الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيرة الرسالة: من الحمام الزاجل الى البريد الإلكتروني ومن فان كوخ الى عواد ناصر! 3 من 7

جمعة الحلفي

2004 / 3 / 28
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


من بين الرسائل الشهيرة في التاريخ العربي – الإسلامي ما اصطلح على تسميته بالرسالة الذهبية، وهي الرسالة التي بعث بها الإمام علي بن موسى الرضا (ع) إلى المأمون العباسي في العام 202 هجرية.
وقصة هذه الرسالة كالتالي: أراد المأمون معرفة أصول وطرق حفظ صحة المزاج وعلاجه بالأغذية والأشربة والأدوية المستقاة من منبعها العذب (الطبيعي) فطلب من الإمام الرضا أن يرشده إلى ذلك، فكتب إليه الإمام تلك الإرشادات في رسالة خاصة، ولما وصلت إلى المأمون وقرأ فحواها، أمر بأن تكتب بماء الذهب، لأهمية وقيمة ما ورد فيها، فسميت، إثر ذلك، بالرسالة الذهبية. وتتضمن الرسالة الذهبية، التي تكشف عن تطور فنون الطب في العصر الإسلامي الأول، مجموعة كبيرة ومفصلة من النصائح والإرشادات الطبية العامة والقيمة، والتي كانت حصيلة التجارب الشخصية للإمام الرضا، مضافاً إليها ما سمعه عن آبائه ومعاصريه، من أقوال ونصائح تتعلق بفن الطب والوقاية من الأمراض. ففي الفصل الأول من الرسالة يشبّه الإمام الرضا جسم الإنسان بالمملكة الصغيرة المتكاملة، فيصف القلب بمثابة الملك في رعيته، إذ كما أن الملك هو الشخص الأول والحاكم الرئيس في تسيير أمور المملكة، كذلك هو القلب، الأساس في بقاء الحياة الإنسانية، فمتى توقف القلب عن العمل توقفت الحياة في سائر الجسد. أما الدماغ والشرايين والأوردة والشعيرات الدموية ( التي يسميها بالعروق) فيشبهها بالعمال الذين يديرون شؤون المملكة ويحافظون عليها من المؤثرات الخارجية، فيما يشبّه أعضاء الجسد وأجزائه بأرض المملكة.
ثم يشرح الإمام في الرسالة فسلجة كل عضو من أعضاء جسم الإنسان وما يقوم به من وظائف. وفي الفصل الثاني تتناول الرسالة كيفية تناول الغذاء والشراب من حيث الكمية والنوعية وضرورة مراعاة الزمان والمكان لغرض استمراء الغذاء بصورة صحيحة، والاستفادة منه على النحو الأفضل، لأن الإخلال في المأكل والمشرب، سواء كان بزيادة أم بنقصان، يتسبب في العديد من الأمراض. كذلك تشرح الرسالة كيفية صنع أنواع من الشراب، كثير الفوائد وسهل الهضم، لاستعماله بعد تناول الطعام، وهو يتضمن العناصر المهمة من سكريات ونشويات وفيتامينات. وتشرح الرسالة أضرار الغليان على العديد من العناصر الغذائية كإتلاف بعض الفيتامينات وطيران بعض العناصر السريعة التبخير. وتحذّر الرسالة من تأثير الإفراط في تناول بعض المواد الغذائية كالبيض ومنه المسلوق خاصة واللحم النيئ ولحم البقر والتين وغير ذلك، ثم تصف سبل الوقاية من بعض الأمراض. وتتضمن الرسالة أيضاً الكثير من النصائح المتعلقة بتأثيرات المزاج على الصحة ومن ذلك الفرح والحزن وغيرهما، من العوارض الخارجية.
ومما يذكر هنا أنه منذ كتابتها، قبل مئات السنين وحتى اليوم، لا تزال الرسالة الذهبية موضع اهتمام بعض المؤرخين والمهتمين، إذ قبل وقت قصير فقط، قام أحد الباحثين، هو الأستاذ محمد مهدي نجف، بتحقيق النسخة الخطية الأولى من هذه الرسالة.

الفكرة العبقرية
ارتبط الطابع البريدي بالرسالة ارتباط الحصان بالعربة، فليس هناك من عربة يمكن أن تتحرك بدون أن يجرها الحصان، كما ليس هناك من رسالة تصل إلى غايتها بدون أن يلصق الطابع البريدي على قفاها.
وقصة الطوابع البريدية شيقة لأن مهمة الطابع لم تقتصر على كونه ذلك الملصق الصغير والملوّن الذي نشتريه من دوائر البريد ونلطعه على ظهر الرسالة دون أن ننظر إليه في أحيان كثيرة، فقد تطور الطابع تطوراً هائلاً في شكله ومضمونه ونوع طباعته والهدف من إصداره، وأصبح له هواة وعشاق ومعارض ومزادات لبيعه وشرائه. أما كيف ومن الذي ابتكر الطابع البريدي، فلهذا قصة أخرى هي التالية:
عندما تأسست دوائر البريد كان الناس يأخذون رسائلهم إليها فيقوم موظف مختص بوزن الرسالة في ميزان خاص يشبه ميزان الذهب، ويأخذ مبلغاً من المال يعادل وزن الرسالة. وفي يوم من أيام العام 1840 لمعت في ذهن أحد موظفي البريد، في لندن، فكرة عبقرية هي فكرة الطابع، فقام بتصميم تلك الملصقات الصغيرة وخصص لكل مدينة من مدن المملكة طابعاً، تبعاً للمسافات بين مركز البريد وهذه المدن. ثم صمم طوابع للدول الأجنبية وأخرى تعادل وزن الرسالة وحجمها. والطريف في الأمر أن الناس ظلت لفترة من الزمن، غير مقتنعة بهذا الابتكار العبقري، وكان بعضهم يصّر على وزن رسالته ودفع أجرتها نقداً، لكن الجديد لا بد أن يسود إذا ما كان نافعاً، وهكذا جرى، حيث عم الطابع دوائر البريد في العالم وأصبح جزءاً من الرسالة، كما أصبح هواية محببة ومنتشرة في جميع أنحاء العالم.
وقد تبدو الطوابع، للوهلة الأولى، مجرد صور صغيرة ملونة فقط، لكن الباحث المدقق يستطيع أن يستخرج منها الكثير من التواريخ والحقائق والحوادث والتطورات ومعلومات شتى، فهي تروي الأحداث الكبرى التي مرت بها الدول وتشير إلى المعالم التاريخية لهذا أو ذاك من البلدان، وتتحدث عن إنجازات الشعوب وعن تراثها وآثارها وتعكس ثقافتها ومآثرها وحتى منتجاتها الصناعية والزراعية وطيورها وأسماكها وزهورها وحيواناتها... الخ. لهذا تعتني دول العالم بإصداراتها من الطوابع البريدية شكلاً ومضموناً، ومن بين الدول الشهيرة بأناقة وجمالية طوابعها، تحتل فرنسا المرتبة الأولى، بحيث أن هواة جمع الطوابع ينتظرون دائماً الابتكارات الجديدة من الطوابع الفرنسية، التي غالباً ما تحمل صوراً رائعة عن تاريخ فرنسا وثقافتها المميزة ومنجزاتها الحضارية، كما تحمل ثراء وتنوعاً في الشكل يجعل منها أقرب إلى اللوحات الفنية التي تتيح متعة بصرية عالية. أما عندنا، في دول العالم "الثالث عشر" كما يسميها طيب الذكر، الصحفي اللامع أبو ?اطع، فليس هناك من يهتم أو يقلّب طوابعنا لأنها، ببساطة، لا تحمل سوى "منجزات الحزب والثورة" وصور السيد الرئيس المفدى، أو الضرورة!!
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نيويورك تايمز: صور غزة أبلغ من الكلمات في إقناع الآخرين بضرو


.. فريق العربية في غزة.. مراسلون أمام الكاميرا.. آباء وأمهات خل




.. تركيا تقرر وقف التجارة بشكل نهائي مع إسرائيل


.. عمدة لندن صادق خان يفوز بولاية ثالثة




.. لماذا أثارت نتائج الانتخابات البريطانية قلق بايدن؟