الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بانوراما الفشل

فاطمه قاسم

2009 / 2 / 23
القضية الفلسطينية


حزب المتشائمين في فلسطين ازداد ثقة بنفسه بعد الإعلان المصري بطريقة مقتضبة جدا ،عن تأجيل موعد الحوار الذي كان المفروض أن يكون في الثاني والعشرين من هذا الشهر يوم الأحد ،
وقد كان هناك عدد من التفسيرات والتأويلات لهذا التأجيل المفاجيء : تفسير يقول أن الذي قطع طريق الحوار هو نفسه الذي قطع طريق التهدئة ،أي أن الحكومة الإسرائيلية الحالية ،حكومة اولمرت ،حكومة حزب كاديما ،والتي نصحت نفسها قبل أن ينصحها الآخرون ،بان لا تشارك مع نتنياهو في حكومة واحدة ،وذلك لان من وجهة نظرهم أن حكومة يمينية في إسرائيل لن تدوم بالحكم طويلا ،وان المعارضة بالنسبة لكاد يما برئاسة ليفني هو أفضل بكثير من المشاركة والائتلاف .
وهناك تفسير يقول أن الأشقاء المصريين الذين يقومون بدور الوساطة منذ سنوات ،هم الأكثر خبرة ومعرفة بقطاع غزة بحكم عوامل تاريخية وسياسية وجغرافية وأمنية ،لم يعجبهم الطريقة التي فاجأتهم بها إسرائيل وهي اعتبار شاليط جزءا من صفقة التهدئة ،وليس ضمن صفقة مستقلة يتم فيها تبادل الأسرى ،لذلك ردت مصر على هذا السلوك من قبل الاسرائيلين بقطع الصلة مؤقتا على الأقل مع ملف التهدئة ومع ملف المصالحة ،لأنها كانت تسعى وترتب على أن تكون التهدئة جزءا من عملية شاملة كاملة تقود إلى المصالحة .
وهناك تفسير ثالث يقول أن سبب التأجيل أي تأجيل موعد الحوار هو لا هذا ولا ذاك ،بل هو لان حماس لم تكن جاهزة للمصالحة ،وأنها كانت تريد فتح معبر رفح عبرها ،وبما أن إسرائيل قد أغلقت باب التهدئة ،إذا فان حماس لا تريد مصالحة ،دون أن تكون قد حققت احد رهاناتها ،وهي تكريس الاعتراف بها خارجيا ،مثلا أن تحقق هذا الاعتراف لتستخدمه في المقايضات الداخلية .
ولكني كباحثة ومتابعة:
فاني اعتقد أن الأمور أكثر تعقيدا من كل ذلك، لان الذي يشرف ويدير ملف التهدئة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وكذلك ملف المصالحة، بين حركتي فتح وحماس، ليس وزير السياحة المصري مثلا، ولا وزير التموين، بل هو وزير المخابرات العامة، وبهذا تصبح مسألة أن يفاجأ بسلوك أي طرف غير مبرر لرجل بهذا الموقع،
وهذا فان وراء الأكمة ما وراءها، وان الأمور اعقد بكثير من كل ما قيل، وخاصة وان أعضاء قياديين من حركتي فتح وحماس قد عبروا في الضفة الغربية وفي القاهرة في الأيام الأخيرة، وقبل ساعات قليلة من تأجيل موعد الحوار، عن نوع من الفرح الصبياني المبالغ فيه، لدرجة أن كثيرين ممن شاهدوا أعضاء وفدي فتح وحماس وهم يتبادلون المشاعر المتأججة، اندهشوا من الأمر، لدرجة أنهم قالوا مادام الحب بين الطرفين طاغ إلى هذا الحد، فلا بد أن يكون المتهم، بالقتل، والانقلاب، والاعتقالات، والخيانة، المتبادلة هم جهات أخرى في العالم، وليست هذه الأطراف التي أنتجت انقساما مأساويا تجاوز العشرين شهرا من عمره، وعمر شعبنا الأسود.
ويستمر السؤال:
ويبقى يطرح نفسه، هذه الإرادة الفلسطينية والتي يشارك فيها كل الأطراف، بيد من ؟
وهل يكون الفيتو الإسرائيلي على التهدئة، وعلى المصالحة، أن يكون نافذا على كل الأطراف الفلسطينية ؟
وانه غير بعيد عن فلسطين، بل في جوارها القريب جدا،
في لبنان، بل في جنوب لبنان انطلقت صواريخ الكتيوشا للمرة الثانية، حيث أصابت هذه المرة قرية نعليا العربية، وجرحت ثلاثة من المواطنين فيها، وعلى الفور صرحت جهات متعددة بصيحات الإدانة والبراءة، فحزب الله أعلن مثلما فعل في المرة السابقة بأنه ليس له علاقة بهذه الصواريخ يا للعجب، وكذلك الحال مع فتح والتي برات كل الفصائل المنتمية لم.ت.ف. في لبنان، وهكذا أيضاً فعل الجيش اللبناني، والحكومة اللبنانية، وقوات الأمم المتحدة "اليونيفل"، من الذي فعلها إذاً؟
ومن الذي كررها للمرة الثانية؟

يبدو أن الكلام غير مفيد، وعديم المسئولية ذلك الذي يتم تداوله منذ فترة طويلة في فلسطين، بل لقد أصبح موضة شائعة في المنطقة بأسرها، صواريخ تطلق فيتبرأ منها الجميع في لبنان، مع أن كل طرف من هؤلاء يدعي أن الهواء الذي يتحرك في جنوب لبنان لا يستطيع الحركة إلا بأمره، الذي يحدث صدمات بلا ثمن بخصوص التهدئة سرعان ما تتحول إلى صدمات بلا ثمن أيضاً بخصوص المصالحة، مع أن وفدي فتح وحماس في القاهرة ورام الله وأماكن أخرى، تبادلوا القبل بحرارة، وأخذوا يتضاحكون بسعادة على شاشات الفضائيات، بل إن بعض المصادر المسئولة كانت قد أعلنت عن بدء التهدئة فعلياً، كما أن أعضاء الوفود للحوار كانوا قد وصلوا القاهرة بعد أن ابتاعوا حقائب وملابس جديدة غير تلك التي كانوا قد اشتروها في المرة السابقة، واختاروا الغرف في الفنادق التي تطل على النيل مباشرة للدلالة على الارتياح الكامل، فما الذي حدث وما الذي يحدث؟
بعض المتشائمين، وأنا لست واحدة منهم، يقولون أن ما يحدث هو عمل سياسي متقن، يتطور شيئاً فشيئاً باتجاه النهاية الحتمية، نهاية أنه لا مصالحة ولا يحزنون، ولا دولة فلسطينية ولا يحزنون، وأن شطري الوطن الصغير المتوفر يتخبط كل منهما بمشاكله إلى حد التعب.

طبعاً: هذا منتهى التشاؤم، ولكن دعونا ننتظر إلى أن تتحدث الأطراف الرئيسية وعلى رأسها الشقيقة مصر عن حقيقة ما حدث، فإن التفسيرات والتأويلات سوف تظل تتلاحق في محاولة لإيجاد تفسير مقبول لبانو راما الفشل التي نعاني منها دائماً، ,والى اللقاء يوم الأربعاء القادم لنرى إن كان سينجح الموعد أو يرجأ إلى موعدٍ آخر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل وقعت جرائم تطهير عرقي في السودان؟ | المسائية


.. اكلات صحية ولذيذة باللحمة مع الشيف عمر ????




.. عواصف وفيضانات في العالم العربي.. ظواهر عرضية؟


.. السنغال: 11 مصابا في حادث خروج طائرة من طراز بوينغ عن المدرج




.. الجامعات الإسبانية تعرب عن استعدادها لتعليق تعاونها مع إسرائ