الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنين الأم و صيانة الفکرالبشري

إلهام لطيفي

2009 / 2 / 23
حقوق الانسان


بمناسبة 21 فبراير اليوم العالمي للغة الأم

يعرف الانسان بالحيوان الناطق بالتعريف المنطقي ويتميز بهذه الصفة عن جميع الکائنات حيث أن النطق هو الفصل الاول التي يميز الانسان عن سائر الموجودات و النطق هنا يعني الفکر بمعني أن الانسان هو حيوان متفکر ولکن النطق بالمعني اللغوي العربي هو ما تتواتربه بالحروف في سياق اللغة و من هنا نستطيع القول ان اللغة اي ما يتميز بها الانسان لها وجه عام وشراکة خاصة بفصل النطق بمعني الفکر ,اذن من هنا نري العلاقة بين اللغة والفکر هي علاقة تفاعل وتکامل ؛ حيثما تناقل الکثير من الفلاسفة واللسانيون علاقة اللغة والفکر و تاثيرهما علي البعض فمن خلال هذا المقال سوف اتطرق الي علاقتهما الوثيقة وتاثيرها في حياة البشر والعومل الموثرة في تکوينها وتحولها .
في البداية نستطيع القول انما اللغة سواء من أنها وسيلة التواصل بين أفراد المجتمع ونقل الأفكار، تجعل عملية التفكير ممكنة بتنظيمها للواقع بمختلف تجلياته ومعطياته فهي التي تنقل وتخرج ما حملناه من ثقافة وتاريخ من طيات ذاتنا وافکارنا کما هي التي تحک رموز هذه ألافکارعلي الحجر وعلي الخشب والحديد لتخلدها في ذاکرة التاريخ وهي التي تعبر ما في داخلنا من فکر في مصا ريع الأبيات الشعرية ليتناقل ها الجميع و لتکن مقروءه ومسموعة لهم ولتسهل فهمهم بما نتفرد به من ثقافة وفي النهاية هي التي تعکس صورنا الذهنية المنطبعة في افکارنا علي مرآة القراءة ومن ثم ذلک تقوم بنشرها حتى تصون هويتنا .
ومن جهة ثانية تعرّف اللغة الأم عادة بأنها اللغة التي يكلمها الطفل دون تعليم رسمي وبشكل طبيعي في الوسط العائلي فاذن هذه اللغة التي ننطق به أول کلماتنا ونبحث من خلالها عن ابسط أسئلتنا ألفکرية في الطفولة فهي التي بها ننطق كلماتنا الأولى، وبها نعبّر عن أفكارنا الفردية وقد تکون هي العمود الذي يعتمد عليه كل إنسان في تكوين ذاته وطريقة تفکيره ، والذي يستند بها طوال حياته؛ فأ نين الأم وتحدثها بأول لغات نتعلمها هي أول خطوة لصيانة ثقافتنا و هويتنا التي تنتقل الي أجيال بيئتنا ضمن هذه الأوتار الأولي التي تبداء الأم بها ليرقد بهذه الأصوات والکلمات طفلها او يلعب ويطرب علي رنينها ؛ فهي المدرسة الأولي التي يتعلم بها الانسان أن يحترم تاريخه وثقافته وأن يحترم هويته و ذاته وما تحمله في طياتها من ثقافة وتراث وتاريخ، ومن ذلک هي التي هي حجرا لأساس تکوين شخصيتنا ومن ثم ذلک لفکرنا التي يکمن في اللاشعور منذ أول صورة صورنا الله بها من حيث إنها تعمل علي صياغة أول ملامح عقليتنا فنحن نتعلم ألفکر عن طريق اللغة وتتسع دائرة أفکارنا بالتتبع من وسعة مخزون مفرداتنا ومدي تسلطنا علي لغة أمنا أي لغة الطفولة فإذن لغة الأم هي التي تنبت اول نواة الهوية الثقافية حيثها اول وسيلة يرتبط بها الفرد بالبيئة التي قد احيط بها منذ وضع اول خطواته علي الارض حتي ان يستطيع ان يري ويفسر ما حولها حسب الفکر التي يرتبط بتلک اللغة ؛ فاذا قلنا اللغة هي التي تصنع الافکار و هي التي تحددها دائرتها ؛
اذن حسب ما ذکر مسبقا علينا بتطوير ورعاية هذا العنصر الاساسي والموثر في الهوية من اجل صيانة مکنوننا الفکري والتاريخي وکلما نطمح بنقله دون الضياع من فکر وثقافة لأننا لا نستطيع أن ننتج من الأفكار إلا ما تسمح به لغتنا وبالا حري لغتنا الأولي اي لغة الأم التي نطقنا بها وتکونت افکارنا وطموحاتنا عليها. وبالتالي أريد ان أقول ليس بوسعنا أن نطمح لأكثر مما إن تسمح لنا اللغة ان نعبر بها فإن مستوى تطور اللغة يرسم حدودنا الفکرية حيثها تلف ماضينا والظروف التي عايشناها والتجارب التي مارسنها ضمن تلک الظروف ويا حبذا أن أشرت إلي رأي الدكتور طه حسين في كتابه " مستقبل الثقافة العربية " حول علاقة اللغة بالفكر " حيث يقول:
(نحن نشعر بوجودنا وبحاجاتنا المختلفة وعواطفنا المتباينة ، وميولنا المتناقضة حين نفكر ، ومعنى ذلك أننا لا نفهم أنفسنا إلا بالتفكير ، ونحن لا نفكر في الهواء ولا نستطيع أن نفرض الأشياء على أنفسنا الا مصورة في هذه التي نقدرها ونديرها في رؤوسنا ونظهر منها للناس ما نريد ونحتفظ منها لأنفسنا بما نريد فنحن نفكر باللغة " إذن فاللغة ليست رموزا ولا مواصفات فنية وحسب ، ولكنها إلى جانب ذلك وفي الأساس منهج فكر وطريقة نظر وأسلوب تصور ، هي رؤية متكاملة تمدها خبرة حضارية متفردة ويرفدها تكوين نفسي مميز ، فالذي يتكلم لغة هو في واقع الأمر يفكر بها ، فهي تحمل في كيانها تجارب أهلها وخبرتهم وحكمتهم وبصيرتهم وفلسفتهم )
فوفقا علي ذلک فإذا أردنا أن نهتم بنقل هذا المخزون الثقافي التي يقع علي اکتاف لغة الأم منذ السنين الاولي في الحياة فعلينا أن نتجنب الازدواجية اللغوية والتي قد تکون العامل الأساسي في ازدواجية العقلية والشخصية وان نحرص علي تعليم أطفالنا ومجتمعاتنا لغة الأم واعتمادها کلغة الأساس من حيث إنها هي النواة الرئيسية في تکويننا الفکري والثقافي فمن اجل الحفاظ علي هويتنا، علي ثقافتنا وکنونيتنا وطموحاتنا المتميزة عن الجميع علينا أن نؤمها في اللغات لنسلک ونحافظ علي مناهجنا الفکرية وکلما نطمح به أن يخلد في ذاکرة التاريخ وان يترعرع و ينمو ضمن المناهج الفکربة والثقافية.

وفي نهاية هذا المقال وبالمناسبة اود ان اشير الي احصائية اللغات الحية في العالم التي ادلي بها المدير العام لليونسکو السيد كويشيرو ماتسورا، بمناسبة اليوم الدولي للغة الأم، في رسالة إلى الأسرة الدولية وهي ان قد بات أكثر من 50% من 6000 لغة المستخدمة في العالم والتي تعتبر وسائل لنقل الذاكرة الجماعية والتراث غير المادي مهددة بالاندثار. و96% من هذه اللغات لا يستخدمها سوى 4% من سكان العالم. كما يقل عدد اللغات المستخدمة في المدرسة عن ربع مجموع اللغات الموجودة في العالم، وأغلبيتها لا تستخدم إلا بصورة متفرقة. أما اللغات التي تعطى لها بالفعل أهمية في نظام التعليم والملك العام فلا يزيد عددها على بضع مئات، ويقل المستخدم منها في العالم الرقمي عن مائة لغة.

فمعا معا للحفاظ علي لغة الأم وصيانتها من الاندثار!

.......
الأهواز








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال 300 شخص في جامعة كولومبيا الأمريكية من المؤيدين للفلس


.. ماذا أضافت زيارة بلينكن السابعة لإسرائيل لصفقة التبادل وملف




.. لحظة اعتقال الشرطة أحد طلاب جامعة ييل الأمريكية المتضامنين م


.. اشتباكات واعتداءات واعتقالات.. ليلة صعبة في اعتصام جامعة كال




.. تقرير: شبكات إجرامية تجبر -معتقلين- على الاحتيال عبر الإنترن