الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النقل بين الدول العربية ودوره في تنمية التجارة العربية البينية

محمد نبيل الشيمي

2009 / 2 / 27
الادارة و الاقتصاد


التبادل التجاري بين الدول العربية لا يزال محدودا فهو يدور في أدني 10% من قيمة التجارة الخارجية العربية وهذا المظهر يعد أكثر ظواهر الضعف وضوحا في مجمل العلاقات التجارية البينية والواقع أن هناك العديد من المعوقات أمام تنمية التجارة العربية البينية ومن أبرزها /
الخلل الهيكلي فى عرض المنتجات والسلع العربية نظرا لضعف مرونته لمقابله الطلب المفاجئ بالإضافة إلى أن هناك تركيزا من جانب غالبية الدول العربية فى إنتاج السلع الأساسية والصناعات التحويلية مثل الصناعات البتروكيماوية والأسمدة ويتم هذا بدون تنسيق بين الدول بل أنه لا يوجد أدنى حد من التكامل فيما بينها ، كما يأتي ضعف استثمارات العربية المشتركة خاصة فى مجالات إنتاج السلع المتداولة (القابلة للتجارة) وتوجهها إلى إنتاج غير قابل للتبادل كالسياحة والعقارات والأوراق المالية كأحد أهم عوامل تدنى التجارة العربية البينية كما لا يمكن إغفال دور العلاقات السياسية الثنائية على مستوى العلاقات التجارية فحيث تكون هناك علاقات ثنائية طبيعية يزيد حجم التبادل التجاري فيما بينها فى حين يتأثر بتدهور العلاقات السياسية..
وبعيدا عن هذا كله فإن دور النقل بين الدول العربية والذي يأتي كأحد العناصر الفاعلة فى مستويات حركة التجارة البينية ويعد واحداً من أسباب تدنى حركة التجارة البينية ويبدو من الملائم أن نحاول التعرض لأهمية تحسين كفاءة النقل بين الدول العربية كأحد منشطات التجارة العربية البينية وذلك بعد الاشارة إلى عدد من المعوقات النقلية التى تعانى منها حركة التجارة.
المعوقات:
تؤثر عوائق النقل بصورة مباشرة وغير مباشرة علي تنمية التجارة العربية البينية والواقع يشير إلي اهتمام البلاد العربية بقطاع النقل من خلال الاستثمارات الضخمة التي وضعت لتطويره والقوانين والأحكام التي وضعت لتيسيره إلا أن هذا القطاع مازال يعاني من مشاكل ومعوقات تقف عقبة أمام تحسين كفاءته وهي تتلخص في الأمور التالية :
 استمرار معاناة السائقين في الحصول علي تأشيرات الدخول فلكل دولة نظام لإجراءات الحصول علي التأشيرات تبعا لجنسية السائق وجنسية الشاحنة ، وتتأثر إمكانية منح التأشيرات بطبيعة العلاقات السائدة بين بلد السائق والبلد المطلوب التأشيرة لدخوله ، وبالرغم من قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي في دورته الثامنة والثلاثين في تونس منح تأشيرات سنوية لسائقي شاحنات الدول العربية تجيز لأي سائق يحمل رخصة سارية المفعول في بلدة لممارسته العمل في أي بلد أخر إلا أن هذا القرار لم يطبق بعد .
 تقابل الشاحنات معاناة شديدة من إجراءات التفتيش في نقاط الحدود فهذه الشاحنات تخضع لمعاينة بضائعها إضافة إلي تفتيش الشاحنة نفسها ولا يحدد وقت لإنهاء التفتيش وإنما هي بأمزجة السلطات الجمركية وفي حالة حدوث اختلاف بالقيود والأرقام والوزن ما بين المستندات والفعلي يفرض علي السائق غرامة مالية ، كما تختلف الإجراءات الحدودية باختلاف الحمولة ووقت الوصول إلي الحدود ومطابقة المستندات واكتمالها وتجدر الإشارة إلي انه علي الشاحنة الخضوع لبعض الإجراءات عند كل نقطة حدود علي الأقل عند نقطتي حدود كل بلد ( مركز الدخول ومركز المغادرة ) وبالطبع فإن تعدد عمليات التفريغ والشحن والتحميل لها أثار ضارة علي السلع المنقولة تتمثل في التلف والتغيير في المواصفات وارتفاع التكلفة ... الخ .
 التباين في القوانين الخاصة بالحمولات المحورية فلكل دولة قيودها التي تضعها علي الأوزان الصافية الإجمالية مستندة إلي القوانين المتعلقة بالشاحنات والصهاريج للسماح لها بالسير علي الطرقات بدعوى الحفاظ علي الطرق .
 مازالت الشاحنات العابرة تواجه احتمال عودتها فارغة وذلك بسبب ضعف موقفها التسويقي بعيدة عن مقرها وخاصة عندما يكون سائقها أجنبي وهو المسئول الوحيد عنها مما يعني أن الشاحنات تعمل محملة 50% من المسافة المقطوعة ولا تجيز سلطات بعض الدول العربية قيام الشاحنات ( من دول عربية أخري ) تحميل بضائع عند عودتها إلي بلادها .
 المنافسة غير المتكافئة من دولة إلى أخرى نظرا للاختلافات فى عناصر تكلفة التشغيل( تأتى تكلفة الوقود على رأس قائمة تكاليف النقل المؤثرة) بينما تكون هذه التكلفة مرتفعة فى مصر والأردن وسوريا وتتسم بانخفاضها فى دول الخليج.
 عدم ثبات تعريفات النقل الذى يخضع عادة إلى أحوال العرض والطلب حيث تتباين الرسوم والضرائب التى تفرض على المرور العابر للشاحنات من دولة إلى أخرى ويتم حساب هذه الرسوم حاليا فى معظم الأقطار كنسبة محددة من قيمة السلع المنقولة بما فى ذلك التأمين وأجور النقل (القيمة C.I.F للسلع) ولما كانت حركة النقل فى مثل هذه الأحوال تمثل غالبيتها العظمى ورادات لأقطار معينة يتم عبورها ضمن حركة الترانزيت فى الأقطار العربية المجاورة فإن هذه السياسة تؤدى إلى الارتفاع المباشر فى تكلفة النقل وبالتالي تكلفة السلعة بالنسبة للمستهلك.
 لا تتقيد الدول العربية بالاتفاقيات الثنائية الموقعة بينها وبين دول عربية أخرى فالاعتبارات السياسية تتقدم على الاعتبارات التجارية فمازالت بعض الدول العربية تشكو من عدم تطبيق الاتفاقيات التجارية وعادة ما تكون الممارسات الحاصله بينها فعليا بخلاف الاتفاقيات الموقعة ، إذ غالبا ما تفرض ضرائب غير منصوص عليها كالضرائب والرسوم على البضائع المنقولة برسم ترانزيت وقد سبق الإشارة إلى ذلك.
 اتسام الأقطار العربية بكونها تستهلك أكثر مما تصدر (وذلك بخلاف المواد البترولية) مما يعنى نقل البضائع من مصدرها (سواء كانت موانئ أو نقط عبور) إلى مناطق الاستهلاك ، أما الإنتاج المحلى المخصص للتصدير (فى معظم الأقطار) فهو محدود جدا الأمر الذى يعنى أن رحلة العودة تكون غالبا فارغة بالنسبة للشاحنات وبالتالي فإن معامل التحميل فى غالب الأمر يكون ضعيفا مما يعنى رفع التكلفة( ) .
 تمثل المواد الغذائية (بما فى ذلك الخضراوات والفاكهة) نسبة كبيرة من التجارة البينية للأقطار العربية ، وتعتمد هذه النوعية من البضائع فى النقل على استخدام المبردات بأنواعها المختلفة ، ولما كانت هذه المنتجات لها مواسمها المحددة فان ذلك يعنى بالتبعية أن الطلب على أسطول النقل بالمبردات سيكون متغيرا على مدار السنة مما يؤدى إلى انخفاض كفاءة التشغيل السنوي بدرجة كبيرة.
 تعانى حركة نقل البضائع من الصعوبات التى تلاقيها فى شحن البضائع من نقاط المصدر وأكثر ما تلاقيه الشاحنات من صعاب يكون عادة فى الموانئ وتختلف حدة هذه المشكلة من ميناء إلى أخر ، غير أن الوقت الضائع فى شحن البضائع داخل الميناء يمثل بصفة عامة عبئا على الأقل ليس فقط من وجهة نظر ما يفرضه عليه من الناحية الرسمية وغير الرسمية من مصروفات بل أساسا دون أي عائد داخل الميناء.
وكذلك الأمر بالنسبة لنقطة الوصول (الهدف) وبالذات عند التعامل مع المؤسسات الحكومية كالجمارك وجهات الفحص التى لا يمكنها استقبال أي شاحنات بعد مواعيد العمل الرسمية ، وعادة ما تكون هذه المواعيد قبل الغروب بفترة طويلة مما يجعل السائق مضطرا إلى المبيت لليوم التالى لإمكان تفريغ الشحنة وما يترتب على ذلك من خسائر مادية جسيمة على الناقل.
 عدم وجود محور ربط بين المشرق العربى والمغرب العربى وقد استمر فصل التواصل البرى بين جناحى الوطن العربى مشرقه ومغربه منذ سقوط فلسطين فى قبضة الاحتلال الصهيونى حتى تم تشغيل خط العبارات بين مينائي نويبع والعقبة الأردني فى ابريل 1985 ليتم التواصل البرى بين أقطار المشرق العربى والمغرب العربى من خلاله ، كما يتم الآن تشغيل خط عبارات آخر بين مينائي سفاجه المصري وضبا السعودى إلا أن هذا الربط مازال يمثل زيادة كبيرة فى زمن هذه الرحلات بالنسبة للشاحنات التى تنتقل بين أقطار المشرق العربى والمغرب العربى فيم لو قورن بالزمن الذى تستغرقه الرحلة فى حالة وجود محور ربط برى مباشر بينهما ويمثل هذا الوضع بالتالي زيادة مباشرة فى تكاليف النقل.
 لا تزال شبكة الطرق البرية تعانى من نقص فى الوصلات واختناقات حول المدن الكبرى ووجود أجزاء ومقاطع دون المستوى الفنى الأمر الذى يعيق حركة الشاحنات ويزيد من وقت الرحلة يضاف إلى ذلك ضعف صيانة الشبكة.
 نقص الخدمات الضرورية الأساسية على الطرق كالاستراحات والفنادق والمطاعم والإنارة وعدم وجود العدد الكافي من محطات الوقود وورش الإصلاح سواء ثابتة أو متنقلة وهذا يزيد من الوقت اللازم لنقل البضائع ويزيد من تكلفتها.
 النقص فى أسطول النقل البحرى على مستوى البلدان العربية وطبقا للتقرير المقدم من أمانة الانكتاد تحت عنوان استعراض النقل البحرى الصادر عام 1994 بأنه لا يوجد ضمن منتدى الدول الخمس والثلاثين الأكثر أهمية فى مجالات النقل البحرى سوى السعودية والكويت.
 افتقار معظم المواني العربية للمعدات والتقنيات العالمية المستخدمة فى الشحن والتفريغ مما يعيق من سرعة تداول البضائع فى المواني.
 عدم كفاية الخطوط الملاحية العامله بين المواني العربية كنتيجة لانخفاض حجم التجارة البينية بين الدول العربية.
 ارتفاع تكاليف الشحن الجوى بين الدول العربية وفرض بعض الدول العربية إتاوات على التنقلات التى تتم على طائرات خلاف طائراتها.
إن تحسين كفاءة النقل بين الدول العربية رهن بإزالة كل ما اشرنا إليه وهذا يتطلب:

• تحسين مستوى خدمة النقل البرى من خلال إكمال الوصلات على الطرق الرئيسية التى تربط البلاد العربية وتقويه وتوسيع الشبكات الحالية إضافة إلى توحيد المواصفات الفنية للطرق الرئيسية وتأمين الخدمات الضرورية على الطرقات كالاستراحات وورش التصليح ومحطات الوقود وتصميم إشارات وعلامات الطرق وتامين صيانة دائمة للطرق من جانب عماله متخصصة وتوفير معلومات حديثة عن قطاع النقل ورسم خرائط صحيحة ودقيقة.
• الاتفاق على الأسس والمبادئ العامة لسياسة تسعير خدمات النقل بين الدول العربية لضمان المنافسة المتكافئة واستمرارية النشاط ، وفى هذا الصدد فإن الأمر يستلزم الوصول إلى تحديد رسوم عبور تتماشى مع الواقع وتكون متجانسة بين الدول العربية ويكون التفاوت بينها محدود.
• السماح للشاحنات بالعودة محمله مما يزيد من كفاءة التشغيل ورفع نسبة المسافة المحمله للحد من الرحلات الفارغة.
• تسهيل حصول السائقين العرب على تأشيرات الدخول إلى كافة البلاد العربية على أساس مبدأ المعاملة بالمثل.
• تطبيق قوانين الأوزان المحورية والإجمالية المعدة تدريجيا مما يؤمن حماية للطرق.
• التوحيد القياسى لإجراءات المعاملات الإدارية على مراكز الحدود مع إبقاء فترة عمل هذه المراكز لفترة أطول.
• تفعيل الاتفاقيات القائمة فى مجال النقل بين الدول العربية والتى تحمكها الاتفاقيات الدولية التى تنظم النقل الدولي على الطرق
TIR-CONVENTION وكذا اتفاقية تيسير تجارة الترانزيت بين الدول العربية وغيرها من اتفاقيات.
• اعتماد شهادة منشأ واحدة بين جميع الدول العربية بما يسهل من عملية التأكد من منشأ السلع المتبادلة فى وقت قليل.
• تحسين كفاءة عمل الأجهزة الجمركية على النقاط الحدودية وإعادة تقييم الممارسات الجمركية القائمة ووضع برنامج لإصلاح الإجراءات التي يتبين عدم كفاءتها .
• العمل علي إنشاء محاور جديدة للربط البري بين العالم العربي بجناحيه الشرقي والغربي مع إزالة العقبات التي تواجه الشاحنات حاليا عند تحركها عبر المحاور القائمة .
• التسابق في مجالات النقل البحري من خلال عقد اتفاقات مشاركة بين الدول العربية بحيث تغطي بعضها البعض علي الخطوط الملاحية بدلا من الشحن علي السفن الأجنبية وقد نجت مصر في عقد بعض الاتفاقيات مع دول الشمال الأفريقي بموجبه يتم نقل المنتجات المصرية إلي دول غرب أفريقيا علي متن السفن التونسية إلي دول الخليج .
• الإسراع بإلغاء الإتاوات التي تحصلها السلطات في المطارات العربية علي الطائرات وذلك علي أساس مبدأ المعاملة بالمثل .












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سباق كليبر.. منافسة بين بحارة بولاية واشنطن لجمع تبرعات لمنظ


.. أسعار الذهب اليوم الأربعاء 08 مايو 2024




.. الرئيس الصيني في ضيافة الإيليزيه.. وسط توترات جيوسياسية واق


.. البنك المركزى: ارتفاع احتياطى النقد الأجنبى لـ41 مليار دولار




.. سعر جرام الذهب الآن فى مصر يسجل 3100 جنيه لعيار 21