الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول مرجعية منظمة التحرير الفلسطينية

سلامة كيلة

2009 / 2 / 20
القضية الفلسطينية


أثارت تصريحات خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس حول تأسيس "مرجعية فلسطينية جديدة" لغطاً، وبدا أنها خدمت ما تحاول القول بضرورة تجاوزه، أي منظمة التحرير الفلسطينية ذاتها، حيث أحيت الاهتمام بـ "جثة ميتة"، وأهالت عليها الدعم والتأييد من حيث لم تتوقع. وهو الأمر الذي أعاد حركة حماس إلى موقع الدفاع، حيث أكدت بدورها أنها لا تسعى إلى تجاوز المنظمة، لكنها تطالب بإصلاحها وفق اتفاق القاهرة الموقع سنة 2005.
ولهذا بدت الدعوة إلى تجاوزها أو بدا الدفاع عنها وكأنه "صياح لا معنى له". فالمنظمة "مشلولة" منذ توقيع اتفاقات أوسلو، لأن السياسة التي أفرزتها هذه الاتفاقات كانت تفترض تجاوز المنظمة لمصلحة "السلطة الوليدة". لهذا بدأت تتحوّل مكاتبها إلى سفارات، وأصبحت لا تجتمع إلا إذا كانت هناك حاجة تفرض ذلك. ولقد بدت أنها منتهية بعد وفاة ياسر عرفات إلى أن دبّ الخلاف مع حركة حماس على ضوء نجاحها في الانتخابات التشريعية، حيث عاد التأكيد على أنها المرجعية الأساس للسلطة، وهي المعنية بالمفاوضات. لكن لا دور لها يتجاوز ذلك، ورغم مطالبات التنظيمات الأخرى بإصلاحها لا تنعقد اللجنة التنفيذية أو المجلس المركزي إلا حينما يريدها محمود عباس، ولتبرير سياساته، كما فعل في اجتماع المجلس المركزي الأخير حينما أراد الخروج من مأزق انتهاء ولايته كرئيس لسلطة "حكم ذاتي إداري"، حيث تبرّع "الرفيق" أبو ليلى باقتراح انتخابه رئيس دولة فلسطين، وهو المنصب "الفخري" الذي أراده ياسر عرفات بعد إعلان "قيام دولة فلسطين" سنة 1988، لكنه لم يعد يحتاجه بعد أن أصبح رئيساً "فعلياً" لـ "سلطة الحكم الذاتي الإداري".
وبالتالي فالمنظمة هي "الشرعية" التي تحمي ذاتها بها السلطة، وأبو مازن، ليس أكثر. ولهذا ظل مهيمناً عليها، ومهمشاً كل الأطراف الأخرى، وظل يعتبر أنها "الممر" الذي يسمح بالسيطرة على سياسات المنظمات الأخرى عبر "الصندوق القومي"، والتوظيف، والمساعدات. وهو الوضع الذي جعل الكثيرين يدافعون عنها لأنها "مصدر رزق" وليس انطلاقاً من سياساتها وبنيتها ووضعها.
وما من شك في أن هذه السياسة جعلت المنظمة في وضعية يرثى لها، حيث جرى تغيير برنامجها بعد أوسلو لكي يتوافق مع الاتفاقات الموقعة، وبالتالي بات برنامجها هو برنامج أوسلو لا غير. هذا إضافة إلى السيطرة التامة على مؤسساتها، وماليتها.
بمعنى أن المنظمة لم تعد منظمة للتحرير، بل باتت "خيال مآتا" لا تفعل لها سوى احتكار التمثيل، وصبه في سياسات السلطة. لا دور سياسي، ولا دور نضالي، ولا دور تمثيلي. وهي محتكرة من قبل قيادة السلطة، وليس فتح لأن فتح تهمّشت كذلك، فأصبح في السلطة من أصبح وتشتت الآخرون. لهذا لم يبق سوى الاسم: منظمة التحرير الفلسطينية. هل يفيد؟
الدفاع عن وجود المنظمة ينطلق من أنها تمثل "الكيانية الفلسطينية"، وأنها تعبر عن "الشخصية الوطنية". أي أنها ما يشبه الدولة للفلسطينيين المشتتين. وهنا نلمس أن هذا الدفاع ينطلق من التمسك باسم ليس إلا، لأن الواقع يوضح بأن هذا الاسم يستغل لمصلحة سياسات دمرت ولازالت تدمر القضية الفلسطينية. وهي "بصمة الخيانة" التي وُقعت في أوسلو. وهي كذلك الغطاء "الحامي" لكل سياسات السلطة كما أشرت للتو. وهي أيضاً لا تمثل مجمل الطيف الفلسطيني، ليس فقط لأنها لا تضم حركة حماس والجهاد الإسلامي، بل لأن الممثَلين فيها لا دور لهم، ولا تأثير في مجمل سياساتها.
من هذه الزاوية تبدو دعوة حركة حماس إلى مرجعية لقوى المقاومة ذو أساس، ولها ما يبررها. فإذا كان رئيس المنظمة، الذي هو رئيس السلطة كذلك، يرفض المقاومة، ويعتبر أن فصائل المقاومة هي ميليشيات يجب أن تحل ذاتها أو تُحل بالقوة، كما فعل في الضفة الغربية، فلماذا لا يكون لقوى المقاومة مرجعية؟
ربما سيفهم مما أقول بأنني أؤيد دعوة خالد مشعل، هذا جانب آخر من الموضوع، لأنه يتعلق بطبيعة سياسات حركة حماس، وتوهماتها، وما تهدف الوصول إليه. إنها تريد القول، خصوصاً بعد "انتصار" غزة، أنها باتت الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، كما فعلت حركة فتح بعد معركة الكرامة سنة 1968. وهي ليست جديرة بذلك من أمور عدة، منها أن كل الوضع الذي وضعت ذاتها فيه لا يسمح بأن تحقق خطوة متقدمة في الواقع الفلسطيني، حيث أن مجمل إستراتيجيتها تجعلها تميل إلى ممارسة ما مارسته حركة فتح في الحد الأقصى. وهو ما توضح بعد أن أصبحت في السلطة، ويتوضح كل يوم. وخصوصاً أنها تتكئ في مرجعيتها على قوى باتت من الماضي، بغض النظر عن كل تاريخها النضالي.
ما وددت قوله أن المسألة أعمق من "المرجعية"، ومن منظمة التحرير، وتتعلق بالنضال الفلسطيني كله. فقد وُضعت القضية في مسار خاطئ، وظلت تنحدر فيه. ورغم بطولات الشعب فإن السياسات كانت تودي إلى الهاوية. لهذا الأساس هنا هو تحقيق إعادة نظر جذرية في الوضع القائم، والتأسيس لمرحلة جديدة تنطلق من رؤى مختلفة عما مورس طيلة العقود السالفة. وهنا ألقي اللوم على اليسار، وبالتحديد على الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (لأنه لازال فيها نزع يساري)، حيث أنها "قلّدت" ممارسات وسياسات، وحكمت ذاتها ببرنامج هو الذي أوصل إلى هذه الهاوية. ولهذا أرى أنه عليها أن تفكر ملياً في الوضع القائم، وتعيد تحديد يساريتها عبر رسم إستراتيجيتها. ولا يفيدها في شيء الدفاع عن "جثة" محتجزة، أو الاستمرار في برنامج فاشل، أو المراهنة على علاقات وتحالفات لا أهمية لها.
لقد انتهت منظمة التحرير في جيب أبو مازن، وانهارت كل بنى المنظمات الفلسطينية، وتاهت الرؤية. هذا هو الوضع الراهن الذي يحتاج إلى بحث وبدائل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نحتاج كيان يحتضن فصائل المقاومة
Elhamy Elmerghany ( 2009 / 2 / 20 - 01:30 )
الرفيق سلامة كيله
اصاب كبد الحقيقة إن المنظمة اصبحت جزء من سلطة اوسلوا ومن ثم لا تصلح ككيان مقاوم وكل مشاريع اصلاح المنظمة منطلقا من سلطة اوسلوا وصل بالأمور لغياب المرجعية.
والحقيقة ان حماس في تناقض واضح وان لم تعترف به بين عملها ضمن سلطة اوسلو ومشروع المقاومة
لذلك فإن بناء مرجعية تنظيمية لكل المنظمات المتمسكة بخيار المقاومة وتحديد شعارات كبيرة يتوحد حولها الجميع.
صعب اعادة المنظمة للحياة وبناء المشروع البديل يحتاج لجهد الجميع فهل الفصائل جاهزة لبناء هذا الخيار الجديد؟!!


2 - المصالحه اولا
محمد خالد ( 2009 / 2 / 20 - 10:06 )
قبل الحديث عن منظمة التحرير واعادة هيكليتها يتوجب الحديث ألأن عن مدى امكانية المصالحة الفلسطينية وبعدها نتكلم عن اعادة تنظيم البيت الداخلي الفلسطيني
شكرا

اخر الافلام

.. الانتخابات الرئاسية الأمريكية: نهاية سباق ضيق


.. احتجاجًا على -التطبيق التعسفي لقواعد اللباس-.. طالبة تتجرد م




.. هذا ما ستفعله إيران قبل تنصيب الرئيس الأميركي القادم | #التا


.. متظاهرون بباريس يحتجون على الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان




.. أبرز ما جاء في الصحف الدولية بشأن التصعيد الإسرائيلي في الشر