الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت//التطور التاريخي للتشكيلة الاقتصادية – الاجتماعية بالمغرب//تشكيل الارستقراطية القبلية -1-

بلكميمي محمد

2009 / 2 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


ان الارستقراطية القبلية ، هي الشكل الجنيني الاول لبداية الانقسام الاجتماعي ، داخل القبيلة المساواتية القائمة على الديمقراطية البدائية . انها تمثل تناقضا مصلحيا بين رئيس القبيلة وبين اعضائها الاخرين الذين هم عبارة عن منتخبين محاربين احرار .
ان الارستقراطية القبلية اذن ، تعكس صراعا جنينيا بين نزوع الرئيس الى تطوير مصالحه وتركيز سلطاته ، وبين نزوع القبيلة الى الحفاظ على ديمقراطيتها البدائية الاصلية . ان هذا التناقض الدقيق هو الذي يحول القبيلة من مجرد كتلة اجتماعية ساكنة ، الى تنظيم اجتماعي – سياسي دينامي متحرك : فالطرف الاول في التناقض يضغط في اتجاه تطوير مبادرات الرئيس الفردية كشرط لتنمية مصالحه الخاصة ، بينما الطرف الثاني يضع تصرف زعامة الرئيس قوات القبيلة الضاربة لتحقيق الاهداف التي خططها الرئيس وقدمها في شكل مصلحة عليا للقبيلة . ان هذا الاندماج بين رئيس مبادر – مخطط ، ومحاربين منفذين هو الذي سمح ، في اطار التمويه بين مصالح الطرفين ، يجعل القبيلة الارستقراطية تتمتع بقوة وجبروت كانت تفتقدها كل القبائل الاخرى التي ظلت في مرحلة الديمقراطية البدائية المطلقة .
تاريخيا : لقد ظهر الشكل الاول للارستقراطية القبلية في المغرب ، كنتيجة للحروب التقليدية بين القبائل . ان القبيلة التي كانت تنظم غارات عسكرية على قبيلة اخرى قصد السطو على ثرواتها ، ستكتشف مع تكرار التجارب بان احد افرادها يتوفر على كفاءة حربية عالية ومواهب عسكرية متفوقة . ان هذا التفوق الشخصي سينعكس تدريجيا على مستوى توزيع الغنائم ، بحيث سيتم الاعتراف للرئيس الموهوب بحصة اكبر ، مما سيدفع الرئيس بدوره الى المبادرة لتنظيم الغارات والتخطيط لها ، ليس من منطق الحاجة الموضوعية للقبيلة ( كما كان الامر في البداية ) ، بل من منطلق مراكمة الثروة لصالح الرئيس.
هذه الارستقراطية القبلية التي انفصلت عن النظام الاجتماعي القبلي الديمقراطي البدائي ، لكن بدون ان تصبح مع ذلك طبقة اجتماعية متميزة ، هي التي سيواجهها الفاتحون العرب عند قدومهم الى المغرب في القرن السابع . فلقد ابانت عن مقاومة شديدة حيث لم يتمكن الجيش العربي من اخضاعها عسكريا ، الا بعد نصف قرن من المواجهات المتكررة ( من مرحلة عقبة بن نافع الى مرحلة موسى بن نصير والنعمان ) .
لكن المفارقة الكبرى هي ان الارستقراطية القبلية المغربية ، اذ كانت في البداية قد رفضت باستماتة الغزو العربي للمغرب ، فانها بعد ذلك قد قبلت واعتنقت الديانة الاسلامية بسهولة وسرعة كبيرتين . وهذا لايرجع لقوة روحية خارقة يتمتع بها الاسلام في حد ذاته ، بل للمشروع السياسي الواقعي الذي قدمه الاسلام للارستقراطية القبلية . فالطبقة التجارية العربية متزعمة المشروع الاسلامي ، والتي تملك افقا فكريا – سياسيا واسعا ، سوف تفتح امام الارستقراطية المغربية افاقا اوسع ، حين تقنعها بان مصلحتها المادية الفعلية ، لاتكمن في تنظيم الغارات العسكرية على القبائل المحلية ، التي لايمكن من ورائها جني سوى غنائم محدودة ، بل في تنظيم الحملات العسكرية الكبرى ضد البلدان الاجنبية ، ان فتح الاندلس اعتمادا على القبائل المغربية المحاربة ، وبزعامة الارستقراطية القبلية المغربية التي كان على راسها طارق بن زياد ، يعتبر اول تحالف سياسي قوي بين الطبقة التجارية العربية والارستقراطية القبلية المغربية ، الذي وضع الاسس الصلبة للتغلغل الايديولوجي الاسلامي في المغرب .

في الحلقة المقبلة : تحول الارستقراطية القبلية الى ارستقراطية تجارية .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: الرجل الآلي الشهير -غريندايزر- يحل ضيفا على عاصمة


.. فيديو: وفاة -روح- في أسبوعها الثلاثين بعد إخراجها من رحم أم




.. وثقته كاميرا.. فيديو يُظهر إعصارًا عنيفًا يعبر الطريق السريع


.. جنوب لبنان.. الطائرات الإسرائيلية تشن غاراتها على بلدة شبعا




.. تمثال جورج واشنطن يحمل العلم الفلسطيني في حرم الجامعة