الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإناء ينضح بما فيه

مسعود عكو

2004 / 3 / 28
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


ليس غريباً أن يعتقل أي إنسان في سورية سواء كان هذا الشخص سياسياً أو رجل دين أو مهرب دخان أو حشاش أو أي شكل من أشكال الوجود البشري والتي يحتار المرء كيف يصنف تلك الأشكال ولكن المصيبة تقع عندما يعتقل هذا الشخص بمصيدة خبيثة دون أن يعلم بها حيث يكون عائداً إلى بيته وهو ينتظر رؤية أبنائه وزوجته فيفاجئ بدورية أمن ومجموعة من المسلحين وقبل أن يتناول الغداء في منزله مع عياله يتناول دولاباً على الطاير من قبل ذلك الفرع الذي تم اعتقاله من قبله دون أي سؤال أو جواب وقبل أن يتفوه المسكين ببنت شفة حيث قد يكون الشخص الخطأ ولكن بعد ماذا ( بعد ما الفاس وقعت بالراس ) وقد تدوم ضيافته عندهم عشرات السنين ثم يطلق سراحه ويقال له كنت الشخص الخطأ ثم قد يعتذرون وقد لا المهم في الأمر هو القبض على شخص ما مهما كانت هويته ذكر أم أنثى كبير أو صغير لا يهم فقط اعتقال شخص ما.
تلك التي كتبتها ليست هلوسات ولا هي نكت سياسية بل هي حقيقة يعيشها المجتمع السوري برمته اللهم إلا المعصومين هؤلاء الأمنيون لا يأبهون بحقوق المواطن ولا بسيادة القانون ويتفننون بطرق إلقاء القبض بل لو رشحوا أنفسهم إلى مسابقات دولية حيث سينالون أفخر الجوائز العالمية كالأوسكار وكان وجوائز أخرى وسيدخلون كتب الأرقام القياسية من باب اعتقال أكبر عدد ممكن من المواطنين في أقل وقت ممكن .
نسمع في جميع دول العالم اعتقال أشخاص مجرمين قتلى لصوص خارجين على القانون ولكن نسمع فقط في الدول العربية والدول المشابهة لها اعتقال مفكرين وكتاب وصحفيين وسياسيين حيث بات إذلال أكثر أبناء المجتمع ثقافة وبطولة وشجاعة وحكمة تحقيرهم وزجهم في السجون أسهل من شرب كأس ماء دون أن يعروا أي اعتبار لهؤلاء الذين قضوا حياتهم في سبيل رفعة الوطن وإعلاء شأنه والحرص على حمايته والعمل على تطوره وتقدمه ولكن يفاجئون بثلة من الأمنيين يقفون في وجوههم ويغيرون مجرى حياتهم كلها بل أحياناً يقلبون أفكار وآراء تلك الفئة فيتحول الخارج من عندهم من سياسي ومفكر إلى شخص أخر هو كل شيء إلا ما كان عليه قبل زيارته إليهم ويحرم على نفسه حتى مشاهدة الأخبار في منزله مخافة من تلك الفئة الأمنية.
ماذا فعل محمد غانم لكي يعتقل ؟ ماذا قال ؟ ما هو الضرر والخطر الذي شكله على سيادة الدولة وأمنها العام ؟ هل هو أيضاً دعا إلى اقتطاع جزء من الأرض السورية ومحاولة إلحاقها بدول الجوار؟ هل آثار نعرات طائفية؟ ما هي جريمته ما هو ذنبه ما هو الأمر العظيم الذي استنفر الأمن العسكري من أجله وتم كيد مصيدة له وتم بموجبها اعتقاله؟ هل الكلام حرام؟ أم حكر على البعض!, وممنوع على الأكثرية! هل إبداء المواقف صار يهدد أمن الدولة؟ هل أراء الكاتب أصبحت سلعة مهربة يجب أن يمنع تداولها في الأسواق والبيوت؟ هل مناصرة أخيه في الوطنية جريمة يعاقب عليها القانون الأمني ؟هل دعوته إلى سيادة القانون و بناء دولة ديموقراطية واحتجاجه على سرقة الأموال العامة ومناصرة المظلومين واستنكاره ذبح أخوته الأكراد جريمة؟ هل ؟ هل ؟!
ألم ينص القانون حسب دستور الدولة المقدس على المادة 25 و التي ينص مضمونها على:
1 - الحرية حق مقدس وتكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية وتحافظ على كرامتهم وأمنهم.
2 - سيادة القانون مبدأ أساسي في المجتمع والدولة.
3 - المواطنون متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات.
4 - تكفل الدولة مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين.
أما المادة 26 – لكل مواطن حق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وينظم القانون ذلك.
لست هنا بصدد أن أورد مواد لدستور الدولة وهم أي الأمنيون أدرى مني بها بل هم حماته كما يجب أن يكونون ولكن انقلبت الآية فلا قانون يحمي هذا القانون وبالمناسبة أناشد هنا الحقوقيين والمسئولين وأتوسل إليهم أن يصدروا قانوناً يتم بموجبه حماية القانون ولكي يكون هذا القانون هو أعلا مادة قانونية يصير بها الدستور والقوانين محمية من التلاعب والتجاوزات وخاصة تلك التي ينتهك في ظلها حرية المواطن وكرامته وينغص عليه معيشته وحياته فأي قانون وأي دستور يطبق علينا وأجدر أن يلف به أبو عبدو الفوال سندوتشات الفلافل طالما لا يعمل به بل ويعكس سلباً علينا ألا يحق لنا الكلام ألسنا بشر كغيرنا لماذا هذا التحايل علينا وعلى القانون والدستور نفسه أليس هو من ينظم كافة طرق الحياة الإدارية والاقتصادية وأهمها السياسية. ماذا تتوقعون من هؤلاء أن يفعلوا بالتأكيد سيعتقلون ويعذبون كل من يتفوه بكلمة لا تعجبهم حيث يبقى دائماً الإناء ينضح بما فيه فلم يتعودوا على حرية الرأي وسماع الأخر وقبول المعارض السلمي لأرائهم وأفكارهم هل يريدون أن يولفوا كل ما في الطبيعة على موجتهم هذا مستحيل ولن يتحقق أبداً .
تحية إلى كل الغيورين على وحدة وسلامة تراب الوطن تحية لكل معتقلي الرأي في السجون تحية إلى كل من يناضل في سبيل حرية الإنسان وكرامة المواطن تحية وألف تحية للمناضل البطل محمد غانم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معركة ساخنة بين بايدن وترامب؟ | المسائية


.. الإصلاحي بيزشكيان والمحافظ جليلي يتأهلان للدور الثاني من الا




.. ميقاتي: لبنان سيتجاوز هذه المرحلة والتهديدات التي نتعرض لها


.. حماس تدعو الأردن للتحرك من أجل مواجهة مشروع ضمّ الضفة الغربي




.. أبرز التحديات التي تواجه الديمقراطيين في حال أرادوا استبدال