الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حينما يكون الإعلامي .. مناضلا ومبشرا ونذيرا ؟ !

داود البصري

2004 / 3 / 28
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


مع توتر الأوضاع في الساحة العربية ، ومع تشابك كل الخطوط ، وتقاطع كل الإتجاهات ، ومع الفوضى الشاملة التي تضرب العالم العربي من أدناه لأقصاه ، تتحدد مؤشرات وعوامل موضوعية وبنيوية على ضياع البوصلة ومعرفة ألإتجاهات لدى العديد من الرموز وحتى القلاع الإعلامية العربية التي تعيش حالة من الهرج والمرج الشامل المعبرة عن الحيرة والإرتباك والفوضوية وهي الصفات التي تطبع المشهد الإعلامي العربي بشكل عام ، وقد برزت في الآونة الأخيرة ملامح واضحة لهجمة نوعية من نمط جديد ضد تصاعد التيارات الليبرالية والحرة في ألإعلام العربي بعد أن أدت حالة الفلتان والشعوذة الإعلامية التي مارسها أهل المدرسة الفكرية الشمولية بالقليل من المصداقية الإعلامية العربية إن وجدت أصلا! ، والعجيب أن الهجوم على الليبراليين العرب والمواقع التي يكتبون بها أو الصحف التي تسمح بنشر آرائهم التنويرية لم يأت من أهل التيار الأصولي أو الشمولي بشقيه الفاشي أو اليساري المتطرف؟ بل جاء أساسا من بعض الذين يعتبرون أنفسهم ( الأئمة والأوصياء) على الإعلام العربي ، ومن الذين بنوا شهرتهم الأعلامية والسياسية على البرامج المنقولة حرفيا وبالنص والفاصلة عن الإعلام الأميركي وأساليبه الإبهارية والإستعراضية ، وطرقه الإعلانية في الدفاع عن الرأي والفكرة! ، والأمر الأعجب أن الهجوم الساحق والمرير ضد الليبراليين العرب ومقالاتهم التنويرية قد جاء وفق أساليب غريبة لاعلاقة لها بالحرية الفكرية وبحق الإختلاف الفكري والسياسي دون المساس بقضايا شخصية لاعلاقة لها بأصل الموضوع ومادته! بل جاء هجوما يذكرنا بهجمات رجال المباحث والمخابرات وأمن الدولة ومحاكم التفتيش عن الرأي والفكر والعقيدة !! ، فتحت يافطة الدفاع عن مصالح ( الأمة والجماهير العربية ) تم الإستخفاف بإراء الآخرين ، وتسفيههم ، وتسقيطهم ، والإساءة المغرضة لكل منطلقاتهم الفكرية والنظرية! ، وقد تسلح بعض الإعلاميين الذين إتخذوا من أهل الفكر الحر مادة أساسية لهجماتهم الشرسة بأساليب وصيغ وعبارات أقل مايقال فيها أنها تفوق كثيرا حكاية السب والقذف العلني وتصل لحد الخوض في الأعراض والشرف!! فعبارات من أمثال ( صحافة البورنو السياسية) و ( الإباحية الفكرية )!! ليست من صنف العبارات التي تصنف ضمن أخلاقيات الكتابة والتعبير عن الخلافات في الرأي ، بل أنها تعدي واضح على قوم يعتنقون فكرة معينة يبشرون بها بسلام وعن طريق قنوات شرعية هي وسائل الإعلام المختلفة وهم بالتالي لايملكون سيوفا ولا قنابلا يلقونها على من يخالف فكرهم ورأيهم ، بل أنهم يعرضون بضاعتهم ويتركون لآلية السوق الفكري تصريفها دون ضغط ولا إكراه ولا إيذاء للآخرين؟ ولا أدري بالتالي عن حقيقة العوامل والأسباب الخفية التي تدفع من يبشر الناس عبر الفضائيات بالحرية الفكرية وبحق الإختلاف وبالرأي والرأي الآخر لكي يمارسوا عمليات التشويه والتسقيط ومحاولة حرق أوراق الآخرين بتهم مضحكة كانت عنوانا ثابتا من عناوين أنظمة الموت والهزيمة من بعثية وفاشية وعسكرية جاهلية! ولا أعلم سر تشبث البعض من الإعلاميين بصيغ الماضي وبتعميم إتهامات العمالة الفكرية والسياسية للأميركان لكل من يرى صواب بعض المواقف الأميركية أو لمن يحاول التوفيق بين المصالح الأميركية ومصالح الأمة العربية ، فالدنيا قائمة على المصالح وتبادل المنافع وإن كان عدونا يملك أدوات تعامل حضارية وصحيحة فإن ذلك لايمنعنا من إستعمال نفس الأدوات لصالحنا وإلا تحول الأمر لمرض فكري وشعاراتي وسعار عدواني ضد الآخرين دون مبرر ولا طائل إلا بهدف مغازلة الغوغاء ومحاولة بناء قلاع نضالية عمادها الماء والهواء والفراغ وليس الحقيقة والموضوعية التي أستبيحت أبشع إستباحة في مقالات الهجوم والتحريض والتعريض المبرمج ضد أهل الرأي الحر والمخالف لرأي الغالبية الغوغائية العربية ، فليس أسهل على النفس من مماشاة رغبات وإتجاهات الغوغاء وأهل التطرف والفكر الظلامي ! وليس أسهل من إيراد العبارات الجارحة ضد التيار التحرري من أمثال وصفهم ب ( صبيان الأميركان)!! ، وهنا لا أعلم حقيقة من هم صبيان الأميركان فعلا ؟ أهم الأحرار الذين كافحوا ويكافحون من أجل الحقيقة وضد الفاشية وأنظمة التسلط والقمع والإرهاب ؟ أم أنهم أولئك الذين يركبون الموجة ويعلنون تصديهم الوهمي للإمبريالية الأميركية بينما هم يتقلبون في فراشها وينهلون من ينابيعها الثرية الشهية؟ بل ويتنعمون في حمايتها وبركاتها ؟ وإذا كان الراي الحر قد أقض مضاجع أهل الإستبداد وبات شبح الحرية المقلق يهدد بضياع تراث القمع العربي الإسلامي فأحسب أن معركة الأحرار الفكرية والسياسية يجب أن ينضم تحت لوائها أهل الزعيق الفضائي بدلا من أن يحاول هؤلاء تنصيب أنفسهم أئمة للمتقين وفلاسفة للتحرر الوهمي ، وهو دور لايليق بهم ولايناسب حجومهم المتضخمة بحب الذات وشتم الآخرين والتعدي على خياراتهم الفكرية الحرة ... من السهل أن تشتم ولكن من الصعب أن تثبت أنك صاحب رسالة حضارية ومصداقية سلوكية ، فلقد أزيحت الأقنعة وسقطت كل أحجبة التستر الفكري ، وحيث يبدو أن العديد من الأسماء الرنانة في عالم الإعلام العربي التائه والمتداخل قد ضيعت اللبن في صيف العروبة الحارق الطويل ... وإياك أعني وأسمعي ياجارة!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غموض يلف أسباب تحطم مروحية الرئيس الإيراني؟ • فرانس 24


.. التغير المناخي في الشرق الأوسط: إلى أي مدى مرتبط باستثمارات




.. كيف يسمح لمروحية الرئيس الإيراني بالإقلاع ضمن ظروف مناخية صع


.. تحقيق لـCNN يكشف هوية أشخاص هاجموا مخيما داعما للفلسطينيين ف




.. ردود الفعل تتوالى.. تعازى إقليمية ودولية على وفاة الرئيس الإ