الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كذبة الحرية

سعدون محسن ضمد

2009 / 2 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


إذا تخيلت أنك قادر على خوض جميع المواجهات فهذا يعني بأنك مغرور أكثر مما ينبغي، فمهما كانت شجاعتك فائقة، هناك دائماً مواجهة من نوع مختلف، وهي بالتالي خارج مدى توقعاتك، وليست بمتناول شجاعتك الفائقة.
هذا ما اعترفت به لنفسي يوم قررت أن أتوقف عن كتابة عمودي الأسبوعي لجريدة الصباح العزيزة جداً، بعد أن وجدت أنني أُنسحب من قبلها وبشكل تدريجي اتجاه نوع من أنواع الكتابات المنافقة.. الأمر الذي أوقفني ازاء خيارين أحلاهما مر، بين التوقف عن الكتابة لها وبين مواجهتها وهي الصحيفة العراقية الأهم، من وجهة نظري، وصاحبة الفضل علي، هكذا إذن اخترت التوقف، وبررت هزيمتي قائلاً: إن هرب الإنسان من مواجهة من يحترمهم هو في نهاية المطاف هرب مشرف.
بدأ الموضوع بعمود أرسلته للجريدة أقرأ خلاله نتائج الانتخابات الأخيرة قراءة تحاول أن تبحث في الأسباب الواقفة خلف الفوز الساحق الذي حققته قائمة ائتلاف دولة القانون، وما أثار استغرابي أن المقال لم ينشر بذريعة التجاوز على الحكومة، غريب؛ (قلت لنفسي).. كيف أكون متجاوزاً عليها وأنا أثني على البرنامج السياسي الذي التزم به رئيس وزرائها ووصل من خلاله لقلوب الناس؟
على كل حال وبعد أن أعدت قراءة المقال وجدت أن فيه بعض الأسئلة الاستنكارية ربما يفهم منها (التجاوز)، ولأنه (تجاوز) غير مقصود فقد أزلته وأعدت إرسال مقالي، لكن الصحيفة للأسف، وجدت أن التغييرات غير كافية وكررت اعتذارها عن النشر، وهذا ما جعلني أعتقد بأنني ازاء مواجهة، فليس من المعقول أن أسكت عن محاولات أجد أنها تسعى لخنق الأصوات الناقدة لأداء الحكومة في جريدة مملوكة للشعب وممولة بأمواله، وحقاً أليس عليَّ أن أواجه هذه المحاولات؟ لكن، ومن جهة أخرى، هل أنا قادر على مثل هذه المواجهة.. مواجهة الصباح؟
على كل حال، وقبل أن تسرح بي الظنون لأبعد من هذا الحد، سألت نفسي إن كانت متطرفة في ظنونها، وشككت بالتالي إن كان رفض الجريدة للمقالين يعبر عن توجه مقصود وثابت، وفعلاً: من قال ان الرفض لم يكن وقتياً وواقعاً في سياق ظروف خاصَّة، أو مرتجلاً من قبل شخص ما؟ وبالتالي فانا احمِّله أكثر مما يحتمل، شكوكي هذه تأكدت بعد ان تحدثت مع أحد المسؤولين المقربين من رئيس الوزراء وسألته، بجلسة صراحة، إن كان لدى الحكومة رهاب اسمه الصحافة والأقلام الناقدة فيها، ولما استغرب الرجل من سؤالي وعرف تفاصيل الموضوع أكد لي أنني أبالغ، وأن الصباح بالذات كثيراً ما نشرت المقالات الناقدة لأداء الحكومة، وهذا ما لم استطع انكاره، وعليه فقد طلب مني التعبير عن مخاوفي في نفس عمودي الأسبوعي، وهذا ما أفعله الآن وأنا خائف من القرار الذي يجب عليَّ اتخاذه في حال لم ينشر هو الآخر.. هل أهرب من مسؤوليتي الأخلاقية والوطنية، أم أتحمل أعباءها حتى لو أوقفتني بمواجهة من أحب، خاصَّة وأن الموقف حسّاس جداً، فنحن الذين وقفنا ضد الإرهاب وكتبنا بمواجهته، وكانت حياتنا ومستقبل أطفالنا على المحك، هل يعقل أن نكف عن الكتابة عندما لا ترضي المسؤولين؟ ألا يعد مثل هذا التوقف خيانة من قبلنا لمسؤوليتنا في الحفاظ على سلامة العملية الديمقراطية وحرية التعبير؟ واشتراكاً بالنتيجة في ترسيخ أخلاقيات أقل ما يقال عنها انها تملقية*؟


ملاحظة:
هذه وقفة احترام لجريدة الصباح التي نشرت المقال في العدد الصادر يوم الأثنين 23-2-2009، وردت عليه بنفس العدد وبالمقال الذي كتبه الزميل أحمد عبد الحسين، وهذا يعني أن لدينا من أساليب الديمقراطية وحرية التعبير ما يكفينا مؤونة لجم الأفواه، شكرا للصباح وهذا هو رابط مقال الزميل والصديق العزيز أحمد عبد الحسين:

http://www.alsabaah.com/paper.php?source=akbar&mlf=interpage&sid=77906

بقي علي أن أشير إلى أن المقال الذي امتنعت الصباح عن نشره هو مقالي المنشور في الحوار المتمدن بعنوان خطاب الصناديق السياسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - علام الشكر يا صاحبي...
صائب خليل ( 2009 / 2 / 25 - 08:44 )
دعني أضع قصتك بكلمات حقيقية...
انت وصفتها وكأنها -خطأ- وأقرب ما تكون إلى سوء فهم وربما ألقيت بعض اللوم على نفسك ضمنياً تحت شعار -إن بعض الظن إثم- فقدمت شكرك و -وقفة احترام- لجريدة الصباح، لكن الأمر ليس كذلك..
دعني أضع قصتك بكلمات أخرى...
المسألة هي أن الصباح حاولت منع مقالتك، لكنك ألححت فنشرتها...
القصة كلها تراجع خطوة في الديمقراطية وفي حرية الصحافة، كما أخشى.
قبلاً كنت تنشر بلا معارك، ألآن تنشر بمعارك..وغذا لا تنشر حتى بمعارك..
وحتى قبل أن يأتي الغد ..فأنت ستفكر مرتين منذ الآن وأنت تختار كلماتك لمقالتك, وستجمل مقالتك شئت أم أبيت لتكون ضمن الإطار المقبول والمتضيق بشكل مستمر وتدريجي...فعلام الإحترام؟

هناك حقائق واضحة: من يمتلك السلطة يريدها لنفسه...من يمتلك الجريدة يريدها لنفسه، من يمتلك القرار يريده لنفسه...إلا الذين ...وهم ندرة.

لذا يا صاحبي علينا أن نستعد للحظة الحقيقة حين تكشر هذه القوى عن أنيابها في اللحظة المناسبة لها...ما دمت لا تملك الصحيفة..ما دمت لا تدفع ثمن وجودها، فهناك من يدفع ويريد ثمن دفعه. وحتى حين تكون الصحيفة ممولة من مال الشعب...متى كان مال الشعب لايعتبر ملكاً شخصياً للصوص؟
يا صاحبي..لا أتصورك غافلاً عن كل هذا، وإنما انت كتبت

اخر الافلام

.. ما الذي يربط الحوثيين بحركة الشباب الصومالية؟ | الأخبار


.. نتنياهو يحل مجلس الحرب في إسرائيل.. ما الأسباب وما البدائل؟




.. -هدنة تكتيكية- للجيش الإسرائيلي في جنوب قطاع غزة ونتانياهو ي


.. جرّاح أسترالي يروي ما حصل له بعد عودته من غزة




.. حل مجلس الحرب الإسرائيلي.. والترددات على تطورات الحرب في غزة