على تبرعات كتابه وزواره

الحوار المتمدن يجب ان لاينشر هكذا تعليقات تافه لانها تنطلق من النيل من الكاتب والحوار المتمدن وادارته والتشهير بهم لاغير


8 - شكر وتعقيب
خالد صبيح ( 2009 / 2 / 19 - 16:02 )


الاعزاء سمير،عبدالعالي،خالد العاني،كامل، هرمز
شكرا لاهتمامكم واتفق مع اطروحاتكم . واعتقد ان دوركم في الكتابة والتعليق سيلعب دورا مهما في تحديد هوية الموقع واتجاهه، وبالتاكيد ان الموقع سيطور نفسه طالما لديه هذا المستوى من القراء والكتاب.
فكرة نسبية تحديد صفة اليسار او اليمين هي مسالة تحتمل الكثير من النقاش، ولكن اكيد ان المنظور النسبي هو الاكثر واقعية ومعقولية. كما ان الانفتاح على التوجهات الفكرية هو المعيار والطريق لبناء فكر يساري ديمقراطي حديث، وهو امر لم يغب بتقديري عن وعي الكثيرين هنا في الحوار المتمدن.
اتفق تماما، واضيف للتاكيد هنان مع ما قاله الاخ عبدالعالي من ان الهوية اليسارية للموقع تكرس وتبنى بمدى الجهود التي يقدمها اصحاب هذا الفكر في نشر قيمه واسسه.
ملاحظة:
انا لم احذف أي تعليق مهما يكن اسلوبه فصاحب التعليق هو الذي يتحمل المسؤولية الاخلاقية عن تعليقه، ومن لم يجد تعليقه هنا او في مقال اخر اقول لست انا السبب في عدم نشره. ولا اتفق مع الاخ سمير حول ضرورة منع أي تعليق. واقول فلينشر كل شيء ليفهم الناس طبيعة مايدور في العقول والقلوب.
تحياتي للجميع

اخر الافلام

.. نتنياهو: غانتس اختار أن يهدد رئيس الوزراء بدلا من حماس


.. انقسامات داخلية حادة تعصف بحكومة نتنياهو وتهدد بانهيار مجلس




.. بن غفير يرد بقوة على غانتس.. ويصفه بأنه بهلوان كبير


.. -اقطعوا العلاقات الآن-.. اعتصام الطلاب في جامعة ملبورن الأست




.. فلسطينيون يشيعون جثمان قائد بكتيبة جنين الشهيد إسلام خمايسة