الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// التطور التاريخي للتشكيلة الاقتصادية – الاجتماعية بالمغرب

بلكميمي محمد

2009 / 2 / 19
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


تقديم : ان الخاصية الاساسية التي تميز بها تاريخيا التطور الاقتصادي - الاجتماعي في المغرب هو كون المجتمع المغربي قد انتقل مباشرة من مجتمع لاطبقي الى مجتمع اقطاعي بدون ان يمر بالمرحلة العبودية ( منظورا الى المسالة من زاوية نمط الانتاج المحلي ) . وان هذا التحول الطبقي قد تم تدريجيا بعد الفتح العربي الاسلامي .
لقد عرف المجتمع العربي الاسلامي ، فعلا علاقات اجتماعية عبودية الا انها ، اما كانت خارج دائرة الانتاج حيث اتخذت شكل خدم في بيوت الارستقراطية واغنياء المدن ، او شكل جنود لدى بعض الملوك . واما انها حين ارتبطت فعلا بالانتاج ، فظلت هامشية ومعزولة ، وهي بدل ان تتطور وتتوسع لتصبح سائدة على صعيد علاقات الانتاج ، فانها بالعكس قد تقهقرت وانقرضت . هناك حالتان رئيسيتان من هذا النوع : الاولى تتمثل في زراعة السكر الذي كان موجها للتصدير ، سينهار تحت ضربات المزاحمة الشديدة التي مثلها ظهور البرازيل كاكبر بلد مصدر للسكر في القرن السادس عشر.
اما الحالة الثانية ، فتتمثل في النظام العبودي الزراعي الذي كان قائما في واحات وادي درعة بتافيلالت ، الا ان ذلك النظام الذي كان يستمد قوة العمل وتجددها من تجارة العبيد السود ، سينهار بانهيار التجارة مع بلدان افريقيا السوداء بعد ان تم تهميش الطريق التجاري المار عبر الصحراء الغربية .
من ناحية اخرى لقد عرف المجتمع المغربي بعد الارهاصات الطبقية الاولى قبل قرون من الفتح العربي الاسلامي ، تحت تاثير الغزو الفنيقي السوري ، وبشكل خاص تاثير الاحتلال الروماني . الا ان تلك الارهاصات كانت سطحية ، ولذلك عجزت عن النمو والتطور ، حيث سرعان ما تبددت وتلاشت ، ولعل اسطع دليل على ذلك ، وهو تجربة الاحتلال الوندالي للمغرب .
ان اجتياح القبائل الوندالية – الجرمانية للمغرب كان يدخل في اطار اجتياح اعم واشمل تمثل في الغارات العسكرية الواسعة التي قامت بها القبائل الجرمانية البربرية على الاقاليم الغربية من الامبراطورية الرومانية ( اوربا الغربية والمغرب ) . ولقد اتى ذلك الاجتياح الجرماني الذي انطلق في القرن الخامس الميلادي ، كنتيجة للازمة البنيوية العميقة التي انفحرت داخل النظام العبودي الروماني منذ القرن الثالث ، غير ان نفس القبائل الجرمانية التي اغارت على اوربا الغربية والمغرب لم تخلف نفس الاثار الاولى . لقد وجد البرابرة الجرمان انفسهم ، ليس فقط امام نظام طبقي شامل ومترسخ ، بل اويضا في طور تفككه وبداية انتقاله من نظام عبودي الى نظام اقطاعي . هنا سيؤدي الغزو الجرماني الى الاسراع بعملية الانتقال تلك ، وذلك عن طريق تحول القادة العسكريين الجرمان واعوانهم الى اسياد اقطاعيين بسبب احتكارهم الى السلاح . ففي هذه الحالة اذن ، لقد استطاع النظام الاقتصادي – الاجتماعي استيعاب القبائل المغيرة ودمجها في صيرورة الانتقال من العبودية الى الاقطاع .
اما في الحالة المغربية ، فقد وقع عكس ذلك تماما ، اذ وجدت القبائل الجرمانية البربرية نفسها وجها لوجه ، امام القبائل المغربية البربرية هي ايضا . هنا كانت المواجهة مواجهة الند للند بسبب تشابه التركيب الاجتماعي للطرفين ، وبالتالي لكون القبائل المغربية كانت قبائل بدو احرار يحملون السلاح ، لذلك تم في المغرب لفظ القبائل الجرمانية المغيرة .
مايريد الفقيد عبدالسلام المؤذن التاكيد عليه مما سبق ، هو ان المجتمع المغربي الماقبل اسلامي ، ظل في جوهره مجتمعا لاطبقيا . ان التحول من المجتمع اللاطبقي الى المجتمع الطبقي ، سيكون من انجاز المرحلة العربية الاسلامية ، وان هذه المرحلة نفسها ستطبع ذلك التحول بميزة خاصة ، هي الانتقال مباشرة الى نمط الانتاج الاقطاعي بدون المرور بمرحلة نمط الانتاج العبودي .

في الحلقة القادمة سنتناول : تشكيل الارستقراطية القبلية










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تناور.. «فرصة أخيرة» للهدنة أو غزو رفح


.. فيديو يوثق اعتداء جنود الاحتلال بالضرب على صحفي عند باب الأس




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر تطورات القصف الإسرائيلي في جميع مدن ق


.. حماس: تسلمنا المقترح الإسرائيلي وندرسه




.. طالب يؤدي صلاته وهو مكبل اليدين بعدما اعتقلته الشرطة الأميرك