الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ارحمونا من جلالته و فخامته

جمال الدين بوزيان

2009 / 2 / 23
حقوق الانسان


في الوطن العربي، لا تقام أي تظاهرة كبيرة أو صغيرة، إلا برعاية الملك أو الرئيس، كل الإعلانات التي تروج لتلك التظاهرات مكتوب عليها عبارة "تحت رعاية جلالة الملك......." أو "تحت رعاية فخامة الرئيس....".
جلالته أو فخامته لهم الفضل في رعاية التظاهرات و الاحتفالات السياسة، و الاقتصادية و الاجتماعية، و الخيرية، و خاصة هذه الأخيرة، التي يبدو أنها لن تكون أبدا بدون تدخل أصحاب الجلالة و الفخامة، و كأنهم هم من جاءوا بالخير للدنيا، و كأن الخير لن يظهر للوجود و لن يشمل الضعفاء و المساكين من دون رعاية الحكام.
أصبحت أشعر بالاشمئزاز من تلك البرامج التلفزيونية التي تنجز للترويج لفخامته و جلالته، حيث تحاول إقناعنا بأنه لو لم يتدخل حاكم تلك الدولة أو المملكة لما تمكن ذلك المريض أو المعاق من العلاج. فتارة يقولون لنا بأن جلالته أو فخامته أرجع البصر لأعين طفل فقير، وتارة أخرى أنه أنقذ عائلة بأكملها من العراء و أرجع لها كرامتها، و كل هذا من خزينة الدولة و التي من المفروض أن يعم خيرها على جميع أفراد المجتمع من دون تدخل استثنائي من أصحاب الفخامة و الجلالة.
لماذا تكون مليمات و سنتيمات تلك الخزينة حكرا فقط على الحالات التي يتطرق لها الإعلام لغرض التملق للحاكم و مدحه كما كان و لازال يفعل بعض الفنانين و الشعراء؟
أليس من المنطقي أن الدولة أو المملكة إذا دخل الخير إلى خزائنها أن يعم ذلك الخير كل المواطنين و أفراد الشعب؟
لا أتحدث هنا عن اشتراكية مثالية، و لا أطالب بتوزيع ريع و أرباح النفط على كل فرد من الشعب كما فعل القذافي أو يقولون أنه سيفعل، كل ما أنوي الوصول إليه، هو أنه من الغريب أن نرى عائلات تتضور جوعا أو مريضا يموت بسبب عجزه عن توفير تكاليف العلاج في دولة أو مملكة خزائنها ممتلئة و حكامها يتباهون أمام المجتمع الدولي بزيادة الدخل السنوي و ارتفاع معدل التنمية بها.
في الجزائر مثلا، قوانين الحماية الاجتماعية الخاصة بالفئات المحرومة و بالمعاقين و المرضى أعتبرها قوانين مشوهة، فيها ظلم و استهزاء كبير بتلك الفئات، أليس الأجدر أن تعدّل تلك القوانين حتى نرحم المواطن من اللجوء إلى استجداء الجمعيات الخيرية و المساجد، أو اللجوء للصحافة المكتوبة لعرض تسوله، لماذا ينتظر وزير التضامن الوطني دائما نشر تلك الطلبات الملحة و المستعجلة على صفحات الجرائد ليتدخل بعدها كأبطال الأفلام الخيالية و ينتشل صاحب المشكلة مما هو فيه، و المحزن أن ذلك التدخل أحيانا يكون تدخلا افتراضيا، و لا يتحقق على أرض الواقع و يبقى مجرد حبر على ورق الجرائد.
لا نريد بطولات وهمية لحكامنا و وزراءنا في الصحف و القنوات الفضائية، نريد تعديلا منصفا للقوانين الظالمة، تعديلا لقوانين الصحة و الضمان الاجتماعي، و قوانين المعاقين و الفئات المحرومة، قوانين تضمن تكافئ الفرص في الحصول على منصب عمل، أم أن الشاب البطال هو الآخر يحتاج لمحاولة انتحار أو تجريب الهجرة غير الشرعية للحصول على منصب عمل.
حلم آخر أختم به كالمعتاد، أحلم بقوانين عادلة تغنينا عن التدخلات الاستثنائية للحكام و البطولات الوهمية لجلالته و فخامته.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يكفى ليوم واحد فقط.. الأونروا تحذر من نفاد مخزوناتها الغذائي


.. فيديو: الآلاف يتظاهرون دعماً للفلسطينيين في مالمو قبل مشاركة




.. السعودية تدين اعتداء إسرائيليين على مقر -الأونروا- بالقدس


.. خالد أبوبكر: أمريكا وأوربا تجابه أي تحرك بالأمم المتحدة لدعم




.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - الأمم المتحدة تشدد على ضرورة إدخا